غرانيت
Granite - Granite
الغرانيت
الغرانيت granite صخر ناري متبلور حُبيبي مؤلّف بصورة رئيسة من الكوارتز والفلدسبات feldspath والبلاجيوكلاز plagioclase، مع نسب قليلة من فلزات ملوّنة. يغطي الغرانيت نحو 22% من سطح الكرة الأرضية، بينما يغطي البازلت نحو 43%. منها وقيعان المحيطات.
تتكشّف الصخور الغرانيتية في مناطق واسعة من الكرة الأرضية، في المجنات boucliers القديمة القارية والسلاسل الجبلية، إضافة إلى مناطق أخرى واسعة في المحيطات بقيت مجهولة مدة طويلة من الزمن.
حيّرت وفرة الصخور الغرانيتية وثبات تركيبها ومرورها بحالة الانصهار الجيولوجيِّين لمدة طويلة، حتى وضحت تعددية أنواعها الممثلة بالغرانيت الذي يتعلق تشكله بالحركات المولدة للجبال orogéniques ويوجد في مواقع السلاسل الجبلية. أمَّا الغرانيت الذي لايتعلق تشكله بهذه الحركات anorogéniques ويوجد في مواقع تباعد صفائح القشرة الأرضية، أو ضمن الصفيحة الواحدة، وبين هذين النوعين توجد مجموعات مهلية suites magmatiques غنية بالصخور الغرانيتية وبالصخور شبه الغرانيتية granitinoïdes المتبلورة في أعماق الكرة الأرضية مشكلة كتلاً ضخمة من الصخور البلوتونية (العميقة) plutoniques مكوّنة جذور البراكين التي على سطح الأرض.
توجد الصخور الغرانيتية على شكل صخور فاتحة أو بيضاء أو رمادية أو صفراء أو وردية اللون، ويمكن أن تكون أيضاً على شكل صخور حمراء أو خضراء أو زرقاء أو سوداء اللون. تتميّز هذه الصخور بقدود فلزاتها، فهي مرئية دوماً بالعين المجرّدة ويمكن أن يصل قدّها إلى سنتيمترات متعددة.
لا تمثّل الصخور الغرانيتية إلاّ ضرباً واحداً من مجموعة واسعة من الصخور شبه الغرانيتية. ويقصد بالصخور شبه الغرانيتية كل الصخور المشابهة للصخور الغرانيتية أو التي ترافقها. ويستحق هذا التعريف الواسع أن يضم، ليس الصخور الحبيبية المتبلورة بكاملها وحسب، وإنّما الصخور الأقل تبلوراً أيضاً، مثل صخور العروق filons والصخور البركانية التي يكون لها التركيب الكيميائي نفسه أو قريب منه.
تركيبها الكيميائي وتصنيفها
أظهر تحليل الصخور الغرانينية وأشباه الغرانيتية تباين مكوناتها الكيميائية، فالغرانيت «الوسط» يتميّز بغزارة العناصر الكيميائية الآتية: الأكسجين والسيلسيوم والألومينيوم والصوديوم والبوتاسيوم وفي بعض الحالات الكالسيوم. ويهيمن على مركبات هذه العناصر الكوارتز أو المرو SiO2 والفلدسبات (feldspath KalSi3O8- NaAlSi3O8 - CaAlSi2O8).
وتصنف فلزات الصخور شبه الغرانيتية في مجموعات عديدة أبرزها:
ـ الفلزات البيضاء أو عديمة اللون، وتتمثل بالكوارتز والفلزات السيليسية متعددة الشكل polymorphs، والفلدسبات وأشباه الفلدسبات feldspathoïdes (وهي فلزات ألومينية سيليكاتية سيليسها أقل من سيليس الفلدسبات ممثلة باللوسيت leucite والنفلين néphéline) (وهذه الفلزات الأخيرة ليست في الصخور الغرانيتية).
ـ الفلزات الملونة، وتدعى أيضاً الفلزات الحديدية المغنيزية، المتميزة حين الفحص المجهري لمقاطعها الرقيقة باختلاف ألوانها، وتتمثل بالأوليفين والبيروكسين والأمفيبول والبيوتيت وأكاسيد الحديد والتيتان.
ـ الفلزات الإضافية التي تحتوي على نزرة traces من عناصر كيميائية قليلة، مثل الزركون والأباتيت الذي يحوي الفسفور والتورمالين الي يحوي البورون، وفلزات أخرى تحوي كميات كبيرة من العناصر المعدنية مثل الكاسِّتريت الذي يحوي القصدير واليورانيت الذي يحوي اليورانيوم.
يبيّن التحليل الصِّيَغي modal الذي يُمثّل نسبة حجوم الفلزات المختلفة أنّ الصخورالغرانيتية هي من الصخور بياضية اللون leucocrates (من 60 إلى 90% من الفلزات البيضاء اللون) إلى تامة البياض hololeucocrates (أكثر من 90% من الفلزات البيضاء اللون). وهذه التغيّرات الكيميائية ضمن مجموعة الفلزات البيضاء اللون توجّه عملية التصنيف والتسمية.
والتصنيف المعتمِد على الصيغة (تصنيف سترِكايسن A.Streckeisen ت1976) هو المرجَّح في الوقت الحاضر على التصانيف الأخرى المعتمدة على التركيب الكيميائي أو الكيميائي-الفلزي. فقد اعتمد هذا التصنيف على نسب أربع مجموعات من الفلزات البيضاء اللون، وهي:
1ـ الكوارتز والفلزات السيليسية متعددة الشكل.2ـ الفلدسباتات القلوية: البوتاسية والصودية والمتوسطة. 3ـ الفلدسباتات البلاجيوكلازية. 4ـ أشباه الفلدسبات.
وحتى يكون التصنيف أكثر كمالاً يُضاف إلى المجموعات المحدّدة:
ـ قرينة اللون (النسبة الحجمية للفلزات الملوّنة) باستخدام السابقة «بياضي leuco» (قرينة اللون أقل من 40%) و«متوسط meso» (تراوح هذه القرينة بين 40 و60%) و«سوادي mélano» (تكون هذه القرينة أعلى من 60%).
ـ الفلزات المميّزة حتى ولو كانت نادرة (فالغرانيت ذو فاياليت نادراً ما يحوي أكثر من 1% من هذا الفلز)، وكذلك حسب مرتبة نقصان الغزارة: فالغرانيت ذو الأمفيبول ـ البيوتيت يختلف عن الغرانيت ذي البيوتيت ـ الأمفيبول.
المجمّعات الغرانيتية associations granitiques
بدا في الستينيات أنّ مشكلة الصخور الغرانيتية قد تمّ حلّها، فأشباه الغرانيت التي هي الحد الأخير لعمليات التحوّل؛ تتشكّل فقط بتبلور مُهْل magmas صادر عن انصهار جزئي لقشرة القارات، غير أنّ الأخذ بالحسبان الصخور الغرانيتية الحقيقية التي عُثر عليها في قاع المحيطات، والتي لاتحتوي على أجزاء قارية المنشأ؛ أطلقت جدلاً في ضوء النتائج الجيودينامية géodynamiques، الجديدة. فبعد عمليات جرفٍ لقاع المحيط، على ضهرة dorsale رودريغ في المحيط الهندي، اكتُشفت صخور غرانيتية تقطع صخوراً بازلتية. وهذا يدلّ على أنّ بعض الصخور الغرانيتية كان لها المصدر نفسه للصخور البازلتية، أي إنّ مصدرها كان من المعطف manteau الأرضي.
وهكذا طُرحت مفاهيم جديدة في تشكيل الصخور الغرانيتية تتعلّق بمصادرها وبجيوديناميتها، فبعد فكرة صخر غرانيتي أحادي المنشأ monogénique (غرانيت واحد من مصدر واحد من القشرة القارية) جاءت فكرة غرانيتات عديدة المنشأ polygénique (صخور غرانيتية متعدّدة ومصادر متنوّعة)، وتقترح دراسة الكتل الغرانيتية الكبيرة إعادة تشكيلٍ للمجموعات المهلية والبيئة الجيودينامية. ويستند هذا التوجّه إلى ملاحظات علماء الطبيعة وطرائق التحاليل الفيزيائية والكيمياوية.
لايشكل تنوّع فلزات وكيمياء الصخور الغرانيتية الفلزي والكيميائي مظهراً عشوائياً، وإنّما يعكس تنوّعاً في مصادرها وتوسع ومجمّعاتها associations. ولذلك قُدّمت تصانيف عديدة منذ السبعينيات أهمّها ذلك التصنيف الذي يعدّ الزمر الغرانيتية متعلقة بالزمر البركانية. فصخور أشباه الغرانيت تتبلور في أعماق الكرة الأرضية مشكلة كتلاً ضخمة من الصخور البلوتونية العميقة المنشأ مكوّنة جذور البراكين التي على سطح الأرض. فالبركنة volcanisme والبلوتونية plutonisme هما وجهان لمظهر جيولوجي واحد ألا وهو: المهلية magmatisme.
إن المعيار الرئيس الذي يُحدّد تنوّع أشباه الغرانيت هو معيار البيئة الجيودينامية في لحظة توضع الكتلة الغرانيتية، فبعض الصخور الغرانيتية تظهر في منطقة تباعد صفائح القشرة الأرضية، أو في وسط الصفيحة الواحدة أي في منطقة غير معرضة للحركات المولدة للجبال orogénèse، ولذلك فهي صخور لا يتعلق تشكلها بتكوين الجبال. أمّا الصخور الغرانيتية الأخرى، التي تُشكل معظمها والموجودة في السلاسل الجبلية في لحظة تشكلها؛ فهي صخور يتعلق تشكلها بالحركات المولدة للجبال.
الصخور الغرانيتية التي لايتعلق تشكلها بالحركات المولد للجبال
تظهر في مواقع مستقرة نسبياً، وتكون معرضة بصورة رئيسة للتوسّع أو للانغراز تحت القارة. ومع ذلك فهي دوماً متزامنة مع فترات الحركات المولّدة للجبال على مستوى الكرة الأرضية. وتكون على القارات (إفريقيا وسكوتلندا وكورسيكا وغرينلندا) وعلى أرضيات قاع المحيطات (إيسلندا وكيرغولن وسيشل) وهي متماثلة في الحالتين. إنّ مصدر هذه الصخور الغرانيتية غير المتعلقة بتكوين الجبال لايقع في القشرة الأرضية غير المتجانسة وإنّما في المعطف العلوي: فهي صخور غرانيتية معطفية mantéliques.
وتتميّز في الصخور غير المتعلقة بتكوين الجبال زمرتان: الزمرة التولئيتية tholéilitique (التوليئيت tholéite ضرب من البازلت لايحتوي على الأوليفين بل على كوارتز وفلدسبات تأخر ظهورها) والزمرة القلوية alcaline (وهي صخور نارية يتجاوز محتواها من الصوديوم والبوتاسيوم 10%). وهذا التقسيم صنعيٌّ نظراً لوجود زمر متوسطة انتقالية transitionnelles. ويستند هذا التصنيف إلى المحتوى القلوي ويُعَبَّر عنه بتزايدٍ مختلفٍ لنسب الفلزات البيضاء اللون.
الصخور الغرانيتية الكلسية ـ القلوية
تتميّز هذه الصخور بتعددية مظهرها بالنسبة إلى الصخور الغرانيتية التي يتعلق تشكلها بالحركات المولدة للجبال. فهي تحتل أمكنتها في السلاسل الجبلية عند تشكّلها وفي بيئات صفيحة المحيط المنغرز plaque océanique subductée، وفي الأقواس الجزيرية (اليابان)، وفي الهوامش القارية النشطة (جبال الأنديز)، وعند تصادم قارتين (جبال الهيمالايا). ويمكن أن تتتابع هذه الوضعيات من حيث الزمن والمكان وتكون مترافقة بمجمّعات مهلية مختلفة.
صخور الانصهار المجزأ الغرانيتية المتعلقة بتكون الجبال
تتفرّد فصيلة من الصخور الغرانيتية بغناها بالكوارتز مع وجود سيليكات ألومينية وغياب الصخور الأساسية المشابهة لها. وهذه الصخور الغرانيتية، المختلطة إلى حد بعيد مع التشكيلات المتحوّلة، تُكوّن مجموعة صخور الانصهار المجزأ anatexie. تكون صخور غرانيت الانصهار المجزأ غزيرة في المناطق الداخلية من السلاسل الجبلية الناجمة عن تصادم قارتين (نمط جبال هيمالايا)، وتتضمّن محتبسات متعدّدة من الصخور المتحولة ولكنّها نادراً ما تحتوي على محتبسات أساسية.
تهيمن الصخورالغرانيتية الكلسية-القلوية التي يتعلق تشكلها بتكوين الجبال، حيث تُشكّل 75% من مجموع الصخور الغرانيتية الكلية، بينما تشكل الصخور الغرانيتية غير المتعلقة بتكوين الجبال 25% فقط. وتوجد هذه الأخيرة على القارات، وكذلك في قيعان المحيطات، حيث تظهر على شكل عروق تنتشر في قشرة المحيطات، أو تتركّز في الجزر البارزة على سطح المحيطات. وتمنع الكثافة الضعيفة لصخور الغرانيت في هذه الجزر من اختفاء هذه الصخور في مناطق الانغرازsubduction ، وتتيح لها الإسهام في زيادة حجم القارات في فترات الحركات المولّدة للجبال اللاحقة مرافقة بذلك الصخور الغرانيتية الكلسية ـ القلوية المتعلقة بتكوين الجبال.
أمّا صخور الانصهار الغرانيتية فهي من مصدر القشرة الأرضية وحسب، وتسهم بنسب غير معروفة تماماً في إعادة تدوير المواد القارية التي تُؤدّي إلى تركيز عناصر كيميائية يمكن استثمارها من الناحية الاقتصادية.
تَرَدّي (إفساد) الصخور الغرانيتية
درست عمليات تَرَدّي altération الصخور الغرانيتية أكثر من غيرها من الصخور، لأنها تغطي أكثر من 20% من القارات البارزة عن سطح البحار والمحيطات، ولتأثرها بالعوامل المناخية وتشكيلها غطاءً سميكاً من القشرة الأرضية بالمقارنة مع غيرها من الصخور الأخرى. ويرجع ذلك إلى أنّ الغرانيت صخر حبيبي مؤلّف من تجاور فلزات متداخل بعضها ببعض بأبعاد كبيرة نسبياً تُراوح، عموماً، بين بضعة أجزاء من الملّيمتر إلى بضعة سنتيمترات، من ناحية، وإلى تَكَوُّن الغرانيت، من ناحية أخرى، من صنفين مختلفين من الفلزات: يشتمل الصنف الأول على فلزات الكوارتز والفلدسبات البوتاسي والموسكوفيت (الميكا البيضاء)؛ ويشتمل الصنف الثاني على فلزات سهلة التفكك والتردي مثل البلاجيوكلاز والبيوتيت (الميكا السوداء).
وبناءً على ما تقدم، يجري تردي الصخور الغرانيتية، على سطح الكرة الأرضية، وفق نمطين كبيرين: ينجم النمط الأول عن عملية حلمهة hydrolyse خفيفة لصخور الغرانيت، وتصادف بصورة رئيسة في المناطق المعتدلة خاصة، والباردة والصحراوية الجافة، حيث تتحول هذه الصخور إلى رمال arénisation؛ وينجم النمط الثاني عن عملية حلمهة hydrolyse شديدة تتميّز بها المناطق المدارية والاستوائية، حيث تتحول هذه الصخور إلى تربة لاتريت latéritisation، وهنالك نمط ثالث من التردي يتوسط النمطين يعرّف بالتردي المتوسط، ويجري في مناطق البحر المتوسط الدافئة والمناطق القريبة من المناطق المدارية.
وفي نهاية المطاف، تتعرض الصخور الغرانيتية، المنتشرة على سطح الكرة الأرضية، إذا ما وجدت في شروط حلمهة خفيفة أو شديدة إلى تردٍ مناخي يؤدي في المنطقة المعتدلة، إلى فلزات خشنة أولية مقاومة كانت موجودة في الصخر الأصلي مثل الكوارتز والفلدسبات البوتاسي. أما في المناطق الانتقالية الحارة فتكون فلزاتها رملية ـ غضارية موروثة من الصخر الأصلي مثل الكوارتز والفلدسبات المفكّك وفلزات متغيّرة، مثل الفرميكوليت vermiculite الهيدروألوميني وفلزات جديدة التشكل، مثل الكاؤلينيت kaolinite، وأخيراً تُكَوِّن التشكيلات السطحية صخوراً مرنة في المناطق المدارية والاستوائية، مشكّلة بصورة رئيسة من الكاؤلينيت نتيجة لفقدان كبير لفلزات الفلدسبات.
فؤاد العجل
Granite - Granite
الغرانيت
الغرانيت granite صخر ناري متبلور حُبيبي مؤلّف بصورة رئيسة من الكوارتز والفلدسبات feldspath والبلاجيوكلاز plagioclase، مع نسب قليلة من فلزات ملوّنة. يغطي الغرانيت نحو 22% من سطح الكرة الأرضية، بينما يغطي البازلت نحو 43%. منها وقيعان المحيطات.
تتكشّف الصخور الغرانيتية في مناطق واسعة من الكرة الأرضية، في المجنات boucliers القديمة القارية والسلاسل الجبلية، إضافة إلى مناطق أخرى واسعة في المحيطات بقيت مجهولة مدة طويلة من الزمن.
حيّرت وفرة الصخور الغرانيتية وثبات تركيبها ومرورها بحالة الانصهار الجيولوجيِّين لمدة طويلة، حتى وضحت تعددية أنواعها الممثلة بالغرانيت الذي يتعلق تشكله بالحركات المولدة للجبال orogéniques ويوجد في مواقع السلاسل الجبلية. أمَّا الغرانيت الذي لايتعلق تشكله بهذه الحركات anorogéniques ويوجد في مواقع تباعد صفائح القشرة الأرضية، أو ضمن الصفيحة الواحدة، وبين هذين النوعين توجد مجموعات مهلية suites magmatiques غنية بالصخور الغرانيتية وبالصخور شبه الغرانيتية granitinoïdes المتبلورة في أعماق الكرة الأرضية مشكلة كتلاً ضخمة من الصخور البلوتونية (العميقة) plutoniques مكوّنة جذور البراكين التي على سطح الأرض.
توجد الصخور الغرانيتية على شكل صخور فاتحة أو بيضاء أو رمادية أو صفراء أو وردية اللون، ويمكن أن تكون أيضاً على شكل صخور حمراء أو خضراء أو زرقاء أو سوداء اللون. تتميّز هذه الصخور بقدود فلزاتها، فهي مرئية دوماً بالعين المجرّدة ويمكن أن يصل قدّها إلى سنتيمترات متعددة.
لا تمثّل الصخور الغرانيتية إلاّ ضرباً واحداً من مجموعة واسعة من الصخور شبه الغرانيتية. ويقصد بالصخور شبه الغرانيتية كل الصخور المشابهة للصخور الغرانيتية أو التي ترافقها. ويستحق هذا التعريف الواسع أن يضم، ليس الصخور الحبيبية المتبلورة بكاملها وحسب، وإنّما الصخور الأقل تبلوراً أيضاً، مثل صخور العروق filons والصخور البركانية التي يكون لها التركيب الكيميائي نفسه أو قريب منه.
تركيبها الكيميائي وتصنيفها
أظهر تحليل الصخور الغرانينية وأشباه الغرانيتية تباين مكوناتها الكيميائية، فالغرانيت «الوسط» يتميّز بغزارة العناصر الكيميائية الآتية: الأكسجين والسيلسيوم والألومينيوم والصوديوم والبوتاسيوم وفي بعض الحالات الكالسيوم. ويهيمن على مركبات هذه العناصر الكوارتز أو المرو SiO2 والفلدسبات (feldspath KalSi3O8- NaAlSi3O8 - CaAlSi2O8).
وتصنف فلزات الصخور شبه الغرانيتية في مجموعات عديدة أبرزها:
ـ الفلزات البيضاء أو عديمة اللون، وتتمثل بالكوارتز والفلزات السيليسية متعددة الشكل polymorphs، والفلدسبات وأشباه الفلدسبات feldspathoïdes (وهي فلزات ألومينية سيليكاتية سيليسها أقل من سيليس الفلدسبات ممثلة باللوسيت leucite والنفلين néphéline) (وهذه الفلزات الأخيرة ليست في الصخور الغرانيتية).
ـ الفلزات الملونة، وتدعى أيضاً الفلزات الحديدية المغنيزية، المتميزة حين الفحص المجهري لمقاطعها الرقيقة باختلاف ألوانها، وتتمثل بالأوليفين والبيروكسين والأمفيبول والبيوتيت وأكاسيد الحديد والتيتان.
ـ الفلزات الإضافية التي تحتوي على نزرة traces من عناصر كيميائية قليلة، مثل الزركون والأباتيت الذي يحوي الفسفور والتورمالين الي يحوي البورون، وفلزات أخرى تحوي كميات كبيرة من العناصر المعدنية مثل الكاسِّتريت الذي يحوي القصدير واليورانيت الذي يحوي اليورانيوم.
يبيّن التحليل الصِّيَغي modal الذي يُمثّل نسبة حجوم الفلزات المختلفة أنّ الصخورالغرانيتية هي من الصخور بياضية اللون leucocrates (من 60 إلى 90% من الفلزات البيضاء اللون) إلى تامة البياض hololeucocrates (أكثر من 90% من الفلزات البيضاء اللون). وهذه التغيّرات الكيميائية ضمن مجموعة الفلزات البيضاء اللون توجّه عملية التصنيف والتسمية.
والتصنيف المعتمِد على الصيغة (تصنيف سترِكايسن A.Streckeisen ت1976) هو المرجَّح في الوقت الحاضر على التصانيف الأخرى المعتمدة على التركيب الكيميائي أو الكيميائي-الفلزي. فقد اعتمد هذا التصنيف على نسب أربع مجموعات من الفلزات البيضاء اللون، وهي:
1ـ الكوارتز والفلزات السيليسية متعددة الشكل.2ـ الفلدسباتات القلوية: البوتاسية والصودية والمتوسطة. 3ـ الفلدسباتات البلاجيوكلازية. 4ـ أشباه الفلدسبات.
وحتى يكون التصنيف أكثر كمالاً يُضاف إلى المجموعات المحدّدة:
ـ قرينة اللون (النسبة الحجمية للفلزات الملوّنة) باستخدام السابقة «بياضي leuco» (قرينة اللون أقل من 40%) و«متوسط meso» (تراوح هذه القرينة بين 40 و60%) و«سوادي mélano» (تكون هذه القرينة أعلى من 60%).
ـ الفلزات المميّزة حتى ولو كانت نادرة (فالغرانيت ذو فاياليت نادراً ما يحوي أكثر من 1% من هذا الفلز)، وكذلك حسب مرتبة نقصان الغزارة: فالغرانيت ذو الأمفيبول ـ البيوتيت يختلف عن الغرانيت ذي البيوتيت ـ الأمفيبول.
المجمّعات الغرانيتية associations granitiques
بدا في الستينيات أنّ مشكلة الصخور الغرانيتية قد تمّ حلّها، فأشباه الغرانيت التي هي الحد الأخير لعمليات التحوّل؛ تتشكّل فقط بتبلور مُهْل magmas صادر عن انصهار جزئي لقشرة القارات، غير أنّ الأخذ بالحسبان الصخور الغرانيتية الحقيقية التي عُثر عليها في قاع المحيطات، والتي لاتحتوي على أجزاء قارية المنشأ؛ أطلقت جدلاً في ضوء النتائج الجيودينامية géodynamiques، الجديدة. فبعد عمليات جرفٍ لقاع المحيط، على ضهرة dorsale رودريغ في المحيط الهندي، اكتُشفت صخور غرانيتية تقطع صخوراً بازلتية. وهذا يدلّ على أنّ بعض الصخور الغرانيتية كان لها المصدر نفسه للصخور البازلتية، أي إنّ مصدرها كان من المعطف manteau الأرضي.
وهكذا طُرحت مفاهيم جديدة في تشكيل الصخور الغرانيتية تتعلّق بمصادرها وبجيوديناميتها، فبعد فكرة صخر غرانيتي أحادي المنشأ monogénique (غرانيت واحد من مصدر واحد من القشرة القارية) جاءت فكرة غرانيتات عديدة المنشأ polygénique (صخور غرانيتية متعدّدة ومصادر متنوّعة)، وتقترح دراسة الكتل الغرانيتية الكبيرة إعادة تشكيلٍ للمجموعات المهلية والبيئة الجيودينامية. ويستند هذا التوجّه إلى ملاحظات علماء الطبيعة وطرائق التحاليل الفيزيائية والكيمياوية.
لايشكل تنوّع فلزات وكيمياء الصخور الغرانيتية الفلزي والكيميائي مظهراً عشوائياً، وإنّما يعكس تنوّعاً في مصادرها وتوسع ومجمّعاتها associations. ولذلك قُدّمت تصانيف عديدة منذ السبعينيات أهمّها ذلك التصنيف الذي يعدّ الزمر الغرانيتية متعلقة بالزمر البركانية. فصخور أشباه الغرانيت تتبلور في أعماق الكرة الأرضية مشكلة كتلاً ضخمة من الصخور البلوتونية العميقة المنشأ مكوّنة جذور البراكين التي على سطح الأرض. فالبركنة volcanisme والبلوتونية plutonisme هما وجهان لمظهر جيولوجي واحد ألا وهو: المهلية magmatisme.
إن المعيار الرئيس الذي يُحدّد تنوّع أشباه الغرانيت هو معيار البيئة الجيودينامية في لحظة توضع الكتلة الغرانيتية، فبعض الصخور الغرانيتية تظهر في منطقة تباعد صفائح القشرة الأرضية، أو في وسط الصفيحة الواحدة أي في منطقة غير معرضة للحركات المولدة للجبال orogénèse، ولذلك فهي صخور لا يتعلق تشكلها بتكوين الجبال. أمّا الصخور الغرانيتية الأخرى، التي تُشكل معظمها والموجودة في السلاسل الجبلية في لحظة تشكلها؛ فهي صخور يتعلق تشكلها بالحركات المولدة للجبال.
الصخور الغرانيتية التي لايتعلق تشكلها بالحركات المولد للجبال
تظهر في مواقع مستقرة نسبياً، وتكون معرضة بصورة رئيسة للتوسّع أو للانغراز تحت القارة. ومع ذلك فهي دوماً متزامنة مع فترات الحركات المولّدة للجبال على مستوى الكرة الأرضية. وتكون على القارات (إفريقيا وسكوتلندا وكورسيكا وغرينلندا) وعلى أرضيات قاع المحيطات (إيسلندا وكيرغولن وسيشل) وهي متماثلة في الحالتين. إنّ مصدر هذه الصخور الغرانيتية غير المتعلقة بتكوين الجبال لايقع في القشرة الأرضية غير المتجانسة وإنّما في المعطف العلوي: فهي صخور غرانيتية معطفية mantéliques.
وتتميّز في الصخور غير المتعلقة بتكوين الجبال زمرتان: الزمرة التولئيتية tholéilitique (التوليئيت tholéite ضرب من البازلت لايحتوي على الأوليفين بل على كوارتز وفلدسبات تأخر ظهورها) والزمرة القلوية alcaline (وهي صخور نارية يتجاوز محتواها من الصوديوم والبوتاسيوم 10%). وهذا التقسيم صنعيٌّ نظراً لوجود زمر متوسطة انتقالية transitionnelles. ويستند هذا التصنيف إلى المحتوى القلوي ويُعَبَّر عنه بتزايدٍ مختلفٍ لنسب الفلزات البيضاء اللون.
الصخور الغرانيتية الكلسية ـ القلوية
تتميّز هذه الصخور بتعددية مظهرها بالنسبة إلى الصخور الغرانيتية التي يتعلق تشكلها بالحركات المولدة للجبال. فهي تحتل أمكنتها في السلاسل الجبلية عند تشكّلها وفي بيئات صفيحة المحيط المنغرز plaque océanique subductée، وفي الأقواس الجزيرية (اليابان)، وفي الهوامش القارية النشطة (جبال الأنديز)، وعند تصادم قارتين (جبال الهيمالايا). ويمكن أن تتتابع هذه الوضعيات من حيث الزمن والمكان وتكون مترافقة بمجمّعات مهلية مختلفة.
صخور الانصهار المجزأ الغرانيتية المتعلقة بتكون الجبال
تتفرّد فصيلة من الصخور الغرانيتية بغناها بالكوارتز مع وجود سيليكات ألومينية وغياب الصخور الأساسية المشابهة لها. وهذه الصخور الغرانيتية، المختلطة إلى حد بعيد مع التشكيلات المتحوّلة، تُكوّن مجموعة صخور الانصهار المجزأ anatexie. تكون صخور غرانيت الانصهار المجزأ غزيرة في المناطق الداخلية من السلاسل الجبلية الناجمة عن تصادم قارتين (نمط جبال هيمالايا)، وتتضمّن محتبسات متعدّدة من الصخور المتحولة ولكنّها نادراً ما تحتوي على محتبسات أساسية.
تهيمن الصخورالغرانيتية الكلسية-القلوية التي يتعلق تشكلها بتكوين الجبال، حيث تُشكّل 75% من مجموع الصخور الغرانيتية الكلية، بينما تشكل الصخور الغرانيتية غير المتعلقة بتكوين الجبال 25% فقط. وتوجد هذه الأخيرة على القارات، وكذلك في قيعان المحيطات، حيث تظهر على شكل عروق تنتشر في قشرة المحيطات، أو تتركّز في الجزر البارزة على سطح المحيطات. وتمنع الكثافة الضعيفة لصخور الغرانيت في هذه الجزر من اختفاء هذه الصخور في مناطق الانغرازsubduction ، وتتيح لها الإسهام في زيادة حجم القارات في فترات الحركات المولّدة للجبال اللاحقة مرافقة بذلك الصخور الغرانيتية الكلسية ـ القلوية المتعلقة بتكوين الجبال.
أمّا صخور الانصهار الغرانيتية فهي من مصدر القشرة الأرضية وحسب، وتسهم بنسب غير معروفة تماماً في إعادة تدوير المواد القارية التي تُؤدّي إلى تركيز عناصر كيميائية يمكن استثمارها من الناحية الاقتصادية.
تَرَدّي (إفساد) الصخور الغرانيتية
درست عمليات تَرَدّي altération الصخور الغرانيتية أكثر من غيرها من الصخور، لأنها تغطي أكثر من 20% من القارات البارزة عن سطح البحار والمحيطات، ولتأثرها بالعوامل المناخية وتشكيلها غطاءً سميكاً من القشرة الأرضية بالمقارنة مع غيرها من الصخور الأخرى. ويرجع ذلك إلى أنّ الغرانيت صخر حبيبي مؤلّف من تجاور فلزات متداخل بعضها ببعض بأبعاد كبيرة نسبياً تُراوح، عموماً، بين بضعة أجزاء من الملّيمتر إلى بضعة سنتيمترات، من ناحية، وإلى تَكَوُّن الغرانيت، من ناحية أخرى، من صنفين مختلفين من الفلزات: يشتمل الصنف الأول على فلزات الكوارتز والفلدسبات البوتاسي والموسكوفيت (الميكا البيضاء)؛ ويشتمل الصنف الثاني على فلزات سهلة التفكك والتردي مثل البلاجيوكلاز والبيوتيت (الميكا السوداء).
وبناءً على ما تقدم، يجري تردي الصخور الغرانيتية، على سطح الكرة الأرضية، وفق نمطين كبيرين: ينجم النمط الأول عن عملية حلمهة hydrolyse خفيفة لصخور الغرانيت، وتصادف بصورة رئيسة في المناطق المعتدلة خاصة، والباردة والصحراوية الجافة، حيث تتحول هذه الصخور إلى رمال arénisation؛ وينجم النمط الثاني عن عملية حلمهة hydrolyse شديدة تتميّز بها المناطق المدارية والاستوائية، حيث تتحول هذه الصخور إلى تربة لاتريت latéritisation، وهنالك نمط ثالث من التردي يتوسط النمطين يعرّف بالتردي المتوسط، ويجري في مناطق البحر المتوسط الدافئة والمناطق القريبة من المناطق المدارية.
وفي نهاية المطاف، تتعرض الصخور الغرانيتية، المنتشرة على سطح الكرة الأرضية، إذا ما وجدت في شروط حلمهة خفيفة أو شديدة إلى تردٍ مناخي يؤدي في المنطقة المعتدلة، إلى فلزات خشنة أولية مقاومة كانت موجودة في الصخر الأصلي مثل الكوارتز والفلدسبات البوتاسي. أما في المناطق الانتقالية الحارة فتكون فلزاتها رملية ـ غضارية موروثة من الصخر الأصلي مثل الكوارتز والفلدسبات المفكّك وفلزات متغيّرة، مثل الفرميكوليت vermiculite الهيدروألوميني وفلزات جديدة التشكل، مثل الكاؤلينيت kaolinite، وأخيراً تُكَوِّن التشكيلات السطحية صخوراً مرنة في المناطق المدارية والاستوائية، مشكّلة بصورة رئيسة من الكاؤلينيت نتيجة لفقدان كبير لفلزات الفلدسبات.
فؤاد العجل