السوري محمد سعدون فنان يختزل روح المكان

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • السوري محمد سعدون فنان يختزل روح المكان

    السوري محمد سعدون فنان يختزل روح المكان


    ريشة تتبع الجذور الممتدة بين الناس لتبوح بأسرارها.
    السبت 2023/06/03
    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    تعبيرات واقعية

    يرسم الفنان السوري محمد سعدون وجوها وشخوصا لا يكررهم الزمن، مصرّا على الارتباط بالمكان، بما يعنيه من هوية وتراث وعادات وتقاليد، تتجلى كلها في لوحاته التي صارت عنوانا للتراث السوري عامة والكردي بشكل خاص.

    الفنان التشكيلي السوري محمد سعدون من الجيل الذي يرتدي مصدّات بها يتفادى على وجه الخصوص المغامرة التي تتطلب شجاعة ما، فسعدون يتحاشى وإن بصعوبة غير معلنة تجاوز المألوف؛ فهو صامد أمام متغيرات تعصف سريعا بكل شيء بما في ذلك الحدود الفاصلة بين الإنسان والمكان الذي ينتمي إليه.

    لهذا نرى أن هذا الانتماء عند سعدون يحمل درجة عالية من النقاء حيث يجسد في جلّ أعماله ما ينتمي إلى هذا المكان ويتنفس به من تراث وعادات وفولكلور، وقد بقي مراقبا لعوالم جديدة من منظور إعادة الاقتران بالحراك العام والكشف ببراعة جمالية عن نبض التراث الكلاسيكي للجزيرة السورية والتراث الكردي على نحو أدق مقتنعاً بأن هناك كنوزا مازالت تنتظر من ينفض عنها الغبار وتحتاج إلى بحث معمّق بالتوازي مع رسم الفنان لنفسه هدفا يعمل جاهدا وبمتعة أيضا لتحقيقه.


    الفنان السوري صامد أمام متغيرات تعصف سريعا بكل شيء، بما في ذلك الحدود الفاصلة بين الإنسان والمكان


    يفعل سعدون ذلك كثيرا بالتزامن مع توجهه إلى ترتيب فوضى شخوصه وتنظيم علاقاتها دون أن ينزع عنها الزمن بل يجسد ذلك بالحركة، وبنزعات عقلانية يحاول سعدون أن يتحرر ولو جزئيا من هيمنة المقاييس المجتمعية مع وجود شروط ملائمة لارتياد فضاءات تنضح بالتراث الجميل.

    هذا ما دفع سعدون إلى إيجاد مرآة للصعود مع توفر شروط الضرورة لذلك وعلى اعتبار البيئة المحلية مصدرا أساسيا لأعماله يتوغل في شرقيات المكان وروحها الحميمية وبثقافاتها ومكوناتها المتصلة بالقيمة الحضارية والفنية للإسهام في بلورة مفهوم الواقعية في الفن، والتي باتت تعيش في اغتراب شبه تام.

    والمعادلة الإبداعية عند الفنان محمد سعدون تتلخص في نقل التراث وروحه وتوجيهه نحو صحوة نهضوية بتقنيات خاصة، مغالبا بها واقع الحال بسماكات ملموسة يعمل عليها بحدود يعلنها الفنان باختيار حالات محلية يشتغل عليها بمستوى البحث عن تساؤلات، الإجابة عنها تلخص وقفاته الكثيرة والطويلة أمام مسارات هي بمنزلة رواق يغريه بالدخول بوصفها مفهوما إجرائيا، يستعين بها سعدون في إحضار نصه الغائب / الحاضر وبها أيضاً يحدد مكونات هذا النص العائم بين الواقع الحكائي بنسبة عالية والمتخيل بنسبة أقل.

    في هذه الحال يُكسر المتخيل أمام طغيان الواقع الخاضع لنهايات واضحة تكون خياره ضمن حركة عناصر متفاعلة في صداه، فسعدون يستغل المتاح له وهو كثير زمانيّا / مكانيّا وريفيّا / مدينيّا.

    وليس من قبيل المصادفة أن يخطو سعدون إبداعياً وبتعبيريته الواقعية التي تخفق عنده بقوة الاقتران بالحكايات الشعبية المختلفة، بالذاكرة المتلحفة بنفحات إنسانية والمحاورة لسياقات الواقع بهواجسها المتدثرة بحصيلة من مشاعر الناس عبر لغة تؤثر سعة الحياة، فهو يضع ريشته على الجذور الممتدة بين الناس بشكلها الدرامي الجميل الذي يدفعها إلى حوار وجدل لكشف ملامحها الأساسية، عبر رغبته في البوح بالسر على بياض عمله والذي ينطوي على رؤية عقلانية دون نزوع تعميمي أو تبسيطي.


    وجوه تعبّر عن الهوية الكردية


    محمد سعدون يحاول أن يختزل روح المكان في عملية عودته إلى التراث الشعبي الكردي المحكوم بالتواصل الكبير مع الناس دون أن تكون لحكايته هذه نهاية واضحة، رغم أنه ترك محاولته مفتوحة.

    يذكر أن محمد سعدون من مواليد مدينة عامودا سنة 1964، درس ومارس وعشق الفن التشكيلي عن موهبة.

    عُرضت أول أعماله عام 1988 في مدينة عامودا، بالإضافة إلى مشاركاته في عدة معارض أخرى آخرها في مدينة ديار بكر في تركيا عام 2010.

    يقول الفنان واصفا تجربته التشكيلية “أنا أرسم شخوصا لا يكررهم الزمن مرة أخرى، وجوها غريبة وفلكلورية، أرى من خلالها الأساطير القديمة وحكايا الأجداد، ومثال لوحة ‘علي بك’ من خلال تراسيم وجهه الشرقي وعمامته، ومثل هذه الشخصيات لا تعود وتبقى في ذاكرة منسية لذلك لا بد أن ترسم لتبقى”.

    ويضيف “أرسم المرأة كعنصر تعبيري ورمزي وجمالي، لأنه في الحضارات القديمة تمثلت المرأة بالألوهية كآلهة الجمال ‘فينوس’ عند اليونان، كما أن اسم المرأة جاء تعبيراً مرتبطاً بالحرية والوطن والأم والحبيبة والأسطورة والحلم، وحين أرسم المرأة فإنما هو تعبير عن الانتظار والفقدان، وهي أحد العناصر المساعدة لتكوين اللوحة وتحقق القيم التصويرية في أي لوحة فنية ويتم طرح مواضيع كثيرة عن طريق رسم لوحة لامرأة أو وجه نسائي”.

    ويرى الفنان أن “التراث الشرقي مملوء بالحكايات والقصص الجميلة، فحاملات القش والطبيعة ونسوة الحصاد والعاملات في الحقول والمحراث القديم والأساطير القديمة، كلها لوحات فنية تدغدغ الذاكرة”.


    انشرWhatsAppTwitterFacebook

    غريب ملا زلال
    كاتب سوري
يعمل...
X