فنانون لبنانيون يعرضون مشاهد من الحالة الإنسانية العبثية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فنانون لبنانيون يعرضون مشاهد من الحالة الإنسانية العبثية

    فنانون لبنانيون يعرضون مشاهد من الحالة الإنسانية العبثية


    أعمال قلقة تحاول تغيير نظرة المشاهد إلى الوجود.

    ShareWhatsAppTwitterFacebook

    فن يحرر الاضطرابات الفكرية

    انطلاقا من عبثية الوجود الإنساني في أحيان كثيرة، عبث يشعر به الكثيرون في منطقتنا العربية ويصيبهم بقلق مزمن لا يجدون له متنفسا، اجتمع فنانون لبنانيون ليستعرضوا بريشاتهم وكاميراتهم مدى تأثرهم بهذا الشعور الإنساني وتعاملهم معه وتطويعه ليكون محفزا دائما لهم على الإبداع والتفكير والتطور.

    إذا كان موضوع الحالة الإنسانية التي يختبرها الإنسان في مختلف مرافق حياته وانعطافاتها موضوع شغل الفن بكل أنواعه منذ مئات السنين فهو لم يستنفد كل الصور التي يمكن أن تنبثق من خيال الفنانين، بل على العكس من ذلك، لاسيما أن الظروف والتغيرات ونشوء جملة من التحديات والعناصر الجديدة المرتبطة بالتكنولوجيا والحروب الجرثومية تتطلب أكثر فأكثر المواجهة والمُساءلة المستمدة من أفكار ومشاعر جديدة تفرض ذاتها في سياق الحياة الإنسانية المعاصرة.

    من هنا سينطلق المعرض الجماعي في صالة “أرنالي” اللبنانية يوم الثامن والعشرين من أبريل الحالي ويستمر حتى الخامس من مايو المقبل ويضم 15 فنانا بتجاربهم الفنية المختلفة إن من ناحية الأفكار أو من ناحية أسلوب التعبير. والمعرض من تنسيق منار علي حسّان.

    يضم المعرض الجماعي الكبير الذي تنظمه صالة “أرنالي” اللبنانية، وهي صالة حديثة المنشأ وجدية في نشاطها وانتقائها للمواهب الشابة بغض النظر عن أعمار الفنانين، أعمالا شديدة الاختلاف تعود إلى 15 فنانا هم آية أبوهواش ودزوفيغ أرنيليان وإليزابيت هفتي خوري وجوّانا رعد وكريكور أفيسيان ولودي صبرا وميساء خوري ومارال ديربوغوسيان وماري كعدي وموشيغ كارافارتانيان ونور بكّار وسركيس سيسيليان وطارق صعب وتوفيق ملحم، مع التركيز على أعمال الفنان العالمي جوني سمعان.


    اللوحة ناطقة بهواجس مشتركة


    ويأتي عمل الفنان الأخير كاحتضان للتجارب الفنية الموهوبة المُقدمة في الصالة وليس تهميشا لما قدمه الفنانون الآخرون المشاركون في المعرض.

    ويستعرض البيان الصحفي سيرة الفنان السوري المولود في اللاذقية جوني سمعان ويقدم له مجموعة من الأعمال التي يحضر في معظمها الإنسان ملتفا بشفافية لا هي قماش رقيق كثير الشفافية ولا ضباب متجوّل تشتد وتنخفض وتيرته بل الإنسان المُعلّق في شفافية وهشاشة ما يحتويه صعودا أو سقوطا في الفراغ.

    ويذكر القيّمون على المعرض أن عنوانه مستقى من عنوان الكتاب الذي وضعه الكاتب الفرنسي الشهير أندري مالرو سنة 1933. ويسرد المعرض مروحة واسعة ومتنوعة من الأعمال تتمحور، حسب البيان الصحفي المرافق للحدث، حول “الحالات النفسية والوجودية التي يعيشها الفنانون المشاركون في عالم تطغى عليه العبثية”.

    ويضيف البيان أن الفنانين يحاولون من خلال أعمالهم أن يتعاملوا ويتأقلموا مع المتغيرات والاستحقاقات الوجودية وكل ما تفرضه من تشوش وقلق.

    وعلى الرغم من أن كل فنان مُشارك له نص فني مختلف من حيث الأفكار المطروحة والأساليب المعتمدة إلا أن ثمة الكثير مما يجمع كل الأعمال. ويمكن في هذا الصدد الإشارة إلى جملة من الخصائص أهمها القدرة على تغيير نظرة المشاهد إلى عناصر الوجود من خلال الأشكال والهيئات التي تقف بين الواقع والتجريد. هذا إذا لم نشر إلى الشعور بالقلق الذي تبثه الأعمال في نفس المُشاهد.

    وبعض الأعمال في هذا المعرض يطغى عليه جوّ من الغموض يُذكّر بالمسرح بعد أن ينتهي تقديم العرض، وبعضها الآخر مسكون بأجساد لأرواح نائمة أو غائبة عن الوعي تقع من علياها في فراغ ملون غير “مُجهّز” إذا صح التعبير لاحتضان ما يهوي إليه من عناصر. أما البعض الآخر، وكلّ في أسلوب فني مختلف، فينفتح على تشنج إنساني يريد أن يثور على الواقع إما ليتخطى ما يفرضه عليه أو لأجل أن يبدل أمرا ما فيه فيجعله صالحا للعيش، على الأقل في الحدّ الأدنى.

    الفنانون يحاولون أن يتعاملوا ويتأقلموا مع المتغيرات والاستحقاقات الوجودية وكل ما تفرضه من تشوش وقلق

    الفنانة دزوفيغ أرنيليان التي هي أيضا مؤسسة الصالة انطلقت في مجال العرض الفني سنة 2020. معرضها الأول كان في صالة “آرت لاب”. وشاركت ولا تزال تشارك في معارض جماعية داخل لبنان وخارجه. وتقدم الفنانة في الصالة خمسة أعمال تدور في فلك الحب حيث تشير بشكل غير مباشر إلى كون الحب هو من أهم الـ”موجودات”، إذا صح التعبير، على الأرض القادرة على تمييع القلق وترطيب المواقف القاحلة التي تنهك كاهل الإنسان.

    عنونت الفنانة إحدى لوحاتها بـ”أزرقي الملون” في إشارة إلى خصوبة هذا اللون الذي يحمل تعابير مختلفة تنضوي تحت لواء الفرح الإنساني.

    أما الفنانة الفلسطينية – اللبنانية آية هواش فتشارك بلوحة واحدة تحت عنوان “بعد الظهيرة” يحضر فيها الشعور بالتناقض بين الراحة والحزن وبين الداخل والخارج وبين المرجوّ وما يحدث فعلا على كنبة تريد أن تكون مريحة ومحتضنة للمستلقية عليها وتخفق في ذلك.

    ومن المشاركين أيضا الفنانة منار ديبوغوسيان التي مازالت تتحف الناظر إلى أعمالها منذ يوم بدأت في العرض الفني بمشاهد متجددة يتجاور ويتداخل فيها الخارج والداخل، كما تنعكس فيها السماء وتتسلل إليها ظلال العناصر الكامنة خلف الشبابيك.

    نذكر أيضا الفنان طارق صعب والفنانة ميساء الخوري. كلا الفنانين يعملان في فن التصوير الفوتوغرافي ليشكلا أعمالا تعبر عن اضطراب العلاقة الحميمية في الزمن المعاصر.

    أما الفنانة جوانا رعد فتشارك بعدة أعمال تسبح في أجواء الحلم والطفولة والبيوت التي لم يدخلها الحزن ربما لأنها من صناعة الحنين. في حين تمعن الفنانة لودي صبرا في تكرار بعثرة الأشكال في دواخل الغرف والمنازل لتبقي على دفء خاص بها ولتقدم إلى المُشاهد نظرة تفاؤلية للفوضى. في المقابل تحمل فكرة تكرار العناصر شكلا ومعنى مختلفيْن في لوحات إليزابيت هفتي خوري إذ يشكل العنصر “النباتي” المتكرر، الذي يتصدر وسط اللوحة، عنصر الثبات الوحيد الذي يشكل مفتاحا يأخذ المُشاهد إلى خلفيات اللوحات مُبهمة المعالم.


    في المعرض أيضا تأخذنا الفنانة ماري كعدي إلى إنسان يبدو كأنه “طبشوري” المنشأ مما تترتب عليه هشاشة وقدرة كبيرة على ترك الأثر خلال طوافه وسباحته وغرقه أيضا، فيصبح ماؤه ماء عتما وضحلا.

    أما الفنان موشي كارافارتانيان فيقدم مجموعة أعمال يمكن وصفها بالأيقونات المعاصرة لأشخاص عاديين يعيشون أحلامهم في حياتهم. ويقدم الفنان ساركيس سيسيليان عدة لوحات يحضر فيها الإنسان بتشظيه وانكساراته التي لم تقو على تحطيمه.

    ومن عالم النحت والأشكال الهندسية الضاغطة، وأهمية الفراغ المحيط والوالجة في المنحوتات وسيولة الأشكال الصلبة إما من ناحية الشكل الظاهري أو من ناحية التعبير عن الخواء الداخلي، تحضر أعمال الفنانين كريكور أفيسيان وتوفيق ملحم.

    وتقدم الفنانة نور بكّار مجموعة من الأعمال النحتية التي تستعيد فيها بأسلوبها الفني فكرة الجمال والخصوبة والحب من خلال آلهة الحب والجمال والإخصاب عند اليونانيين القدامى “أفروديت”.

    ويضم المعرض إضافة إلى اللوحات والمنحوتات إلقاء شعر وفن فيديو وموسيقى وسينوغرافيا وأداء فنيا وغناء.

    ونذكر من المشاركين في هذا الشق الفني من المعرض الفنانين زياد ديب جريج وزاهر قيس وهبة رضوان.




    ShareWhatsAppTwitterFacebook

    ميموزا العراوي
    ناقدة لبنانية
يعمل...
X