تقييد المدخرات يرهن مستقبل طلاب لبنان في الخارج
منع التحويلات بالدولار يقوض سداد الأقساط الجامعية.
انشرWhatsAppTwitterFacebook
البنوك تصدّر أزمتها إلى الطلاب
رهنت الأزمة الاقتصادية الحادة في لبنان مستقبل الطلاب في الخارج حيث تسبب تقييد البنوك لمدخرات العائلات ومنع التحويلات في تقويض القدرة على سداد أقساط الدراسة في ظل تلكؤ الحكومة في تنفيذ قانون سابق يقضي بإلزام المصارف بتحويل مبلغ لا يتجاوز عشرة آلاف دولار لكل طالب جامعي.
بيروت - وجد الآلاف من الطلاب اللبنانيين في الخارج أنفسهم مهددين بعدم استكمال دراستهم بسبب عدم سداد أقساطهم الجامعية جراء تقييد المصارف لتحويلات العائلات مما دفع عددا منهم إلى مقاضاة البنوك غير أن ذلك لم يكن ناجعا مع ميل المصرف إلى استئناف الدعاوى القضائية.
فقبل أكثر من ثلاث سنوات توجّه محمّد سليمان إلى بيلاروسيا لتحقيق حلمه بدراسة الطب، لكنّه لم يتوقّع يوماً أن أزمة اقتصادية في لبنان ستجعله مهدداً بالطرد مع عجز عائلته منذ أشهر عن تحويل الأموال لدفع الأقساط الجامعية.
ويقول الطالب البالغ 23 عاماً في تصريحات صحافية عبر الفيديو من داخل غرفته في مينسك “إذا طردوني من الجامعة، فهذا يعني أنّ مستقبلي ضاع.. وسيكون الحقّ على الدولة اللبنانية”.
ويعد محمّد عينة من الآلاف من الطلاب اللبنانيين الذين يتابعون تحصيلهم الجامعي في الخارج بدعم من عائلاتهم التي أرادت أن تضمن لهم مستقبلاً لائقاً. لكنّهم يجدون أنفسهم منذ خريف العام 2019 عاجزين عن دفع أقساطهم أو بدلات إيجار سكنهم جراء قيود مشددة فرضتها المصارف شملت منع التحويل إلى الخارج.
ورغم الاعتصامات الدورية التي ينفذها الأهالي أمام المصارف وقطعهم الطرق احتجاجاً، ورغم إقرار البرلمان العام الماضي قانوناً يلزم المصارف ولمرة واحدة بتحويل مبلغ لا يتجاوز عشرة آلاف دولار لكل طالب جامعي خارج لبنان وفق سعر الصرف الرسمي للدولار، يؤكد الأهالي والطلاب في الخارج أن القانون بقي حبراً على ورق.
واختارت قلّة من الأهالي مقاضاة المصارف لتحويل مبالغ من أموالهم المحتجزة إلى أبنائهم.
نزار صاغية: هناك مشكلة في تطبيق الأحكام مع ميل المصرف إلى الاستئناف
وخلال الشهر الماضي ظهر اسم محمّد على لائحة مع طلاب لبنانيين آخرين مهددين بالطرد ما لم يدفعوا الأقساط المترتبة عليهم. ولا يملك اليوم أدنى فكرة عمّا يجدر فعله فيما مدخرات والده محتجزة في المصرف، شأنه في ذلك شأن اللبنانيين جميعهم.
وروى العديد من الطلاب أنهم اضطروا للانتقال إلى شقق أصغر أو العمل بدوام جزئي أو الاقتصاد في وجبات الطعام، للتخفيف من المصروف والمساهمة في دفع تكاليف سكنهم وتعليمهم. وتحدث أحدهم عن بعض الأهالي الذين اضطروا لبيع سياراتهم ومدخراتهم من الذهب لمساعدة أبنائهم.
ويتحسّر محمّد على أيام كان والده يرسل إليه شهرياً مبلغاً يتراوح بين 400 و500 دولار، يمكنه من دفع إيجار الشقة وارتياد المطاعم والعيش كما يحلو له. أما اليوم “بالكاد يرسلون 300 دولار” بعد شرائها من السوق السوداء.
وبات اليوم يعاني من صعوبة في التركيز خلال دروسه لقلقه مما ستحمله الأيام المقبلة، ويقول “لا أعرف ماذا سأفعل”.
ومن جنوب لبنان يتحدّث موسى سليمان والد محمّد بإسهاب عن تظاهرات ووقفات احتجاجية شارك فيها خلال الأشهر الماضية لمطالبة السلطات بإيجاد حلّ لازمة الطلاب في الخارج من دون جدوى.
ويشرح معاناته لتوفير المبلغ الذي يرسله شهرياً الى مينسك، بعدما بات المدخول الذي يجنيه من محل بيع الألعاب وأدوات التجميل الذي يملكه غير كاف مع فقدان الليرة اللبنانية قرابة 85 في المئة من قيمتها أمام الدولار في السوق السوداء.
ويقول الرجل (48 عاماً) وهو أب لثمانية أطفال في تصريحات صحافية “أنا قلق للغاية.. ولا أعرف ماذا سأفعل، سأضطر الى استدانة المال مجدداً، لا يمكنني أن أتركه من دون مال، فهو شاب وحيد هناك ولا أحد يساعده”.