اغريبا
Agrippa - Agrippa
أغريبا
(63ـ12ق.م)
ماركوس فبسانيوس أغريبا Marcus Vipsanius Agrippa قائد وسياسي روماني عاش في أواخر العصر الجمهوري وكان له دور بارز في إقامة النظام الامبراطوري الروماني وترسيخه بزعامة أوكتافيوس أغسطس [ر]. كان ينتمي إلى أسرة بسيطة ولكن موسرة من طبقة العامة. لا يعرف الكثير عن نشأته ولكن المؤرخ نيقولاوس الدمشقي يذكر أنه تعرف إلى تربه وصديق عمره أوكتافيوس في مدرسة البلاغة في رومة ثم رافقه بعدها إلى إسبانية ومنها إلى بولونية في إليرية على البحر الأدرياتي.
تسلم أغريبا منصب محامي الشعب عام 34ق.م فعمل على إصدار قرار بملاحقة قتلة قيصر ثم شارك في الحرب ضدهم في معركة فيليبي عام 42ق.م التي انتهت بهزيمة الحزب الجمهوري.
كان له دور حاسم في ترسيخ مكانة أوكتافيان في إيطالية بتغلبه على لوكيوس أنطونيوس ثم على بومبيوس الابن. كما أسهم مرتين في إعادة الوفاق بين ماركوس أنطونيوس[ر] وزعيمه أوكتافيان في برنديزيوم عام 40ق.م. تقلد القنصلية أول مرة عام 37ق.م فعمل على بناء أسطول قوي تمكن بوساطته من الانتصار على سكستوس بومبيوس في معركتين بحريتين كبيرتين في عام 36ق.م.
تولى منصب الإيديل (رئيس البلدية) عام 33ق.م وقام بمشاريع كبيرة في رومة خلدت اسمه. كان له الدور الأكبر في الانتصار على أنطونيوس وكليوباترة في معركة أكتيوم البحرية عام 31ق.م التي جعلت من أوكتافيان سيد الامبراطورية. عاد إلى رومة ليتولى أمورها في أثناء غياب سيده في الشرق (31-29ق.م) وعمل معه بعد عودته على تصفية المعارضة في مجلس الشيوخ وإحصاء المواطنين الرومان في أثناء قنصليته الثانية والثالثة (28-27ق.م). وعندما ألم بأغسطس مرض شديد في عام 23ق.م دفع إليه بخاتمه الرسمي مرشحاً إياه لخلافته.ثم عهد إليه بأمور الشرق (23-21ق.م) بعد أن منحه سلطة القيادة العليا.
وفي عام 18ق.م تقلد مع أغسطس السلطة التريبونية وقيادة الجيوش العليا لمدة خمس سنوات جددت عام 13ق.م لخمس سنوات أخرى. شارك عام 17ق.م في الاحتفالات المئوية الكبرى إيذاناً باختتام الإصلاحات وولادة عصر جديد. ثم انطلق في بعثته الثانية المطولة إلى الشرق (17-13ق.م)، والتي قام فيها بإجراءات إدارية وتنظيمية واسعة كان من أهمها تأسيس مستعمرتي بيروت وهليوبوليس (بعلبك) لتوطين الجنود الرومان المسرحين. وكان ذلك بمثابة حجر الأساس لمدرسة الحقوق الرومانية الشهيرة في بيروت[ر]. وعندما نشبت اضطرابات في بانونية (المجر حالياً) كلف أغريبا إخمادها ولكنه أصيب في أثنائها بمرض شديد فعاد إلى إيطالية حيث توفي ودفن في ضريح أغسطس تكريماً له.
تزوج أغريبا ثلاث مرات في حياته كان أولاها في عام 37ق.م من ابنة الثري الكبير أتيكوس والثانية في عام 28ق.م من إحدى قريبات أغسطس ولكنه انفصل عنها عام 21ق.م ليتزوج أخيراً من يوليا ابنة أغسطس التي ترملت بعد وفاة زوجها الأول مركلوس، والتي أنجبت له خمسة أطفال. وبعد موته تبنى الامبراطور حفيديه غايوس ولوكيوس (ابني أغريبا) على أمل أن يخلفاه، ولكنهما ماتا في ريعان الشباب في حياة جدهما. أما ابنته أغربينا Agrippina (الكبرى) فتزوجت من جرمانيكوس وأصبحت والدة الامبراطور غايوس أغريكولا (37-41م) وجدة الامبراطور نيرون (54-68م).
كان أغريبا يملك ثروة طائلة أغدق الكثير منها على إقامة المشاريع الضخمة في رومة والامبراطورية، فقد بنى معبد البانثيون[ر] الشهير كما أقام أولى الحمامات العامة في رومة، وشيد جسراً جديداً على نهر التيبر وقناتين لجر المياه إلى العاصمة مع شبكة لتوزيع المياه وأخرى للمجاري العامة. كما حول ميدان الإله «مارس» إلى ساحة عامة تغص بالأبنية الفخمة. كان له الفضل في وضع خارطة للامبراطورية الرومانية علقت فوق إحدى بوابات رومة (فبسانيا) بعد موته. كتب سيرة ذاتية مفقودة وكذلك تعليقات وشروحاً جغرافية فقدت كلها. ولكن الكاتبان استرابون وبلينيوس الأكبر[ر] استخدماها في كتاباتهما الجغرافية.
تميز أغريبا بكفاءته ومقدراته الفائقة في الحرب والسلم. تقلد أرفع المناصب وكلف بأصعب المهام المدنية والعسكرية فنجح فيها وحقق أعظم الإنجازات. عمل طوال حياته بإخلاص في خدمة سيده أغسطس وكان القائد الذي حقق له أعظم انتصاراته. عرف بالاستقامة والبساطة والبعد عن حب المظاهر. تبدو مهابته وقوة شخصيته في تماثيله النصفية وفي الأعمال الفنية الأخرى المعاصرة له.
محمد الزين