اسبرطه
Sparta - Sparte
إسبرطة
هي إسبارطي Sparti المعاصرة، إحدى أشهر المدن ـ الدويلات في التاريخ اليوناني، تقع في أقصى جنوب البلوبونيز[ر] في منطقة لاكونية Laconia ، وتشغل وادي نهر يوروتاس Eurotas، عرفت بكونها أقوى دويلات بلاد اليونان وأكثرها محافظة على التقاليد.
يعود أول ذكر لها في التاريخ إلى العصر الموكيني (Mycènes = باليونانية ) (1600-1200ق.م) Mukenai، ويذكرها هوميروس في حديثه عن هلين Helen زوج منلاوس Menelaos ـ ملك إسبرطة ـ التي اختطفها باريس Paris ابن ملك طروادة، وتسبب في إشعال نار حرب طروادة بين الإغريق والطرواديين. وتشير الدلائل الأثرية والمصادر التاريخية إلى أن الغزاة الدُوريين Dorians استوطنوا المدينة بدءاً من القرن الحادي عشر قبل الميلاد، ومع أنه لا يعرف شيء كثير عن المدينة حتى القرن الثامن قبل الميلاد فإن من الواضح أن هؤلاء الغزاة اتبعوا طريقة فريدة في الحكم، طبعت تاريخ إسبرطة طوال العصور التالية بطابعهم.
تكون المجتمع الإسبرطي
الدستور والنظم السياسية
يعزو الإسبرطيون دستورهم إلى لوكورغوس Lykurgos أحد مشرعيهم شبه الأسطوريين الذي كان متنفذاً في بلاط أحد ملوك إسبرطة بحسب قول هيرودوت، وعندما قام بجمع الأعراف والتقاليد القديمة وصاغها في قالب قانوني عزاها إلى وحي دلفي المقدس ليضفي عليها شرعية دينية وقوة تنفيذية.
وبموجب الدستور تكونت الهيئات التشريعية والتنفيذية من أربع هيئات رئيسة هي: الملكان ومجلس الشيوخ gerousia والجمعية العامة apella والحكام ephoroi. ويتربع الملكان على قمة التنظيم الفريد الذي أدى إليه سببان: أحدهما أن وجود ملكين يتساويان في السلطة يبعد عنهما كليهما فكرة الاستئثار بالحكم، وثانيهما تساوي المكانة الاجتماعية والدينية والمادية لعائلتي الملكين اللتين تدعيان الانتساب إلى الإله هرقل. ومع أن الدستور كان يعطي الملكين حق قيادة الجيوش وحضور اجتماعات مجلس الشيوخ ورئاسة الاحتفالات الدينية، إضافة إلى حقوق وامتيازات شرفية أخرى مقصورة عليهما، فإن سلطاتهما كانت نظرية وتكريمهما كان شكلياً، ولم يكونا يمارسان إلا حق الفصل في بعض القضايا الثانوية، كالتبني والإشراف على تزويج الأيتام.
أما مجلس الشيوخ فكان يتألف، إضافة إلى الملكين، من ثمانية وعشرين عضواً منتخبين من رؤساء العائلات الإسبرطية. ومن مهام المجلس النظر في شؤون السياسة الخارجية للدولة، وإعداد المشروعات العامة لعرضها على الجمعية العامة، إضافة إلى مهمة الفصل النهائي في القضايا الجنائية للمواطنين الإسبرطيين، والإشراف الإداري على هيئات الدولة المختلفة. ولاشك في أن السلطات الواسعة لهذا المجلس قد أسهمت في انتهاج سياسة المحافظة على الماضي، والابتعاد عن أي تحديث في إسبرطة في تاريخها الطويل.
والجمعية العامة كانت نظرياً الوحدة الديمقراطية الوحيدة في الدستور الإسبرطي، إذ كانت عضويتها مفتوحة لكل المواطنين الذين بلغوا الثلاثين من العمر وأتموا مراحل التدريب العسكري. وكانت الجمعية تعقد جلساتها بدعوة من الحكام مرة في الشهر، وتقتصر سلطاتها على تصديق القوانين المقدمة من مجلس الشيوخ أو رفضها من دون مناقشتها، إضافة إلى مهمة انتخاب الحكام وأعضاء مجلس الشيوخ.
وكان عدد الحكام في إسبرطة خمسة، تنتخبهم الجمعية العامة سنوياً، ويشرفون على الأخلاق والنظام العام وحفظ القانون، ولهذا كانوا يرأسون فرقة الشرطة السرية، لمناهضة حركات التمرد عند الأقنان، ومراقبة تصرفات الغرباء في المدينة، ويشرفون على التدريب العسكري للشباب، ويراقبون سلوك الموظفين، ويرافقون الملوك في الحروب، ويفصلون في بعض القضايا، ويفاوضون ممثلي الدول وسفراءها، ويعقدون المعاهدات مع الدول الأجنبية.
إسبرطة والحروب الفارسية
في بداية القرن الخامس قبل الميلاد وافقت إسبرطة على مساعدة المدن اليونانية لمناهضة التهديد الفارسي، لكن قواتها لم تتمكن من المشاركة في معارك المرحلة الأولى من الحروب الفارسية لانشغالها في مهرجان كرْنِيَة Karneia الديني، ووصلت هذه القوات إلى ميدان المعركة بعد أن كانت أثينة[ر] قد حققت نصرها على الفرس في معركة ماراثون Marathon. على أن إسبرطة قبلت في المرحلة الثانية من الحروب بعد عشر سنوات بأن يسند إليها شرف قيادة القوات اليونانية المتحالفة في البر والبحر. وضرب الملك الإسبرطي ليونيداس Leonidas مثلاً رائعاً في دفاعه اليائس عن مضيق ترموبولاي Thermopylae في الشمال مع ثلاثمئة من جنوده. كما تمكن القائد الإسبرطي يوروبيادس Eurybiades من إحراز نصر بحري في معركة سالاميس Salamis بمساعدة القائد الأثيني تمستوكلس Themistokles. وفي سنة 479ق.م حقق الملك الإسبرطي باوسانياس Pausanias نصراً مؤزراً للقوات اليونانية المشتركة على الفرس في معركة بلاتاية Plataea. ومع أنه نجح في تحرير عدد من مدن شرقي بلاد اليونان من قبرص حتى بيزنطة فإنه اضطر إلى العودة إلى إسبرطة، فأتاح بذلك للأثينيين إنشاء حلف مهمته متابعة حرب الفرس، وتطوير قواهم العسكرية لدرجة أدت إلى اعتراف إسبرطة بهيمنة أثينة على البحر مقابل اعترافها بهيمنة إسبرطة على البر.