فاز ثلاثة علماء بجائزة نوبل في الطب وعلم وظائف الأعضاء لاكتشافهم كيفية بناء الدماغ خريطة للعالم المحيط بنا، لتمكننا من التنقل.
هذه الاكتشافات حدّدت أنواع خلايا الدماغ التي يستخدمها البشر والحيوانات الأخرى، ليجدوا طريقهم داخل بيئاتهم. أكدت لجنة جائزة نوبل في بيانها، أن هذه الإكتشافات يمكن أيضا أن تكون أساسا لفهم ما يحدث في مرض الزهايمر عندما يفقد الناس قدرتهم على التنقل، أحد الأعراض الخطيرة لهذا المرض. حيث تقع الخلايا التي إكتشفها هؤلاء العلماء في مناطق الدماغ التي غالبا ما تتأثر في المراحل المبكرة للأزهايمر.
الفائزين بالجائزة، جون أوكيف، مايو-بريت موزر و إدوارد موزر، كانوا مسؤولين عن إكتشاف نوعين من الخلايا التي ترسم خريطة للبيئة المحيطة في الدماغ. في أواخر الستينات من القرن المنصرم، قام أوكيف بإجراء التجارب التي وجدت “خلايا المكان” في جرذان المختبر. “خلايا المكان” تضيء فقط – ترسل إشارة عصبية – عند تواجد الجرذان في أماكن معينة في حجرة التجربة. هذه الخلايا تخزّن الذاكرة لتلك الغرفة ليرسم دماغ الجرذ خريطة للغرفة، تتكرر هذه العملية لأماكن كثيرة أخرى يتذكرها الجرذ، حيث تقوم نفس خلايا المكان بإرسال إشارات عصبية في أماكن محددة في غرف مختلفة. تظهر هذه الخلايا في جزء من الدماغ يسمى الحصين.
بعد مرور عقد من الزمن، قام العالمين مايو-بريت موزر و إدوارد موزر، المتزوجين، باكتشاف “خلايا الشبكة”، والتي تضيء في مناطق منتظمة في أي غرفة يستكشفها الجرذ.خلايا الشبكة تخلق نوعا من الشبكة العقلية للجرذ، حتى عندما تكون الغرفة مظلمة و لا يمكن للجرذ أن يرى. خلايا الشبكة تنمو في جزء من الدماغ مجاور للحصين، في منطقة تسمى القِشْرَةُ الشَّمِّيَّة الدَّاخليّة.
وجدت التجارب أن كلا من جرذان المختبر والبشر لديهم خلايا المكان وخلايا الشبكة، مما يوحي أن هذه الآليات المسؤولة عن “صنع الخرائط” تطورت منذ فترة طويلة مضت، عندما كان للجرذان و البشر سلف مشترك، بالتالي، قد تكون تلك الآليات مشتركة بين العديد من الثدييات.
أوكيف الذي حصل على نصف الجائزة، يعمل أستاذ لعلم الأعصاب الإدراكي في جامعة كلية لندن، و يدير مركز أبحاث علم الأعصاب هناك. النصف المتبقي من الجائزة ذهب للزوجين مايو-بريت موزر (51 عاما) و إدوارد موزر (52 عاما)، اللذان يعملان في الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا في تروندهايم. التقى الاثنان في التسعينات، عندما كانا يجريا أبحاث ما بعد الدكتوراه في مختبر أوكيف، حيث تعلموا كيفية تسجيل الإشارات من أدمغة الفئران. مايو-بريت موزر هي المرأة الحادية عشر التي تفوز بجائزة نوبل للطب منذ منحت لأول مرة في 1901. إضافة إلى ذلك، يعدّ الزوجين موزر أحد الأزواج القلائل الذين حصلوا على جائزة نوبل، حيث أنهم الزوجين الخامسين الذين فازوا بالجائزة منذ تأسيسها.