بدءًا من اختراع أدوية جديدة للسرطانات حتى اختبار المكملات الغذائية، تلعب الفئران والجرذان دورًا كبيرًا في تطوير الأدوية وتجربتها.
في الحقيقة تُشكّل الفئران والجرذان نسبة 95% من حيوانات المختبر، وذلك وفقًا لمؤسسة البحوث الطبية (FBR).
يعود اختيار العلماء للفئران في التجارب لعدة أسباب: منها حجم القوارض الصغير، حيث يمكن الحفاظ عليها وحمايتها بشكل أكبر مقارنةً مع باقي الحيوانات، إضافةً لجودتها في التكيّف مع المحيط الجديد، كما أنها تتكاثرُ بسرعةٍ وتعيشُ بعمرٍ قصير -من سنتين إلى ثلاث سنوات- يمكّنك من ملاحظة العديد من أجيال الفئران في فترة قصيرة.
يتمّ شراء هذه الفئران بسعرٍ رخيص، وكمياتٍ كبيرة، من قبلِ التجّار المتخصصين في بيعها للأبحاث، وتكون معظم الفئران المستخدمة في التجارب متطابقة وراثيًا بشكل كامل تقريبًا، وهذا ما يجعل نتائج التجارب أكثر نجاحًا، وذلك وفقًا لمعهد بحوث الجينوم البشري الوطني.
فعلى الأقل، يجب أن تكون هذه الفئران من نفس الأنواع.
ثمة سبب آخر لاستخدامها، وهو أن خصائصها الجينية والبيولوجية والطبيعية تشبهُ بشكل كبير خصائصَ البشر، كما أنّ معظم الأعراض المرضيّة على البشر يمكن تجربتها على الفئران، وتقول جيني هالسكي (Jenny Haliski)، ممثلة المكتب الوطني للمعاهد الوطنية الصحية (NIH): «الجرذان والفئران هي ثدييات تشترك في العديد من العمليات مع البشر؛ لذلك تعدّ ملائمة للإجابة على العديد من التساؤلات البحثية«
خلالَ العقدين الماضيين، تلكَ التشابهات أصبحت أكثر قوّة.
حيثُ تمكّن العلماء من استيلاد الفئران المعدّلة وراثيًّا، وأطلقَ عليها فئران معدّلة ورائيًّا (transgenic mice)؛ حيثُ أصبحت هذه الفئران تحمل جينات شبيهة بتلكَ الجينات التي تسبب الأمراض البشريّة.
كذلكَ يمكننا إيقاف عمل هذه الجينات، أو إلغاء تأثيرها، وخلق ما يسمّى بفأرة الضربة القاضية (knockout mice)، من أجل استخدامها لتقييم تأثيرات المواد الكيميائيّة المسرطنة، وسلامة العقاقير عليها، وفقًا (FBR).
إنّ استخدام القوارض في البحوث يجعل منها أكثرَ كفاءةً، وذلك بسبب معرفة الباحثين بعلم التشريح وعلم الوراثة والفيزيولوجيا الخاصّة بهذه الحيوانات، مما يسهّل معرفة الخصائص والتغيّرات السلوكية.
بعض القوارض تعاني من SCID (العوز المناعي المشترك الشديد)، حيثُ تولد الفئران بلا أي نظام مناعي، مما يجعلها نموذج مشابه لاختبار الأنسجة البشرية الطبيعية والخبيثة، وذلك وفقًا لمؤسسة البحوث الطبية.
بعض الأمثلة على الاضطرابات والأمراض البشرية التي يمكن تجربتها على الفئران: ارتفاع ضغط الدم، داء السكري، البدانة، إعتام عدسة العين، مشاكل في الجهاز التنفسي، نوبات قلبية، الصمم، الزهايمر، السرطان، التليف الكيسي، فيروس نقص المناعة البشرية، أمراض القلب، ضمور العضلات، حالات الإصابة بالحبل الشوكي.
كما وتُستخدم الفئران في دراسات السلوك والأعصاب، ومرض الشيخوخة، وكلّ ما يتعلق بالتغذية والجينات، فضلًا عن اختبار الأدوية المضادّة التي من الممكن أن تقضي على الإدمان على المخدرات.
وتقول هالسكي: «إن استخدام الحيوانات في التجارب الطبية تُساعدنا على فهم الأنظمة الحيوية التي قد تفيدنا في إنتاج العديد من الأدوية والعلاجات الجديدة والمفيدة«