جزري (بديع زمان)
Al-Jazari (Badii Azzaman-) - Al-Jazari (Badii Azzaman-)
الجزري (بديع الزمان ـ)
بديع الزمان أبو العز بن إسماعيل بن الرزَّاز، مهندس عربي، دُعي بالجزري لأنه كان من أبناء جزيرة «ابن عمر» بين دجلة والفرات. عاش في القرنين السادس والسابع الهجريين.
لم يذكر قدماء المؤرخين أي معلومات عنه. وكل ما نعرفه عن حياته وأعماله مُستمَدٌّ من مقدِّمة كتابه «الجامع بين العلم والعمل في صناعة الحيل»، ألَّف كتابه الوحيد هذا بطلب من ملك ديار بكر الملك الصالح ناصر الدين أبي الفتح محمود بن محمد بن قره أرسلان (597-619هـ/1200-1220م)، ويقول بديع الزمان إنه كان قبل ذلك في خدمة والد هذا الملك، ثمَّ في خدمة أخيه، وإنَّ أوَّل خدمته لتلك الأسرة بدأت عام (570هـ/1174م).
كان الجزري مهندساً ميكانيكاً، شغل وظيفة (ريِّس أعمال)، أي رئيس المهندسين. وبلغ هذه المكانة بحكم خبرته الطويلة، وإلمامه بالعلوم النظرية، وإتقانه للمهارات العملية. يضاف إلى ذلك أنه كان مخترعاً للكثير من الأدوات والأجهزة الميكانيكية. ويضمُّ كتابه المذكور رسوماً متقنة لما اخترعه، مع وصف دقيق لأجزائها وكيفية العمل بها والاستفادة منها. بلغ عدد مخترعاته (175) مخترعاً، بين جهاز وأداة. وفرغ من تأليف هذا الكتاب، ورُسمت صوره بيد المؤلف في
( 602هـ). عاش بديع الزمان في كنف آل سكمان، الذي كانوا يحكمون ديار بكر ونظراً لتعاون هذه الأسرة مع السلطان صلاح الدين الأيوبي، في حروبه مع الصليبين، فقد كافأهم بضم آمد إلى بلادهم، بعد ضمَّه لها عام (579هـ/1183م). وكانت مدينة مزدهرة فيها مكتبة عامرة.
في هذا الجو المتحضر عاش بديع الزمان الجزري، فألَّف فيه كتابه المشهور في علم الحيل. تكلَّم عليه إدوارد هيل فقال: «لم تكن في أيدينا حتى العصور الحديثة أية وثيقة من أية حضارة أخرى في العالم، فيها ما يضاهي ما في كتاب الجزري من غنى في التصاميم، وفي الشروحات الهندسية، المتعلقة بطرق الصنع وتجميع الآلات». ويقول أحمد يوسف الحسن، الذي قام بتحقيق هذا الكتاب ودراسته: «لقد وجه بعض المؤرخين والباحثين الأوربيين النقد للتكنولوجية الميكانيكية العربية فهم يعيبون عليها اهتمامها ببعض الأدوات والألعاب المخصصة للتسلية. ومع أن المهندسين العرب اهتموا بتصميم مثل هذه الوسائل، لقيمتها الفنية والهندسية، وصنعوها للملوك والسلاطين، ووضعوها في رسائلهم وكتبهم، إلا أنه ليس صحيحاً أيضاً أن هذه الوسائل كانت في مجملها للتسلية» وأكبر دليل على ما يقول الحسن هو أنَّ تصفُّح كتاب الجزري يوصل إلى أنَّ أهمَّ أقسامه هي تلك التي يبحث فيها عن صنع الساعات (البنكامات)، والآلات الرافعة للماء أو جر الأثقال، أو صنع الأقفال.
كان عمل الجزري، كما يقول الحسن سلسلة من أعمال المهندسين العرب ومن سبقهم من مهندسي الحضارات السابقة للإسلام، من يونان ورومان وفرس؛ ولكن الجزري لم يستوعب فقط فنون من سبقه بل اخترع كثيراً من الآلات والوسائل الميكانيكية والهيدروليكية. فمثلاً في مجال الساعات صنع ساعة وصفها في كتابه، وهي تشبه إلى حد بعيد ساعة باب جيرون في دمشق التي صنعها محمد الساعاتي بين عامي (541-565هـ). كما يوجد في دمشق مضخة لرفع الماء تقع إلى جانب جامع الشيخ محيي الدين بن عربي، وهي تُشبه إحدى المضخات التي صنع الجزري نموذجاً لها ووصفها في كتابه، والتي كان يظن بعضهم أنها ليست إلا تحفة فنية لتزيين القصور.
زهير البابا
Al-Jazari (Badii Azzaman-) - Al-Jazari (Badii Azzaman-)
الجزري (بديع الزمان ـ)
بديع الزمان أبو العز بن إسماعيل بن الرزَّاز، مهندس عربي، دُعي بالجزري لأنه كان من أبناء جزيرة «ابن عمر» بين دجلة والفرات. عاش في القرنين السادس والسابع الهجريين.
لم يذكر قدماء المؤرخين أي معلومات عنه. وكل ما نعرفه عن حياته وأعماله مُستمَدٌّ من مقدِّمة كتابه «الجامع بين العلم والعمل في صناعة الحيل»، ألَّف كتابه الوحيد هذا بطلب من ملك ديار بكر الملك الصالح ناصر الدين أبي الفتح محمود بن محمد بن قره أرسلان (597-619هـ/1200-1220م)، ويقول بديع الزمان إنه كان قبل ذلك في خدمة والد هذا الملك، ثمَّ في خدمة أخيه، وإنَّ أوَّل خدمته لتلك الأسرة بدأت عام (570هـ/1174م).
كان الجزري مهندساً ميكانيكاً، شغل وظيفة (ريِّس أعمال)، أي رئيس المهندسين. وبلغ هذه المكانة بحكم خبرته الطويلة، وإلمامه بالعلوم النظرية، وإتقانه للمهارات العملية. يضاف إلى ذلك أنه كان مخترعاً للكثير من الأدوات والأجهزة الميكانيكية. ويضمُّ كتابه المذكور رسوماً متقنة لما اخترعه، مع وصف دقيق لأجزائها وكيفية العمل بها والاستفادة منها. بلغ عدد مخترعاته (175) مخترعاً، بين جهاز وأداة. وفرغ من تأليف هذا الكتاب، ورُسمت صوره بيد المؤلف في
( 602هـ). عاش بديع الزمان في كنف آل سكمان، الذي كانوا يحكمون ديار بكر ونظراً لتعاون هذه الأسرة مع السلطان صلاح الدين الأيوبي، في حروبه مع الصليبين، فقد كافأهم بضم آمد إلى بلادهم، بعد ضمَّه لها عام (579هـ/1183م). وكانت مدينة مزدهرة فيها مكتبة عامرة.
في هذا الجو المتحضر عاش بديع الزمان الجزري، فألَّف فيه كتابه المشهور في علم الحيل. تكلَّم عليه إدوارد هيل فقال: «لم تكن في أيدينا حتى العصور الحديثة أية وثيقة من أية حضارة أخرى في العالم، فيها ما يضاهي ما في كتاب الجزري من غنى في التصاميم، وفي الشروحات الهندسية، المتعلقة بطرق الصنع وتجميع الآلات». ويقول أحمد يوسف الحسن، الذي قام بتحقيق هذا الكتاب ودراسته: «لقد وجه بعض المؤرخين والباحثين الأوربيين النقد للتكنولوجية الميكانيكية العربية فهم يعيبون عليها اهتمامها ببعض الأدوات والألعاب المخصصة للتسلية. ومع أن المهندسين العرب اهتموا بتصميم مثل هذه الوسائل، لقيمتها الفنية والهندسية، وصنعوها للملوك والسلاطين، ووضعوها في رسائلهم وكتبهم، إلا أنه ليس صحيحاً أيضاً أن هذه الوسائل كانت في مجملها للتسلية» وأكبر دليل على ما يقول الحسن هو أنَّ تصفُّح كتاب الجزري يوصل إلى أنَّ أهمَّ أقسامه هي تلك التي يبحث فيها عن صنع الساعات (البنكامات)، والآلات الرافعة للماء أو جر الأثقال، أو صنع الأقفال.
كان عمل الجزري، كما يقول الحسن سلسلة من أعمال المهندسين العرب ومن سبقهم من مهندسي الحضارات السابقة للإسلام، من يونان ورومان وفرس؛ ولكن الجزري لم يستوعب فقط فنون من سبقه بل اخترع كثيراً من الآلات والوسائل الميكانيكية والهيدروليكية. فمثلاً في مجال الساعات صنع ساعة وصفها في كتابه، وهي تشبه إلى حد بعيد ساعة باب جيرون في دمشق التي صنعها محمد الساعاتي بين عامي (541-565هـ). كما يوجد في دمشق مضخة لرفع الماء تقع إلى جانب جامع الشيخ محيي الدين بن عربي، وهي تُشبه إحدى المضخات التي صنع الجزري نموذجاً لها ووصفها في كتابه، والتي كان يظن بعضهم أنها ليست إلا تحفة فنية لتزيين القصور.
زهير البابا