جلال الدين خوارزم شاه
Jalaluddin ibn Khawarizm Shah - Jalaluddin ibn Khawarizm chah
جلال الدين بن خوارزم شاه
(حكم 617ـ628هـ/1220ـ1230م)
جلال الدين بن خوارزم شاه، السلطان علاء الدين أبو الفتح محمد بن تكش بن ألب أرسلان بن أتسز بن محمد بن أنوشتكين، ويلقب جلال الدين منكبرتي، أي هبة السماء أو مبعوث السماء.
أسند إليه والده علاء الدين محمد خوارزم شاه، ولاية العهد، ونزعها من أخيه قطب الدين أوزلاغ شاه، لأنه وجده أقدر أولاده على الحفاظ على دولته التي وهنت قواعدها وتهدمت، ولأخذ ثأره من أعدائه التتر.
إثر وفاة علاء الدين خوارزم شاه ترك جلال الدين الجزيرة التي كان قد لجأ إليها والده في بحر قزوين هرباً من التتر، وتوجه إلى خوارزم بصحبة أخويه قطب الدين أوزلاغ شاه وآق شاه، فاستقبله أهلها وقرابة سبعة آلاف من الفرسان الموالين لأخيه أوزلاغ شاه، وتآمروا على قتله، وإعادة السلطنة إلى أوزلاغ شاه الذي كان والده خوارزم شاه قد ولاّه عهده، قبل تولية العهد لابنه جلال الدين، وأعطاه بلاد خوارزم وخراسان ومازندران بتأثير من أمه وجدّته، ولكن السلطان جلال الدين استطاع الإفلات بعد أن أخبره أحد قواده بالمؤامرة، ففرّ باتجاه خراسان ومعه قرابة ثلاثمئة فارس، واستطاع الوصول إلى مدينة نسا بعد معركة خاضها في سهول بيراون شمال شرقي غزنة، في قتال فرسان أرسلهم جنكيزخان للقضاء عليه قبل وصوله إلى خراسان، وذلك في سنة 618هـ/1221م، وكان النصر حليف جلال الدين الذي سار إلى نيسابور.
وبعد أيام من فرار جلال الدين من خوارزم، سار عسكر جنكيز خان إليها، ففرّ منها أوزلاغ شاه وآق شاه للحاق بجلال الدين، فتبعهما عسكر جنكيز خان، وجرت بينهما معركة بنواحي خراسان قتل فيها أوزلاغ شاه وآق شاه، وتخلص جلال الدين من منافستهما.
أكمل جلال الدين طريقه ودخل غزنة، وما كاد يستقر فيها حتى أرسل جنكيز خان حملة أخرى اصطدم بها جلال الدين خارج غزنة وكان النصر حليفه أيضاً في بدايتها، ولكن فتنة دبت بين قواده الذين تنازعوا على اقتسام الغنائم، مما أدى إلى ضعف جيش جلال الدين بعد مغادرة القسم الأعظم من فرسانه.
وكان جنكيز خان يرصد أخبار الفتنة فاستغلها وأرسل جيشاً كبيراً وراء جلال الدين الذي لم يستطع مجابهته، واضطر للفرار نحو الهند حتى وصل إلى نهر السند، ولكنه لم يستطع عبوره لعدم توافر السفن لديه، فاضطر إلى مجابهة جيش جنكيز خان مدة ثلاثة أيام لحقت فيها خسائر جسيمة بالفريقين. وعندما وصلت السفن التي طلبها ركبها مع البقية الباقية من فرسانه وعبر نهر السند إلى أراضي الهند وأحرقها ونهبها.
بقي السلطان جلال الدين يتنقل في الهند مع فرسانه يسلبون ميرتهم وحاجاتهم حتى سنة 621هـ/1224م، وبعد أن تيقن من زوال خطر جيش جنكيز خان ورحيله عن البلاد عاد وعبر نهر السند ثانية وتوجه إلى كرمان وأصفهان وامتلكهما، ثم تابع سيره إلى فارس وكان أخوه من أبيه غياث الدين قد استولى على بعضها، فأعاد ما كان أخوه أخذه منها إلى أتابك سعد صاحبها وصالحه، وسار من عنده إلى خوزستان فحاصر مدينة تُستَر في المحرم سنة 622هـ/1225م وبها الأمير مظفر الدين، مملوك الخليفة الناصر لدين الله، حافظاً عليها، فلم ينجح في الاستيلاء عليها، فأرسل قسماً من جيشه إلى البصرة وقسماً آخر إلى بعقوبا التي تبعد عن بغداد مقدار سبعة فراسخ.
توالت فتوحات جلال الدين ووصل سنة 623هـ/1226م إلى أوج قوته وسيطرته، وذلك بعد استيلائه على عراق العجم وفارس وكرمان وأذربيجان وتبريز وتفليس التي دخلها عنوة بعد حروب ضارية مع الكرج.
وفي سنة 624هـ/1226م سار إلى قتال الإسماعيلية وحاصرهم في قلعة أَلَموت[ر] وضربهم بشدة وقسوة بسبب اغتيالهم أحد أمرائه في مدينة (كنجة). وفي السنة التالية دخل جلال الدين أراضي أرمينية وملك مدينة خلاط التابعة للملك الأشرف الأيوبي، وذلك بعد حصار طويل.
أورثته هذه الانتصارات والاعتداءات نقمة الخليفة في بغداد، كما نقم عليه جميع الملوك والحكام المجاورين له، بسبب ما سلب من أراضيهم وممتلكاتهم، ونقم عليه سكان المدن والبلاد بسبب سوء معاملته لهم، وزادت تصرفاته الشاذة من نفور أتباعه منه، ففارقه بعضهم وتركوه، فضعف مركزه وجيشه. وفي بداية سنة 627هـ/1229م بدأت الهزائم تتوالى على جلال الدين، وكان أولها هزيمته أمام علاء الدين كيقباذ بن كيخسرو بن قلج بن أرسلان صاحب بلاد الروم، ثم كانت هزيمته أمام الملك الأشرف صاحب دمشق والجزيرة وخلاط بعد معارك عنيفة جرت بينهما في 28 رمضان من السنة ذاتها، فاستغلت قبائل التتر هذه الهزائم وسارعوا إلى الاستيلاء على مدينة الري ثم همذان ثم دخلوا إلى أذربيجان وروعوا سكانها بالسلب والنهب والقتل، ولم يستطع جلال الدين صدهم ولا نجدة السكان.
استمر جلال الدين بالهرب أمام التتر قاصداً آمد فلاحقوه ودخلوها كما دخلوا إربل ودقوقا ومعظم البلاد التي كان يسيطر عليها، فقصد مدينة خلاط وديار بكر ومدن الجزيرة طلباً للنجدة من ملوكها المسلمين، كما طلبها من خليفة بغداد المستنصر بالله، ولكن دون جدوى. فقصد ميافارقين ليتخلص من المطاردة، ولما وصل إلى قرية بالقرب منها، عرفه رجل كردي من سكانها، كان قد قُتل أبوه وأخوه في معركة مع جيش جلال الدين، فانقض عليه وقتله. فكانت مدة سلطنته اثنتي عشرة سنة تقريباً، وانقرضت بمقتله الدولة الخوارزمية. وكانت مدتها مذ وليها خوارزم شاه محمد بن أنوشتكين في رجب سنة 490هـ/1096م إلى مقتل السلطان جلال الدين منكبرتي، تزيد على مئة وثمانٍ وثلاثين سنة حكم فيها سبعة سلاطين.
زهير حميدان
Jalaluddin ibn Khawarizm Shah - Jalaluddin ibn Khawarizm chah
جلال الدين بن خوارزم شاه
(حكم 617ـ628هـ/1220ـ1230م)
جلال الدين بن خوارزم شاه، السلطان علاء الدين أبو الفتح محمد بن تكش بن ألب أرسلان بن أتسز بن محمد بن أنوشتكين، ويلقب جلال الدين منكبرتي، أي هبة السماء أو مبعوث السماء.
أسند إليه والده علاء الدين محمد خوارزم شاه، ولاية العهد، ونزعها من أخيه قطب الدين أوزلاغ شاه، لأنه وجده أقدر أولاده على الحفاظ على دولته التي وهنت قواعدها وتهدمت، ولأخذ ثأره من أعدائه التتر.
إثر وفاة علاء الدين خوارزم شاه ترك جلال الدين الجزيرة التي كان قد لجأ إليها والده في بحر قزوين هرباً من التتر، وتوجه إلى خوارزم بصحبة أخويه قطب الدين أوزلاغ شاه وآق شاه، فاستقبله أهلها وقرابة سبعة آلاف من الفرسان الموالين لأخيه أوزلاغ شاه، وتآمروا على قتله، وإعادة السلطنة إلى أوزلاغ شاه الذي كان والده خوارزم شاه قد ولاّه عهده، قبل تولية العهد لابنه جلال الدين، وأعطاه بلاد خوارزم وخراسان ومازندران بتأثير من أمه وجدّته، ولكن السلطان جلال الدين استطاع الإفلات بعد أن أخبره أحد قواده بالمؤامرة، ففرّ باتجاه خراسان ومعه قرابة ثلاثمئة فارس، واستطاع الوصول إلى مدينة نسا بعد معركة خاضها في سهول بيراون شمال شرقي غزنة، في قتال فرسان أرسلهم جنكيزخان للقضاء عليه قبل وصوله إلى خراسان، وذلك في سنة 618هـ/1221م، وكان النصر حليف جلال الدين الذي سار إلى نيسابور.
وبعد أيام من فرار جلال الدين من خوارزم، سار عسكر جنكيز خان إليها، ففرّ منها أوزلاغ شاه وآق شاه للحاق بجلال الدين، فتبعهما عسكر جنكيز خان، وجرت بينهما معركة بنواحي خراسان قتل فيها أوزلاغ شاه وآق شاه، وتخلص جلال الدين من منافستهما.
أكمل جلال الدين طريقه ودخل غزنة، وما كاد يستقر فيها حتى أرسل جنكيز خان حملة أخرى اصطدم بها جلال الدين خارج غزنة وكان النصر حليفه أيضاً في بدايتها، ولكن فتنة دبت بين قواده الذين تنازعوا على اقتسام الغنائم، مما أدى إلى ضعف جيش جلال الدين بعد مغادرة القسم الأعظم من فرسانه.
وكان جنكيز خان يرصد أخبار الفتنة فاستغلها وأرسل جيشاً كبيراً وراء جلال الدين الذي لم يستطع مجابهته، واضطر للفرار نحو الهند حتى وصل إلى نهر السند، ولكنه لم يستطع عبوره لعدم توافر السفن لديه، فاضطر إلى مجابهة جيش جنكيز خان مدة ثلاثة أيام لحقت فيها خسائر جسيمة بالفريقين. وعندما وصلت السفن التي طلبها ركبها مع البقية الباقية من فرسانه وعبر نهر السند إلى أراضي الهند وأحرقها ونهبها.
بقي السلطان جلال الدين يتنقل في الهند مع فرسانه يسلبون ميرتهم وحاجاتهم حتى سنة 621هـ/1224م، وبعد أن تيقن من زوال خطر جيش جنكيز خان ورحيله عن البلاد عاد وعبر نهر السند ثانية وتوجه إلى كرمان وأصفهان وامتلكهما، ثم تابع سيره إلى فارس وكان أخوه من أبيه غياث الدين قد استولى على بعضها، فأعاد ما كان أخوه أخذه منها إلى أتابك سعد صاحبها وصالحه، وسار من عنده إلى خوزستان فحاصر مدينة تُستَر في المحرم سنة 622هـ/1225م وبها الأمير مظفر الدين، مملوك الخليفة الناصر لدين الله، حافظاً عليها، فلم ينجح في الاستيلاء عليها، فأرسل قسماً من جيشه إلى البصرة وقسماً آخر إلى بعقوبا التي تبعد عن بغداد مقدار سبعة فراسخ.
توالت فتوحات جلال الدين ووصل سنة 623هـ/1226م إلى أوج قوته وسيطرته، وذلك بعد استيلائه على عراق العجم وفارس وكرمان وأذربيجان وتبريز وتفليس التي دخلها عنوة بعد حروب ضارية مع الكرج.
وفي سنة 624هـ/1226م سار إلى قتال الإسماعيلية وحاصرهم في قلعة أَلَموت[ر] وضربهم بشدة وقسوة بسبب اغتيالهم أحد أمرائه في مدينة (كنجة). وفي السنة التالية دخل جلال الدين أراضي أرمينية وملك مدينة خلاط التابعة للملك الأشرف الأيوبي، وذلك بعد حصار طويل.
أورثته هذه الانتصارات والاعتداءات نقمة الخليفة في بغداد، كما نقم عليه جميع الملوك والحكام المجاورين له، بسبب ما سلب من أراضيهم وممتلكاتهم، ونقم عليه سكان المدن والبلاد بسبب سوء معاملته لهم، وزادت تصرفاته الشاذة من نفور أتباعه منه، ففارقه بعضهم وتركوه، فضعف مركزه وجيشه. وفي بداية سنة 627هـ/1229م بدأت الهزائم تتوالى على جلال الدين، وكان أولها هزيمته أمام علاء الدين كيقباذ بن كيخسرو بن قلج بن أرسلان صاحب بلاد الروم، ثم كانت هزيمته أمام الملك الأشرف صاحب دمشق والجزيرة وخلاط بعد معارك عنيفة جرت بينهما في 28 رمضان من السنة ذاتها، فاستغلت قبائل التتر هذه الهزائم وسارعوا إلى الاستيلاء على مدينة الري ثم همذان ثم دخلوا إلى أذربيجان وروعوا سكانها بالسلب والنهب والقتل، ولم يستطع جلال الدين صدهم ولا نجدة السكان.
استمر جلال الدين بالهرب أمام التتر قاصداً آمد فلاحقوه ودخلوها كما دخلوا إربل ودقوقا ومعظم البلاد التي كان يسيطر عليها، فقصد مدينة خلاط وديار بكر ومدن الجزيرة طلباً للنجدة من ملوكها المسلمين، كما طلبها من خليفة بغداد المستنصر بالله، ولكن دون جدوى. فقصد ميافارقين ليتخلص من المطاردة، ولما وصل إلى قرية بالقرب منها، عرفه رجل كردي من سكانها، كان قد قُتل أبوه وأخوه في معركة مع جيش جلال الدين، فانقض عليه وقتله. فكانت مدة سلطنته اثنتي عشرة سنة تقريباً، وانقرضت بمقتله الدولة الخوارزمية. وكانت مدتها مذ وليها خوارزم شاه محمد بن أنوشتكين في رجب سنة 490هـ/1096م إلى مقتل السلطان جلال الدين منكبرتي، تزيد على مئة وثمانٍ وثلاثين سنة حكم فيها سبعة سلاطين.
زهير حميدان