كلايست (هاينريش فون)مسـرحي وقصصي وكاتب مقالات ألماني

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كلايست (هاينريش فون)مسـرحي وقصصي وكاتب مقالات ألماني

    كلايست (هاينريش فون) Kleist (Heinrich von-) - Kleist (Heinrich von-)
    كلايست (هاينريش فون ـ)

    (1777ـ 1811)



    هاينريش فون كلايست Heinrich von Kleist مسـرحي وقصصي وكاتب مقالات ألماني، ولد في مدينة فرنكفورت Frankfurt، وتُوفي منتحراً بالقرب من برلين. كان الابن الأكبر لضابط بروسي، وطبقاً لتقاليد العائلة كان عليه أن يتبع خطا أبيه، ويختار مهنة الخدمة في الجيش؛ إلا أنه ما لبث أن اعتزلها، وبدأ دراسة الفيزياء والرياضيات والفلسفة والموسيقى مظهراً بذلك ميلاً إلى المذهب العقلاني[ر] Rationalism وعلوم الطبيعة. إضافة إلى ذلك درس أعمال الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو[ر]، وتحول نهائياً عن العلم إلى الأدب والفلسفة.

    لا ينتمي كلايست إلى عصر أو مذهب أدبي بعينه، بل يقف بين العصور، ويرسم من شخصيات أعماله صورة لإنسان العصر الحديث، بجميع تناقضاته وازدواجيته، الباحث عن الحقيقة المطلقة وعن مغزى الوجود الإنساني. فقد جسّد في معظم مؤلفاته بشراً يتصرفون انطلاقاً من أعماق عاطفتهم ووجدانهم، وصاغ تيقنهم من مشاعرهم، كما في مسرحية «كَتشن فون هايلبرون» Käthchen von Heilbronn (1810)، أو اضطراب تلك المشاعر في حمأة محدودية الحياة الواقعية. صاغ أيضاً طاقة الحب الكامنة في النفس البشرية إلى جانب الحقد بأعلى وتيرة كما في مأسـاة « عائلة شروفِّنشتاين » Die Familie Schroffenstein (1803)، والمسرحيتين «پنتيزيليا» Penthesilea (1808) و« الأمير فريدريش فون هومبورغ » Prinz Friedrich von Homburg (1810). وشخصية پنتيزيليا هي «نصف إلهة ثأر، نصف إلهة جمال» تقتل حبيبها، وتقتل نفسها أيضاً، وتحمل ملامح من أولريكِه Ulrike أخت كلايست المحببة إليه وأمينة سره. أما في ملهاة «أمفيتريون» Amphitryon (1807) فينتصر الشعور الداخلي الغريزي المعصوم عن الخطأ على المظهر الخارجي المفعم بالإغراءات. وتعد «الجرة المكسورة» Der zerbrochene Krug (1811) أشهر ملهاة كتبها كلايست، ويظهر فيها قاضي القرية آدم متهماً وقاضياً في آن معاً؛ الأمر الذي يجعل البحثَ عن الحقيقة محالاً. ويجعل البطل في مسرحية «الأمير فريدريش فون هومبورغ» نفسه قاضياً على نفسه ولكن بطريقة مختلفة؛ فالأمير العاشق يرتكب ما يعرضه للعقاب، ويفقده توازنه بسبب عقوبة الموت المحدقة به، فيقف عالم العدالة في مواجهة عالم الشعور والأحلام، وعالم الواجب في مواجهة عالم العاطفة، ويتعذر على الأمير الرجوع إلى وضع الثبات والاستقرار، ومن ثم يتوقف أمر العفو عنه على اعترافه بكلا العالمين. وتغرق الشخصية الازدواجية في الإنسان الكلايستي في التعابير اللغوية وفي التلاعب بالألفاظ والالتباسات والتلميحات.

    أما قصص كلايست الطويلة والقصيرة فهي في الغالب معالجات للدوافع والموضوعات الواردة في المسرحيات. ففي قصة «الزلزال في تشيلي» Das Erdbeben in Chili (1807) يتطور الصراع انطلاقاً من كارثة تلم بالفرد وبالمجتمع على حد سواء. وفي قصة «ميكائيل كولهاس» Michael Kohlhaas (1810) يطرح كلايست سؤالاً نموذجياً عن كيفية حصول الإنسان على حقه في مجتمع ظالم. إن ميكائيل -الذي هو «واحد من أكثر الناس استقامة وفظاعة في آن معاً»- يطالب بتحقيق العدالة، وحين يرفض المجتمع طلبه يلجأ- وهو في حالة من الشعور المطلق بالحق- إلى أساليب منافية للقانون لا بد أن تسفر عن ظلم ولا إنسانية، لكنه في نهاية الأمر يعترف بذنبه، ويكفر عن إخلاله بالأمن العام بمواجهة الموت طواعية.

    تنقل كلايست من مرض إلى مرض، ومن إخفاق إلى إخفاق، ومن حظ عاثر إلى طالع سيئ، ومن حالة نفسية مزرية إلى انهيار عصبي؛ إلى أن تكشفت له حقيقة الأمور وحتميتها. لم يُنصَف، ولم يُقدر حق قدره إلا بعد موته. ومن باريس كتب ذات مرة إلى أخته أولريكِه: «لم أعد أستطيع الاستمرار». فقد استمر تجاهلُ قيمته وأهميته فترة طويلة إلى أن أعيد اكتشافه في عام 1900 واحداً من أبرز الكتّاب في الأدب المسرحي والقصصي الألماني.

    أحمد حيدر
يعمل...
X