يمكن بالفعل تحويل المعادن الأساسية كالرصاص إلى ذهب، لكن لن تحصل على الكثير من الذهب بذلك. هل حلمت من قبل بأن تصبح غنيًا بين ليلة وضحاها؟ ماذا لو كان بإمكانك صنع الذهب من معدن آخر مثل الرصاص؟
هذا ما حاول الكيميائيون تحقيقه في العصور الوسطى، كان هدفهم مادة سميت بأسماء عديدة (حجر الفلاسفة أو الإكسير أو الأثير) التي ربما تمنح صفة الخلود والشباب والشفاء من كل الأمراض، فضلًا عن ثروات لا توصف للذين يمتلكونها.
أكثر خصائص الإكسير إثارةً للاهتمام هي إمكانية تحويل المعادن الأساسية كالرصاص إلى قطعة من الذهب اللامع، وتسمى هذه العملية التحويل.
كان الإكسير مادة الأساطير، مع ذلك، لم يتمكن أي كيميائي من تحويل الرصاص إلى ذهب، لأنه لا يمكن لأي تفاعل كيميائي عادي أن يحول عنصرًا إلى آخر.
لكن هل يتمكن علماء العالم الحديث -مع معرفتنا الكيمائية المتزايدة وأدواتنا المتفوقة- من تحقيق هذا التقدم الكيميائي؟
ما هو العنصر؟
يُقصد بتحويل الرصاص إلى ذهب، تحويل عنصر إلى آخر. يُعرّف كل عنصر بعدد البروتونات (العدد الذري) وعدد النيوترونات (البروتونات + النيوترونات= عدد الكتلة)، عدد الكتلة يتكون منه نواة العنصر، بينما عدد الإلكترونات ليس محددًا لهوية العنصر.
يساوي العدد الذري للرصاص 82 أي (82 بروتون في نواته)، بينما العدد الذري للذهب هو 79.
لتحويل عنصر إلى آخر يجب أن يغير أحدهما عدد البروتونات في نواته.
إذا تغير عدد النيوترونات مع الحفاظ على عدد البروتونات ثابتًا في النواة، سينتج صفات مختلفة للعنصر نفسه أو ما يعرف بالنظائر. يملك الرصاص أربعة نظائر تتشكل طبيعيًا، ووفرة من النظائر التي تُشكل في المختبر.
تحويل عنصر إلى آخر:
ترتبط هذه الجسيمات دون الذرية بقوى نووية قوية تحافظ على استقرار النواة، وتتطلب محاولة التغلب على هذه القوى كميات هائلة من الطاقة.
إزالة بروتون أو نيوترون من النواة سيكون مثل محاولة رفع “مطرقة ثور” من قبل أحد ليس نقي الروح. كما أن إضافة جسيم دون ذري سيكون مثل محاولة إجبار قطبي مغناطيس متماثلين على التقارب.
يُطلق كل من إضافة الجسيمات دون الذرية وطرحها كميةً مفرطةً من الطاقة.
لكن ماذا لو نجحت في تغيير تكوين النواة؟ لسوء الحظ هذا يسبب أزمة هوية للعنصر بإخلال توازن القوى داخله. ويبدأ العنصر بطرد الجسيمات دون الذرية للوصول لحالة أكثر استقرارًا، مثل ما يحدث في التحلل الإشعاعي.
تحويل المعادن من خلال النشاط الإشعاعي:
لا تستطيع الذرات ذات النوى الكبيرة جدًا أن تتعامل مع حجمها، ما يجعلها غير مستقرة. تخفض هذه الذرات الوزن الإضافي بطرد البروتونات والنيوترونات (جسيمات ألفا) والإلكترونات (جسيمات بيتا) والإشعاع الكهرومغناطيسي (أشعة غاما).
معظم العناصر بعد البزموت في الجدول الدوري مشعة. التحليل الإشعاعي ليس طريقة عظيمة لإنتاج الذهب لعدة أسباب:
أولًا: تستغرق العناصر المشعة شهورًا إن لم يكن سنوات وألفيات لتتحلل إلى عناصر أكثر شيوعًا. فمثلًا يستغرق الراديوم-226 حوالي 1600 سنة ليتحلل نصفه.
ثانيًا: يمكن للانبعاثات المشعة أن تسبب أمراضًا مثل السرطان ومشاكل في الغدة الدرقية.
ثالثًا: يتحول كل من اليورانيوم والثوريوم والراديوم في نهاية المطاف إلى رصاص بعد انتهاء التحلل. الرصاص عنصر مستقر ولا يتحلل أكثر من ذلك، هذا أمر محزن نظرًا إلى أن الرصاص يملك فقط 3 بروتونات أكثر من الذهب.
التحويل في مفاعل نووي:
مع استبعاد النشاط الإشعاعي، ما هي الطريقة التي يمكن استخدامها لتحويل الرصاص إلى ذهب؟ حسنًا، لدينا عدة خيارات.
استخدام الرصاص لصناعة الذهب ليس استراتيجية عظيمة، إذ يملك الرصاص 3 بروتونات أكثر من الذهب. الرهان الأفضل يتلخّص باستخدام الزئبق، الذي يملك بروتونًا واحدًا أكثر من الذهب، أو البلاتينوم الذي يملك بروتونًا أقل من الذهب.
كانت أولى التجارب في تحويل معدن أساسي إلى ذهب عام 1924. بصورة مستقلة، قام الباحثون ناغواكا في اليابان، ومييث وستامريش في ألمانيا؛ بتحويل الزئبق إلى ذهب، بتعريض الزئبق لتيارات كهربائية عالية.
حقق الباحثون الذين أجروا تجارب كهذه لاحقًا نتائج سلبية أثارت الجدل، وبالتالي ربما لا يكون تعريض الزئبق لتيارات كهربائية هو الحل.
يتمثل الخيار الآخر باستهداف الزئبق أو البلاتينوم بجزيئات دون ذرية مثل البروتونات والنيوترونات.
استهدف الباحثون الزئبق بالنيوترونات السريعة عام 1941 وحولوا المعدن إلى ذهب وبلاتين، وفي العام 1936، استهدف الباحثون البلاتينوم بالديوترونات (وهي نواة بروتون ونيوترون، نواة الديتيريوم)، فنتج عن ذلك نظائر البلاتينوم المشعة التي تحللت إلى ذهب.
إذا كان لديك مخزون كبير من الرصاص تحتاج استخدامه، فعليك بتجربة عام 1996، التي وجدت الذهب بتعريض الرصاص إلى 600 ميغافولت من البروتونات.
ما مقدار الذهب الذي يمكن أن تجنيه؟
إذا بدأت تحلم بإمكانية أن تصبح ثريًا من إنتاج الذهب، فاسمح لي بتدمير أحلامك.
أولًا: كان معظم الذهب مشعًا، ما يعني أنه على الأغلب سيتحلل، ولسوء الحظ لا توجد طريقة لتحويل الذهب المشع إلى ذهب عادي.
ثانيًا: أُجريت كل هذه التجارب على ذهب بكميات أقل من 1 ميلي غرام، غالبًا ما كُشِف عن الذهب بكميات ضئيلة فقط. كُتب في أحد الحسابات أن الذهب الذي حصل عليه مييث وستامريش كانت قيمته تعادل دولارًا فقط، لكنه كلفهم 60000 دولار ليُصنَّع، وستكون غارقًا حتى رأسك في الديون بالوقت الذي ستحصل فيه على أي ذهب صالح للاستخدام من تجارب كهذه.
كان الباحثون الذين قاموا بهذه التجربة أكثر اهتمامًا بسلوك الذرات والجسيمات دون الذرية من اهتمامهم بجني ثروة من الذهب. حتى لو كان بعض من هؤلاء الباحثين من ذوي الفكر المالي، فمن المرجح أنهم سيصبحون أثرياء باكتشاف شيء ذي استخدام فعلي مثل مصدر مستدام أو لا نهائي للطاقة.
كلمة أخيرة:
استخدم العلماء تقنيات التحويل الخاصة بهم لإنشاء عناصر جديدة، مثل البروميثيوم والتكتينيوم والعديد من العناصر الأخرى في سلسلة اللانثايد والأكتينيد التي هي من صنع البشر. أفاد الباحثون عام 2020 بصنع عنصر جديد له عدد ذري 113، عن طريق سحق ذرات الزنك بذرات البزموت.
أفاد أحد الباحثين العاملين في المشروع أن الأمر استغرق أكثر من 4 مليارات عملية تصادم، لينجحوا في صناعة العنصر 3 مرات فقط.
أساسًا من يهتم إذا لم نتمكن من تحويل الرصاص إلى ذهب؟ يعمل العلماء على مشاريع أفضل نأمل أن تُفيدنا.