ذلك هو عنصر الصوديوم، إنه عنصر جامح وثمين يتفاعل ويمتزج بسهولة مع العناصر الأخرى لتكوين بعض من أكثر المواد شيوعًا في حياتنا اليومية. إضافة إلى ملح الطعام NaCl، يشترك الصوديوم أيضًا في تكوين صودا الخبز أو ما يدعى علميًا بيكربونات الصوديوم NaHCO3، وبيروكسيد الصوديوم Na2O2 المُستخدم في التنظيف وكذلك (البوراكس) البورق أو ما يُعرف علميًا باسم بورات الصوديوم Na2B4O7.10H2O.
أما عن وجوده بجسم الإنسان، فهو ضروري للتحكم في ضغط الدم وعمل الجهاز العصبي.
لكن قبل ذلك، لنبدأ بالحديث عن الانفجارات.
بوووووم!
يتفاعل الصوديوم مع الماء مباشرة وبطريقة مذهلة. ينتج المزيج القاعدة القوية هيدروكسيد الصوديوم، وغاز الهيدروجين، والحرارة (يُطلق على التفاعلات التي تنتج الحرارة كنتاج ثانوي، التفاعلات الطاردة للحرارة).
الحرارة الناتجة شديدة للغاية لحرق غاز الهيدروجين مُسببةً انفجارًا هائلًا. اكتشف العلماء هذا التفاعل في فيديو عالي السرعة، حيث التقطوا الانفجار ووضّحوا سبب حدوث التفاعل بهذه السرعة.
صّرح الباحثون في مجلة نيتشر كيمستري-Nature Chemistry في ينايرعام 2015: «عند مزج الماء مع عنصر الصوديوم، يُحرر الصوديوم الإلكترونات -جزيئات سالبة الشحنة- محولةً العنصر إلى أيون موجب الشحنة».
كل تلك الشحنات الموجبة تتنافر مع بعضها، ما يؤدي إلى تمزيق الصوديوم -إنّ صحَّ التعبير- لخلق مساحة أكبر للتفاعل ويؤدي ذلك إلى حدوث انفجار.
حقائق عن عنصر الصوديوم
إنّ خصائص الصوديوم وفقًا لمختبر جيفرسون الوطني للتعجيل الخطي، هي كالآتي:
- العدد الذري للعنصر (عدد البروتونات في النواة): 11.
- رمز العنصر (في الجدول الدوري للعناصر): Na.
- الوزن الذري (معدل كتلة الذرة): 22.98976928
- كثافة العنصر: 0.97 جرام على السنتيمتر المكعب.
- طور العنصر في درجة حرارة الغرفة: صلب.
- درجة الانصهار: عند 208.04 درجة فهرنهايت (97.8 درجة مئوية).
- درجة الغليان: 1,621 درجة فهرنهايت (883 درجة مئوية).
- عدد نظائر العنصر (النظائر هي ذرات للعنصر نفسه مع عدد مختلف من النيوترونات): 21;1 نظير مُستقر.
- أكثر النظائر شيوعًا: Na-23 (الوفرة الطبيعية للنظير 100%).
معدنٌ نشط
الصوديوم معدن قلوي -من الفلزات القلوية- يقع أقصى يسار الجدول الدوري مع عناصر زمرته الأولى: الليثيوم، والبوتاسيوم، والروبيديوم، والسيزيوم، والفرانسيوم.
الصفة المشتركة بين تلك المعادن القلوية هي امتلاكهم جميعًا إلكترونًا وحيدًا في الغلاف الخارجي الأخير أي الاوربيتال الأخير الأبعد عن النواة.
تُشارك الذرات ذراتٍ أخرى إلكتروناتها بهدف تكوين روابط.
من الناحية الجزيئية، من السهل جدًا فقد الإلكترون الوحيد في مستوى الطاقة الأخير.
نتيجةً لذلك، إن الصوديوم وبقية المعادن القلوية نشطة وفعّالة للغاية لدرجة أنها لا توجد في الطبيعة على هيئة عنصر حر. جميع تلك العناصر موجودة في الطبيعة في صورة مركبات مرتبطة مع عنصر واحد أو أكثر.
المركبات المحتوية على عنصر الصوديوم معروفة وتُستخدم على نطاق واسع منذ زمنٍ بعيد. على سبيل المثال، استخدم المصريون القدماء مادة تسمى النطرون تُستخدم للتحنيط وجمع المومياوات وأعضائهم، وتجفيف اللحم وحفظه. النطرون هو خليط من مسحوق الصودا (كربونات الصوديوم) وصودا الخبز (بيكربونات الصوديوم) التي توجد طبيعيًا.
وفقًا للجمعية الملكية للكيمياء-Royal Society Of Chemistry يعود فضل اكتشاف عنصر الصوديوم النقي إلى الكيميائي الإنجليزي همفري ديفي، الذي أجرى عملية التحليل الكهربائي لمحلول هيدروكسيد الصوديوم لعزل عنصر الصوديوم عنه.
ينفجر معدن الصوديوم النقي في الماء بسريعة وبطريقة مذهلة، لكن استخداماته العملية محدودة.
تستخدم بعض المفاعلات النووية الصوديوم السائل كمبرد، وفقًا لشركة هيتاشي، التي تصنع بعضًا من تلك المفاعلات، فإن استخدام المعدن بحالته السائلة للتبريد يُعتبر ميزة أمان إضافية، إذ أن الصوديوم ينقل ويُبدد أيّ حرارة زائدة.
ومع ذلك، فإنّ استخدامات الصوديوم في الغالب تكون عن طريق استخدام أحد مركباته سريعة التكوين. يُستخدم (البوراكس) -البورق- في المنظفات ومستحضرات التجميل، وبيكربونات الصوديوم أو صودا الخبز، تستخدم لتخمير الخبز والسلع المخبوزة الأخرى، ويستخدم نتريت الصوديوم لحفظ الطعام، وخاصةً اللحوم المعلبة.
يساعد الصوديوم الجسم على تنظيم مستويات المياه، ما يجعله ضروريًا للحفاظ على ضغط الدم. رغم ذلك، لا يحتاج الإنسان إلى نسبة كبيرة من الصوديوم. وفقًا لجمعية القلب الأمريكية-AHA، يجب أن يستهلك البالغون نحو 1,500 ملليغرام من الصوديوم يوميًا.
يستهلك معظم الأمريكيون 3,400 ملليغرام يوميًا. أثارت الأبحاث الحديثة أسئلة حول الكمية المناسبة من الملح الممكن استهلاكها في النظام الغذائي، حيث وجدت دراسة أُجريت في شهر أغسطس عام 2014، أنّ الاستهلاك المعتدل قد يُقلل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
هل تعلم؟
- إنّ عنصر الصوديوم هو سادس أكثر العناصر انتشارًا على الأرض، وفقًا لمختبر جيفرسون.
- هل تساءلت سابقًا عن الفرق بين ملح الطعام الاعتيادي وملح كوشير؟ تحوي حبيبات ملح كوشير على نصف كمية الصوديوم التي تحتويه حبة الملح الاعتيادية، ويفتقد ملح كوشير أيضًا إلى اليود المضاف.
- التوعك الصحي الناتج عن تناول جرعة زائدة من الملح حقيقي، في عام 2013، صرّح الأطباء عن حالة رجل يبلغ من العمر 19 عامًا دخل في غيبوبة بعد شرب زجاجة كاملة من صلصة الصويا.
تسبب الصوديوم الزائد في الدم في خروج الماء من الدماغ إلى مجرى الدم، ما أدى إلى حدوث نوبات وفقدانه الوعي. نجا الرجل بعد علاج مكثف وطارئ دون أية آثار جانبية دائمة.
- النطرون المُستخدم في التحنيط له تأثيرات طبيعية. بحيرة ناترون في تنزانيا هي بحيرة قلوية، أو قاعدية لاحتوائها على رواسب كربونات الصوديوم بصورة طبيعية. الحيوانات الميتة التي تغمرها المياه على شواطئ البحيرة تحافظ على جثتها بسبب وجود كربونات الصوديوم، ذلك موثق أيضًا في مشروع التصوير عام 2013-eerie2013photography project.
- الصوديوم هو أحد عناصر المركب MSG، ويُعرف أيضًا باسم غلوتامات أحادي الصوديوم. يتكون هذا المركب من عنصر الصوديوم وحامض الجلوتاميك.
- مُسبب اللون الأصفر في مصابيح الشوارع هو عنصر الصوديوم. مصابيح الصوديوم تستخدم خليطًا من غاز النيون وعنصر الصوديوم الصلب لتحقيق لونها الذهبي. اخترعت عام 1920، وفقًا لمركز أديسون التكنولوجي.
يمكن لمركب بسيط (غير مكلف، غير معقد) للصوديوم أن يعالج مشكلة كبيرة وهي إيقاف الاحتباس الحراري.
كربونات الصوديوم المعروفة باللهجة العامية باسم مسحوق الصودا أو صودا الغسيل، هي معقم مياه شائع يُنتج بسهولة من الحجر الجيري أو ملح الطعام.
غلّف الباحثون هذا المسحوق الأبيض في كرات صغيرة تشبه الكافيار. تمتص تلك الكبسولات أو الكرات الصغيرة غاز ثاني أكسيد الكربون، ما يعني أنه يمكن استخدامها لتنظيف الغازات الدفيئة من انبعاثات محطات توليد الطاقة بالوقود الأحفوري. قال الباحث المهندس جون فيرسيليا من مختبر لورانس ليفرمور الوطني: «يمر غاز CO2 عبرها، وتمتصها نواة الكبسولة».
صرّح فيرسيليا لمجلة لايف ساينس-Live Science: «ينتج البشر نحو 10 جيجا طن من غاز ثاني أكسيد الكربون كل عام، وهو وزن يتجاوز الكتلة الكاملة للجنس البشري مضافًا إليه جميع الحبوب المزروعة على الكوكب سنويًا».
غاز ثاني أكسيد الكربون غاز دفيء يحتبس الحرارة داخل الغلاف الجوي مُسببًا الاحتباس الحراري.
تتلخص إحدى الطرق لتخفيف المشكلة في احتجاز الكربون في أثناء انبعاثه من احتراق الوقود الأحفوري -قبل انتشاره في الغلاف الجوي- في الوقت الحالي، تستخدم العديد من محطات توليد الطاقة المركبات التي تحتوي على النيتروجين التي تُدعى الأمينات-amines، تُرش على أبراج شبكية فولاذية ضخمة تُستخدم للتخلص من الغازات الثانوية الناتجة، ما يؤدي إلى عزل غاز ثاني أكسيد الكربون عن تلك الغازات، غازات المخلفات.
قال فيرسيليا: «ومع ذلك، للأمينات بعض العيوب».
قد تتسرب كمية من الأمينات إلى الغلاف الجوي رغمًا عنها مُسببة التلوث، وأيضًا تتسبب في تآكل الأبراج الشبكية الفولاذية التي تدعم عملية احتجاز الكربون.
وهنا يأتي دور كبسولات كربونات الصوديوم، تتكون تلك الكرات الصغيرة من قشرة البوليمر القابلة للاختراق التي تسمح بمرور غاز CO2 عبرها.
قال فيرسيليا: «داخل الكبسولة حيث توجد النواة المكونة من محلول كربونات الصوديوم الذي يمتلك خواص ثيرموديناميكية تؤهله ليكون ممتصًا جيدًا لغاز ثاني اكسيد الكربون».
أضاف فيرسيليا: «عُرِفت كربونات الصوديوم منذ زمن بعيد بأنَّها ممتصٌ جيدٌ لغاز CO2، لكنها أبطأ من محاليل الأمينات، ولكن مع عملية تغليفها وتحويلها إلى كبسولات، تزداد مساحة الامتصاص، إلى مئة مرة من مساحة برج شبكي فولاذي اعتيادي مع محلول الأمين ونتيجة لذلك، يُسرَّع التفاعل».
فور أن تمتص الكبسولات الحد الأقصى من ثاني اكسيد الكربون، تُسخن للتخلص من الغاز وحجزه ثم يمكن إعادة استخدام الكبسولات بعد ذلك.
قال فيرسيليا: «في جميع تلك العمليات، علينا إعادة استخدام المواد لأن حجم المشكلة كبير جدًا».
أفصح الباحثون عن نتائج أبحاثهم في فبراير عام 2015، في مجلة Nature Communications.
الخطوة التالية حسب رأي الباحث فيرسيليا هي التوسع، إلى الآن، اختبروا الكبسولات الدقيقة بكميات في حجم أنابيب الاختبار. سيستغرق الأمر أكثر من ذلك بكثير لمعالجة انبعاثات غاز CO2 والاحتباس الحراري.