مطرف مخزومي
Abu al-Muttaraf al-Makhzumi - Abu al-Muttaraf al-Makhzumi
أبو المُطَرَّف المخزوميِّ
(582 ـ 656هـ/1186 ـ 1258م)
أبو المطرَّف أحمد بن عبد الله بن محمد بن الحسن بن عميرة المخزومي.
أديبٌ شاعرٌ ناثرٌ قاضٍ، مولده بجزائر شُقْر شرقيّ الأندلس، سكنَ بلنسيَّة، ومات في تونس.
كان إلى جانب عنايته بالأدب شديد العناية بالرِّواية، روى عن أبي الخطَّاب بن واجب، وأبي الربيع بن سالم، والشَّلوبيني النحوي، وابن حَوَط الله وغيرهم من الحفّاظ، وأجازه جماعةٌ من أهل المشرق، وأكثرَ من سماع الحديث، وأخذه عن مشايخ أهله، ثم تفنَّن في العلوم، ونظر في المعقولاتِ وأصول الفقه، غير أنَّ ميلَهُ ظلَّ إلى الأدب، وقد برعَ فيه براعةً جعلتـه من المجيدين. أمّا الكتابة فهو «فارسها الذي لا يجارى، وصاحب عينها الذي لا يبارى» له رسائلُ كثيرةٌ خاطبَ بها الملوك من الموحّدين والحفصيّين وغيرهم، وفي إنشــائه سجعٌ كان مألوفاً في عصره.
أقام في الأندلس، ثمَّ نزل مَرّاكُش مدَّةً، وولي القضاءَ في نواحٍ من المغرب، منها سَـلا ومكناسة الزيتون، قصد سبتةَ، وتوجّه منها إلى بلاد إفريقيا، واسْتُقْضِيَ في بعض نواحيها.
أبرزُ موضوعاتِ شعره الوصفُ والشَّكوى، وله شعرٌ بديعٌ في الحنين إلى بلنسـيةَ نظمه في المغرب، ومنه قوله:
ما بالُ دمعِك لا يني مدرارهُ
أم ما لقلبك لا يقـرُّ قرارهُ؟!
أللوعةٍ بين الضلوع لظاعنٍ
سارت ركائبهُ وشطَّتْ دارهُ؟!
أم للشـبابِ تقاذفَتْ أوطانهُ
بعد الدنوّ وأخفقتْ أوطـارهُ؟!
أم للزمانِ أتى بخطبٍ فادحٍ
من مثل حادثة خَلَتْ أعصارهُ؟!
بحرٌ من الأحزانِ عبَّ عبابُهُ
وارتجَّ ما بين الحشا زخَّارهُ
يَكْثرُ في شعره ذكرُ الأماكن والمدن الأندلسيَّة، وله شعرٌ في وصف إشـبيلية، وفي وصف جزيرة شقر، كما برع في رثاء الممالك الأندلسـية بعد تغلُّب الرُّوم عليها، كقوله من قصيدةٍ يذكر فيها مدينة بلنسية حين حلّ الرّزء بها:
ألا أيّها القلب المصرِّحُ بالوجد
أما لك من بادي الصّبابة من بـدّ؟!
ويا أهل ودّي والحوادثُ تقتضي
خُلوِّي عن أهلٍ يُضـاف إلى الودّ
ألا متعـة يوماً بعاريـة المنى
فإنّا نـراهـا كلّ حيـن إلى الردّ
أمن بعد رزءٍ في بلنسـيةٍ ثوى
بأحنائنـا كالنّار مضمـرة الوقـد؟!
ألا ليت شعري هل لها من مطالعٍ
معادٌ إلى ما كان فيها من الســعد؟!
وهل أذنب الأبناء ذنبَ أبيهــم
فصاروا إلى الإخراج من جنّة الخلد؟!
نظم شعراً يستنجد فيه بولاة إفريقيَّةَ لإنقاذِ ثغور الأندلس وأقاليمها من الرُّوم، من ذلك ما أرسله إلى حاكم إفريقيَّةَ الوارثِ ملكِ بني عبد المؤمن بتلك النواحي.
جرى شعره على الطَّبع، واتَّسمَ بسلاسةِ اللَّفظِ، ونأى عن التكلُّفِ، كقوله متغزلاً:
سلبَ الكرى من مقلتيّ فلم يجئ
منه على نأيٍ خيـالٌ يطرق
أهفو ارتياحاً للنّسيم إذا سـرى
إنّ الغريق بمـا يرى يتعلّق
مزجَ في شعره بين الغزل والطَّبيعة والوطن، كقوله يتغزَّل ويذكرُ حمصَ من نواحي الأندلس:
لو غيرُ طرفِكَ مَوْهِنــاً يأتيني
ما كانَ في عَقب الصِّبا يُصبيني
وافَى وقد هجعَ الخليطُ فبات في
ثَـوب الدُّجى أُدْنيـه أو يُدنيني
يا حِمصُ إنك في البلاد فريدةٌ
ببديعِ حسـنٍ جلَّ عن تحسـينِ
أحبِب بنهرِك حينَ يزخَر مدُّه
فيروقُ منه تحـرُّكٌ كسُــكونِ
أسـامة اختيار
Abu al-Muttaraf al-Makhzumi - Abu al-Muttaraf al-Makhzumi
أبو المُطَرَّف المخزوميِّ
(582 ـ 656هـ/1186 ـ 1258م)
أبو المطرَّف أحمد بن عبد الله بن محمد بن الحسن بن عميرة المخزومي.
أديبٌ شاعرٌ ناثرٌ قاضٍ، مولده بجزائر شُقْر شرقيّ الأندلس، سكنَ بلنسيَّة، ومات في تونس.
كان إلى جانب عنايته بالأدب شديد العناية بالرِّواية، روى عن أبي الخطَّاب بن واجب، وأبي الربيع بن سالم، والشَّلوبيني النحوي، وابن حَوَط الله وغيرهم من الحفّاظ، وأجازه جماعةٌ من أهل المشرق، وأكثرَ من سماع الحديث، وأخذه عن مشايخ أهله، ثم تفنَّن في العلوم، ونظر في المعقولاتِ وأصول الفقه، غير أنَّ ميلَهُ ظلَّ إلى الأدب، وقد برعَ فيه براعةً جعلتـه من المجيدين. أمّا الكتابة فهو «فارسها الذي لا يجارى، وصاحب عينها الذي لا يبارى» له رسائلُ كثيرةٌ خاطبَ بها الملوك من الموحّدين والحفصيّين وغيرهم، وفي إنشــائه سجعٌ كان مألوفاً في عصره.
أقام في الأندلس، ثمَّ نزل مَرّاكُش مدَّةً، وولي القضاءَ في نواحٍ من المغرب، منها سَـلا ومكناسة الزيتون، قصد سبتةَ، وتوجّه منها إلى بلاد إفريقيا، واسْتُقْضِيَ في بعض نواحيها.
أبرزُ موضوعاتِ شعره الوصفُ والشَّكوى، وله شعرٌ بديعٌ في الحنين إلى بلنسـيةَ نظمه في المغرب، ومنه قوله:
ما بالُ دمعِك لا يني مدرارهُ
أم ما لقلبك لا يقـرُّ قرارهُ؟!
أللوعةٍ بين الضلوع لظاعنٍ
سارت ركائبهُ وشطَّتْ دارهُ؟!
أم للشـبابِ تقاذفَتْ أوطانهُ
بعد الدنوّ وأخفقتْ أوطـارهُ؟!
أم للزمانِ أتى بخطبٍ فادحٍ
من مثل حادثة خَلَتْ أعصارهُ؟!
بحرٌ من الأحزانِ عبَّ عبابُهُ
وارتجَّ ما بين الحشا زخَّارهُ
يَكْثرُ في شعره ذكرُ الأماكن والمدن الأندلسيَّة، وله شعرٌ في وصف إشـبيلية، وفي وصف جزيرة شقر، كما برع في رثاء الممالك الأندلسـية بعد تغلُّب الرُّوم عليها، كقوله من قصيدةٍ يذكر فيها مدينة بلنسية حين حلّ الرّزء بها:
ألا أيّها القلب المصرِّحُ بالوجد
أما لك من بادي الصّبابة من بـدّ؟!
ويا أهل ودّي والحوادثُ تقتضي
خُلوِّي عن أهلٍ يُضـاف إلى الودّ
ألا متعـة يوماً بعاريـة المنى
فإنّا نـراهـا كلّ حيـن إلى الردّ
أمن بعد رزءٍ في بلنسـيةٍ ثوى
بأحنائنـا كالنّار مضمـرة الوقـد؟!
ألا ليت شعري هل لها من مطالعٍ
معادٌ إلى ما كان فيها من الســعد؟!
وهل أذنب الأبناء ذنبَ أبيهــم
فصاروا إلى الإخراج من جنّة الخلد؟!
نظم شعراً يستنجد فيه بولاة إفريقيَّةَ لإنقاذِ ثغور الأندلس وأقاليمها من الرُّوم، من ذلك ما أرسله إلى حاكم إفريقيَّةَ الوارثِ ملكِ بني عبد المؤمن بتلك النواحي.
جرى شعره على الطَّبع، واتَّسمَ بسلاسةِ اللَّفظِ، ونأى عن التكلُّفِ، كقوله متغزلاً:
سلبَ الكرى من مقلتيّ فلم يجئ
منه على نأيٍ خيـالٌ يطرق
أهفو ارتياحاً للنّسيم إذا سـرى
إنّ الغريق بمـا يرى يتعلّق
مزجَ في شعره بين الغزل والطَّبيعة والوطن، كقوله يتغزَّل ويذكرُ حمصَ من نواحي الأندلس:
لو غيرُ طرفِكَ مَوْهِنــاً يأتيني
ما كانَ في عَقب الصِّبا يُصبيني
وافَى وقد هجعَ الخليطُ فبات في
ثَـوب الدُّجى أُدْنيـه أو يُدنيني
يا حِمصُ إنك في البلاد فريدةٌ
ببديعِ حسـنٍ جلَّ عن تحسـينِ
أحبِب بنهرِك حينَ يزخَر مدُّه
فيروقُ منه تحـرُّكٌ كسُــكونِ
أسـامة اختيار