"أحمد الأوبري".. الناقد والموسيقي
- إدريس مراد
دمشق
كان أوج نشاط الموسيقي الراحل "أحمد الأوبري" في فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية، حيث كتب العديد من المقالات الموسيقية النقدية وألف كتباً في علم الأوزان والإيقاعات والمقامات، كما عمل في حقل التدريس الموسيقي أيضاً.
مدونة وطن eSyria التقت الموسيقي "كمال سكيكر" قائد فرقة "قصيد" للموسيقا الشرقية ومدرّس في المعهد "العالي للموسيقا" بدمشق فتحدث عن مسيرة الموسيقي الراحل "أحمد الأوبري" فقال: «ولد الملحن والناقد والباحث الموسيقي "أحمد الأوبري" في "حلب" عام 1885، وساهم بشكل أو بآخر في النهضة الموسيقية في مدينة "حلب"، حيث أسس هناك "النادي الموسيقي" عام 1935 مع الفنان الشيخ "علي الدرويش" والشاعر الكبير "عمر أبو ريشة"، إضافة إلى "رشيد مامللي، ممدوح الجابري، مجدي العقيلي، فؤاد حسون، يوسف حجة، يوسف مارديني، عبد اللطيف النبكي"، وخصص "النادي" بتدريس الموسيقا وتعليمها للناشئة ونشر الثقافة الموسيقية إضافة إلى إحياء حفلات موسيقية دورية، قبل ذلك وفي عام 1932 مثّل "الأوبري" بلده "سورية" في مؤتمر "القاهرة" الموسيقي».
كانت هذه الشخصية البارزة ناقداً موسيقياً لاذعاً، يكتب مقالات بناءة في علم الموسيقا، وانتقد السيدة "أم كلثوم" حين زارت مدينة "حلب" في العام 1931، وأقامت فيها عدّة حفلات، في زمن لم يتجرأ أحد على ذلك
وتابع: «أشهر أعماله على الإطلاق أوبريت "ذي قار" التي نظمها شعراً صديقه الشاعر "عمر أبو ريشة"، ويقول مطلعها:
الموسيقي كمال سكيكر
حملوا الشرق سناء وسـنى / وتخطوا ملعب الغرب نضالا
فنـما المـجـد عـلى آثارهــم / وتحدى بعد ما زالوا الزوالا..
أحمد الأوبري
كما لحن من شعر صديقه "أبو ريشة" نشيد "روضة الأطفال"، ونشيداً عن الزعيم الوطني "ابراهيم هنانو" وهو "إنه مات فداء العلم"، وأيضاً قصيدة "يامن على وجنتيك"، فضلاً عن تلحينه نشيد "في سبيل المجد والأوطان" وذلك قبل أن يلحنه الأخوين "فليفل" بسنوات، لكن لحن الأخوين "فليفل" نال شهرة أكبر لأنه طبع على أسطوانات وبذلك تم حفظه ووصل إلينا. أما لحن "الأوبري" فلم يصلنا إلا نوته.
ومن شعر ذات الشاعر لحن نشيد "عفة البرد" و"ياعروساً" وقدما في حفل تأبين الموسيقي "كميل شامبير" الذي أقيم في كانون الأول عام 1935 بمناسبة مرور سنة على رحيله.
أحمد الأوبري
كما قام "الأوبري" بتحقيق وتوثيق العديد من المقامات والأوزان والإيقاعات والموشحات في بحثه عن موشح "اسق العطاش" والذي يعتبر من أهم ما كتب في هذا الموضوع الذي أداه أكثر من مطرب مثل المطرب الفلسطيني الراحل "محمد غازي"، والمطرب الحلبي الراحل "محمد خيري" وغيرهما وظل يقدم مبتوراً وغير كامل، إلى أن أداه المطرب "صباح فخري" كاملاً، وسجله على اسطوانات في العام 1980. ويقع هذا التسجيل في خمس وأربعين دقيقة. ومن أعماله أيضاً نشيد "الشهباء" للشاعر "بتراكي خياط"، ولم يقف نشاطه عند حدود الأداء الموسيقي فحسب بل عمل في حقل التدريس أيضاً حيث عيّن أستاذاً للموسيقا في معهد "التجهيز" في مدينة "حماة"، وشغل منصب مدير وأستاذ للموسيقا في دار "العلم والتربية"».
وأنهى "سكيكر" حديثه قائلاً: «كانت هذه الشخصية البارزة ناقداً موسيقياً لاذعاً، يكتب مقالات بناءة في علم الموسيقا، وانتقد السيدة "أم كلثوم" حين زارت مدينة "حلب" في العام 1931، وأقامت فيها عدّة حفلات، في زمن لم يتجرأ أحد على ذلك».
يقول الباحث "صميم الشريف" في كتابه "إعلام الموسيقا السورية" عن "الأوبري": «الفنان البحاثة "أحمد الأوبري" الذي كان معقد الأمل في حلب، هو الموسيقي الوحيد تقريباً في جيله الذي عمل في البحث العلمي مع الشيخ "علي الدرويش". وفي هذه الفترة من حياة "أحمد الأوبري" التي اتسمت بالنشاط بعد انعتاقه من التدريس واستلامه لأحد المناصب في إحدى المديريات عمل على تحقيق فاصل "اسق العطاش" فوضع كتاباً ضم جميع الأوزان والضروب والإيقاعات والمقامات والموشحات الثمانين التي يتألف منها هذا الفاصل، ولو انه تابع أبحاثه في التراث الذي أولاه اهتماماً خاصاً لحقق للمكتبة الموسيقية العربية نصراً كبيراً، ولسد النقص الذي مازالت تشكو منه.
أعباء الوظائف الحكومية التي تقلدها جعلته يقصر نشاطه على كتاب "اسق العطاش" الذي يعتبر من المراجع الهامة في الموسيقا والغناء العربيين، وأعماله ضاعت عند بعض المشتغلين في الموسيقا من أصدقائه، ولا يوجد من أعماله المسجلة في إذاعة "حلب" سوى القليل النادر، وبعض الأعمال الغنائية الأخرى التي يحتفظ بمدوناتها الموسيقية ولداه المقيمان في "أمريكا"».
توفي "أحمد أوبري" عام 1952 بمدينة "حلب".