مصطفي جواد
Mustafa Jawad - Mustafa Jawad
مصطفى جواد
(1323ـ 1389هـ/1905ـ 1969م)
مصطفى جواد بن مصطفى بن إبراهيم البغدادي، عالم، أديب، محقِّق، مترجم، أحد أعلام التُّراث الكبار بالعراق في العصر الحديث.
ولد ببغداد ونال تعليمه الأولي فيها، ثم انتقل إلى القاهرة ونال تعليمه الجامعي فيها، وقصد بعد ذلك جامعة السوربون بباريس وحصل على درجة الدكتوراه في التاريخ، وكان موضوع أطروحته «الناصر لدين الله العباسي» وقد لقي عوناً في كتابتها من إحدى زميلاته الفرنسيات التي ما لبث أن اقترن بها وأنجب منها ولداً، ثم هجرها وهجر ولدها وعاد إلى العراق. وتولى في بغداد، التدريس في مدارس مختلفة آخرها دار المعلمين العالية وهي توازي كلية التربية في البلدان العربية الأخرى.
مارس الكتابة الصحفية في عدد كبير من مجلات وصحف العراق والوطن العربي، فعُرف بعد ذلك خارج بلاده، فسمي عضواً مراسلاً في مجمع اللغة العربية بدمشق وفي مجمع اللغة العربية بالقاهرة، واختاره المجمع العلمي العراقي ليكون في عداد أعضائه العاملين، ثم انتخب نائباً لرئيسه لفترة من الوقت وعُيَّن عميداً لمعهد الدراسات العليا ببغداد.
وعرف عنه الانصراف إلى الكتابة والقراءة في معظم أوقاته، وكان يحرص على الاستفادة من الكتب والمراجع التي يقرأها أحسن الاستفادة، حتى قيل: إنه حين كان طالباً في باريس كان يقضي معظم أوقات فراغه في المكتبة الوطنية الشهيرة هناك، ونقل بخطه عشرات الدفاتر من المخطوطات العربية القديمة النادرة التي تحتوي عليها، وأطلق على دفاتره تلك اسم «أصول التاريخ والأدب»، وصار بعد ذلك يرجع إليها في كتاباته ويحيل عليها في هوامش أبحاثه، فيقول «الأصول» جزء كذا ص كذا من دون أن يصرح باسم المصدر الأصلي الذي نقل عنه، فسأله مير بصري ـ وهو من كبار مؤرخي الأدب من العراقيين ـ قائلاً: «لماذا لا تذكر اسم المرجع المخطوط الذي تنقل عنه في دفاترك التي سميتها «أصول التاريخ والأدب» وتذكر رقمه في المكتبة الوطنية بباريس؟» فأجابه: «لقد أجهدت نفسي وأفنيت أيام شبابي في البحث عن مصادر لم يلتفت إليها أحد، ونقلت منها بخط يدي حرفاً حرفاً، ومحّصت معروفها من مجهولها وصحيحها من مغلوطها، ثم أصرح بعنوانها ورقم تسلسلها ومحل وجودها، ليطلبها كل طالب ويفحصها كل راغب؟ ذلك ما يأباه العقل وينكره الفضل ولاترضى به المروءة! وليذهب من شاء وليبحث ويحقّق ويدقّق، وليهنأ بما يعثر عليه بكدّه وتعبه، ولا يكون كلَّاً على السابقين ولا عائلاً على العاملين». ومع ذلك ما كان يبخل على قاصديه من السائلين والطلاب يدلهم على المراجع التي يرجعون إليها والمصادر التي تيسّر لهم مواد بحوثهم وكتاباتهم.
مارس مصطفى جواد التأليف الأدبي والتاريخي، فأخرج عدداً كبيراً من المؤلفات والتحقيقات والترجمات والأبحاث، وقد غلب على بعض منها التسرع فحصلت فيها أوهام لا تليق بمن كان في منزلته.
فمن مؤلفاته المهمة: «المباحث اللغوية في العراق» و«سيدات البلاط العَبَّاسي» و«دراسات في فلسفة النحو والصرف واللغة والرسم» و«الشخصيات العربية» و«عصر الإمام الغزالي» و«خارطة بغداد قديماً وحديثاً» و«دار الخلافة العباسية» و«دليل الجمهورية العراقية لعام 1380هـ/1960م» و«قُل ولا تقل» وغيرها.
ومن مؤلفاته التي لم تطبع: «المعجم المستدرك» وديوانُ نظم له سَمَّاه «الشعور المنسجم في الكلام المنتظم».
ومن ترجماته: «ألف نهار ونهار» ترجمه عن الفرنسية و«رباعيات حسين قدسي نخعي» وقد ترجمه عن الفرنسية نظماً.
ومن تحقيقاته: «تكملة إكمال الإكمال في الأنساب والأسماء والألقاب» لابن الصابوني، و«تلخيص مجمع الآداب في مجمع الألقاب» لابن الفوطي، و«الجامع الكبير في صناعة المنظوم من الكلام والمنثور» لضياء الدين بن الأثير، و«الجامع المختصر في عنوان التواريخ والسّير» لابن السَّاعي، و«الحوادث الجامعة والتجارب النافعة في المئة السابعة» المنسوب لابن الفوطي، و«مختصر التاريخ» لظهير الدين الكازروني، و«المختصر المحتاج إليه من تاريخ بغداد» لابن الدبيثي، و«نساء الخلفاء» المسمى «جهات الأئمة الخلفاء من الحرائر والإماء» لابن الساعي البغدادي، و«تاج العروس من جواهر القاموس» للمرتضى الزّبيدي، الجزء الأول منه فقط، وقد طبعت بعض الكراريس منه ببيروت.
ونشر كثيراً من المقالات في المجلات العراقية والعربية ببلدان مختلفة.
وكتب نقداً لتحقيق كتاب «العبر في خبر من عبر» للذهبي المنشور في الكويت، اقتصر فيه في الكلام على المجلدين الثالث والرابع، وهما من تحقيق فؤاد سيد وصلاح الدين المنجد.
ودعي إلى حضور ندوات ومؤتمرات علمية كثيرة في العراق وخارجه.
وزار أقطاراً عربية وأجنبية كثيرة، فتوطدت صِلاته بعلمائها وأدبائها ومحققيها.
وكان على خُلق كريم وتواضع جمٍّ، مع شيءٍ من الحدّة، ولاسيما فيما كان يراجع به مما كتبه وخالفه به الآخرون. ومات ببغداد ودفن فيها.
محمود الأرناؤوط
Mustafa Jawad - Mustafa Jawad
مصطفى جواد
(1323ـ 1389هـ/1905ـ 1969م)
مصطفى جواد بن مصطفى بن إبراهيم البغدادي، عالم، أديب، محقِّق، مترجم، أحد أعلام التُّراث الكبار بالعراق في العصر الحديث.
ولد ببغداد ونال تعليمه الأولي فيها، ثم انتقل إلى القاهرة ونال تعليمه الجامعي فيها، وقصد بعد ذلك جامعة السوربون بباريس وحصل على درجة الدكتوراه في التاريخ، وكان موضوع أطروحته «الناصر لدين الله العباسي» وقد لقي عوناً في كتابتها من إحدى زميلاته الفرنسيات التي ما لبث أن اقترن بها وأنجب منها ولداً، ثم هجرها وهجر ولدها وعاد إلى العراق. وتولى في بغداد، التدريس في مدارس مختلفة آخرها دار المعلمين العالية وهي توازي كلية التربية في البلدان العربية الأخرى.
مارس الكتابة الصحفية في عدد كبير من مجلات وصحف العراق والوطن العربي، فعُرف بعد ذلك خارج بلاده، فسمي عضواً مراسلاً في مجمع اللغة العربية بدمشق وفي مجمع اللغة العربية بالقاهرة، واختاره المجمع العلمي العراقي ليكون في عداد أعضائه العاملين، ثم انتخب نائباً لرئيسه لفترة من الوقت وعُيَّن عميداً لمعهد الدراسات العليا ببغداد.
وعرف عنه الانصراف إلى الكتابة والقراءة في معظم أوقاته، وكان يحرص على الاستفادة من الكتب والمراجع التي يقرأها أحسن الاستفادة، حتى قيل: إنه حين كان طالباً في باريس كان يقضي معظم أوقات فراغه في المكتبة الوطنية الشهيرة هناك، ونقل بخطه عشرات الدفاتر من المخطوطات العربية القديمة النادرة التي تحتوي عليها، وأطلق على دفاتره تلك اسم «أصول التاريخ والأدب»، وصار بعد ذلك يرجع إليها في كتاباته ويحيل عليها في هوامش أبحاثه، فيقول «الأصول» جزء كذا ص كذا من دون أن يصرح باسم المصدر الأصلي الذي نقل عنه، فسأله مير بصري ـ وهو من كبار مؤرخي الأدب من العراقيين ـ قائلاً: «لماذا لا تذكر اسم المرجع المخطوط الذي تنقل عنه في دفاترك التي سميتها «أصول التاريخ والأدب» وتذكر رقمه في المكتبة الوطنية بباريس؟» فأجابه: «لقد أجهدت نفسي وأفنيت أيام شبابي في البحث عن مصادر لم يلتفت إليها أحد، ونقلت منها بخط يدي حرفاً حرفاً، ومحّصت معروفها من مجهولها وصحيحها من مغلوطها، ثم أصرح بعنوانها ورقم تسلسلها ومحل وجودها، ليطلبها كل طالب ويفحصها كل راغب؟ ذلك ما يأباه العقل وينكره الفضل ولاترضى به المروءة! وليذهب من شاء وليبحث ويحقّق ويدقّق، وليهنأ بما يعثر عليه بكدّه وتعبه، ولا يكون كلَّاً على السابقين ولا عائلاً على العاملين». ومع ذلك ما كان يبخل على قاصديه من السائلين والطلاب يدلهم على المراجع التي يرجعون إليها والمصادر التي تيسّر لهم مواد بحوثهم وكتاباتهم.
مارس مصطفى جواد التأليف الأدبي والتاريخي، فأخرج عدداً كبيراً من المؤلفات والتحقيقات والترجمات والأبحاث، وقد غلب على بعض منها التسرع فحصلت فيها أوهام لا تليق بمن كان في منزلته.
فمن مؤلفاته المهمة: «المباحث اللغوية في العراق» و«سيدات البلاط العَبَّاسي» و«دراسات في فلسفة النحو والصرف واللغة والرسم» و«الشخصيات العربية» و«عصر الإمام الغزالي» و«خارطة بغداد قديماً وحديثاً» و«دار الخلافة العباسية» و«دليل الجمهورية العراقية لعام 1380هـ/1960م» و«قُل ولا تقل» وغيرها.
ومن مؤلفاته التي لم تطبع: «المعجم المستدرك» وديوانُ نظم له سَمَّاه «الشعور المنسجم في الكلام المنتظم».
ومن ترجماته: «ألف نهار ونهار» ترجمه عن الفرنسية و«رباعيات حسين قدسي نخعي» وقد ترجمه عن الفرنسية نظماً.
ومن تحقيقاته: «تكملة إكمال الإكمال في الأنساب والأسماء والألقاب» لابن الصابوني، و«تلخيص مجمع الآداب في مجمع الألقاب» لابن الفوطي، و«الجامع الكبير في صناعة المنظوم من الكلام والمنثور» لضياء الدين بن الأثير، و«الجامع المختصر في عنوان التواريخ والسّير» لابن السَّاعي، و«الحوادث الجامعة والتجارب النافعة في المئة السابعة» المنسوب لابن الفوطي، و«مختصر التاريخ» لظهير الدين الكازروني، و«المختصر المحتاج إليه من تاريخ بغداد» لابن الدبيثي، و«نساء الخلفاء» المسمى «جهات الأئمة الخلفاء من الحرائر والإماء» لابن الساعي البغدادي، و«تاج العروس من جواهر القاموس» للمرتضى الزّبيدي، الجزء الأول منه فقط، وقد طبعت بعض الكراريس منه ببيروت.
ونشر كثيراً من المقالات في المجلات العراقية والعربية ببلدان مختلفة.
وكتب نقداً لتحقيق كتاب «العبر في خبر من عبر» للذهبي المنشور في الكويت، اقتصر فيه في الكلام على المجلدين الثالث والرابع، وهما من تحقيق فؤاد سيد وصلاح الدين المنجد.
ودعي إلى حضور ندوات ومؤتمرات علمية كثيرة في العراق وخارجه.
وزار أقطاراً عربية وأجنبية كثيرة، فتوطدت صِلاته بعلمائها وأدبائها ومحققيها.
وكان على خُلق كريم وتواضع جمٍّ، مع شيءٍ من الحدّة، ولاسيما فيما كان يراجع به مما كتبه وخالفه به الآخرون. ومات ببغداد ودفن فيها.
محمود الأرناؤوط