مشنوق (اخوه)
Mashnouq brothers - Frères Mashnouq
مشنوق (الإخوة ـ)
أسرة مشنوق حموية الأصل أنجبت ستة أشقاء هم مسلَّم وأكرم ومحيي الدين وأدهم وتيسير وعبد الكريم. برزوا جميعاً في مجالات الرياضة، وتفوق ثلاثة منهم ليسهموا فعلياً في بناء الحركة الرياضية السورية وإدخال بعض الرياضات إلى سورية وبناء ملاعبها ووضع أنظمتها، وكذلك التفوق بوصفهم لاعبين في مجالاتها.
انتقلت أسرة مشنوق من حماة إلى دمشق في مطلع العشرينيات حيث استقرت بصورة دائمة، وأسهم أبناؤها الذكور وأكبرهم مسلَّم، وأصغرهم تيسير في بناء الحركة الرياضية على نحو متدرج، وكان الفارق العمري بين أولهم وآخرهم قرابة العشرين عاماً.
مسلّم مشنوق (1906ـ 1995)
أحد رواد الرياضة السورية ومن الذين أسهموا في بناء لعبتي كرة القدم وكرة المضرب منذ العشرينيات من القرن العشرين، وقد عاصر الرياضة السورية، وعمل في مجالاتها لاعباً وحكماً ومدرباً مدة 70 عاماً.
ولد مسلّم في مدينة حماة وله ابنتان: هدى وأمل. نال الشهادة التجارية المتوسطة من الكلية السورية الإنجيلية في بيروت عام 1925، والتي أصبحت تُعرف فيما بعد بالجامعة الأمريكية في بيروت. ثم عمل فيها معيداً مشرفاً على فريق كرة القدم وتابع الدراسة العليا فيها حتى عام 1933، وحصل على «بكالوريوس» في إدارة الأعمال، وأتقن اللغتين الفرنسية والإنكليزية.
مارس الرياضة في الجامعة الأمريكية بمسابقات الجري وكرة القدم وكرة المضرب وأصبح لاعباً مرموقاً فيها ومثّل فرق الجامعة في كل مبارياتها سنوات عدة.
عُيِّن عام 1934 موظفاً في شركة نفط العراق بدمشق ثم أصبح مديراً للشركة في سورية حتى إحالته على التقاعد عام 1966، وكان واحداً من الذين يعود إليهم الفضل في إنشاء أول ملعب لكرة المضرب بدمشق حيث كان حسين الأيبش أول من أدخل اللعبة إليها مع أحمد الشرباتي (الذي أصبح وزيراً للدفاع في الخمسينيات) ومسلّم مشنوق. ثم قاموا بإنشاء أول ملعب لهذه اللعبة عام 1920 في حديقة المنشية قرب ثانوية التجهيز الأولى بدمشق وكانت أرضيته رملية، وكلَّف يومها /300/ ل. س. وفي عام 1931 تم تأسيس نادي الاتحاد «للتنس» وهو نادٍ فرنسي سوري لم يدم طويلاً، ثم أُسِّس نادي دمشق للتنس على أنقاضه عام 1936، وكان أول ناد رسمي لهذه الرياضة في سورية، وقام بتأسيسه مسلّم مشنوق مع نخبة من اللاعبين البارزين من خريجي الجامعة الأمريكية في بيروت، أبرزهم عزّت الشهابي وعارف الغميان وسعدي القوتلي وعصام الإنكليزي وسعدي الكيلاني وجوزيف شاهين.
نجح مسلّم مشنوق مع زملائه في تنظيم النشاطات الرياضية الحديثة في سورية فأقاموا بطولة سنوية على كأس رئيس الجمهورية بين أعوام 1933 و1945، شارك فيها أبرز لاعبي أندية دمشق ولاعبي الجيش الفرنسي على كأس مقدمة من رئيس الجمهورية محمد علي العابد وكان الفائز يحتفظ بهذه بالكأس حتى العام القادم وهكذا. ثم توقفت هذه اللقاءات بجلاء الاستعمار الفرنسي عام 1945 وبقيت الكأس محفوظة في منزل مسلّم مشنوق؛ لأن فريقه كان آخر من فاز بها قبل الجلاء. ونتيجةً لجهوده وزملائه انتشرت ملاعب كرة المضرب في دمشق حيث بلغ عددها عشرة بين عامي 1920 و1940. وفي عام 1943 أنشأت أمانة العاصمة أحد عشر ملعباً رملياً لهذه الرياضة إلى جوار المتحف الوطني، أحدها رئيسي يتسع لـ 2000 مشاهد، ثم حُوِّل عام 1955 إلى ملعب لكرة السلة وأصبح يتسع لـ 5000 متفرج.
أما في مجال كرة القدم فيعود الفضل في إدخالها إلى اللاعبين السوريين الذين كانوا يتابعون دراستهم في الجامعة الأمريكية ببيروت، وأبرزهم الأخوين حسين ونوري الأيبش ومسلّم مشنوق. وبدأت ممارستها رسمياً منذ عام 1918 في ساحة الحجاز أو مرجة الحشيش بجوار نهر بردى قرب ساحة الأمويين. وأقيمت البطولات على مستوى دمشق والمدن السورية على نحو منتظم وظهر التنافس واضحاً بينها، وكانت بدايات ظهور النجوم وتشكيل المنتخب الوطني لهذه الرياضة.
يعود إلى مسلّم الفضل - عام 1926- في إحضار أول فريق أجنبي لكرة القدم ليلعب بدمشق، ثم أحضر فريقاً آخر في مطلع الثلاثينيات ليلعب مع منتخب الجيش الفرنسي بدمشق. كما لعب ضمن منتخب سورية في مباراته مع منتخب لبنان في دمشق عام 1939.
في عام 1949 شاركت سورية لأول مرة في تاريخها الكروي في تصفيات كأس العالم لكرة القدم، ووقعت القرعة عليها لتلعب مع تركيا ضمن تصفيات الشرق الأوسط ذهاباً وإياباً، وسافر مسلّم إلى أنقرة موفداً من سورية للاتفاق مع الاتحاد التركي لكرة القدم على متطلبات اللقاءين. شُكِّل منتخب سورية لهذين اللقاءين، وكان مسلّم مشنوق نائباً لرئيس الوفد والمشرف الفني على الفريق، وخسرت سورية اللقاء (7/صفر)، ولم تقم مباراة الرد بدمشق بعد ذلك لعدم جدوى هذه المباراة بسبب فارق المستوى؛ مما حدا بالاتحاد الدولي إلى فرض عقوبة على سورية. ثم تابع المنتخب السوري إلى اليونان ليلعب مع منتخبها مباراتين وديتين فاز بهما المنتخب اليوناني.
وفي عام 1954 كان أول اشتراك لسورية في مؤتمر دولي لكرة القدم في مدينة برن السويسرية، ومثّل سورية يومها مسلم مشنوق بصفته عضواً في اتحاد كرة القدم.
وبعد رحلة طويلة مع الرياضة تجاوزت السبعين عاماً سافر مسلم مشنوق إلى كندا في مطلع التسعينيات ليعيش هناك مع بناته وأحفاده إلى أن توفي هناك عن عمر يناهز الـ 89 عاماً، وكان بذلك آخر من توفي من أشقائه علماً أنه أكبرهم سناً.
أدهم مشنوق (1916ـ 1964)
من أعلام الرياضة السورية والعربية، أسهم على نحو بارز في وضع أسسها وأنظمتها وبقيت أعماله فترة طويلة من الزمن مرجعاً للمسؤولين الرياضيين السوريين والعرب، وخاصة في قوانين الألعاب المختلفة.
ولد أدهم في مدينة حماة وانتقل إلى دمشق مع عائلته في مطلع العشرينيات حيث تلقى تعليمه للمرحلتين الابتدائية والإعدادية في مدارسها. ترك الدراسة مبكراً من دون أن يكمل المرحلة الثانوية ليعمل موظفاً في شركة نفط العراق منذ أواخر الثلاثينيات.
انتسب إلى نادي الفيحاء عام 1934 لاعباً ناشئاً موهوباً في كرة القدم، ثم انتقل إلى نادي بردى عام 1938 وزاول كرة السلة وكرة الطاولة وأصبح رئيساً لفريق نادي بردى لكرة السلة عام 1940، والذي ضم أوائل لاعبي كرة السلة في سورية أمثال شقيقه تيسير مشنوق ونور الدين كنج وكمال شوقي وعبد الرحمن الأيوبي ونجم الدين سيوفي وفوزي القباني، وسجّل هذا الفريق انتصاراً مهماً على منتخب الجيش الفرنسي في العام نفسه.
التحق أدهم مشنوق عام 1946 بدورة لإعداد معلمي الرياضة أقامتها وزارة التربية في منطقة قطنا، وتخرج فيها ليصبح مدرساً للرياضة في ثانويات دمشق، وكان من أنجح المدرسين لما يملكه من خبرةٍ ودراية في الشؤون الرياضية وقوانين الألعاب على اختلاف أنواعها. وبقي في هذا العمل حتى وفاته.
شغل أدهم مشنوق العديد من المهام الرياضية المهمة؛ فاستلم رئاسة لجنة الحكام السورية لكرة السلة مع زميليه محمد البزم ورشاد مرابط. وفي عام 1948 أصبح أول رئيسٍ لاتحاد كرة السلة السوري وعمل مع زملائه محمد البزم وفريد حمزة ورشاد مرابط على دعم هذه الرياضة ونشرها في سورية، ثم تولّى عام 1949 رئاسة أول بعثة رسمية لمنتخب سورية الذي شارك في بطولة أوربا السادسة التي جرت في القاهرة، وأحرزت سورية المركز السادس من بين سبع فرق، وأحرز لاعب المنتخب السوري يومها إحسان القدسي لقب أفضل لاعب في هذه البطولة.
مثَّل أدهم مشنوق سورية في جميع الدورات الرياضية العربية منذ تأسيسها عام 1953 في الإسكندرية، كما مثلها في دورات المتوسط منذ الدورة الأولى في الإسكندرية عام 1951 بصفات متعددة؛ عضواً في اللجنة الأولمبية السورية أو إدارياً للبعثة أو حكماً دولياً.
اعتزل أدهم اللعب عام 1945وأصبح حكماً دولياً معتمداً بكرة القدم، في حين كان حكماً غير معتمد منذ عام 1936. وأصبح واحداً من أشهر حكام سورية وقاد العديد من المباريات الدولية المهمة في سورية ولبنان والأردن، وأسهم حين كان رئيساً للجنة الحكام الرئيسية في إعداد حكام كرة القدم وتخريجهم، الذين شكلوا نواة أسرة التحكيم السورية لكرة القدم بعد ذلك، كما كان حكماً من الدرجة الأولى في ألعاب القوى وكرة الطاولة وكرة السلة والكرة الطائرة.
توفي أدهم مشنوق وهو في أوج العطاء ولمّا يتجاوز عمره الثامنة والأربعين وشيّعته جماهير الرياضيين في دمشق والمحافظات السورية، وبذلك فقدت الرياضة السورية أحد أبرز أعلامها.
تيسير مشنوق (1924ـ 1973)
عاصر الحركة الرياضية منذ منتصف الثلاثينيات حين بدأ لاعباً بكرة القدم والسلة والطاولة، ثم مدرّساً للتربية الرياضية ومفتّشاً للأندية والاتحادات، ثم حكماً وإدارياً في أكثر من لعبة، ومن ثم مديراً لأول معهد رياضي في سورية أُسس في دمشق عام 1967.
ولد تيسير مشنوق في دمشق عام 1924، وتلقّى علومه في ثانوية التجهيز الأولى ثم نال الشهادة الثانوية من مدرسة الكليّة العلمية الوطنية عام 1946 والتحق بمعهد التربية البدنية العالي في القاهرة وتخرج فيه مدرِّساً متخصصاً عام 1949، إضافة لإتقانه اللغتين الفرنسية والإنكليزية واطلاعه الواسع على قوانين الألعاب الرياضية المختلفة وأنظمتها.
بدأ ممارسة كرة القدم في سن مبكرة وانتسب إلى نادي الفيحاء في سن العاشرة، ثم انتقل إلى نادي بردى عام 1939 حيث كان شقيقه الأكبر أدهم لاعباً بارزاً بكرة القدم. ومارس تيسير أكثر من رياضة، ولمع نجمه في كرة القدم والسلة والطاولة، وأصبح لاعباً دولياً في كل هذه الرياضات، ومثَّل سورية في جميع المناسبات الرياضية الدولية. وأحسن مبارياته التي لعبها بكرة السلة كانت ضمن فريق جامعة لافيرا الإنكليزية حين دراسته فيها، وكانت ضد القاعدة الجوية الأمريكية في لندن وسجّل يومها 44 نقطة من أصل 48 سجّلها فريقه، وأحسن مباراة بكرة القدم لعبها مع ناديه بردى عام1945 ضد نادي «الهومنتمن» الدمشقي وسجّل تيسير يومها هدفي التعادل.
أحرز مع فريقه بردى بطولة دمشق أكثر من مرة بكرتي السلّة والقدم. وأحرز بطولة دمشق بكرة الطاولة في مسابقة الفردي عام 1944 وفاز مع زميله فؤاد حبش ببطولة الزوجي أيضاً. وفي عام 1955 فاز مع زميله فتحي الأنصاري ببطولة سورية للزوجي بكرة الطاولة.
مثَّل تيسير سورية دولياً ضمن المنتخب الوطني لكرة السلّة في الفترة بين أعوام 1946- 1955، وشارك في بطولة أوربا التي أقيمت بالقاهرة عام 1949، ثم في دورة المتوسط الأولى بالإسكندرية عام 1951، وبعدها في الدورة العربية الأولى بالإسكندرية عام 1953 وأحرز فيها المنتخب الوطني السوري الميدالية الفضية.
رُشِّح تيسير ضمن المنتخب الوطني لكرة القدم في تصفيات كأس العالم عام 1949 لكن إصابته في معسكر الإعداد منعته من ذلك. وفي عام 1954 اعتزل اللعب نهائياً بسبب إصابته بكسر في قدمه في إحدى مباريات كرة القدم مع ناديه بردى وتفرّغ للتدريس والإدارة والتحكيم، واختير أكثر من مرّة عضواً في اتحادات كرة السلة وكرة القدم ثم رئيساً لاتحاد الدراجات والسباحة الطويلة لأكثر من عشر سنوات، ونال الشارة الدولية في تحكيم كرة القدم وكرة السلّة والطاولة والدرّاجات وألعاب القوى، كما أصبح عضواً في مجلس إدارة نادي بردى ثم أميناً للسر في الخمسينيات. وعمل لسنوات رئيساً للجنة الحكام الرئيسية لكرة القدم، وفي عام 1953 أصبح عضواً في اللجنة الأولمبية السورية ثم أميناً لسرها وشارك في معظم البعثات الرياضية بصفته إدارياً أو مسؤولاً أو حكماً.
حصل عام 1954 على دبلوم اختصاص في تدريب ألعاب القوى من جامعة لافيرا بإنكلترا وشهادة الاختصاص الاجتماعي والقادة الرياضيين من كليفلند Cleveland في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1959 وعمل في تدريب كرة القدم والسلة، كما عمل مرافقاً لبطل العالم في السباحة الطويلة محمد زيتون في سباق كابري - نابولي Capri- Naples عام 1959 وكان يومها رئيساً لاتحاد السباحة أيضاً.
مثَّل سورية في مؤتمر الدول العربية بالإسكندرية عام 1953؛ ومؤتمر اللجان الأولمبية العربية بدمشق عام 1955؛ وفي القاهرة عام 1956؛ ومؤتمر الاتحاد الدولي للدراجات في باريس عام 1958؛ ومؤتمر دول البحر المتوسط في بيروت عام 1959، وكان نائباً لرئيس البعثة الرياضية للجمهورية العربية المتحدة لدورة روما عام 1960، ثم رئيساً للبعثة السورية لدورة الألعاب الأولمبية في مكسيكو عام 1968. وفي أثناء الوحدة بين مصر وسورية أصبح عضواً في مجلس رعاية الشباب وعضواً في اللجنة الأولمبية للجمهورية العربية المتحدة من (1958- 1960).
أُعير للتدريس في المملكة العربية السعودية عام 1960، ثم أصبح خبيراً وحكماً دولياً بكرة القدم بالرئاسة العامة لرعاية الشباب، وقد أقام في السعودية مدة خمس سنوات عاد بعدها إلى دمشق ليصبح أول مدير للمعهد الرياضي للمعلمين عام 1967 حين إنشائه، وبقي في إدارته حتى وافته المنية ولم يتجاوز من العمر الخمسين عاماً. وشيّعته جماهير الرياضيين، ونعاه الحكم الدولي بكرة القدم فوزي تللو بكلمة مؤثرة قائلاً: «مات الخبير والفقيه والحكم الدولي النزيه والشريف والعادل. مات اللاعب المحنّك والمدرب العليم، مات الإداري الحازم أبو البعثات الرياضية السورية والدورات والمؤتمرات. مات عميد المعهد الرياضي والموّجه والمشرّع والناقد وصديق الجميع».
مروان عرفات
Mashnouq brothers - Frères Mashnouq
مشنوق (الإخوة ـ)
أسرة مشنوق حموية الأصل أنجبت ستة أشقاء هم مسلَّم وأكرم ومحيي الدين وأدهم وتيسير وعبد الكريم. برزوا جميعاً في مجالات الرياضة، وتفوق ثلاثة منهم ليسهموا فعلياً في بناء الحركة الرياضية السورية وإدخال بعض الرياضات إلى سورية وبناء ملاعبها ووضع أنظمتها، وكذلك التفوق بوصفهم لاعبين في مجالاتها.
انتقلت أسرة مشنوق من حماة إلى دمشق في مطلع العشرينيات حيث استقرت بصورة دائمة، وأسهم أبناؤها الذكور وأكبرهم مسلَّم، وأصغرهم تيسير في بناء الحركة الرياضية على نحو متدرج، وكان الفارق العمري بين أولهم وآخرهم قرابة العشرين عاماً.
مسلّم مشنوق (1906ـ 1995)
أحد رواد الرياضة السورية ومن الذين أسهموا في بناء لعبتي كرة القدم وكرة المضرب منذ العشرينيات من القرن العشرين، وقد عاصر الرياضة السورية، وعمل في مجالاتها لاعباً وحكماً ومدرباً مدة 70 عاماً.
ولد مسلّم في مدينة حماة وله ابنتان: هدى وأمل. نال الشهادة التجارية المتوسطة من الكلية السورية الإنجيلية في بيروت عام 1925، والتي أصبحت تُعرف فيما بعد بالجامعة الأمريكية في بيروت. ثم عمل فيها معيداً مشرفاً على فريق كرة القدم وتابع الدراسة العليا فيها حتى عام 1933، وحصل على «بكالوريوس» في إدارة الأعمال، وأتقن اللغتين الفرنسية والإنكليزية.
مارس الرياضة في الجامعة الأمريكية بمسابقات الجري وكرة القدم وكرة المضرب وأصبح لاعباً مرموقاً فيها ومثّل فرق الجامعة في كل مبارياتها سنوات عدة.
عُيِّن عام 1934 موظفاً في شركة نفط العراق بدمشق ثم أصبح مديراً للشركة في سورية حتى إحالته على التقاعد عام 1966، وكان واحداً من الذين يعود إليهم الفضل في إنشاء أول ملعب لكرة المضرب بدمشق حيث كان حسين الأيبش أول من أدخل اللعبة إليها مع أحمد الشرباتي (الذي أصبح وزيراً للدفاع في الخمسينيات) ومسلّم مشنوق. ثم قاموا بإنشاء أول ملعب لهذه اللعبة عام 1920 في حديقة المنشية قرب ثانوية التجهيز الأولى بدمشق وكانت أرضيته رملية، وكلَّف يومها /300/ ل. س. وفي عام 1931 تم تأسيس نادي الاتحاد «للتنس» وهو نادٍ فرنسي سوري لم يدم طويلاً، ثم أُسِّس نادي دمشق للتنس على أنقاضه عام 1936، وكان أول ناد رسمي لهذه الرياضة في سورية، وقام بتأسيسه مسلّم مشنوق مع نخبة من اللاعبين البارزين من خريجي الجامعة الأمريكية في بيروت، أبرزهم عزّت الشهابي وعارف الغميان وسعدي القوتلي وعصام الإنكليزي وسعدي الكيلاني وجوزيف شاهين.
نجح مسلّم مشنوق مع زملائه في تنظيم النشاطات الرياضية الحديثة في سورية فأقاموا بطولة سنوية على كأس رئيس الجمهورية بين أعوام 1933 و1945، شارك فيها أبرز لاعبي أندية دمشق ولاعبي الجيش الفرنسي على كأس مقدمة من رئيس الجمهورية محمد علي العابد وكان الفائز يحتفظ بهذه بالكأس حتى العام القادم وهكذا. ثم توقفت هذه اللقاءات بجلاء الاستعمار الفرنسي عام 1945 وبقيت الكأس محفوظة في منزل مسلّم مشنوق؛ لأن فريقه كان آخر من فاز بها قبل الجلاء. ونتيجةً لجهوده وزملائه انتشرت ملاعب كرة المضرب في دمشق حيث بلغ عددها عشرة بين عامي 1920 و1940. وفي عام 1943 أنشأت أمانة العاصمة أحد عشر ملعباً رملياً لهذه الرياضة إلى جوار المتحف الوطني، أحدها رئيسي يتسع لـ 2000 مشاهد، ثم حُوِّل عام 1955 إلى ملعب لكرة السلة وأصبح يتسع لـ 5000 متفرج.
أما في مجال كرة القدم فيعود الفضل في إدخالها إلى اللاعبين السوريين الذين كانوا يتابعون دراستهم في الجامعة الأمريكية ببيروت، وأبرزهم الأخوين حسين ونوري الأيبش ومسلّم مشنوق. وبدأت ممارستها رسمياً منذ عام 1918 في ساحة الحجاز أو مرجة الحشيش بجوار نهر بردى قرب ساحة الأمويين. وأقيمت البطولات على مستوى دمشق والمدن السورية على نحو منتظم وظهر التنافس واضحاً بينها، وكانت بدايات ظهور النجوم وتشكيل المنتخب الوطني لهذه الرياضة.
يعود إلى مسلّم الفضل - عام 1926- في إحضار أول فريق أجنبي لكرة القدم ليلعب بدمشق، ثم أحضر فريقاً آخر في مطلع الثلاثينيات ليلعب مع منتخب الجيش الفرنسي بدمشق. كما لعب ضمن منتخب سورية في مباراته مع منتخب لبنان في دمشق عام 1939.
في عام 1949 شاركت سورية لأول مرة في تاريخها الكروي في تصفيات كأس العالم لكرة القدم، ووقعت القرعة عليها لتلعب مع تركيا ضمن تصفيات الشرق الأوسط ذهاباً وإياباً، وسافر مسلّم إلى أنقرة موفداً من سورية للاتفاق مع الاتحاد التركي لكرة القدم على متطلبات اللقاءين. شُكِّل منتخب سورية لهذين اللقاءين، وكان مسلّم مشنوق نائباً لرئيس الوفد والمشرف الفني على الفريق، وخسرت سورية اللقاء (7/صفر)، ولم تقم مباراة الرد بدمشق بعد ذلك لعدم جدوى هذه المباراة بسبب فارق المستوى؛ مما حدا بالاتحاد الدولي إلى فرض عقوبة على سورية. ثم تابع المنتخب السوري إلى اليونان ليلعب مع منتخبها مباراتين وديتين فاز بهما المنتخب اليوناني.
وفي عام 1954 كان أول اشتراك لسورية في مؤتمر دولي لكرة القدم في مدينة برن السويسرية، ومثّل سورية يومها مسلم مشنوق بصفته عضواً في اتحاد كرة القدم.
وبعد رحلة طويلة مع الرياضة تجاوزت السبعين عاماً سافر مسلم مشنوق إلى كندا في مطلع التسعينيات ليعيش هناك مع بناته وأحفاده إلى أن توفي هناك عن عمر يناهز الـ 89 عاماً، وكان بذلك آخر من توفي من أشقائه علماً أنه أكبرهم سناً.
أدهم مشنوق (1916ـ 1964)
من أعلام الرياضة السورية والعربية، أسهم على نحو بارز في وضع أسسها وأنظمتها وبقيت أعماله فترة طويلة من الزمن مرجعاً للمسؤولين الرياضيين السوريين والعرب، وخاصة في قوانين الألعاب المختلفة.
ولد أدهم في مدينة حماة وانتقل إلى دمشق مع عائلته في مطلع العشرينيات حيث تلقى تعليمه للمرحلتين الابتدائية والإعدادية في مدارسها. ترك الدراسة مبكراً من دون أن يكمل المرحلة الثانوية ليعمل موظفاً في شركة نفط العراق منذ أواخر الثلاثينيات.
انتسب إلى نادي الفيحاء عام 1934 لاعباً ناشئاً موهوباً في كرة القدم، ثم انتقل إلى نادي بردى عام 1938 وزاول كرة السلة وكرة الطاولة وأصبح رئيساً لفريق نادي بردى لكرة السلة عام 1940، والذي ضم أوائل لاعبي كرة السلة في سورية أمثال شقيقه تيسير مشنوق ونور الدين كنج وكمال شوقي وعبد الرحمن الأيوبي ونجم الدين سيوفي وفوزي القباني، وسجّل هذا الفريق انتصاراً مهماً على منتخب الجيش الفرنسي في العام نفسه.
التحق أدهم مشنوق عام 1946 بدورة لإعداد معلمي الرياضة أقامتها وزارة التربية في منطقة قطنا، وتخرج فيها ليصبح مدرساً للرياضة في ثانويات دمشق، وكان من أنجح المدرسين لما يملكه من خبرةٍ ودراية في الشؤون الرياضية وقوانين الألعاب على اختلاف أنواعها. وبقي في هذا العمل حتى وفاته.
شغل أدهم مشنوق العديد من المهام الرياضية المهمة؛ فاستلم رئاسة لجنة الحكام السورية لكرة السلة مع زميليه محمد البزم ورشاد مرابط. وفي عام 1948 أصبح أول رئيسٍ لاتحاد كرة السلة السوري وعمل مع زملائه محمد البزم وفريد حمزة ورشاد مرابط على دعم هذه الرياضة ونشرها في سورية، ثم تولّى عام 1949 رئاسة أول بعثة رسمية لمنتخب سورية الذي شارك في بطولة أوربا السادسة التي جرت في القاهرة، وأحرزت سورية المركز السادس من بين سبع فرق، وأحرز لاعب المنتخب السوري يومها إحسان القدسي لقب أفضل لاعب في هذه البطولة.
مثَّل أدهم مشنوق سورية في جميع الدورات الرياضية العربية منذ تأسيسها عام 1953 في الإسكندرية، كما مثلها في دورات المتوسط منذ الدورة الأولى في الإسكندرية عام 1951 بصفات متعددة؛ عضواً في اللجنة الأولمبية السورية أو إدارياً للبعثة أو حكماً دولياً.
اعتزل أدهم اللعب عام 1945وأصبح حكماً دولياً معتمداً بكرة القدم، في حين كان حكماً غير معتمد منذ عام 1936. وأصبح واحداً من أشهر حكام سورية وقاد العديد من المباريات الدولية المهمة في سورية ولبنان والأردن، وأسهم حين كان رئيساً للجنة الحكام الرئيسية في إعداد حكام كرة القدم وتخريجهم، الذين شكلوا نواة أسرة التحكيم السورية لكرة القدم بعد ذلك، كما كان حكماً من الدرجة الأولى في ألعاب القوى وكرة الطاولة وكرة السلة والكرة الطائرة.
توفي أدهم مشنوق وهو في أوج العطاء ولمّا يتجاوز عمره الثامنة والأربعين وشيّعته جماهير الرياضيين في دمشق والمحافظات السورية، وبذلك فقدت الرياضة السورية أحد أبرز أعلامها.
تيسير مشنوق (1924ـ 1973)
تيسير مشنوق |
ولد تيسير مشنوق في دمشق عام 1924، وتلقّى علومه في ثانوية التجهيز الأولى ثم نال الشهادة الثانوية من مدرسة الكليّة العلمية الوطنية عام 1946 والتحق بمعهد التربية البدنية العالي في القاهرة وتخرج فيه مدرِّساً متخصصاً عام 1949، إضافة لإتقانه اللغتين الفرنسية والإنكليزية واطلاعه الواسع على قوانين الألعاب الرياضية المختلفة وأنظمتها.
بدأ ممارسة كرة القدم في سن مبكرة وانتسب إلى نادي الفيحاء في سن العاشرة، ثم انتقل إلى نادي بردى عام 1939 حيث كان شقيقه الأكبر أدهم لاعباً بارزاً بكرة القدم. ومارس تيسير أكثر من رياضة، ولمع نجمه في كرة القدم والسلة والطاولة، وأصبح لاعباً دولياً في كل هذه الرياضات، ومثَّل سورية في جميع المناسبات الرياضية الدولية. وأحسن مبارياته التي لعبها بكرة السلة كانت ضمن فريق جامعة لافيرا الإنكليزية حين دراسته فيها، وكانت ضد القاعدة الجوية الأمريكية في لندن وسجّل يومها 44 نقطة من أصل 48 سجّلها فريقه، وأحسن مباراة بكرة القدم لعبها مع ناديه بردى عام1945 ضد نادي «الهومنتمن» الدمشقي وسجّل تيسير يومها هدفي التعادل.
أحرز مع فريقه بردى بطولة دمشق أكثر من مرة بكرتي السلّة والقدم. وأحرز بطولة دمشق بكرة الطاولة في مسابقة الفردي عام 1944 وفاز مع زميله فؤاد حبش ببطولة الزوجي أيضاً. وفي عام 1955 فاز مع زميله فتحي الأنصاري ببطولة سورية للزوجي بكرة الطاولة.
مثَّل تيسير سورية دولياً ضمن المنتخب الوطني لكرة السلّة في الفترة بين أعوام 1946- 1955، وشارك في بطولة أوربا التي أقيمت بالقاهرة عام 1949، ثم في دورة المتوسط الأولى بالإسكندرية عام 1951، وبعدها في الدورة العربية الأولى بالإسكندرية عام 1953 وأحرز فيها المنتخب الوطني السوري الميدالية الفضية.
رُشِّح تيسير ضمن المنتخب الوطني لكرة القدم في تصفيات كأس العالم عام 1949 لكن إصابته في معسكر الإعداد منعته من ذلك. وفي عام 1954 اعتزل اللعب نهائياً بسبب إصابته بكسر في قدمه في إحدى مباريات كرة القدم مع ناديه بردى وتفرّغ للتدريس والإدارة والتحكيم، واختير أكثر من مرّة عضواً في اتحادات كرة السلة وكرة القدم ثم رئيساً لاتحاد الدراجات والسباحة الطويلة لأكثر من عشر سنوات، ونال الشارة الدولية في تحكيم كرة القدم وكرة السلّة والطاولة والدرّاجات وألعاب القوى، كما أصبح عضواً في مجلس إدارة نادي بردى ثم أميناً للسر في الخمسينيات. وعمل لسنوات رئيساً للجنة الحكام الرئيسية لكرة القدم، وفي عام 1953 أصبح عضواً في اللجنة الأولمبية السورية ثم أميناً لسرها وشارك في معظم البعثات الرياضية بصفته إدارياً أو مسؤولاً أو حكماً.
حصل عام 1954 على دبلوم اختصاص في تدريب ألعاب القوى من جامعة لافيرا بإنكلترا وشهادة الاختصاص الاجتماعي والقادة الرياضيين من كليفلند Cleveland في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1959 وعمل في تدريب كرة القدم والسلة، كما عمل مرافقاً لبطل العالم في السباحة الطويلة محمد زيتون في سباق كابري - نابولي Capri- Naples عام 1959 وكان يومها رئيساً لاتحاد السباحة أيضاً.
مثَّل سورية في مؤتمر الدول العربية بالإسكندرية عام 1953؛ ومؤتمر اللجان الأولمبية العربية بدمشق عام 1955؛ وفي القاهرة عام 1956؛ ومؤتمر الاتحاد الدولي للدراجات في باريس عام 1958؛ ومؤتمر دول البحر المتوسط في بيروت عام 1959، وكان نائباً لرئيس البعثة الرياضية للجمهورية العربية المتحدة لدورة روما عام 1960، ثم رئيساً للبعثة السورية لدورة الألعاب الأولمبية في مكسيكو عام 1968. وفي أثناء الوحدة بين مصر وسورية أصبح عضواً في مجلس رعاية الشباب وعضواً في اللجنة الأولمبية للجمهورية العربية المتحدة من (1958- 1960).
أُعير للتدريس في المملكة العربية السعودية عام 1960، ثم أصبح خبيراً وحكماً دولياً بكرة القدم بالرئاسة العامة لرعاية الشباب، وقد أقام في السعودية مدة خمس سنوات عاد بعدها إلى دمشق ليصبح أول مدير للمعهد الرياضي للمعلمين عام 1967 حين إنشائه، وبقي في إدارته حتى وافته المنية ولم يتجاوز من العمر الخمسين عاماً. وشيّعته جماهير الرياضيين، ونعاه الحكم الدولي بكرة القدم فوزي تللو بكلمة مؤثرة قائلاً: «مات الخبير والفقيه والحكم الدولي النزيه والشريف والعادل. مات اللاعب المحنّك والمدرب العليم، مات الإداري الحازم أبو البعثات الرياضية السورية والدورات والمؤتمرات. مات عميد المعهد الرياضي والموّجه والمشرّع والناقد وصديق الجميع».
مروان عرفات