مركور Mercure الإله الحامي للتجار والتجارة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مركور Mercure الإله الحامي للتجار والتجارة

    مركور (اله)

    Mercury - Mercure

    مركور (الإله ـ)

    مركور Mercure (اسمه باللاتينية مركوريوس Mercurius) الإله الحامي للتجار والتجارة عند قدماء الرومان، وهذا ما يؤكده اسمه المشتق من كلمة Merx اللاتينية التي تعني «بضاعة» وقد اندمج منذ وقت مبكر في الإله هرمس[ر] Hermes الإغريقي، الذي اقترن به واتخذ صفاته والأساطير المتعلقة به. وهكذا صار يُعدّ ابناً لكبير الآلهة زيوس/جوبيتر[ر] والحورية مايا Maia وحفيد أطلس Atlas أحد الجبابرة المشهورين في الميثولوجيا الإغريقية.
    لم يرد اسم مركور في التقويم الديني الروماني القديم الذي وضعه الملك نوما Numa في القرن السادس قبل الميلاد، كما لم يكن له كهنة موكلون بطقوس عبادته أسوة بكبار الآلهة، وعدا ذلك فإن معبده كان ينتصب على تلة أڤِنتين Aventine خارج أسوار روما ويطل على السيرك الكبير. ولهذا يُعتقد أن عبادته تعدّ مثالاً باكراً للتأثير التجاري الإغريقي على الرومان وأنها جاءت إليهم مع التجار الإغريق.
    ترافق دخول عبادته إلى روما مع بداية عبادة ديميتر Demeter/كيريس Ceres إلهة الحبوب. وتقول الروايات إن أول معبد أقيم له في روما عام 495 ق.م ودشن في 15 أيار/مايو وتزامن ذلك مع إنشاء أول سوق للحبوب وأول نقابة لتجارها. ويذكر المؤرخ ليفيوس[ر] Livius أن تدشينه قاد إلى نزاع بين طبقتي الأشراف والعامة، وأخيراً فوّض الشعب أحد أفراد العامة بتدشين المعبد، وهذا يدل على أن عبادة مركور كانت أثيرة لدى العامة.
    والحقيقة أن التجارة كانت على الغالب في أيدي العامة، وخاصة بعد صدور قانون يحظر على أعضاء مجلس الشيوخ ممارسة التجارة.
    وقد اعتاد التجار في روما أن يحتفلوا بعيدهم في 15 أيار/مايو بتقديم الأضاحي لمركور وأمه مايا حيث يجتمعون حول نبع بالقرب من بوابة كابينا Porta Capena ويغطسون في مائه المقدس إكليلاً من الغار، ويرشون أنفسهم وبضائعهم بمياهه المقدسة. وكانت نقابة التجار تعدّ نفسها تحت حماية الإله مركور، وكان أعضاؤها يسمون أنفسهم «مركوريين» Mercuriales.
    وقد احتفل الامبراطور أغسطس[ر] Augustus بعيد الإله مركور بعد نهاية الحروب الأهلية وعودة التجارة والتنقلات إلى سابق عهدها. وأقام له الامبراطور ماركوس أوريليوس[ر] Marcus Aurelius معبداً بسبب أعجوبة المطر التي حدثت بفضله في الحرب المركونانية.
    شهدت عبادة الإله مركور انتشاراً واسعاً في العصر الامبراطوري الروماني، إذ عُبد في المغرب العربي بوصفه إله التجارة والمواصلات لاقترانه بأحد الآلهة المحلية.
    وانتشرت عبادته كذلك في المناطق الكلتية والجرمانية وخاصة لدى فرسان الجيش الروماني، فكان الثالوث الإلهي الجرماني المؤلف من تيو/دونار/فودان Tiu, Donar, Wodan يقابله الثالوث الإلهي الروماني المؤلف من مارس وهرقل ومركور Mars, Hercules، ومن ثم فقد وجد الرومان في الإله الجرماني فودان ملامح إلههم مركور. وهكذا فإن يوم الأربعاء سُمّي في الإنكليزية (الجرمانية) Wednesday يقابله في الفرنسية Mercredi والإيطالية Mercoledi وكلاهما من اللاتينية Dies Mercurii أي يوم مركور.
    وفي معبد بعلبك الشهير (هليوبوليس Heliopolis) كان يُعبد مركور إلى جانب عظيم الآلهة جوبيتر Jupiter (= الإله حدد) والإلهة فينوس[ر] Venus (= اترغاتيس) ضمن الثالوث الإلهي الروماني. ولشهرة السوريين بالتجارة وانتشار مراكزهم التجارية عبر الامبراطورية الرومانية، فليس من المستغرب أن يحظى إله التجارة والأسفار بتكريمهم وتقديسهم. وهكذا فقد أقامت إحدى السوريات المغتربات معبداً للإله مركور في مدينة بيزانسون Besançon في بلاد الغال البعيدة.
    كما وُجد في مدينة بصرى نصب أقامه أناس من تيسدروس Thysdrus (بلدة الجم الحالية في تونس) للإله مركور بوصفه الإله الحامي لمدينتهم، التي أرسلت هؤلاء التجار ليشتروا لها قمحاً من حوران.
    وهكذا انتشر تقديس الإله مركور في كل مكان اشتُهر بالتجارة، حيث وجدت جمعيات التجار في مختلف أنحاء الامبراطورية الرومانية، التي كوّنت أكبر سوق تجارية عرفتها العصور القديمة.
    وينبغي الإشارة إلى صفة أخرى التصقت بمركور وكانت من صفات الإله هرمس الرئيسة ألا وهي: رسول الآلهة فيما بينهم وإلى البشر. وهكذا أدخله الشاعر الروماني بلاوتوس Plautus في مسرحيته «أمفتريون» بوصفه رسولاً للغرام عند الإله زيوس.
    أما في مجال الفن فكان يُصور مركور على هيئة فتى يلبس رداء فضفاضاً ويضع قبعة على رأسه وينتعل حذاء مجنحاً ويحمل في يده كيس نقود. وفي هذا تأكيد لأهم صفاته رسولاً للآلهة وإلهاً للتجارة.
    وأخيراً ينبغي الإشارة إلى أن مركور أعطى اسمه إلى أقرب الكواكب في المجموعة الشمسية Mercury والمعروف في العربية باسم عطارد.
    محمد الزين

يعمل...
X