التصوير الجوي جمال ودمار ..
التصوير الجوي لجبل سانت هيلينز عرّض المصور لخطر كبير . خطر الإصابة أولا ، وخطر فقدان المعدات على أقل تقدير .
هنا جولة مع ماسياس فان هيزمانز وسط هذه الجبال . من فوهة البركان الذي ينفجر بين لحظة وأخرى ، إلى نوعية الأفلام والعدسات المطلوبة .
اللحظة الحاسمة كانت حين امّنت مدام بيل زيارتي الأولى إلى فوهة بركان جبل سانت هيلينز - جهزت نفسي براديو يبث ويستقبـل وماء وجهـاز بث للإشارات ـ في حـال وقوعي ضحية لإنهيار صخري أو جليدي ، سيبعث هذا بـاشارات صوتية أمـل ان تلتقطهـا البعثة التي تتشكل لتبحث عني ـ كذلك ، ولمزيد من عناصر الطمانينة اخذت معي تفاحتين بلون الياقوت الأحمـر لتقديمهمـا عنوان تقدير للجبل العالي إحتراماً لقـوتـه المرعبة . وهذا بعدما تمنطقت بـكـل مـا يلزم ، وكنت على اتم الإستعداد لأبدأ مغامرتي .
مع إقتراب الهليوكبتر من الجبل من الجنوب ، لم يكن الدمار بعد . مع ذلك ، وبالإقتراب من الذي يصنعه البركان قد ظهر الحافة المؤدية إلى فوهة البركان الشبيهة بحدوة حصان ، بدا منظر الدمار يتضح ، فالإنزياح الأرضي الهائل والإنفجـار المرعب اللذان تسببا بالكارثة الفظيعة في ١٨ ايار - مايو ۱۹۸۰ ، حولا غابات خضراء واسعة الأرجاء إلى خليط مضطرب من أعواد الثقاب العملاقة . وفي الأسفل حيث الوديان القاحلة والمنحدرات التي إعتـراهـا التلف . تقع بحيرة , سبيريت ، سوداء المياه مغطاة ببقايا الأشجار المهترئة بعدما كـانت زرقاء صافية في يوم من الأيام .
تغيرت شخصيـة الفـوهـة الفوتوغرافية السابقة في نيسان البركانية ، جذريا منذ رحلتي . ابـريـل » عام 1983 ، فالان وبدون غطائها الثلجي الأبيض الواقي ، بدت الفوهة البركانية بمظهر مخيف ينذر بالكثير من الأخطار الرهيبة . والقبة التي تنفث الدخان من وسطهـا بعثت جوأ تنبعث منه معاني الموت .
زادت نبضات قلبي تسـارعـاً عندما إلتف الطيار بالطائرة نحو الفوهة البركانيـة ، وبينما نحن نحوم على مقربة من الأرض على بعد بضع مئات من الأقدام من القبة ، بدأت التفجرات المنقطعة تقذف بسحب رمادية اللون ترغي وتزيد في كل إتجاه .
تاهبت لاقفز إلى الخارج حاملا الراديو والركيزة ثلاثية الأرجل وحقيبة الظهر معي ، بعدما إتفقت مع الطيار على ان اتصل به عندما تدعـوني الحـاجـة إلى ذلك .
وهكذا ، بعدما تجاوزنا منطقـة رمادية مغطاة بالثلج ، تحمل مظهرا خداعاً صارماً ، قفزت الى الأرض بأمان .
إنتظرت إلى حين عاد الرمـاد المتطاير إلى الاستقرار ، فتدبرت امر ما معي من حاجيات . وكنت قد بدأت التنبه للأنظمة الضوئية المتغيرة ، عندما فوجئت بقدوم فوتوغرافيا إخبـارياً ، قدم نفسه عشرين دقيقـة عـادت طائـرة هليوكبتر اخرى ، أنزلت مصوراً إلي وسارع باخـذ يضع لقطات للقبة وجدران الفوهة البركانيـة بكاميرته ذات محرك الدفع ، وبعد الهليوكبتـر التي جـاءت بـه ، لتاخذه معها .
الأرض تحققت ، رايـت الشمس وكنت وحيـدأ . واحـلامي ان أكون رائداً فضائياً على كوكب محاطة بهالة هائلة الحجم ذهبت بأفكاري نحـو اجسام فضـائيـة أخرى . وعلى بعد عشرة اميال و سبيريت ، تتلالا وقطع الاشجار إلى الاسـفـل بـدت بـحـيـرة المهترئة تتلاعب على صفحتها . كما كانت هناك شقوق أرضية بعيـدة تبث أعمـدة كبيرة من الدخان الأسود . شبيهة بتفجرات جبـل سانت هيلين ذاته .
وعلى مدى الفوهة البركانية بكاملها كانت الصخور المتدافعة تبعث بصداها المخيف متحطمة على بعضها البعض عند جانب قمة الألف قـدم غـيـر المستقرة والمتوسعة بالـحمـم الذائبة في اسفلها .
بينمـا اتعشـر في المنطقة المتفجرة ، عشرت على صخرة كبيرة مكسورة مـع عدسة ، عين السمكة 37 ملم الخاصة بها ، وان بي على اتم الاستعداد لالتقط كل شيء ، ثم بعد أخذ بضـع لقطات للهـالة الكبيـرة حـول الشمس والقبة التي تبث الدخان تحتها رحت إستكشف ما بقي من المنظر الطبيعي وبيـنمـا اتطلع الى بعض الأشكال المثيرة في الرمال . ظهـر ظل كبيـر مفـاجيء وإجتاز الفوهة البركانية فالتفتت حولي لاشاهد عموداً هائلاً وصامتاً من الرماد يرتفع إلى السماء بعنف .
إندفعت متعثراً نحـو كـاميرتي بعصبية وحققت بضـع صـور سريعة قبلمـا تتناثر علي كرات الرماد المشعة . فالانفجار ، رغم قصر آمده ، غطى أشعة وبعث بتوهج ضوئي جميل ضمن نطاق جدران الفوهة البركانية ، كـانت تلك لحظة ترتعش لها القلوب .
وجدتني مغطى بالرماد من قمة راسي إلى اخمص قدمي ، ولكنني سررت لبقائي على قيد الحياة . إلا انني لاحظت بان كاميرتي اصبحت رمادية وأنـا أعـرفهـا سـوداء . فنفضت الرماد عن عدسة عين السمكة بدقة وعناية . وحمداً لله أنها لم تصب حتى بخدش واحد . كما ظلت الكاميرا شغالة ، لاحظت ذلك وانا اتاهب لمواجهة اخرى .
فبعدما فاتتني بداية الانفجار ، اقنعت نفسي بضرورة المثابرة على مراقبة القبة طيلة الوقت .
وحـدث مـا كنـت بـانـتـظاره .
فبدون تحذير ، صدر صوت راح يقرقع عاليا ، وإنفجر إلى السماء عمود من الرماد النـاري . وعلى منحدرات قبة الإنفجـار ، انطلقت كتل صخرية بحجم كرة السلة راحت تتدحرج باحثة عن ضحية تجتـاحـهـا في طريق إنحـدارهـا المتوحش . فسارعت إلى اخـذ بضع لقطات ، ولكنني بينما اتطلع من خلال محدد المنظر ، رأيت أن الغيمة راحت تقذفني بقطع من الحصى والرمـاد . كنت وكانني تحت رحمـة عاصفة من البرد
وهكذا فإن هذا الانفجار ، الذي فاق سابقه قوة وعنفا دفعني إلى التكـوم والإحتمـاء داخـل كهف ثلجي . هناك ، كان الهواء النقي تحت كتلة الثلج الأخـذة إلى الذوبان ينفخ باتجاهي . وعلى بعد اقدام ، كـان الرماد يـزمـجـر ناشرا الذعر في كل مكان .
ظل الرماد على حاله هذه طيلة ٤٠ دقيقة ثم إستقر . فخرجت من الملجا الذي احتميت به لأجد ان كاميرتي صمدت في مواجهتها الثانية مع البركان كما صمدت انا إلا أن عدسة الماكرو ١٤٠ ملم التي وضعتها على حقيبة ظهري كانت مغطاة بالرمـاد ـ لم يسمح جبـل سانت هيلينز لمغامرتي ان تمـر دون اضرار على الاطلاق - على انني لم اخدع نفسي بالنجاة ، فقد قدمت له التفاحتين استـرضـاءاً لخاطره . ولم تحدث أية انفجارات اخرى ذلك اليوم .
- منطقة خطرة : الاختيار الجوي
لما كان جبـل سـانت هيلينز منطقة محظورة ، فـالتصـويـر الفوتوناوغرافي الأرضي ليس في الحسبان إطلاقاً لمعظم الناس هذا إذا لم نقل أنه محفوف بمخاطر كبيرة .
كما أن معظم مـواقـع المـشـاهـدة خـارج المنطقـة المحظورة هي ابعد كثيراً عن الفوهة البركانية من ان تتحقق منها لقطات جيـدة : من هنا وكبديل ، اقترح إعتماد التصوير الفوتوغرافي الجوي الذي هو بحد ذاته مغامرة مثيرة ، إذا كان موضوعك هو جبل سانت هيلينز او الغرائد كانيون او منظر آخر على مقربة من الموطن .
على أنك قبل البدء بمغامرتك . تـأكـد مـن ان الطائرة التـي تستاجرها لها نوافذ تنفتح أثناء التحليق . وهذا ضروري لانه مهما كانت حدة عدستك ، فالتصوير الفـوتـوغـرافـي من خلال البليكسيغلاس في معظم الحالات ينتهي الى وضوح لا مقبول .
- الفيلم :
الفيلم الذي تستعمله في الجوهر هو الأكثر أهمية فيسبب سرعة الطائرة وإهتزازها ، لا بد من العمل بسرعة مغلاق كبيرة - يوصى بـ ١/٢٥٠ من الثانية ، واكثـر - بحيث أن الإتجاه نحـو الفيلم السريع يعمـل لمصلحتك .
وعلى الرغم من ان الفيلم الابطا هو أكثر وضوحاً ، يبقى العمل به مقـامـرة . فإذا لم يكن الضوء جيداً ، قد تجد نفسك وانت تلتقط بسرعة ١/١٢٥ من الثـانيـة أو ابطا ، خصوصاً إذا كنت تستعمل مرشح . قد يكون هذا مقبولا على الأرض ، اما في الجو فالأمور مختلفة . قد يكون المـنـظر الطبيعي واضحـاً ، ولكن بسبب سرعة الطائرة ، قد تتسبب سرعة المغلاق الأبطأ بتغبيش المنظر الطبيعي الأرضي .
هذا ، وعنـد إستعمـال فيلم أسود وابيض ، تعطي المرشحات الصفراء والبرتقالية والحمـراء صورا تتزايد دراماتيكية لمعظم المناظر الطبيعية ، الأصفر يضفي تباينـا ضـونيـاً ويسـاعـد على الاختراق من خلال الوهج فوق البنفسجي ، كما أنه يعتم السماء ويعطي تفاصيل إضافية للثلج والرماد . اما المرشحات الحمراء والبـرتـفـاليـة فتـبـالغ بهـذه التـاثـيـرات , الإسلوب الوحيـد الموثوق لتحديد المرشحات التي ستحقق المبتغى هو ان تجربها جميعها اثناء طيـرانـك وتـاخـذ ملاحظات دقيقة بهذا الخصوص .
- العدسات ؛
العـدسـة فـي التـصـويـر الفوتوغرافي الجوي هي الأداة الأكثـر اهميـة لضبـط الأبعـاد والمحتوى ، لأنك لست حراً تماماً لتتجول في الأرجـاء وتبحث عن موقع الاستفادة الأكبـر ، ومـرة أخرى ، توجد بعض المعضلات التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار هنا ، فالعدسة واسعة الزاوية تسمح لك بالحصول على منظر ممتد للمنطقة ، الا انك تغامر هكذا بشمول الجناح او المحـرك او معشق الهبـوط فـي محـتـواك .
وتعطيك عدسة التيليفوتو لقطة قريبـة ضيقـة للمنظر الطبيعي تحتك ، الا ان المشهد ضيق الزاوية يبالغ باهتزازات الطائرة من هنا تصبح العدسة المتراوحة بين العادية والتيليفوتو المعتدلة هي رهـائـك الأفضـل ربمـا في التصوير الفوتوغرافي الجوي .
ننصـحـك اخيـراً أن تـقـلل المعدات التي ترفقهـا معـك إلى ادنى حد ، حتى لا تجد نفسك وانت تتخبط عشوائياً داخل الطائرة⏹
اعداد وتصوير
ماسیاس فان هیزمانز
التصوير الجوي لجبل سانت هيلينز عرّض المصور لخطر كبير . خطر الإصابة أولا ، وخطر فقدان المعدات على أقل تقدير .
هنا جولة مع ماسياس فان هيزمانز وسط هذه الجبال . من فوهة البركان الذي ينفجر بين لحظة وأخرى ، إلى نوعية الأفلام والعدسات المطلوبة .
اللحظة الحاسمة كانت حين امّنت مدام بيل زيارتي الأولى إلى فوهة بركان جبل سانت هيلينز - جهزت نفسي براديو يبث ويستقبـل وماء وجهـاز بث للإشارات ـ في حـال وقوعي ضحية لإنهيار صخري أو جليدي ، سيبعث هذا بـاشارات صوتية أمـل ان تلتقطهـا البعثة التي تتشكل لتبحث عني ـ كذلك ، ولمزيد من عناصر الطمانينة اخذت معي تفاحتين بلون الياقوت الأحمـر لتقديمهمـا عنوان تقدير للجبل العالي إحتراماً لقـوتـه المرعبة . وهذا بعدما تمنطقت بـكـل مـا يلزم ، وكنت على اتم الإستعداد لأبدأ مغامرتي .
مع إقتراب الهليوكبتر من الجبل من الجنوب ، لم يكن الدمار بعد . مع ذلك ، وبالإقتراب من الذي يصنعه البركان قد ظهر الحافة المؤدية إلى فوهة البركان الشبيهة بحدوة حصان ، بدا منظر الدمار يتضح ، فالإنزياح الأرضي الهائل والإنفجـار المرعب اللذان تسببا بالكارثة الفظيعة في ١٨ ايار - مايو ۱۹۸۰ ، حولا غابات خضراء واسعة الأرجاء إلى خليط مضطرب من أعواد الثقاب العملاقة . وفي الأسفل حيث الوديان القاحلة والمنحدرات التي إعتـراهـا التلف . تقع بحيرة , سبيريت ، سوداء المياه مغطاة ببقايا الأشجار المهترئة بعدما كـانت زرقاء صافية في يوم من الأيام .
تغيرت شخصيـة الفـوهـة الفوتوغرافية السابقة في نيسان البركانية ، جذريا منذ رحلتي . ابـريـل » عام 1983 ، فالان وبدون غطائها الثلجي الأبيض الواقي ، بدت الفوهة البركانية بمظهر مخيف ينذر بالكثير من الأخطار الرهيبة . والقبة التي تنفث الدخان من وسطهـا بعثت جوأ تنبعث منه معاني الموت .
زادت نبضات قلبي تسـارعـاً عندما إلتف الطيار بالطائرة نحو الفوهة البركانيـة ، وبينما نحن نحوم على مقربة من الأرض على بعد بضع مئات من الأقدام من القبة ، بدأت التفجرات المنقطعة تقذف بسحب رمادية اللون ترغي وتزيد في كل إتجاه .
تاهبت لاقفز إلى الخارج حاملا الراديو والركيزة ثلاثية الأرجل وحقيبة الظهر معي ، بعدما إتفقت مع الطيار على ان اتصل به عندما تدعـوني الحـاجـة إلى ذلك .
وهكذا ، بعدما تجاوزنا منطقـة رمادية مغطاة بالثلج ، تحمل مظهرا خداعاً صارماً ، قفزت الى الأرض بأمان .
إنتظرت إلى حين عاد الرمـاد المتطاير إلى الاستقرار ، فتدبرت امر ما معي من حاجيات . وكنت قد بدأت التنبه للأنظمة الضوئية المتغيرة ، عندما فوجئت بقدوم فوتوغرافيا إخبـارياً ، قدم نفسه عشرين دقيقـة عـادت طائـرة هليوكبتر اخرى ، أنزلت مصوراً إلي وسارع باخـذ يضع لقطات للقبة وجدران الفوهة البركانيـة بكاميرته ذات محرك الدفع ، وبعد الهليوكبتـر التي جـاءت بـه ، لتاخذه معها .
الأرض تحققت ، رايـت الشمس وكنت وحيـدأ . واحـلامي ان أكون رائداً فضائياً على كوكب محاطة بهالة هائلة الحجم ذهبت بأفكاري نحـو اجسام فضـائيـة أخرى . وعلى بعد عشرة اميال و سبيريت ، تتلالا وقطع الاشجار إلى الاسـفـل بـدت بـحـيـرة المهترئة تتلاعب على صفحتها . كما كانت هناك شقوق أرضية بعيـدة تبث أعمـدة كبيرة من الدخان الأسود . شبيهة بتفجرات جبـل سانت هيلين ذاته .
وعلى مدى الفوهة البركانية بكاملها كانت الصخور المتدافعة تبعث بصداها المخيف متحطمة على بعضها البعض عند جانب قمة الألف قـدم غـيـر المستقرة والمتوسعة بالـحمـم الذائبة في اسفلها .
بينمـا اتعشـر في المنطقة المتفجرة ، عشرت على صخرة كبيرة مكسورة مـع عدسة ، عين السمكة 37 ملم الخاصة بها ، وان بي على اتم الاستعداد لالتقط كل شيء ، ثم بعد أخذ بضـع لقطات للهـالة الكبيـرة حـول الشمس والقبة التي تبث الدخان تحتها رحت إستكشف ما بقي من المنظر الطبيعي وبيـنمـا اتطلع الى بعض الأشكال المثيرة في الرمال . ظهـر ظل كبيـر مفـاجيء وإجتاز الفوهة البركانية فالتفتت حولي لاشاهد عموداً هائلاً وصامتاً من الرماد يرتفع إلى السماء بعنف .
إندفعت متعثراً نحـو كـاميرتي بعصبية وحققت بضـع صـور سريعة قبلمـا تتناثر علي كرات الرماد المشعة . فالانفجار ، رغم قصر آمده ، غطى أشعة وبعث بتوهج ضوئي جميل ضمن نطاق جدران الفوهة البركانية ، كـانت تلك لحظة ترتعش لها القلوب .
وجدتني مغطى بالرماد من قمة راسي إلى اخمص قدمي ، ولكنني سررت لبقائي على قيد الحياة . إلا انني لاحظت بان كاميرتي اصبحت رمادية وأنـا أعـرفهـا سـوداء . فنفضت الرماد عن عدسة عين السمكة بدقة وعناية . وحمداً لله أنها لم تصب حتى بخدش واحد . كما ظلت الكاميرا شغالة ، لاحظت ذلك وانا اتاهب لمواجهة اخرى .
فبعدما فاتتني بداية الانفجار ، اقنعت نفسي بضرورة المثابرة على مراقبة القبة طيلة الوقت .
وحـدث مـا كنـت بـانـتـظاره .
فبدون تحذير ، صدر صوت راح يقرقع عاليا ، وإنفجر إلى السماء عمود من الرماد النـاري . وعلى منحدرات قبة الإنفجـار ، انطلقت كتل صخرية بحجم كرة السلة راحت تتدحرج باحثة عن ضحية تجتـاحـهـا في طريق إنحـدارهـا المتوحش . فسارعت إلى اخـذ بضع لقطات ، ولكنني بينما اتطلع من خلال محدد المنظر ، رأيت أن الغيمة راحت تقذفني بقطع من الحصى والرمـاد . كنت وكانني تحت رحمـة عاصفة من البرد
وهكذا فإن هذا الانفجار ، الذي فاق سابقه قوة وعنفا دفعني إلى التكـوم والإحتمـاء داخـل كهف ثلجي . هناك ، كان الهواء النقي تحت كتلة الثلج الأخـذة إلى الذوبان ينفخ باتجاهي . وعلى بعد اقدام ، كـان الرماد يـزمـجـر ناشرا الذعر في كل مكان .
ظل الرماد على حاله هذه طيلة ٤٠ دقيقة ثم إستقر . فخرجت من الملجا الذي احتميت به لأجد ان كاميرتي صمدت في مواجهتها الثانية مع البركان كما صمدت انا إلا أن عدسة الماكرو ١٤٠ ملم التي وضعتها على حقيبة ظهري كانت مغطاة بالرمـاد ـ لم يسمح جبـل سانت هيلينز لمغامرتي ان تمـر دون اضرار على الاطلاق - على انني لم اخدع نفسي بالنجاة ، فقد قدمت له التفاحتين استـرضـاءاً لخاطره . ولم تحدث أية انفجارات اخرى ذلك اليوم .
- منطقة خطرة : الاختيار الجوي
لما كان جبـل سـانت هيلينز منطقة محظورة ، فـالتصـويـر الفوتوناوغرافي الأرضي ليس في الحسبان إطلاقاً لمعظم الناس هذا إذا لم نقل أنه محفوف بمخاطر كبيرة .
كما أن معظم مـواقـع المـشـاهـدة خـارج المنطقـة المحظورة هي ابعد كثيراً عن الفوهة البركانية من ان تتحقق منها لقطات جيـدة : من هنا وكبديل ، اقترح إعتماد التصوير الفوتوغرافي الجوي الذي هو بحد ذاته مغامرة مثيرة ، إذا كان موضوعك هو جبل سانت هيلينز او الغرائد كانيون او منظر آخر على مقربة من الموطن .
على أنك قبل البدء بمغامرتك . تـأكـد مـن ان الطائرة التـي تستاجرها لها نوافذ تنفتح أثناء التحليق . وهذا ضروري لانه مهما كانت حدة عدستك ، فالتصوير الفـوتـوغـرافـي من خلال البليكسيغلاس في معظم الحالات ينتهي الى وضوح لا مقبول .
- الفيلم :
الفيلم الذي تستعمله في الجوهر هو الأكثر أهمية فيسبب سرعة الطائرة وإهتزازها ، لا بد من العمل بسرعة مغلاق كبيرة - يوصى بـ ١/٢٥٠ من الثانية ، واكثـر - بحيث أن الإتجاه نحـو الفيلم السريع يعمـل لمصلحتك .
وعلى الرغم من ان الفيلم الابطا هو أكثر وضوحاً ، يبقى العمل به مقـامـرة . فإذا لم يكن الضوء جيداً ، قد تجد نفسك وانت تلتقط بسرعة ١/١٢٥ من الثـانيـة أو ابطا ، خصوصاً إذا كنت تستعمل مرشح . قد يكون هذا مقبولا على الأرض ، اما في الجو فالأمور مختلفة . قد يكون المـنـظر الطبيعي واضحـاً ، ولكن بسبب سرعة الطائرة ، قد تتسبب سرعة المغلاق الأبطأ بتغبيش المنظر الطبيعي الأرضي .
هذا ، وعنـد إستعمـال فيلم أسود وابيض ، تعطي المرشحات الصفراء والبرتقالية والحمـراء صورا تتزايد دراماتيكية لمعظم المناظر الطبيعية ، الأصفر يضفي تباينـا ضـونيـاً ويسـاعـد على الاختراق من خلال الوهج فوق البنفسجي ، كما أنه يعتم السماء ويعطي تفاصيل إضافية للثلج والرماد . اما المرشحات الحمراء والبـرتـفـاليـة فتـبـالغ بهـذه التـاثـيـرات , الإسلوب الوحيـد الموثوق لتحديد المرشحات التي ستحقق المبتغى هو ان تجربها جميعها اثناء طيـرانـك وتـاخـذ ملاحظات دقيقة بهذا الخصوص .
- العدسات ؛
العـدسـة فـي التـصـويـر الفوتوغرافي الجوي هي الأداة الأكثـر اهميـة لضبـط الأبعـاد والمحتوى ، لأنك لست حراً تماماً لتتجول في الأرجـاء وتبحث عن موقع الاستفادة الأكبـر ، ومـرة أخرى ، توجد بعض المعضلات التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار هنا ، فالعدسة واسعة الزاوية تسمح لك بالحصول على منظر ممتد للمنطقة ، الا انك تغامر هكذا بشمول الجناح او المحـرك او معشق الهبـوط فـي محـتـواك .
وتعطيك عدسة التيليفوتو لقطة قريبـة ضيقـة للمنظر الطبيعي تحتك ، الا ان المشهد ضيق الزاوية يبالغ باهتزازات الطائرة من هنا تصبح العدسة المتراوحة بين العادية والتيليفوتو المعتدلة هي رهـائـك الأفضـل ربمـا في التصوير الفوتوغرافي الجوي .
ننصـحـك اخيـراً أن تـقـلل المعدات التي ترفقهـا معـك إلى ادنى حد ، حتى لا تجد نفسك وانت تتخبط عشوائياً داخل الطائرة⏹
اعداد وتصوير
ماسیاس فان هیزمانز
تعليق