طهاة من أصول فلسطينية يختبرون طبخ بلادهم
الطهاة ذوو الأصول الفلسطينية ركزوا على التقنيات التقليدية مثل كيفية تحويل الزنبق الفلسطيني الأرجواني الداكن إلى مكون يدخل في الحساء وإلى علاج تقليدي.
الثلاثاء 2023/05/30
انشرWhatsAppTwitterFacebook
أسرار جديدة
يعتبر الطعام جزءا هاما من الهوية والثقافة، لذلك يبحث مجموعة من الطهاة ذوي الأصول الفلسطينية خفايا وأسرار طعام بلادهم ونكهاته لتطويره والترويج له في البلدان التي يعيشون ويعملون فيها.
القدس – حققت الطاهية الكندية الشهيرة سوزان الحسيني حلمها من خلال جولة الطهي الأولى التي تعيدها إلى الأراضي الفلسطينية، والتي كانت بالنسبة لها فرصة للمحافظة على الأطباق والعلاجات الشعبية الخاصة بأجدادها والترويج لها.
فخلال جولة للطهي تحمل طابع الاعتماد على خيرات الأرض مباشرة في الضفة الغربية المحتلة والقدس وقطاع غزة، وجدت سوزان وأربعة آخرون من الطهاة البارزين أنفسهم أمام مطبخ فلسطيني لا يعرف الأجانب، الذين اعتادوا فقط على أخبار الصراع الفلسطيني مع إسرائيل، شيئا عنه في الغالب.
وقالت سوزان، التي غادرت عائلتها الأراضي الفلسطينية عام 1967 إلى كندا “حلم حياتي كان يتمثل في الرجوع إلى فلسطين… عشت طفولتي وأنا لا أعرف عن بلدي إلا ما يرويه لي أهلي، عن مدنها… ومن خلال الأكل الذي تعدّه أمي، كل طبخة لها قصة عندها، وكل أكلة مرتبطة برواية تربطنا بالأرض، بفلسطين”.
الزوار يريدون التعرف على التاريخ والأهمية الثقافية، ولكن القيمة الغذائية لهذه الأطباق القديمة مهمة أيضا
وانطلقت الجولة برعاية برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بهدف توسيع نطاق جاذبية المطبخ الفلسطيني عالميا، على الرغم من الندرة النسبية وتكلفة بعض مكوناته.
وركز الطهاة ذوو الأصول الفلسطينية على التقنيات التقليدية مثل كيفية تحويل الزنبق الفلسطيني الأرجواني الداكن السام الذي يزهر في الربيع إلى مكون يدخل في الحساء وإلى علاج تقليدي.
كما اطّلعوا على الفوائد الغذائية للفريكة، وهي عبارة عن حبوب قمح يتم حصادها بينما تكون السنابل لا تزال خضراء، ثم تدخينها لتحتفظ بالبروتينات الطبيعية وتُطهى بطريقة مماثلة للأرز.
سوزان الحسيني هي اليوم مؤلفة ومقدمة برامج طبخ وشيف شهيرة، نشأت مع والدين من نابلس في الضفة الغربية إلى حين اتخذ والدها قراره بمغادرة أرض الوطن والهجرة إلى كندا.
وتحدّثت الحسيني عن نشأتها في كندا، حيث اعتادت أمها تحضير المأكولات التقليدية باستخدام مكونات لم يكن من السهل إيجادها في البلاد آنذاك، بل كانت تعتمد في تأمينها غالبا على أقربائها القادمين من فلسطين.
وكانت والدة الحسيني تعد الأكلات التقليدية، مثل الفلافل والشاورما للغداء المدرسي. وكانت سوزان تتعرض لسخرية أقرانها، بسبب وجباتها التي وصفوها بالغريبة، لكنها لم تكن تتمتع بالوعي الكافي لفهمهم، أو تشعر بالانزعاج من ذلك.
وكانت أمها تطلب منها دعوة أصدقائها في المدرسة للخروج واللعب سوية، وتجهز لهم ولائم كبيرة من مختلف أنواع الطعام العربي. ولم يكد يمر وقت طويل، حتى بدأ الأطفال يطلبون تناول هذه الوجبات.
واستكشفت الطاهية ميرنا بامية، مؤسسة مجموعة “استضافات فلسطين” التي تلقي الضوء على الوصفات الفلسطينية التقليدية وتسعى إلى إحيائها، طريقة جديدة لطبق “الكبة” المرتبط كثيرا بالمطابخ الكردية.
وقالت إن الأمر رائع للغاية لأن هناك اعتقادا دائما بأن المطبخ الفلسطيني ليست فيه وصفة للكبة. وتقول ميرنا “إذا كنت تؤمن بأن الطعام جزء مهم من الثقافة والتاريخ، فهذه المجموعة تتيح الفرصة أمام المشاركين لبناء علاقاتهم مع الطعام، وإعادة تشكيلها مع المكان والتاريخ والمجتمع والسياسة والثقافة”.
الجولة فتحت أمام الطهاة نافذة على الثقافة الأوسع للفلسطينيين وسط كفاحهم المستمر منذ عقود من أجل إقامة دولة
ويشارك كل عضو من أعضاء مجموعة “استضافات فلسطين” في إعداد بحث خاص يقوم بشكل أساسي على تحضير الطعام والقراءات والمحادثات والتفكير في نشاطات متصلة بفن الطهي، والتي تكشف عن الأعراف والقيود الاجتماعية الأعمّ، مقابل المعضلات السياسية المعاصرة التي تشكّل مجتمعاتنا الفلسطينية في زمننا الراهن.
وتقول ميرنا “لطالما عبّر الطعام، باختلاف مكوناته وطرق إعداده وتقديمه، عن تمثيل لطبقات مجتمعية وحقب تاريخية، وأشكال سلطوية سياسية أو دينية. فهو يخلق حول المائدة بيئة تجمع تناقضات واختلافات بين الناس. وينطوي التشارك بإعداد وتناول أصناف الطعام على المائدة، على جوانب من الضيافة والتوزيع والتبادل والألفة والسعادة. وقد يتحول إعداد وجبة مشتركة إلى فضاء للتأمل في الوقائع الاجتماعية والسياسية والمواقف والأشكال الثقافية السائدة في الوقت الراهن، وحتى عناصر التاريخ التي جرى طمسها”.
وقال إسماعيل أبوعرفة، من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إن الجولة فتحت أمام الطهاة نافذة على الثقافة الأوسع للفلسطينيين وسط كفاحهم المستمر منذ عقود من أجل إقامة دولة.
وأضاف أن الزوار يريدون التعرف على التاريخ والأهمية الثقافية، ولكن القيمة الغذائية لهذه الأطباق القديمة مهمة أيضا، مشيرا إلى أن هذه العملية يمكن أن تجعل من الأراضي الفلسطينية سوقا متخصصة تخدم حقا طرق الإنتاج التقليدية القديمة.
الطهاة ذوو الأصول الفلسطينية ركزوا على التقنيات التقليدية مثل كيفية تحويل الزنبق الفلسطيني الأرجواني الداكن إلى مكون يدخل في الحساء وإلى علاج تقليدي.
الثلاثاء 2023/05/30
انشرWhatsAppTwitterFacebook
أسرار جديدة
يعتبر الطعام جزءا هاما من الهوية والثقافة، لذلك يبحث مجموعة من الطهاة ذوي الأصول الفلسطينية خفايا وأسرار طعام بلادهم ونكهاته لتطويره والترويج له في البلدان التي يعيشون ويعملون فيها.
القدس – حققت الطاهية الكندية الشهيرة سوزان الحسيني حلمها من خلال جولة الطهي الأولى التي تعيدها إلى الأراضي الفلسطينية، والتي كانت بالنسبة لها فرصة للمحافظة على الأطباق والعلاجات الشعبية الخاصة بأجدادها والترويج لها.
فخلال جولة للطهي تحمل طابع الاعتماد على خيرات الأرض مباشرة في الضفة الغربية المحتلة والقدس وقطاع غزة، وجدت سوزان وأربعة آخرون من الطهاة البارزين أنفسهم أمام مطبخ فلسطيني لا يعرف الأجانب، الذين اعتادوا فقط على أخبار الصراع الفلسطيني مع إسرائيل، شيئا عنه في الغالب.
وقالت سوزان، التي غادرت عائلتها الأراضي الفلسطينية عام 1967 إلى كندا “حلم حياتي كان يتمثل في الرجوع إلى فلسطين… عشت طفولتي وأنا لا أعرف عن بلدي إلا ما يرويه لي أهلي، عن مدنها… ومن خلال الأكل الذي تعدّه أمي، كل طبخة لها قصة عندها، وكل أكلة مرتبطة برواية تربطنا بالأرض، بفلسطين”.
الزوار يريدون التعرف على التاريخ والأهمية الثقافية، ولكن القيمة الغذائية لهذه الأطباق القديمة مهمة أيضا
وانطلقت الجولة برعاية برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بهدف توسيع نطاق جاذبية المطبخ الفلسطيني عالميا، على الرغم من الندرة النسبية وتكلفة بعض مكوناته.
وركز الطهاة ذوو الأصول الفلسطينية على التقنيات التقليدية مثل كيفية تحويل الزنبق الفلسطيني الأرجواني الداكن السام الذي يزهر في الربيع إلى مكون يدخل في الحساء وإلى علاج تقليدي.
كما اطّلعوا على الفوائد الغذائية للفريكة، وهي عبارة عن حبوب قمح يتم حصادها بينما تكون السنابل لا تزال خضراء، ثم تدخينها لتحتفظ بالبروتينات الطبيعية وتُطهى بطريقة مماثلة للأرز.
سوزان الحسيني هي اليوم مؤلفة ومقدمة برامج طبخ وشيف شهيرة، نشأت مع والدين من نابلس في الضفة الغربية إلى حين اتخذ والدها قراره بمغادرة أرض الوطن والهجرة إلى كندا.
وتحدّثت الحسيني عن نشأتها في كندا، حيث اعتادت أمها تحضير المأكولات التقليدية باستخدام مكونات لم يكن من السهل إيجادها في البلاد آنذاك، بل كانت تعتمد في تأمينها غالبا على أقربائها القادمين من فلسطين.
وكانت والدة الحسيني تعد الأكلات التقليدية، مثل الفلافل والشاورما للغداء المدرسي. وكانت سوزان تتعرض لسخرية أقرانها، بسبب وجباتها التي وصفوها بالغريبة، لكنها لم تكن تتمتع بالوعي الكافي لفهمهم، أو تشعر بالانزعاج من ذلك.
وكانت أمها تطلب منها دعوة أصدقائها في المدرسة للخروج واللعب سوية، وتجهز لهم ولائم كبيرة من مختلف أنواع الطعام العربي. ولم يكد يمر وقت طويل، حتى بدأ الأطفال يطلبون تناول هذه الوجبات.
واستكشفت الطاهية ميرنا بامية، مؤسسة مجموعة “استضافات فلسطين” التي تلقي الضوء على الوصفات الفلسطينية التقليدية وتسعى إلى إحيائها، طريقة جديدة لطبق “الكبة” المرتبط كثيرا بالمطابخ الكردية.
وقالت إن الأمر رائع للغاية لأن هناك اعتقادا دائما بأن المطبخ الفلسطيني ليست فيه وصفة للكبة. وتقول ميرنا “إذا كنت تؤمن بأن الطعام جزء مهم من الثقافة والتاريخ، فهذه المجموعة تتيح الفرصة أمام المشاركين لبناء علاقاتهم مع الطعام، وإعادة تشكيلها مع المكان والتاريخ والمجتمع والسياسة والثقافة”.
الجولة فتحت أمام الطهاة نافذة على الثقافة الأوسع للفلسطينيين وسط كفاحهم المستمر منذ عقود من أجل إقامة دولة
ويشارك كل عضو من أعضاء مجموعة “استضافات فلسطين” في إعداد بحث خاص يقوم بشكل أساسي على تحضير الطعام والقراءات والمحادثات والتفكير في نشاطات متصلة بفن الطهي، والتي تكشف عن الأعراف والقيود الاجتماعية الأعمّ، مقابل المعضلات السياسية المعاصرة التي تشكّل مجتمعاتنا الفلسطينية في زمننا الراهن.
وتقول ميرنا “لطالما عبّر الطعام، باختلاف مكوناته وطرق إعداده وتقديمه، عن تمثيل لطبقات مجتمعية وحقب تاريخية، وأشكال سلطوية سياسية أو دينية. فهو يخلق حول المائدة بيئة تجمع تناقضات واختلافات بين الناس. وينطوي التشارك بإعداد وتناول أصناف الطعام على المائدة، على جوانب من الضيافة والتوزيع والتبادل والألفة والسعادة. وقد يتحول إعداد وجبة مشتركة إلى فضاء للتأمل في الوقائع الاجتماعية والسياسية والمواقف والأشكال الثقافية السائدة في الوقت الراهن، وحتى عناصر التاريخ التي جرى طمسها”.
وقال إسماعيل أبوعرفة، من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إن الجولة فتحت أمام الطهاة نافذة على الثقافة الأوسع للفلسطينيين وسط كفاحهم المستمر منذ عقود من أجل إقامة دولة.
وأضاف أن الزوار يريدون التعرف على التاريخ والأهمية الثقافية، ولكن القيمة الغذائية لهذه الأطباق القديمة مهمة أيضا، مشيرا إلى أن هذه العملية يمكن أن تجعل من الأراضي الفلسطينية سوقا متخصصة تخدم حقا طرق الإنتاج التقليدية القديمة.