غلاييني (مصطفي محمد)
Al-Ghalayini (Mustafa ibn Mohammad-) - Al-Ghalayini (Mustafa ibn Mohammad-)
الغلاييني (مصطفى بن محمد ـ)
(1302ـ 1364هـ/ 1885ـ 1944م)
مصطفى بن محمد بن محيي الدين بن مصطفى الغلاييني، والغلاييني صانع الغلايين، جمع غليون، وكان أغلب صُنَّاعهِ من البدو، تنتمي أسرة الغلاييني إلى «الفوائد»، وهي قبيلة من «الحويطات»، منازلها بين العقبة والوجه من أرض الحجاز، ومنها أفخاذ تضرب أطنابها في وادي النيل.
ولد في بيروت، ونشأ وتلقى علومه الأولى على يد عدد من العلماء هم: الشيخ رجب جمال الدين، والشيخ محيي الدين الخياط، والشيخ حسن المدور، والشيخ محمد الكردي الملكاني، والشيخ عبد الباسط الفاخوري، والشيخ صالح الرافعي، والشيخ عبد الرحمن الحوت.
سافر سنة 1903م إلى مصر، فأخذ في الأزهر عن علمائه: الشيخ محمد عبده، والشيخ محمد أبي راشد، والشيخ السيد المرصفي.
عاد سنة 1908م إلى بيروت بعد إعلان الدستور العثماني، فأصدر فيها مجلة «النبراس» الشهرية في 22/1/1909م ودام صدورها سنتين ثم أغلقها، ودخل في أثناء ذلك حزب «الاتحاد والترقي» ثم انسحب منه لما تبين له أن غايته التتريك، ثم دخل حزب «الائتلاف» فحزب «الإصلاح».
درّس في مسجد بيروت الكبير (الجامع العمري)، وفي المدرسة السلطانية إلى قيام الحرب العالمية الأولى سنة 1914م وعيَّن في منصب خطيب الجيش الرابع العثماني، ورافقه وشهد هزيمته، ثم عاد إلى بيروت، فدرّس في «الكلية الإسلامية» و«الكلية الشرعية» وغيرهما، وتخرج فيها على يديه جم غفير من الأدباء والشعراء والأطباء والمهندسين والمحامين والصحفيين، فأخرج لهم حلقات من كتبه في النحو والعروض والأدب أحسن ترتيبها وتبويبها وإيضاح عبارتها.
ولما طلبه الفرنسيون بتهمة التحريض على رفض الانتداب سنة 1918م، فرّ إلى دمشق وتطوع للعمل في الجيش العربي الفيصلي، فتولى في تلك الأثناء أعمال ديوان الرسائل في الأمن العام، وعندما سقطت دمشق في يد الفرنسيين قُبِضَ عليه وطُرِدَ إلى بيروت، ثم تركها إلى عمان في نيسان سنة 1921م حيث ملكها الأمير عبد الله ابن الحسين، وتولى فيها أيضاً رئاسة ديوان الرسائل في الأمن العام، وفي آذار سنة 1922م عاد إلى بيروت ليأتي بأسرته إلى عمان فاعتقل سبعة أشهر في سجن الشرطة ببيروت، ثم خمسة أشهر في سجن القلعة بجزيرة أرواد، ولقي فيه الطبيب عبد الرحمن الشهبندر ورفاقه، ثم أُفْرِجَ عنه فرجع إلى عمَان، وتولى فيها لأكثر من سنة تأديب الأمير طلال بن عبد الله، وصار في أثناء ذلك عضواً في المجمع العلمي في عمان، ثم استقال وعاد إلى بيروت في شباط سنة 1924م، فاعتقله الفرنسيون خمسة عشر يوماً في سجن رأس بيروت العسكري، ثم نفي إلى حيفا في فلسطين ثلاث سنوات، وعندما صدر العفو عن المبعدين عاد إلى بيروت، وبُعيد عودته انتُخب في 18/4/1927م عضواً مراسلاً في المجمع العلمي العربي بدمشق، وانتخب رئيساً لجمعية تعزيز اللغة العربية في لبنان، ورئيساً للمجلس الإسلامي اللبناني، وفي سنة 1933م احتُفِلَ به في نادي الكلية الإسلامية ببيروت، فلبس العمامة ثانية، وانتخب قاضياً للمدينة، وتولى رئاسة محكمة الاستئناف الشرعية فيها إلى أن وافاه الأجل.
كان الغلاييني شاعراً مطبوعاً، نظم الشعر حَدَثاً قبل أن يدري النحو والعروض، اختار قبل الحرب العالمية الأولى من نظمه ديواناً ينوف على ألفي بيت، ضاع منه كثير ونشر منه طائفة في الصحف، قبل أن يطبع ديوانه المعهود.
كان ناثراً بليغاً، بدا ذلك في كتبه، ومقالاته في مجلته «النبراس»، وكان نحوياً ولغوياً ضليعاً، يشهد بذلك كتابه «جامع الدروس العربية» المطبوع عشرات المرات، الذي انتفعت به أجيال من طلاب العربية، وظهرت في ثناياه آراؤه النحوية مثل رأيه في: (خلا وعدا وحاشا)، وكتابه «نظرات في اللغة والأدب»، وهو نقد لكتاب «المنذر» للشيخ إبراهيم المنذر في الأغلاط اللغوية المتفشية على الألسنة والأقلام، يتصف بالإحاطة وسعة التحقيق وبُعد الغور، ومما جاء في خطبة الكتاب: «فكل ما يوافق اللغة مجازاً أو تصريفاً أو اشتقاقاً أو قياساً وكان مقبولاً عند أصحاب الذوق السليم وكنا في حاجة إليه جاز لنا استعماله وإن لم يستعمله الجدود، وما قيس على كلام العرب فهو من كلامهم…»، وأما مقالاته التي يظهر فيها مذهبه في اللغة فيمثلها مقالته في مجلة المجمع: «الكلمات غير القاموسية»، وهي جوابه على الأصناف السبعة التي اقترحها عبد القادر المغربي للكلمات التي ينبغي استعمالها أو اطِّراحها ولم تذكرها المعاجم، وكان إسهامه في أعمال المجمع قليلاً نظراً لتوليه القضاء الشرعي. صنف الغلاييني ما يقرب من عشرين كتاباً طبعت في حياته، خلا مذكراته التي طُبِعَتْ بعد وفاته، وظهرت دراسات تناولته بالبحث منها: «الشيخ مصطفى الغلاييني: حياته وشعره» لحسين بطيخة، و«الغلاييني نحوي العصر» لأحمد الخوص.
خير الله الشريف
Al-Ghalayini (Mustafa ibn Mohammad-) - Al-Ghalayini (Mustafa ibn Mohammad-)
الغلاييني (مصطفى بن محمد ـ)
(1302ـ 1364هـ/ 1885ـ 1944م)
مصطفى بن محمد بن محيي الدين بن مصطفى الغلاييني، والغلاييني صانع الغلايين، جمع غليون، وكان أغلب صُنَّاعهِ من البدو، تنتمي أسرة الغلاييني إلى «الفوائد»، وهي قبيلة من «الحويطات»، منازلها بين العقبة والوجه من أرض الحجاز، ومنها أفخاذ تضرب أطنابها في وادي النيل.
ولد في بيروت، ونشأ وتلقى علومه الأولى على يد عدد من العلماء هم: الشيخ رجب جمال الدين، والشيخ محيي الدين الخياط، والشيخ حسن المدور، والشيخ محمد الكردي الملكاني، والشيخ عبد الباسط الفاخوري، والشيخ صالح الرافعي، والشيخ عبد الرحمن الحوت.
سافر سنة 1903م إلى مصر، فأخذ في الأزهر عن علمائه: الشيخ محمد عبده، والشيخ محمد أبي راشد، والشيخ السيد المرصفي.
عاد سنة 1908م إلى بيروت بعد إعلان الدستور العثماني، فأصدر فيها مجلة «النبراس» الشهرية في 22/1/1909م ودام صدورها سنتين ثم أغلقها، ودخل في أثناء ذلك حزب «الاتحاد والترقي» ثم انسحب منه لما تبين له أن غايته التتريك، ثم دخل حزب «الائتلاف» فحزب «الإصلاح».
درّس في مسجد بيروت الكبير (الجامع العمري)، وفي المدرسة السلطانية إلى قيام الحرب العالمية الأولى سنة 1914م وعيَّن في منصب خطيب الجيش الرابع العثماني، ورافقه وشهد هزيمته، ثم عاد إلى بيروت، فدرّس في «الكلية الإسلامية» و«الكلية الشرعية» وغيرهما، وتخرج فيها على يديه جم غفير من الأدباء والشعراء والأطباء والمهندسين والمحامين والصحفيين، فأخرج لهم حلقات من كتبه في النحو والعروض والأدب أحسن ترتيبها وتبويبها وإيضاح عبارتها.
ولما طلبه الفرنسيون بتهمة التحريض على رفض الانتداب سنة 1918م، فرّ إلى دمشق وتطوع للعمل في الجيش العربي الفيصلي، فتولى في تلك الأثناء أعمال ديوان الرسائل في الأمن العام، وعندما سقطت دمشق في يد الفرنسيين قُبِضَ عليه وطُرِدَ إلى بيروت، ثم تركها إلى عمان في نيسان سنة 1921م حيث ملكها الأمير عبد الله ابن الحسين، وتولى فيها أيضاً رئاسة ديوان الرسائل في الأمن العام، وفي آذار سنة 1922م عاد إلى بيروت ليأتي بأسرته إلى عمان فاعتقل سبعة أشهر في سجن الشرطة ببيروت، ثم خمسة أشهر في سجن القلعة بجزيرة أرواد، ولقي فيه الطبيب عبد الرحمن الشهبندر ورفاقه، ثم أُفْرِجَ عنه فرجع إلى عمَان، وتولى فيها لأكثر من سنة تأديب الأمير طلال بن عبد الله، وصار في أثناء ذلك عضواً في المجمع العلمي في عمان، ثم استقال وعاد إلى بيروت في شباط سنة 1924م، فاعتقله الفرنسيون خمسة عشر يوماً في سجن رأس بيروت العسكري، ثم نفي إلى حيفا في فلسطين ثلاث سنوات، وعندما صدر العفو عن المبعدين عاد إلى بيروت، وبُعيد عودته انتُخب في 18/4/1927م عضواً مراسلاً في المجمع العلمي العربي بدمشق، وانتخب رئيساً لجمعية تعزيز اللغة العربية في لبنان، ورئيساً للمجلس الإسلامي اللبناني، وفي سنة 1933م احتُفِلَ به في نادي الكلية الإسلامية ببيروت، فلبس العمامة ثانية، وانتخب قاضياً للمدينة، وتولى رئاسة محكمة الاستئناف الشرعية فيها إلى أن وافاه الأجل.
كان الغلاييني شاعراً مطبوعاً، نظم الشعر حَدَثاً قبل أن يدري النحو والعروض، اختار قبل الحرب العالمية الأولى من نظمه ديواناً ينوف على ألفي بيت، ضاع منه كثير ونشر منه طائفة في الصحف، قبل أن يطبع ديوانه المعهود.
كان ناثراً بليغاً، بدا ذلك في كتبه، ومقالاته في مجلته «النبراس»، وكان نحوياً ولغوياً ضليعاً، يشهد بذلك كتابه «جامع الدروس العربية» المطبوع عشرات المرات، الذي انتفعت به أجيال من طلاب العربية، وظهرت في ثناياه آراؤه النحوية مثل رأيه في: (خلا وعدا وحاشا)، وكتابه «نظرات في اللغة والأدب»، وهو نقد لكتاب «المنذر» للشيخ إبراهيم المنذر في الأغلاط اللغوية المتفشية على الألسنة والأقلام، يتصف بالإحاطة وسعة التحقيق وبُعد الغور، ومما جاء في خطبة الكتاب: «فكل ما يوافق اللغة مجازاً أو تصريفاً أو اشتقاقاً أو قياساً وكان مقبولاً عند أصحاب الذوق السليم وكنا في حاجة إليه جاز لنا استعماله وإن لم يستعمله الجدود، وما قيس على كلام العرب فهو من كلامهم…»، وأما مقالاته التي يظهر فيها مذهبه في اللغة فيمثلها مقالته في مجلة المجمع: «الكلمات غير القاموسية»، وهي جوابه على الأصناف السبعة التي اقترحها عبد القادر المغربي للكلمات التي ينبغي استعمالها أو اطِّراحها ولم تذكرها المعاجم، وكان إسهامه في أعمال المجمع قليلاً نظراً لتوليه القضاء الشرعي. صنف الغلاييني ما يقرب من عشرين كتاباً طبعت في حياته، خلا مذكراته التي طُبِعَتْ بعد وفاته، وظهرت دراسات تناولته بالبحث منها: «الشيخ مصطفى الغلاييني: حياته وشعره» لحسين بطيخة، و«الغلاييني نحوي العصر» لأحمد الخوص.
خير الله الشريف