اصفهان
Isfahan - Isfahan
أصْفَهان
أصفهان Isfahan أو أصْبَهان بفتح الهمزة وكسرها ـ والأوّل أشهر ـ مدينة عظيمة مشهورة من أعلام مدن إيران وأعيانها. وفي تفسير اسمها اختلاف، فقال أصحاب السِّير: سميت بأصفهان بن فلوج بن لنطي بن يونان بن يافث، وقال أهل اللغة: هي مركبة من «أصب» أي البلد و«هان» أي الفارس، فيصبح معناها بلاد الفرسان، وقيل غير ذلك.
تقع أصفهان على حافة المقطع الشرقي لسلسلة جبال زغروس الواقعة إلى الغرب من إيران اليوم. وتبعد نحو 430كم إلى الجنوب من طهران[ر] مع انحراف قليل جداً نحو الشرق، وتقع على خط الطول 51 درجة و41 دقيقة شرقاً، وخط العرض 32 درجة و41 دقيقة شمالاً، على الطريق الرئيسي الذي يخترق إيران من الجنوب إلى الشمال. وأما ارتفاعها عن سطح البحر فمختلف، أعلاه 1520م، وأدناه 1475م. ويسقي أصفهان نهر كبير يُسَمّى «زايَنْدِه رود» أي النهر المولد، يجري في جنوبيها من الغرب إلى الشرق، ويروي أراضيها وبيوتها، ويعمرها بالخضرة والحدائق والابتراد، وتنشعب منه فروع عدة تصل إلى 150 فرعاً تقوم حولها معظم أحياء المدينة ومحالُّها. وأما طقسها فحسن معتدل، وما أبلغ وصف الحجاج لها حين قال لوالٍ ولاّه أصفهان: «قد وليتك بلدةً، حجرُها الكُحلُ، وذبابها النَّحل، وحشيشها الزعفران». والمثل الفارسي يقول: «أصفهان نصف جيهان» أي أصفهان نصف الدُّنيا.
يعود تاريخ هذه المدينة إلى ألفي سنة قبل الميلاد، وقد كانت بالموضع المعروف بجيّ، وهو الآن يعرف بشهرستان وبالمدينة، فلما سار بُخت نَصَّر، وأخذ بيت المقدس، وسَبى أهلها، حمل معه يهودها، وأنزلهم أصفهان، فبنوا لهم في طرف مدينة جيّ محلّة، ونزلوها، وسُميت اليهودية، وتسالفت الأعصار فخربت جيّ وعمرت اليهودية، فمدينة أصفهان هي اليهودية كما يقول ياقوت وغيره.
فتح المسلمون أصفهان سنة 19هـ أو 23هـ في عهد الخليفة عمر بن الخطّاب، وفي سنة 247 هـ/861م نشبت فيها فتنة في عهد الخليفة المعتز في أثناء حملة موسى بن بغا على العلويين بطبرستان، وقد استردها جنود الخليفة، وأبادوا أهلها، ونفوا أعيانها. ثم أخذها مرداويج بن زيار عام 316هـ/928م، ثم انتزعها السلطان محمود الغزنوي من البويهيين سنة 421هـ/1030م، ثم د خلت في طاعة السلطان «طغرلبك» السلجوقي سنة 434هـ/1042م، وجعلها السلطان ملكشاه السلجوقي مقراً له. وفي سنة 625هـ/1228م أصبحت أصفهان جزءاً من دولة المغول، ثم فرض تيمورلنك عليها ضرائب فاحشة سنة 789هـ/1387م مما أدى إلى ثورة الناس وقتل بعض الجباة، ففار فائر تيمور، الذي أمر بتقتيل أهالي أصفهان، فحصد منهم زهاء سبعين ألف شخص. ثم دخلت في حمى الامبراطورية العثمانية يوم فتحها السلطان سليمان القانوني سنة 955هـ/1548م، وفي سنة 1006هـ/1597م نقل الشاه عباس الكبير الصفوي عاصمته من قزوين إلى أصفهان. ثم حاصرها محمود الأفغاني سنة 1134هـ/1721م، وقطع عنها الطعام، وزادها بؤساً حلول القحط والطاعون، فأَذْعنت، وخُلع الشاه سلطان حسين الصفوي. ثم حررها طهماسب قولي خان (نادر شاه) عام 1141هـ/1729م.
تبوّأت أصفهان عبر تاريخها مكانة مرموقة، فكانت عاصمة السلاجقة في القرن الخامس الهجري، وعاصمة الصفويين حتى الغزو الأفغاني إذ انتقلت العاصمة إلى طهران. وكانت محظيّة عند حكامها فقد جعل منها الشاه عباس مدينة جميلة فسيحة، وكذلك شيّد الشاه عباس الأوّل «مسجد الشاه»، وغطّاه بالآجر المطلي بالميناء، وهو من أبهى الأبنية في العالم ولاسيما بعد أن غطى الشاه صفي الأول أبوابه بالفضة. ومن جملة آثارها البديعة السوق الشاهاني (قيسارية)، وله مدخل مغطى بالقيشاني الملون، ووسطه متوج بقبة، وبرج «خواجه عالم» الذي يسمى «غُلبر» ومعناه المحمل بالأزهار، والقلعة المعروفة باسم «طبرق»، وطريق جهار باغ، ومدرسة مادر شاه، وقصر هشت بهشت، وثلاثة جسور على نهر «زاينده رود»، وميدان شاه الذي ما يزال يحتفظ برونقه الساحر وغيرها.
ومن نسب إلى أصفهان من العلماء خلق كثير، منهم داود بن علي الأصفهاني (ت270هـ) صاحب المذهب الظاهري، وأبو الفرج الأصفهاني (ت356هـ) صاحب «الأغاني»، والفقيه أبو نُعَيْم الأصفها ني (ت430هـ) صاحب «حليـة الأولياء وطبقات الأصفياء»، والراغب الأصفهاني (ت502هـ) صاحب «مفردات غريب القرآن»، وجامع العلوم الأصفهاني الباقولـي (ت543هـ) صاحب «كشف المشكلات وإيضاح المعضلات»، والعماد الأصفهاني (ت597هـ) صاحب «خريدة القصر وجريدة العصر»، وغيرهم.
وأصفهان اليوم مدينة صناعية مرموقة، إذ تعد المدينة الصناعية الأولى في إيران، وهي مختصة بالصناعات القماشية، والمعدنية، والخزفية، والزجاجية، والسجاد، لوفرة الوافدين إليها، وكثرة المبادلات التجارية عبرها بين قارتي أوربة وآسيا، وأما سجادها فقد طبقت شهرته الآفاق، و لها ثلث إنتاج إيران من الغزل.
أصفهان نموذج فذٌّ للمدينة العريقة والحديثة، ففيها يجتمع سحر الشرق القديم وجمال المدينة المعاصرة ورفاهيتها.
ج.
Isfahan - Isfahan
أصْفَهان
أصفهان Isfahan أو أصْبَهان بفتح الهمزة وكسرها ـ والأوّل أشهر ـ مدينة عظيمة مشهورة من أعلام مدن إيران وأعيانها. وفي تفسير اسمها اختلاف، فقال أصحاب السِّير: سميت بأصفهان بن فلوج بن لنطي بن يونان بن يافث، وقال أهل اللغة: هي مركبة من «أصب» أي البلد و«هان» أي الفارس، فيصبح معناها بلاد الفرسان، وقيل غير ذلك.
يعود تاريخ هذه المدينة إلى ألفي سنة قبل الميلاد، وقد كانت بالموضع المعروف بجيّ، وهو الآن يعرف بشهرستان وبالمدينة، فلما سار بُخت نَصَّر، وأخذ بيت المقدس، وسَبى أهلها، حمل معه يهودها، وأنزلهم أصفهان، فبنوا لهم في طرف مدينة جيّ محلّة، ونزلوها، وسُميت اليهودية، وتسالفت الأعصار فخربت جيّ وعمرت اليهودية، فمدينة أصفهان هي اليهودية كما يقول ياقوت وغيره.
المسجد الملكي من الداخل (أصفهان) |
تبوّأت أصفهان عبر تاريخها مكانة مرموقة، فكانت عاصمة السلاجقة في القرن الخامس الهجري، وعاصمة الصفويين حتى الغزو الأفغاني إذ انتقلت العاصمة إلى طهران. وكانت محظيّة عند حكامها فقد جعل منها الشاه عباس مدينة جميلة فسيحة، وكذلك شيّد الشاه عباس الأوّل «مسجد الشاه»، وغطّاه بالآجر المطلي بالميناء، وهو من أبهى الأبنية في العالم ولاسيما بعد أن غطى الشاه صفي الأول أبوابه بالفضة. ومن جملة آثارها البديعة السوق الشاهاني (قيسارية)، وله مدخل مغطى بالقيشاني الملون، ووسطه متوج بقبة، وبرج «خواجه عالم» الذي يسمى «غُلبر» ومعناه المحمل بالأزهار، والقلعة المعروفة باسم «طبرق»، وطريق جهار باغ، ومدرسة مادر شاه، وقصر هشت بهشت، وثلاثة جسور على نهر «زاينده رود»، وميدان شاه الذي ما يزال يحتفظ برونقه الساحر وغيرها.
ومن نسب إلى أصفهان من العلماء خلق كثير، منهم داود بن علي الأصفهاني (ت270هـ) صاحب المذهب الظاهري، وأبو الفرج الأصفهاني (ت356هـ) صاحب «الأغاني»، والفقيه أبو نُعَيْم الأصفها ني (ت430هـ) صاحب «حليـة الأولياء وطبقات الأصفياء»، والراغب الأصفهاني (ت502هـ) صاحب «مفردات غريب القرآن»، وجامع العلوم الأصفهاني الباقولـي (ت543هـ) صاحب «كشف المشكلات وإيضاح المعضلات»، والعماد الأصفهاني (ت597هـ) صاحب «خريدة القصر وجريدة العصر»، وغيرهم.
وأصفهان اليوم مدينة صناعية مرموقة، إذ تعد المدينة الصناعية الأولى في إيران، وهي مختصة بالصناعات القماشية، والمعدنية، والخزفية، والزجاجية، والسجاد، لوفرة الوافدين إليها، وكثرة المبادلات التجارية عبرها بين قارتي أوربة وآسيا، وأما سجادها فقد طبقت شهرته الآفاق، و لها ثلث إنتاج إيران من الغزل.
أصفهان نموذج فذٌّ للمدينة العريقة والحديثة، ففيها يجتمع سحر الشرق القديم وجمال المدينة المعاصرة ورفاهيتها.
ج.