اشغال عامه (عقد)
Public works contract - Marché de travaux publics
الأشغال العامة (عقد ـ)
عقد الأشغال العامة le marché de travaux publics هو عقد إداري تبرمه الإدارة مع أحد المتعهدين «فرداً كان أم شركة» ويقصد منه قيام المتعهد ببناء عقارات لحساب شخص معنوي عام أو ترميمها أو صيانتها بغية تحقيق منفعة عامة، وذلك لقاء ثمن محدود متفق عليه.
ويتضح من هذا التعريف أن عقد الأشغال العامة يتميز من غيره من العقود بجملة خصائصه والتزامات أطرافه ومؤيدات تنفيذها.
خصائص عقد الأشغال العامة
ينصب موضوع العقد دائماً على عقار: وهذا يعني استبعاد العقود التي يتضمن موضوعها منقولات تملكها الإدارة من نطاق عقود الأشغال العامة مهما بلغت ضخامة المنقول، ولو أنها تعد عقوداً إدارية. ويتعلق مضمون «الأشغال العامة» بأعمال البناء والترميم وإقامة الجسور والأنفاق والسدود وما في حكمها، بيد أن القضاء الإداري الفرنسي توسع في فكرة الأشغال العامة وضمنها إضافة إلى ما سبق أعمال التنظيف والكنس والرش في الطرق العامة، وكذلك العقود التي تتناول ناحية بالتخصيص كإقامة خطوط هاتفية، ومد الأسلاك تحت الماء.
وتكون الأعمال التي ينفذها المتعهد لحساب شخص معنوي عام، وهذا يعني أنه ليس من الضروري أن تعود ملكية العقار المقصود للشخص المعنوي العام، فقد يكون العقار الذي تقام عليه الأشغال عقاراً خاصاً لكن الأشغال المنفذة عليه عائدة لحساب شخص معنوي عام.
والاجتهاد القضائي مستقر على أن الأشغال المنفذة تكون لحساب الإدارة إذا نفذت تحت إشرافها ورقابتها المباشرة. وأما الغاية من الأعمال المكونة للأشغال العامة فهي تحقيق نفع عام تقتضيه المصلحة العامة ولو لم تكن هذه الأشغال تنصب أصلاً على الأموال العامة.
التزامات المتعهد (المقاول) ومؤيدات تنفيذها
يمكن إجمال التزامات المتعهد بالتزامه التنفيذ الشخصي والتزامه احترام مدة العقد والتزامه احترام نصوص العقد.
الالتزام بالتنفيذ الشخصي: إن المقاول ملزم شخصياً تنفيذ التزاماته كافة، لأن الإدارة عندما تبرم عقداً تراعي صفات الشخص المتعاقد، ولاسيما إمكاناته المادية والتقانية، ويطبق هذا المبدأ حتى على العقود التي تبنى على أساس المناقصات، وقد أخذ به القضاء الإداري حتى في حال عدم النص عليه في العقد، لكنه ليس مبدأ مطلقاً بل ترد عليه استثناءات عدة في حالات التعاقد من الباطن، والتنازل عن العقد وزوال المتعاقد.
ففي التعاقد من الباطن، تجيز نصوص دفتر الشروط في عقود الأشغال العامة للمتعاقد الأصلي أن يعهد بتنفيذ جزء من التزاماته إلى آخر ويكون متعهداً ثانوياً بشرط الحصول على موافقة الإدارة مسبقاً. وفي هذه الحالة يبقى المتعاقد الأصلي هو المسؤول الوحيد عن تنفيذ التزاماته المقررة بموجب العقد، ولا يكون للمتعهد الثانوي أية علاقة بالإدارة ولا يكون مسؤولاً تجاهها ما لم يوجد نص مخالف.
وفي التنازل عن العقد يجوز للمتعاقد الأصلي أن يُحلّ مكانه شخصاً آخر من أجل تنفيذ التزاماته التعاقدية الملقاة على عاتقه في العقد الأصلي كافة، وذلك بعد حصوله على موافقة مسبقة من الإدارة على قيامه بذلك. وفي هذه الحالة يحلُّ المتنازَل له محل المتعاقد الأصلي في كل الحقوق والالتزامات، وتصبح العلاقة مباشرة بين المتنازل له والإدارة، ويتحلل المتعاقد الأصلي من التزاماته كافة ما لم يوجد نص على خلاف ذلك.
ويترتب على التعاقد من الباطن أو التنازل عن العقد من دون موافقة الإدارة عدم شرعية هذه التصرفات ومن ثم بطلانها، ويبقى المتعاقد الأصلي وحده مسؤولاً تجاه الإدارة عن تنفيذ كامل التزاماته، ولا تقوم أية علاقة بين الإدارة والمتعاقدين من الباطن أو المتنازل لهم عن العقد، ويكون باستطاعة الإدارة عدم تمكينهم من الإسهام في تنفيذ العقد استناداً إلى التزاماتهم تجاه المتعاقد الأصلي.
وفي حال قيام نزاع بين هذا الأخير وبين المتعاقد الثانوي، أو مع المتنازل له فإن هذا النزاع يعد من قبيل منازعات الأفراد التي تختص بنظرها المحاكم العادية لا الإدارية.
وأما زوال المتعاقد فيقصد به وفاة المتعاقد إذا كان شخصاً طبيعياً، أو إفلاسه وتصفيته قضائياً إذا كان شخصاً اعتبارياً.
ففي حالة الوفاة ينفسخ عقد الأشغال العامة حكماً بقوة القانون إلا إذا وافقت الإدارة على اقتراح ورثة المتعاقد المتوفى الاستمرار في تنفيذ العقد.
أما في حالة إفلاس الشخص الاعتباري وتصفيته قضائياً إذا كان طرفاً في عقد الأشغال العامة فيعد العقد منفسخاً حكماً، إلا أنه يمكن للإدارة أن توافق على استمرار المتعاقد في تنفيذ التزاماته، إذا سمحت المحكمة بذلك، كما هو الحال في القانون السوري (المادة 62 من المرسوم التشريعي رقم 228 لعام 1969).
الالتزام باحترام مدة العقد: الأصل أن يحدد العقد الإداري المدة التي يجب على المتعاقد تنفيذ التزاماته في أثنائها وهذه المدة لها أهمية كبيرة جداً لدى المتعاقد والإدارة وأي إهمال لهذا الشرط يرتب المؤيدات الإدارية. وقد تكون مهلة العقد واحدة وعامة لتنفيذ الالتزامات التعاقدية كافة، أو جزئية تتعلق بتنفيذ أجزاء معينة من الأعمال المتفق عليها بالعقد. ولكن في حال عدم تحديد المدة في العقد يستند القاضي الإداري في تحديد مهلة التنفيذ إلى نية الأطراف، والإمكانات المادية والتقانية، والعقود المشابهة أو المطابقة للعقد موضوع النزاع.
ومع ذلك توجد بعض الظروف التي تسوِّغ عدم تنفيذ المتعاقد العقد ضمن المهلة المحددة به كاتفاق الأطراف المتعاقدة على تمديد هذه المهلة، وفعل الإدارة (نظرية فعل الأمير) والقوة القاهرة (والمراد بفعل الأمير هنا ما تقوم به الإدارة من أعمال، أو ما تصدره من نصوص تنعكس على تنفيذ العقد ضمن المهلة المحددة). وهذه النقاط تعد من مسوغات التأخير في تنفيذ العقد.
الالتزام باحترام نصوص العقد: يرتبط الالتزام بتنفيذ بنود هذا النوع من العقود تنفيذاً صحيحاً بمبدأ احترام الأنظمة والتعليمات التقانية لهذه العقود.
وينبني التنفيذ التقاني الجيد على التزام المتعهد تعليمات العقد التزاماً تاماً ومن ذلك تطابق الأعمال لشروط العقد، واحترام نوعية المواد المستخدمة في تنفيذ الأشغال وجودتها، وكذلك احترام الشروط والقواعد الفنية التي ينص عليها العقد. واستناداً إلى أن الإدارة تملك في هذا النوع من العقود الحق في تعديل العقد من جانب واحد، فإنه يجب على المتعاقد تنفيذ التعليمات والطلبات المكتوبة أو الشفهية التي يمكن أن توجهها إليه الإدارة، على الرغم من عدم إدراجها في العقد. ولكن يترتب على الإدارة في هذه الحالة التعويض على المتعاقد بمقدار قيمة الأعمال الإضافية المطلوبة زيادة عما هو متفق عليه في العقد الأساسي.
أما مؤيدات التزامات المتعهد المتعاقد مع الإدارة فهي مؤيدات مالية ومؤيدات غير مالية، والمؤيدات المالية نوعان هما التعويض والغرامة التأخيرية. ويتمثل التعويض بمبلغ من المال يدفعه المقاول للإدارة بهدف تعويض الأضرار التي لحقت بالإدارة من جراء إخلال المتعاقد بالتزاماته. وأما الغرامة التأخيرية فهي مبالغ نقدية تفرض على المقاول لتأخيره في تنفيذ الأشغال أو تقديم المواد في المدة المحددة المنصوص عليها بالعقد أو دفتر الشروط، ولو لم يلحق بالإدارة أي ضرر.
وأما المؤيدات غير المالية فهي جزاءات تهدف إما إلى الضغط على المقاول لإرغامه على احترام التزاماته التعاقدية أو إلى إنهاء العلاقة التعاقدية (فسخ العقد) وتحميل المتعاقد ما يترتب على ذلك من آثار. وهذه الجزاءات تفرضها الإدارة مباشرة من دون حاجة إلى الرجوع إلى القاضي الإداري.
والجزاءات الضاغطة (المؤقتة) هي أن تقوم الإدارة بإحلال نفسها أو غيرها مكان المتعهد الأصلي لتنفيذ العقد مؤقتاً ريثما يتم إصلاح الخطأ الحاصل (تقصير المتعهد أو عجزه) وفي هذه الحالة تصبح الإدارة (أو الشخص الذي وضعته) وكيلاً عن المتعاقد الأصلي.
أما فسخ العقد، جزاءً، فيقصد به وضع حد للعلاقة التعاقدية بين المتعاقد (المتعهد) والإدارة في غير الأحوال الاعتيادية لانتهاء هذه الرابطة، هذا الأمر يعد حقاً أصيلاً للإدارة متى رأت أن المرفق العام في خطر لإخلال المتعهد بالتزاماته التعاقدية إخلالاً جسيماً.
وهناك درجتان للفسخ، الأولى هي الفسخ البسيط المجرد: أي إنهاء الرابطة التعاقدية بين الإدارة والمتعاقد وإيقاع غرامات التأخير وتعويض العطل والضرر عن الأضرار التي سببها المقاول للإدارة، وهذا النوع من الفسخ يحرر المقاول من جميع الالتزامات المالية التي يمكن أن تنتج من جراء إبرام عقد جديد لتأمين استمرار المرفق العام. والثانية هي فسخ العقد وإبرام عقد جديد على مسؤولية المقاول وعلى حسابه. وهذا الفسخ أشد قسوة على المقاول الأصلي لأنه يضع على عاتقه الفروق المالية الناتجة من إجراء منافسة حرة لإبرام عقد جديد مع الآخرين.