غرامشي (انطوني)
Gramsci (Antonio-) - Gramsci (Antonio-)
غرامشي (أنطونيو ـ)
(1891 ـ 1937)
أنطونيو غرامشي Antonio Gramsci سياسي وفيلسوف إيطالي بارز، ولد في آليس (سردينيا) وتوفي في روما. هاجر إلى تورين، وأتم فيها دراسته الجامعية في الفلسفة والتاريخ والأدب. وانتمى في عام 1913 إلى الحزب الاشتراكي، وغدا بسرعة من قادة الجناح اليساري للحزب. وبعد اضطرابات 1917شغل منصب أمين عام الحزب. شارك في حركة مجالس المصانع، وعمل في مطلع حياته صحفياً، وأسس في عام 1919 مجلة «التنظيم الجديد» أوردينه نوفو (L,Ordine Nuovo)، وهي مجلة إيطالية ناطقة باسم الجناح اليساري للحزب الاجتماعي الإيطالي.
ثم قاد في نيسان/إبريل عام 1920مظاهرات كبيرة ضد سياسة الدولة، والتضامن مع روسيا وهنغاريا. استقال عام 1921 من الحزب الاجتماعي، وأسس مع عدد من رفاقه الحزب الشيوعي الإيطالي الجديد، وتولى أمانة الحزب من عام 1924 حتى 1927. وأسس صحيفة أونيتا Unita.
انتُخب نائباً عن مدينة تورينو (1924ـ 1926)، لكن الحكومة الفاشية جردته من هذا المنصب، وألقت القبض عليه بتهمة التحريض على الحرب الأهلية في عام 1926، وحكمت عليه بعد عامين بالسجن مدة عشرين عاماً. وكاد يموت من التعذيب ولكنه واجه الأسر بشجاعة ورباطة جأش، وتشهد على ذلك «دفاتر السجن» (صدرت بعد وفاته، عام 1947)، واستغرق في تأمل عقلي عميق، نمَّ على فكر موسوعي، في عدد من الموضوعات الاجتماعية والتاريخية والفلسفية والأدبية، وسجل ملاحظاته بصددها في اثنين وثلاثين كراساً (طبعت بعد وفاته عام 1948ـ 1951). وقع فريسة مرض خطير من جراء إقامته الطويلة في السجن، فارتفعت صرخات الاستنكار في عدد من عواصم العالم، الأمر الذي حدا بالحكومة الفاشية إلى إطلاق سراحه، ولاسيما أنها كانت واثقة من دنو أجله، ونُقِلَ إلى أحد مستشفيات روما حيث وافته المنية عام 1937.
يُعدُّ غرامشي من أهم الكتّاب والفلاسفة الإيطاليين في القرن العشرين، له مؤلفات تاريخية وسياسية وفلسفية عديدة، أمكن استخلاصها من (مجموعة دفاتر السجن)، وكلها تشهد على نضوج تفكيره وإبداعه وأشهرها «المادية التاريخية وفلسفة بنديتو كروتشه» (1948)، وهي نقد عام للمثالية الكروتشية التي وقف غرامشي منها إلى حد ما موقف ماركس وإنغلز من الفلسفة الألمانية في عصرهما؛ و«المثقفون وتنظيم الثقافة» (1949)؛ و«الأدب والحياة القومية» (1950)، وفي هذا المؤلَّف أبرز غرامشي الطابع اللاقومي واللاشعبي للثقافة والأدب الإيطاليين، ونادى بنمط جديـد مـن المثقفين يملكون تصوراً إنسانياً للتاريخ. وفي «ملاحظات حول مكيافيللي والسياسة والدولة الحديثة» (1949)، رسم غرامشي الخطوط العريضة لنظرية الحزب السياسي الطليعي، التي استكملها نوعاً مـا فـي«البعث» (1949) الذي انطوى على نقد عام لجميع التشويهات والتحريفات التي فرضت على «فلسفة الممارسة» بوصف هذه الفلسفة هي الشكل العصري والراهن للمذهب الإنساني، والقاعدة الأخلاقية للدولة الجديدة، وقد اقترن هذا النقد بتعميق للمفهوم اللينيني عن «الهيمنة»، أي تطوير البنيات الفوقية بقيادة الطبقة العاملة والعناصر التقدمية في المجتمع.
كان غرامشي يدافع عن الماركسية اللينينية، ويدعو إلى فلسفة ثورية جماهيرية عُرِفَتْ باسم الغرامشية، وجدت لها صدى سياسياً كالصدى الذي كان لحركة الإصلاح البروتستنتي أو الاستنارة الفرنسية. نظر إلى الماركسية على أنها الفلسفة العملية التي تؤدي إلى التطور التاريخي، ثم إلى انهيار النظام الرأسمالي، لتصبح الاشتراكية الطريق الوحيدة نحو عدالة المجتمع وحرية البروليتاريا، وأخذ غرامشي على عاتقه تأويل كل المضمار التاريخي بمفردات الأفكار ـ الإرادات، ليكون الانتقال متصلاً من تصور العالم إلى الأخلاق، ومن المعاينة إلى العمل، ومن الفلسفة إلى الفعل.
محمد الأحمد
Gramsci (Antonio-) - Gramsci (Antonio-)
غرامشي (أنطونيو ـ)
(1891 ـ 1937)
أنطونيو غرامشي Antonio Gramsci سياسي وفيلسوف إيطالي بارز، ولد في آليس (سردينيا) وتوفي في روما. هاجر إلى تورين، وأتم فيها دراسته الجامعية في الفلسفة والتاريخ والأدب. وانتمى في عام 1913 إلى الحزب الاشتراكي، وغدا بسرعة من قادة الجناح اليساري للحزب. وبعد اضطرابات 1917شغل منصب أمين عام الحزب. شارك في حركة مجالس المصانع، وعمل في مطلع حياته صحفياً، وأسس في عام 1919 مجلة «التنظيم الجديد» أوردينه نوفو (L,Ordine Nuovo)، وهي مجلة إيطالية ناطقة باسم الجناح اليساري للحزب الاجتماعي الإيطالي.
ثم قاد في نيسان/إبريل عام 1920مظاهرات كبيرة ضد سياسة الدولة، والتضامن مع روسيا وهنغاريا. استقال عام 1921 من الحزب الاجتماعي، وأسس مع عدد من رفاقه الحزب الشيوعي الإيطالي الجديد، وتولى أمانة الحزب من عام 1924 حتى 1927. وأسس صحيفة أونيتا Unita.
انتُخب نائباً عن مدينة تورينو (1924ـ 1926)، لكن الحكومة الفاشية جردته من هذا المنصب، وألقت القبض عليه بتهمة التحريض على الحرب الأهلية في عام 1926، وحكمت عليه بعد عامين بالسجن مدة عشرين عاماً. وكاد يموت من التعذيب ولكنه واجه الأسر بشجاعة ورباطة جأش، وتشهد على ذلك «دفاتر السجن» (صدرت بعد وفاته، عام 1947)، واستغرق في تأمل عقلي عميق، نمَّ على فكر موسوعي، في عدد من الموضوعات الاجتماعية والتاريخية والفلسفية والأدبية، وسجل ملاحظاته بصددها في اثنين وثلاثين كراساً (طبعت بعد وفاته عام 1948ـ 1951). وقع فريسة مرض خطير من جراء إقامته الطويلة في السجن، فارتفعت صرخات الاستنكار في عدد من عواصم العالم، الأمر الذي حدا بالحكومة الفاشية إلى إطلاق سراحه، ولاسيما أنها كانت واثقة من دنو أجله، ونُقِلَ إلى أحد مستشفيات روما حيث وافته المنية عام 1937.
يُعدُّ غرامشي من أهم الكتّاب والفلاسفة الإيطاليين في القرن العشرين، له مؤلفات تاريخية وسياسية وفلسفية عديدة، أمكن استخلاصها من (مجموعة دفاتر السجن)، وكلها تشهد على نضوج تفكيره وإبداعه وأشهرها «المادية التاريخية وفلسفة بنديتو كروتشه» (1948)، وهي نقد عام للمثالية الكروتشية التي وقف غرامشي منها إلى حد ما موقف ماركس وإنغلز من الفلسفة الألمانية في عصرهما؛ و«المثقفون وتنظيم الثقافة» (1949)؛ و«الأدب والحياة القومية» (1950)، وفي هذا المؤلَّف أبرز غرامشي الطابع اللاقومي واللاشعبي للثقافة والأدب الإيطاليين، ونادى بنمط جديـد مـن المثقفين يملكون تصوراً إنسانياً للتاريخ. وفي «ملاحظات حول مكيافيللي والسياسة والدولة الحديثة» (1949)، رسم غرامشي الخطوط العريضة لنظرية الحزب السياسي الطليعي، التي استكملها نوعاً مـا فـي«البعث» (1949) الذي انطوى على نقد عام لجميع التشويهات والتحريفات التي فرضت على «فلسفة الممارسة» بوصف هذه الفلسفة هي الشكل العصري والراهن للمذهب الإنساني، والقاعدة الأخلاقية للدولة الجديدة، وقد اقترن هذا النقد بتعميق للمفهوم اللينيني عن «الهيمنة»، أي تطوير البنيات الفوقية بقيادة الطبقة العاملة والعناصر التقدمية في المجتمع.
كان غرامشي يدافع عن الماركسية اللينينية، ويدعو إلى فلسفة ثورية جماهيرية عُرِفَتْ باسم الغرامشية، وجدت لها صدى سياسياً كالصدى الذي كان لحركة الإصلاح البروتستنتي أو الاستنارة الفرنسية. نظر إلى الماركسية على أنها الفلسفة العملية التي تؤدي إلى التطور التاريخي، ثم إلى انهيار النظام الرأسمالي، لتصبح الاشتراكية الطريق الوحيدة نحو عدالة المجتمع وحرية البروليتاريا، وأخذ غرامشي على عاتقه تأويل كل المضمار التاريخي بمفردات الأفكار ـ الإرادات، ليكون الانتقال متصلاً من تصور العالم إلى الأخلاق، ومن المعاينة إلى العمل، ومن الفلسفة إلى الفعل.
محمد الأحمد