غرو، انطون جان (بارون)
Gros (Antoine-Jean, Baron-) - Gros (Antoine-Jean, Baron-)
غرو (أنطوان جان، بارون ـ)
(1771 ـ 1835)
أنطوان جان المعروف ببارون غرو Antoine- Jean, baron Gros؛ مصور ورسام فرنسي، ولد في باريس وتوفي فيها. كان والده مصوِّر منمنماتminiaturiste، وحين بلغ الخامسة عشرة التحق بمرسم الفنان دافيد David رائد الكلاسيكية الجديدة Neo- classicisme، ثم تابع دراسته في أكاديمية الفنون في باريس منذ عام 1787، وكان قليل الميل إلى الموضوعات المستمدة من (روما الجمهورية) لكنه كان يبدي ميلاً واضحاً إلى أسلوب الفنان روبنز Rubens، وهذا ما يُلاحظ في لوحته «أنتيوشوس وإيليازار» Antiochus et Éleazar، المحفوظة في متحف سان لو Saint- Lô، ذات الطابع الباروكي baroque البعيد عن المتداول والمألوف.
في عام 1793 هرب غرو إلى إيطاليا إثر اندلاع الثورة الفرنسية، وأقام فيها ثمانية أعوام متنقلاً بين جنوة وميلانو وفلورنسا، حيث اختار للوحاته موضوعات تصور فترة ما قبل الرومانسية، وأنجز عدداً كبيراً من الصور الشخصية، من أبرزها صورة زوجة أحد رجال الأعمال «مدام باستور»Madame Pasteur المحفوظة في متحف اللوڤر.
وفي نهاية عام 1796 رافق غرو صديقة نابليون (جوزفين) من ميلانو إلى جنوة، حيث نفذ لوحته الشهيرة «بونابرت في جسر أركول»Bonaparte au pont d’Arcole المحفوظة في متحف ڤرساي Versailles. واختير غرو نائباً في اللجنة الفرنسية المكلفة اختيار لوحات المصورين الإيطاليين وإرسالها إلى فرنسا لتزيين القصور الامبراطورية، كما حصل على رتبة في الجيش الذي هُزِم عام 1779 في مواجهة النمساويين.
وفي شباط عام 1801 عاد غرو إلى باريس وأنجز لوحة «كريستين بويير» Christine Boyerالمحفوظة في اللوڤر، ثم أقام معرضاً في صالون (سافو ألوكات) Sapho Aleucate كما عرض في متحف اللوڤر دراساته للوحة «معركة الناصرة»، فأثارت ضجة لدى لجنة التحكيم التي رأت في ألوان غرو الفاقعة عودة إلى التكلفية maniérisme، التي سادت في القرن الثامن عشر، وابتعاداً عن روح التجديد، لكنه سرعان ما اكتسب شهرة واسعة بين معاصريه حين أنجز لوحته المشهورة «مرضى الطاعون في يافا» Pestiférés de Jaffa المحفوظة في اللوڤر، والتي عرضت في معرض عام 1804.
صوّر غرو في لوحة الطاعون مآسي الحرب بزخم درامي ووجداني، وأدخل إلى اللوحة التاريخية الفرنسية الاستشراقية عناصر جمالية تعود إلى فن النهضة الإيطالية، وجمع في صورة الشرق عناصر التقليد والتجديد، ومهد الطريق أمام الرومنسيين Romantiques، وفرض أسلوباً جديداً مناقضاً لمذهب دافيد الكلاسيكي classique، في غلبة اللون، وحيوية التكوين، ورقة الخطوط ومرونتها، والزخم التعبيري وتنوعه في الشخصيات إضافة إلى التخلي عن الموضوعات الأسطورية (الميثولوجية) mythologiques القديمة وإحلال الموضوعات المعاصرة محلها.
كما عرض غرو لوحة «معركة أبي قير» التي يبلغ طولها عشرة أمتار، والمحفوظة في قصر فرساي، مع أنه لم يشارك في حملة بونابرت على الشرق، فقد كان يعتمد على الدراسات والرسوم التي أنجزها عدد من الرسامين الذين رافقوا الحملة على مصر وفلسطين. ولقد شكلت موضوعات هذه الحملة أحد المحاور الرئيسية في فن التصوير الفرنسي في عهد بونابرت وحملت في ذاتها معالم الثورة الفنية الرومنسية وبذورها، شكلاً ومضموناً، متمثلة في إبداع الفنان أنطوان جان غرو أساساً، وقد بيَّن أرنولد هاوزر Arnold Hauser أن غرو: «كان في الواقع أول من صور الحرب من وجهة نظر إنسانية، وكشف عن الجانب الأليم في المعركة».
في عام 1807 نال غرو جائزة الدولة عن لوحته «معركة إيلو» Bataille d’Eylau المحفوظة في اللوڤر، وأدار مرسم دافيد بعد وفاته حيث عهد إليه رعاية أولاده، ومتابعة إنتاج المرسم. فأخذ يميل بأسلوبه نحو الكلاسيكية ولاسيما بعد أن تقدّم به العمر، وفي عام 1824 انتهى من تصوير قبة البانتيون (مقبرة العظماء) التي طلبها منه الملك الفرنسي شارل العاشر، ونال على تزيينها لقب بارون.
كان غرو أستاذاً في المدرسة الوطنية للفنون الجميلة E.N.B.A وعضو معهد وعضو شرف في عدد من الأكاديميات الأجنبية، ولكن ذلك لم يمنعه من الاعتراف بالمفارقة التاريخية لفنه وصحة الانتقادات التي كانت تهاجم بعنف لوحته «هرقل وديوميد» Hercule et Diomède التي عرضت في معرض 1835، فآثر الانتحار وغرق في نهر السين.
والحقيقة أنّ إعجاب غرو بآثار الفنان البلجيكي روبنز Rubens وطوافه مع نابليون، ورؤيته المعارك الحربية التي خاضت جيوش فرنسا غمارها تحت لوائه، عكس على إنتاجه آثار انفعاله العميق بهذا كله، ولعل لوحته المثيرة «مرضى الطاعون في يافا» أكثر أعماله تعبيراً عن تلك النزعة الرومانسية التي تزعمها أوجين ديلاكروا E. Delacroix من بعده.
طاهر البني
Gros (Antoine-Jean, Baron-) - Gros (Antoine-Jean, Baron-)
غرو (أنطوان جان، بارون ـ)
(1771 ـ 1835)
بارون غرو: "بونابرت في جسر أركول" |
في عام 1793 هرب غرو إلى إيطاليا إثر اندلاع الثورة الفرنسية، وأقام فيها ثمانية أعوام متنقلاً بين جنوة وميلانو وفلورنسا، حيث اختار للوحاته موضوعات تصور فترة ما قبل الرومانسية، وأنجز عدداً كبيراً من الصور الشخصية، من أبرزها صورة زوجة أحد رجال الأعمال «مدام باستور»Madame Pasteur المحفوظة في متحف اللوڤر.
وفي نهاية عام 1796 رافق غرو صديقة نابليون (جوزفين) من ميلانو إلى جنوة، حيث نفذ لوحته الشهيرة «بونابرت في جسر أركول»Bonaparte au pont d’Arcole المحفوظة في متحف ڤرساي Versailles. واختير غرو نائباً في اللجنة الفرنسية المكلفة اختيار لوحات المصورين الإيطاليين وإرسالها إلى فرنسا لتزيين القصور الامبراطورية، كما حصل على رتبة في الجيش الذي هُزِم عام 1779 في مواجهة النمساويين.
بارون غرو: "كريستين بويير" |
صوّر غرو في لوحة الطاعون مآسي الحرب بزخم درامي ووجداني، وأدخل إلى اللوحة التاريخية الفرنسية الاستشراقية عناصر جمالية تعود إلى فن النهضة الإيطالية، وجمع في صورة الشرق عناصر التقليد والتجديد، ومهد الطريق أمام الرومنسيين Romantiques، وفرض أسلوباً جديداً مناقضاً لمذهب دافيد الكلاسيكي classique، في غلبة اللون، وحيوية التكوين، ورقة الخطوط ومرونتها، والزخم التعبيري وتنوعه في الشخصيات إضافة إلى التخلي عن الموضوعات الأسطورية (الميثولوجية) mythologiques القديمة وإحلال الموضوعات المعاصرة محلها.
كما عرض غرو لوحة «معركة أبي قير» التي يبلغ طولها عشرة أمتار، والمحفوظة في قصر فرساي، مع أنه لم يشارك في حملة بونابرت على الشرق، فقد كان يعتمد على الدراسات والرسوم التي أنجزها عدد من الرسامين الذين رافقوا الحملة على مصر وفلسطين. ولقد شكلت موضوعات هذه الحملة أحد المحاور الرئيسية في فن التصوير الفرنسي في عهد بونابرت وحملت في ذاتها معالم الثورة الفنية الرومنسية وبذورها، شكلاً ومضموناً، متمثلة في إبداع الفنان أنطوان جان غرو أساساً، وقد بيَّن أرنولد هاوزر Arnold Hauser أن غرو: «كان في الواقع أول من صور الحرب من وجهة نظر إنسانية، وكشف عن الجانب الأليم في المعركة».
بارون غرو: "معركة إيلو" |
كان غرو أستاذاً في المدرسة الوطنية للفنون الجميلة E.N.B.A وعضو معهد وعضو شرف في عدد من الأكاديميات الأجنبية، ولكن ذلك لم يمنعه من الاعتراف بالمفارقة التاريخية لفنه وصحة الانتقادات التي كانت تهاجم بعنف لوحته «هرقل وديوميد» Hercule et Diomède التي عرضت في معرض 1835، فآثر الانتحار وغرق في نهر السين.
والحقيقة أنّ إعجاب غرو بآثار الفنان البلجيكي روبنز Rubens وطوافه مع نابليون، ورؤيته المعارك الحربية التي خاضت جيوش فرنسا غمارها تحت لوائه، عكس على إنتاجه آثار انفعاله العميق بهذا كله، ولعل لوحته المثيرة «مرضى الطاعون في يافا» أكثر أعماله تعبيراً عن تلك النزعة الرومانسية التي تزعمها أوجين ديلاكروا E. Delacroix من بعده.
طاهر البني