غرايبيه
Exoticism - Exotisme
الغرائبيـة
الغرائبية exotisme نزعة في الإبداع الفني والأدبي الأوربي، لم تكن في أي وقت مدرسة أو تياراً منسجماً ومحدداً.
يوصف العمل الفني بالغرائبي إذا ما كانت في أصل تشكله عواطف وانفعالات أثارتها معرفة المبدعين لبلاد غريبة، بطريق مباشرة عبر السفر إلى هذه البلاد والإقامة فيها، أو بطريق غير مباشرة عبر الوثائق الكتابية أو التصويرية الموضوعة عنها. وقد جاءت أولى هذه الوثائق في كتابات الرحالة الأوربيين نحو بلدان الشرق، وأطلقت بذلك مخيلة الكتاب والشعراء والفنانين الرومانسيين. وفي فترة لاحقة تحوّل الفنانون والكتَّاب نحو الشعوب التي تعرف بالبدائية؛ إذ وجدوا عندها الحياة الفطرية التي فقدتها مجتمعاتهم بسبب تطورها الاقتصادي، وبسبب هيمنة العقلانية عليها.
الغرائبية في الفن
تجلّت الغرائبية بدايةً في فن الزخرفة والتزيين حيث ظهرت التأثيرات البيزنطية والفارسية والعربية واضحة في النتاج الفني للقرون الوسطى الأوربية. وقد كان للتجارة المتوسطية النشطة أثرٌ كبير في نقل هذا الفن إلى أوربا إضافة إلى عدد من الوقائع التاريخية كالحروب الصليبية وهجرة الفنانين العرب من صقلية ومن الأندلس.
مع نهاية القرن السابع عشر؛ عرف الغرب فنون الشرق الأقصى عن طريق الإرساليات اليسوعية. لم يقتصر تأثير الفن الصيني على الموضوعات المنقولة بل تعداها إلى المواد المستخدمة في الفن كالبرنيق والخزف الصيني (البورسلان)، وإلى أساليب العمارة وتنظيم الحدائق مما أنتج ظاهرة التهجين في الفن الأوربي، وأسهم إسهاماً فعَّالاً في نشوء فن الروكوكو le rococo من أحشاء فن الباروك. أما الفن الياباني فقد بدأ تأثيره يظهر مع بداية القرن التاسع عشر، في أعمال بعض الانطباعيين وما بعد الانطباعيين خاصة، وهذا ما كان له أثر في نشوء ما عُرِفَ باسم الفن الجديدl’art nouveau. وازدادت نزعة الغرائبية لدى فناني القرن التاسع عشر الرومانسيين مثل الفرنسيين دولاكرواE. Delacroix ت(1798- 1863) ولوحاته عن الجزائر وعن الشرق، وغوغان P.Gauguinوأعماله عن جزر المارتينيك وجزيرة تاهيتي.
الغرائبية في الأدب
تميزت الغرائبية في الأدب الرومانسي بالرغبة في تحرير المشاعر الإنسانية من كل أشكال الكبت. وفي حين لم يكن التوق إلى الغريب يتجاوز، في القرن السابع عشر، استخدام بعض الأسماء ذات الصبغة الشرقية. وقد أدت ترجمة «ألف ليلة وليلة» في بداية القرن الثامن عشر إلى ظهور نوع جديد من الكتابة في فرنسا، ثم في إنكلترا تأخذ من الحكايات الشرقية ومن الأقاصيص المثيرة مادتها الأولى، كمجموعة «حكايات عربية» Contes arabes للفرنسي جاك كازوت Jacques Cazotte ت(1719- 1792) أو كحكاية «فاتيك» Vathek للإنكليزي ويليام بيكفورد William Beckford ت(1760- 1844)، أو كرواية فلوبير Flaubert ت(1880- 1281) «سالامبو»Salammbô. وتحوّل التأثر بالغريب في القرن الثامن عشر نحو العالم المكتشف حديثاً مثل جزر تاهيتي وبرمودا التي وجد بها الكتاب الأوربيون جنات من البراءة المفقودة في الغرب. ومن الأمثلة على ذلك رواية «بول وفرجيني» Paul et Virginie للفرنسي برناردان دي سان بيير Bernardin de Saint-Pierre، أو «زجاجة جزر الصيف» Bottle of Summer Islandsللإنكليزي إي. ويلر E. Waller.
لقد وجد الأدباء والفنانون الرومانسيون الأوربيون في حكايات العوالم والشعوب الغريبة مادة خصبة للتعبير عن عواطفهم وتطلعاتهم، وهذا ما جعل الغرائبية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالرومانسية.
حسان عباس
Exoticism - Exotisme
الغرائبيـة
الغرائبية exotisme نزعة في الإبداع الفني والأدبي الأوربي، لم تكن في أي وقت مدرسة أو تياراً منسجماً ومحدداً.
يوصف العمل الفني بالغرائبي إذا ما كانت في أصل تشكله عواطف وانفعالات أثارتها معرفة المبدعين لبلاد غريبة، بطريق مباشرة عبر السفر إلى هذه البلاد والإقامة فيها، أو بطريق غير مباشرة عبر الوثائق الكتابية أو التصويرية الموضوعة عنها. وقد جاءت أولى هذه الوثائق في كتابات الرحالة الأوربيين نحو بلدان الشرق، وأطلقت بذلك مخيلة الكتاب والشعراء والفنانين الرومانسيين. وفي فترة لاحقة تحوّل الفنانون والكتَّاب نحو الشعوب التي تعرف بالبدائية؛ إذ وجدوا عندها الحياة الفطرية التي فقدتها مجتمعاتهم بسبب تطورها الاقتصادي، وبسبب هيمنة العقلانية عليها.
الغرائبية في الفن
تجلّت الغرائبية بدايةً في فن الزخرفة والتزيين حيث ظهرت التأثيرات البيزنطية والفارسية والعربية واضحة في النتاج الفني للقرون الوسطى الأوربية. وقد كان للتجارة المتوسطية النشطة أثرٌ كبير في نقل هذا الفن إلى أوربا إضافة إلى عدد من الوقائع التاريخية كالحروب الصليبية وهجرة الفنانين العرب من صقلية ومن الأندلس.
مع نهاية القرن السابع عشر؛ عرف الغرب فنون الشرق الأقصى عن طريق الإرساليات اليسوعية. لم يقتصر تأثير الفن الصيني على الموضوعات المنقولة بل تعداها إلى المواد المستخدمة في الفن كالبرنيق والخزف الصيني (البورسلان)، وإلى أساليب العمارة وتنظيم الحدائق مما أنتج ظاهرة التهجين في الفن الأوربي، وأسهم إسهاماً فعَّالاً في نشوء فن الروكوكو le rococo من أحشاء فن الباروك. أما الفن الياباني فقد بدأ تأثيره يظهر مع بداية القرن التاسع عشر، في أعمال بعض الانطباعيين وما بعد الانطباعيين خاصة، وهذا ما كان له أثر في نشوء ما عُرِفَ باسم الفن الجديدl’art nouveau. وازدادت نزعة الغرائبية لدى فناني القرن التاسع عشر الرومانسيين مثل الفرنسيين دولاكرواE. Delacroix ت(1798- 1863) ولوحاته عن الجزائر وعن الشرق، وغوغان P.Gauguinوأعماله عن جزر المارتينيك وجزيرة تاهيتي.
الغرائبية في الأدب
تميزت الغرائبية في الأدب الرومانسي بالرغبة في تحرير المشاعر الإنسانية من كل أشكال الكبت. وفي حين لم يكن التوق إلى الغريب يتجاوز، في القرن السابع عشر، استخدام بعض الأسماء ذات الصبغة الشرقية. وقد أدت ترجمة «ألف ليلة وليلة» في بداية القرن الثامن عشر إلى ظهور نوع جديد من الكتابة في فرنسا، ثم في إنكلترا تأخذ من الحكايات الشرقية ومن الأقاصيص المثيرة مادتها الأولى، كمجموعة «حكايات عربية» Contes arabes للفرنسي جاك كازوت Jacques Cazotte ت(1719- 1792) أو كحكاية «فاتيك» Vathek للإنكليزي ويليام بيكفورد William Beckford ت(1760- 1844)، أو كرواية فلوبير Flaubert ت(1880- 1281) «سالامبو»Salammbô. وتحوّل التأثر بالغريب في القرن الثامن عشر نحو العالم المكتشف حديثاً مثل جزر تاهيتي وبرمودا التي وجد بها الكتاب الأوربيون جنات من البراءة المفقودة في الغرب. ومن الأمثلة على ذلك رواية «بول وفرجيني» Paul et Virginie للفرنسي برناردان دي سان بيير Bernardin de Saint-Pierre، أو «زجاجة جزر الصيف» Bottle of Summer Islandsللإنكليزي إي. ويلر E. Waller.
لقد وجد الأدباء والفنانون الرومانسيون الأوربيون في حكايات العوالم والشعوب الغريبة مادة خصبة للتعبير عن عواطفهم وتطلعاتهم، وهذا ما جعل الغرائبية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالرومانسية.
حسان عباس