افغانستان (تاريخ)
Afghanistan - Afghanistan
أفغانستان تاريخياً
لم يكن للبلاد التي تحمل اليوم اسم أفغانستان وحدة سياسية أو هوية قومية قبل تأسيس حكم الأفغان في أواسط القرن الثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي وكانت الأقسام المتعددة في تلك البلاد تسمى بأسماء مختلفة.
تحددت حدود أفغانستان الحالية في القرن التاسع عشر 1885م نتيجة للاتفاقية التي عقدت بين بريطانية وروسية القيصرية رغبة في تخفيف حدة الأخطار الناجمة عن تنافس هاتين القوتين. وأصبحت أفغانستان دولة حاجزة، وأدى هذا إلى إيجاد ممر وخّان Wakhãn. وقد كان لموقعها تأثير فعّال في تاريخها.
يرد أول ذكر لكلمة أفغان عند الفلكي الهندي فاراهميهرا Varãhamihira في القرن السادس الميلادي، وتعني كلمة أفغان بالمعنى الضيق القبائل التي تتحدث بلغة الباشتو Pashto أو Pushto الذين كانوا يقطنون جبال سليمان في شمال غربي باكستان على حدودها مع أفغانستان.
البدايات التاريخية حتى الفتح الإسلامي
كانت أفغانستان معبراً للغزاة وبناة الامبراطوريات، سيطر عليها الأخمينيون في القرن السادس ق.م ووطد داريوس الأول الكبير (522- 486ق.م) سلطته على مناطق آرية Aria (هراة) وباكترية Bactria (بلخ) وساتاغدية Sattagydia (غزنة حتى السند) وأراكوسية Arachosia (قندهار) ودرنغيانا Drangiana (سجستان)، وتمكن الاسكندر المقدوني مابين 336 و330ق.م من أن يقضي على الأخمينيين وأن يسيطر على المناطق التي كانت تابعة لهم. وبعد موت الاسكندر (323ق.م) دخلت المنطقة ضمن نفوذ السلوقيين، وفي سنة 322ق.م سيطر شاندرا غوبتا موريا Chandragupta Maurya، الذي أسس السلالة المورية في الهند، على شمال الهند، وبعد أن هزم سلوقس 305ق.م سيطر على ولايات أفغانستان الشرقية، وفي سنة 250 ق.م استقل حاكم باكترية اليوناني ديودوتس Diodotus عن السلوقيين وأسس مملكة مستقلة، امتدت سنة 180ق.م لتشمل منطقة كابل وشمال غربي الهند، وفي القرن الأول الميلادي ظهرت فئة تعرف باسم الكوشان Kushãn وهي قوة غازية سيطرت على شمال الهند، ووصلت سلطة الكوشان الذروة في عهد كانيسكا Kaniska (78- 144م) إذ امتدت دولته من منطقة ماثورا Mathura إلى كابل، ومن باكترية إلى حدود الصين، إلا أن هذه الدولة لم تعش طويلاً بعد كانيسكا وإن ظل أمراء من الكوشان يحكمون ولايات متعددة. وفي القرن الرابع الميلادي، تعرضت هذه الدولة لتحديات متزايدة من إيران، وفي النصف الثاني من القرن الرابع الميلادي، تعرضت المنطقة لغزو الهياطلة الذين تحطمت قوتهم عندما تحالف الأتراك الغربيون القادمون من آسيا الوسطى مع كسرى أنو شروان (565م)، واستمر حكم الأتراك حتى هُزموا أمام الصينيين (658م) في الحقبة نفسها التي بدأ العرب فيها فتوحاتهم في المنطقة.
السلالات الإسلامية الأولى
بدأت صلات العرب بمناطق أفغانستان منذ العهد الراشدي، لأنه عندما استولى العرب في عهد الوالي عبد الله بن عامر (29- 36هـ) على منطقة هراة استولوا على ذلك الربع من خراسان المعروف اليوم بأفغانستان، كما وصل الأحنف بن قيس سيد بني تميم إلى بلخ حاضرة طخارستان، وقد ترك العرب للحكام المحليين في هراة وبلخ وكابل أمر الإدارة المدنية مع الاعتراف بسلطان العرب. ولم تختف السلالات غير الإسلامية من كابل إلا في القرنين الثالث والرابع الهجريين (التاسع والعاشر الميلاديين). وشهد هذان القرنان ضعف سلطة الخلافة العباسية في هذه المناطق النائية من جهة وظهور عدد من السلالات الإسلامية المحلية التركية والإيرانية من جهة أخرى، كان أقدمها الطاهرية[ر] (205- 259هـ/ 821- 873م) التي كانت تسيطر على بلخ وهراة من مركز حكمها في خراسان، ثم تلتها السلالة الصفارية[ر] (254- 289هـ/ 868- 902م)، فقد قام يعقوب بن الليث الصفار بسلسلة من الحملات السريعة على أفغانستان، أما في الشمال، فإن الأمراء المحليين أصبحوا موالين للسامانيين (261- 389هـ/ 874- 999م) الذين ازدهرت في عهدهم بخارى وسمرقند وبلخ.
وفي منتصف القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) استولى ألبتكين التركي على غزنة من حاكمها وأسس لنفسه إمارة، ثم خلفه على حكمها سبكتكين الذي مد سلطانه إلى كابل والسند، وفي سنة 388هـ/ 998م وصل محمود الغزنوي بن سبكتكين إلى الحكم، فنجح في مد سلطانه على كل أفغانستان الحالية، كما سيطر على البنجاب، والمُلتان، ووصلت حملاته إلى قلب الهند، وأصبحت غزنة مدينة مزدهرة، كما ازدهرت العاصمة الثانية بُست المجاورة للشكرغاه Lashkar Gâh الحالية.
لم يكن محمود الغزنوي قائداً كبيراً ورجل سياسة فحسب، وإنما كان كذلك راعياً وحامياً للعلوم والفنون والصناعات النفيسة، وضم بلاط غزنة شعراء وأدباء كباراً كالعُنصري والعَسْجَدي والفِردوسي والبُستي والعُتبي صاحب كتاب «اليميني»، وازدانت غزنة في ذلك القرن بالقصور والمساجد والمباني الراقية وجداول المياه مما لايضاهيها فيه بلد آخر.
لم يكن أحد من خلفاء محمود يتمتع بمثل قوته واقتداره، فبدأت الدولة في عهدهم بالتداعي، وهاجم علاء الدين حسين الغوري (547هـ/ 1152م) غزنة ونهبها وأخرج الغزنويين منها إلى الهند، ونجح محمد الغوري ابن أخي علاء الدين (571هـ/ 1175م) في غزو الهند، وبعد وفاته سنة 603هـ أصبح قائده قطب الدين أيبك أول سلطان من سلاطين دهلي (دلهي اليوم).
بعد وفاة محمد الغوري انهارت امبراطورية الغوريين، واحتل السلطان علاء الدين محمد خوارزم شاه[ر] أفغانستان، وامتد سلطانه من الصين وتركستان في الشرق إلى حدود العراق في الغرب، وتوجه سنة 616هـ/ 1219م بجيشه نحو بغداد، ولكنه اضطر للعودة حينما بلغه أن جحافل المغول بقيادة جنكيزخان قد هاجمت الأجزاء الشرقية من امبراطوريته، وأن المغول استولوا على بعض المدن المهمة في منطقة ما وراء النهر، ناشرين الموت والدمار. وعلى الرغم من أن جيشه كان يتألف من أعداد كبيرة جداً من الفرسان فإنه عجز عن الوقوف أمام جحافل المغول، وتراجع إلى جزيرة منعزلة في بحر قزوين حيث توفي سنة 617هـ/ 1220م. وقد حاول ابنه جلال الدين مُنكَبِرتي أن يقود حرب تحرير ضد جنكيزخان، واتخذ غزنة مركزاً قيادياً، وحشد سكان الجبال الأفغانيين. واستطاع أن يحقق انتصاراً باهراً في معركة بَرَا ونداره Para Wandarah قرب كابل، فعاد جنكيزخان من هراة لينتقم لهذه الهزيمة، وضرب الحصار على باميان التي كانت لها أهميتها الاستراتيجية العظيمة في الهندوكوش، وعندما استولى على قلعتها أمر أن يُقتل الجميع وهُدمت المدينة، ثم توجه إلى غزنة وانتصر على جلال الدين الذي تراجع نحو الهند (618هـ/ 1221م)، وعاد جنكيزخان إلى أفغانستان ليعاقب الأفغانيين على مقاومتهم، وحوّل المنطقة كلها مابين هراة إلى بلخ وقندهار وغزنة إلى قفار.
بعد وفاة جنكيزخان (625هـ/ 1227م) تداعت امبراطوريته، ونجح بعض الزعماء الأفغان المحليين في تأسيس إمارات مستقلة، كما اعترف بعضهم الآخر بسيادة أمراء من المغول. واستمر هذا الوضع حتى نهاية القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي) حينما هاجم تيمورلنك قسماً كبيراً من البلاد وكرر فظائع الغزو المغولي، وإن كان على نطاق أصغر، إلا أن التيموريين خلفاء تيمورلنك كانوا حماة للثقافة والفنون. كما أنهم أغنوا مدينتهم هراة بالمباني الجميلة، وتمتعت أفغانستان في أثناء حكمهم (807- 913هـ/ 1404- 1507م) بالهدوء والازدهار.
في أوائل القرن العاشر الهجري /السادس عشر الميلادي، قوي أمر الأوزبك وهم من الشعوب التركية في آسيا الوسطى بقيادة محمد خان شيباني الذي دخل هراة مظفراً (913هـ/ 1507م). وكان بابر bãbur مؤسس امبراطورية المغول في الهند مسيطراً على كابل آنذاك، فلما هاجم إسماعيل الصفوي (916هـ/ 1510م) محمد خان الشيباني وحاصره في مرو وقتله، استغل بابُر الفرصة ليوطد سلطانه في آسيا الوسطى، ولكنه هُزم وتراجع إلى كابل التي جعلها مركزاً عسكرياً تنطلق منها حملاته نحو الشرق والجنوب، فاستولى على قندهار (929هـ/ 1522م) ثم وجه اهتمامه نحو الهند، واستطاع بعد سلسلة من الحملات أن يستولي على البنجاب، ثم توجه إلى دهلي (933هـ/ 1526م) وهزم إبراهيم آخر فرد من سلالة ملوك الأفغان في الهند في بانيبات (128 كم) Panipat إلى الشمال من دهلي وأسس امبراطورية المغول، وحينما توفي بابر (937هـ/ 1530م) نقل جثمانه استجابة لطلبه من أغرا Agra إلى كابل حيث دفن في حديقته المفضلة.
وفي المئتي سنة التالية سيطر المغول على المناطق الواقعة جنوبي هندوكوش، في حين سيطر الصفويون[ر] على هراة وفرح Farah، أما قندهار فبقيت موضع نزاع بين الطرفين.
Afghanistan - Afghanistan
أفغانستان تاريخياً
لم يكن للبلاد التي تحمل اليوم اسم أفغانستان وحدة سياسية أو هوية قومية قبل تأسيس حكم الأفغان في أواسط القرن الثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي وكانت الأقسام المتعددة في تلك البلاد تسمى بأسماء مختلفة.
تحددت حدود أفغانستان الحالية في القرن التاسع عشر 1885م نتيجة للاتفاقية التي عقدت بين بريطانية وروسية القيصرية رغبة في تخفيف حدة الأخطار الناجمة عن تنافس هاتين القوتين. وأصبحت أفغانستان دولة حاجزة، وأدى هذا إلى إيجاد ممر وخّان Wakhãn. وقد كان لموقعها تأثير فعّال في تاريخها.
يرد أول ذكر لكلمة أفغان عند الفلكي الهندي فاراهميهرا Varãhamihira في القرن السادس الميلادي، وتعني كلمة أفغان بالمعنى الضيق القبائل التي تتحدث بلغة الباشتو Pashto أو Pushto الذين كانوا يقطنون جبال سليمان في شمال غربي باكستان على حدودها مع أفغانستان.
البدايات التاريخية حتى الفتح الإسلامي
كانت أفغانستان معبراً للغزاة وبناة الامبراطوريات، سيطر عليها الأخمينيون في القرن السادس ق.م ووطد داريوس الأول الكبير (522- 486ق.م) سلطته على مناطق آرية Aria (هراة) وباكترية Bactria (بلخ) وساتاغدية Sattagydia (غزنة حتى السند) وأراكوسية Arachosia (قندهار) ودرنغيانا Drangiana (سجستان)، وتمكن الاسكندر المقدوني مابين 336 و330ق.م من أن يقضي على الأخمينيين وأن يسيطر على المناطق التي كانت تابعة لهم. وبعد موت الاسكندر (323ق.م) دخلت المنطقة ضمن نفوذ السلوقيين، وفي سنة 322ق.م سيطر شاندرا غوبتا موريا Chandragupta Maurya، الذي أسس السلالة المورية في الهند، على شمال الهند، وبعد أن هزم سلوقس 305ق.م سيطر على ولايات أفغانستان الشرقية، وفي سنة 250 ق.م استقل حاكم باكترية اليوناني ديودوتس Diodotus عن السلوقيين وأسس مملكة مستقلة، امتدت سنة 180ق.م لتشمل منطقة كابل وشمال غربي الهند، وفي القرن الأول الميلادي ظهرت فئة تعرف باسم الكوشان Kushãn وهي قوة غازية سيطرت على شمال الهند، ووصلت سلطة الكوشان الذروة في عهد كانيسكا Kaniska (78- 144م) إذ امتدت دولته من منطقة ماثورا Mathura إلى كابل، ومن باكترية إلى حدود الصين، إلا أن هذه الدولة لم تعش طويلاً بعد كانيسكا وإن ظل أمراء من الكوشان يحكمون ولايات متعددة. وفي القرن الرابع الميلادي، تعرضت هذه الدولة لتحديات متزايدة من إيران، وفي النصف الثاني من القرن الرابع الميلادي، تعرضت المنطقة لغزو الهياطلة الذين تحطمت قوتهم عندما تحالف الأتراك الغربيون القادمون من آسيا الوسطى مع كسرى أنو شروان (565م)، واستمر حكم الأتراك حتى هُزموا أمام الصينيين (658م) في الحقبة نفسها التي بدأ العرب فيها فتوحاتهم في المنطقة.
السلالات الإسلامية الأولى
بدأت صلات العرب بمناطق أفغانستان منذ العهد الراشدي، لأنه عندما استولى العرب في عهد الوالي عبد الله بن عامر (29- 36هـ) على منطقة هراة استولوا على ذلك الربع من خراسان المعروف اليوم بأفغانستان، كما وصل الأحنف بن قيس سيد بني تميم إلى بلخ حاضرة طخارستان، وقد ترك العرب للحكام المحليين في هراة وبلخ وكابل أمر الإدارة المدنية مع الاعتراف بسلطان العرب. ولم تختف السلالات غير الإسلامية من كابل إلا في القرنين الثالث والرابع الهجريين (التاسع والعاشر الميلاديين). وشهد هذان القرنان ضعف سلطة الخلافة العباسية في هذه المناطق النائية من جهة وظهور عدد من السلالات الإسلامية المحلية التركية والإيرانية من جهة أخرى، كان أقدمها الطاهرية[ر] (205- 259هـ/ 821- 873م) التي كانت تسيطر على بلخ وهراة من مركز حكمها في خراسان، ثم تلتها السلالة الصفارية[ر] (254- 289هـ/ 868- 902م)، فقد قام يعقوب بن الليث الصفار بسلسلة من الحملات السريعة على أفغانستان، أما في الشمال، فإن الأمراء المحليين أصبحوا موالين للسامانيين (261- 389هـ/ 874- 999م) الذين ازدهرت في عهدهم بخارى وسمرقند وبلخ.
وفي منتصف القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) استولى ألبتكين التركي على غزنة من حاكمها وأسس لنفسه إمارة، ثم خلفه على حكمها سبكتكين الذي مد سلطانه إلى كابل والسند، وفي سنة 388هـ/ 998م وصل محمود الغزنوي بن سبكتكين إلى الحكم، فنجح في مد سلطانه على كل أفغانستان الحالية، كما سيطر على البنجاب، والمُلتان، ووصلت حملاته إلى قلب الهند، وأصبحت غزنة مدينة مزدهرة، كما ازدهرت العاصمة الثانية بُست المجاورة للشكرغاه Lashkar Gâh الحالية.
لم يكن محمود الغزنوي قائداً كبيراً ورجل سياسة فحسب، وإنما كان كذلك راعياً وحامياً للعلوم والفنون والصناعات النفيسة، وضم بلاط غزنة شعراء وأدباء كباراً كالعُنصري والعَسْجَدي والفِردوسي والبُستي والعُتبي صاحب كتاب «اليميني»، وازدانت غزنة في ذلك القرن بالقصور والمساجد والمباني الراقية وجداول المياه مما لايضاهيها فيه بلد آخر.
لم يكن أحد من خلفاء محمود يتمتع بمثل قوته واقتداره، فبدأت الدولة في عهدهم بالتداعي، وهاجم علاء الدين حسين الغوري (547هـ/ 1152م) غزنة ونهبها وأخرج الغزنويين منها إلى الهند، ونجح محمد الغوري ابن أخي علاء الدين (571هـ/ 1175م) في غزو الهند، وبعد وفاته سنة 603هـ أصبح قائده قطب الدين أيبك أول سلطان من سلاطين دهلي (دلهي اليوم).
بعد وفاة محمد الغوري انهارت امبراطورية الغوريين، واحتل السلطان علاء الدين محمد خوارزم شاه[ر] أفغانستان، وامتد سلطانه من الصين وتركستان في الشرق إلى حدود العراق في الغرب، وتوجه سنة 616هـ/ 1219م بجيشه نحو بغداد، ولكنه اضطر للعودة حينما بلغه أن جحافل المغول بقيادة جنكيزخان قد هاجمت الأجزاء الشرقية من امبراطوريته، وأن المغول استولوا على بعض المدن المهمة في منطقة ما وراء النهر، ناشرين الموت والدمار. وعلى الرغم من أن جيشه كان يتألف من أعداد كبيرة جداً من الفرسان فإنه عجز عن الوقوف أمام جحافل المغول، وتراجع إلى جزيرة منعزلة في بحر قزوين حيث توفي سنة 617هـ/ 1220م. وقد حاول ابنه جلال الدين مُنكَبِرتي أن يقود حرب تحرير ضد جنكيزخان، واتخذ غزنة مركزاً قيادياً، وحشد سكان الجبال الأفغانيين. واستطاع أن يحقق انتصاراً باهراً في معركة بَرَا ونداره Para Wandarah قرب كابل، فعاد جنكيزخان من هراة لينتقم لهذه الهزيمة، وضرب الحصار على باميان التي كانت لها أهميتها الاستراتيجية العظيمة في الهندوكوش، وعندما استولى على قلعتها أمر أن يُقتل الجميع وهُدمت المدينة، ثم توجه إلى غزنة وانتصر على جلال الدين الذي تراجع نحو الهند (618هـ/ 1221م)، وعاد جنكيزخان إلى أفغانستان ليعاقب الأفغانيين على مقاومتهم، وحوّل المنطقة كلها مابين هراة إلى بلخ وقندهار وغزنة إلى قفار.
بعد وفاة جنكيزخان (625هـ/ 1227م) تداعت امبراطوريته، ونجح بعض الزعماء الأفغان المحليين في تأسيس إمارات مستقلة، كما اعترف بعضهم الآخر بسيادة أمراء من المغول. واستمر هذا الوضع حتى نهاية القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي) حينما هاجم تيمورلنك قسماً كبيراً من البلاد وكرر فظائع الغزو المغولي، وإن كان على نطاق أصغر، إلا أن التيموريين خلفاء تيمورلنك كانوا حماة للثقافة والفنون. كما أنهم أغنوا مدينتهم هراة بالمباني الجميلة، وتمتعت أفغانستان في أثناء حكمهم (807- 913هـ/ 1404- 1507م) بالهدوء والازدهار.
في أوائل القرن العاشر الهجري /السادس عشر الميلادي، قوي أمر الأوزبك وهم من الشعوب التركية في آسيا الوسطى بقيادة محمد خان شيباني الذي دخل هراة مظفراً (913هـ/ 1507م). وكان بابر bãbur مؤسس امبراطورية المغول في الهند مسيطراً على كابل آنذاك، فلما هاجم إسماعيل الصفوي (916هـ/ 1510م) محمد خان الشيباني وحاصره في مرو وقتله، استغل بابُر الفرصة ليوطد سلطانه في آسيا الوسطى، ولكنه هُزم وتراجع إلى كابل التي جعلها مركزاً عسكرياً تنطلق منها حملاته نحو الشرق والجنوب، فاستولى على قندهار (929هـ/ 1522م) ثم وجه اهتمامه نحو الهند، واستطاع بعد سلسلة من الحملات أن يستولي على البنجاب، ثم توجه إلى دهلي (933هـ/ 1526م) وهزم إبراهيم آخر فرد من سلالة ملوك الأفغان في الهند في بانيبات (128 كم) Panipat إلى الشمال من دهلي وأسس امبراطورية المغول، وحينما توفي بابر (937هـ/ 1530م) نقل جثمانه استجابة لطلبه من أغرا Agra إلى كابل حيث دفن في حديقته المفضلة.
وفي المئتي سنة التالية سيطر المغول على المناطق الواقعة جنوبي هندوكوش، في حين سيطر الصفويون[ر] على هراة وفرح Farah، أما قندهار فبقيت موضع نزاع بين الطرفين.