اسبانيه (عماره وفنون)
Spain - Espagne
إسبانية
العمارة والفنون في إسبانية
العمارة: ترقى الشواهد الأولى لفنون العمارة الإسبانية التي بقيت حتى اليوم إلى مرحلة ما قبل التاريخ ومنها «الدولمن» التي عثر عليها في مغارة مينغا Menga، و«المينير» (نصب حجري عمودي) التي عثر عليها في قطلونية، وكذلك خرائب أسوار المدن القديمة كما هي الحال في سور «تاراغونية»، وبعض آثار الفينيقيين والإيونيين. غير أن الرومان تركوا في إسبانية آثاراً مهمة مثل «مسرح ساغونت» و«أقواس بارا» و«جسر القنطرة» و«قناة مياه تاراغونية وأشقونية». أما الشواهد الأولى للفن المسيحي فتكاد تكون نادرة الوجود كخرائب «سانسلاس» بالقرب من تاراغونية وبقايا معمودية «ماناكور» وخرائب فئة من المباني الجنائزية، علماً أن إسبانية ما زالت تحتفظ بقسط وافر من نماذج فنون العمارة الفيزيقوطية مثل كنيسة «سان خوان دو بانيوس» في بلنسية وكنيسة «سان بدرو» في زمورا.
غير أن الفتح العربي الإسلامي لإسبانية نشر فيها الفن الإسلامي [ر. الأندلس] الذي استمر في التطور حتى نهاية القرون الوسطى، متابعاً انتشاره في المغرب بعد أن بسط سلطانه على الجزء الغربي من المغرب كله. إلا أن الآثار التابعة للحقبة الأولى لهذا الفن زالت تقريباً، اللهم إلاّ بقايا ضئيلة منها جامع قرطبة وبقايا المدينة الفخمة «الزهراء». وفي حقبة حكم المرابطين والموحدين غدا الفن الإسلامي خصباً أصيلاً، غير أنه لم يبق من آثار هذه الحقبة إلا القليل ومنها مئذنة «الخيرالدا» (القرن الثاني عشر) وكذلك «قصر إشبيلية» (القرن الرابع عشر)، وكنيسة «سانتا ماريا دوبلانكا» في طليطلة. وفي الحين الذي كانت فيه الحضارة الإسلامية في نهاية القرن الثالث عشر وفي الرابع عشر آخذة في التقهقر، كانت العبقرية الإسلامية مع ذلك تبني أروع المباني كـ «قصر الحمراء» و«جنات العريف» من حوله في غرناطة. وبينما كان يتطور في إسبانية المسلمة فن رائع، بل أكثر روعة من بقية فنون أوربة، فإن الدول المسيحية في الشمال بقيت في القرن التاسع أمينة وفية للتقاليد الفيزيقوطية التي اتسمت بوفرة جمالها كما في «سانتولانو دو لوس برادوس» وكذلك «سانتا كريستينا دونا رانكو». وشهد القرن العاشر تطور فن مسيحي متأثر بالفن الإسلامي في الأندلس، وقد تجلى ذلك في استخدام القوس العربي وكذلك الحنيات والمحاريب في بعض الكنائس المشابهة لمحاريب المساجد إضافة إلى العقود، ويبدو ذلك التأثير في كنائس «سان ميكل دوسيلانوفا» و«سان ميلان دولا كوغولا» و«سان بوديليو دوبيير لانفا».
مبنى الأسكوربال (واجهة خارجية( |
وقد اتسم الفن القوطي الإسباني بالطابع الوطني بدءاً من القرن الخامس عشر. وأهم أمثلة هذا الفن كتدرائية إشبيلية ودير «ميرا فلور». أما الفن القوطي الشعبي بأشكاله كلها فقد دخل إسبانية على يد معماريين أجانب كانوا يعملون جنباً إلى جنب مع الفنيين المدجنين. وهنالك الكثير من المباني ذات الطابع المدجن في أراغون وقشتالة ودير «غوادو لوب» وقد أصبح هذا الفن متأصلاً في إسبانية.
لوحة تمثل الأسكوريال من الداخل |
وقد اتسع أثر النهضة الإيطالية في إسبانية إبان عهد الملك شارل الخامس وكثرت المنشآت المعمارية، ومنها كتدرائيتا «غرناطة» و«سيلوه»، اللتان أدتا إلى تأسيس المدرسة الأندلسية. أما المدرسة الصفائية Purisme المناهضة للإصلاح الديني، فقد دخلت إلى إسبانية نحو عام 1567م وظهرت إنجازاتها في دير «الإسكوريال». ومن جهة أخرى قام تلاميذ المهندس هيريرا، وهو أحد مهندسي المدرسة الصفائية بإنشاء عدد من الكنائس والأديرة التي أسهمت بتمديد أجل المدرسة الاتباعية واستمرت حتى ظهور المدرسة الباروكية التي سادت في النصف الأول من القرن الثامن عشر تحت اسم «مدارس فنية محلية». ولعل أهم هذه المدارس مدارس سلمنقة ومدريد وإشبيلية وبلنسية وسرقسطة. وقام المناهضون لفن الباروك، وهم البوربون، باستدعاء مهندسين فرنسيين لبناء قصر «غرانخا» وفق طراز قصر فرساي. وفي النصف الثاني من القرن الثامن عشر، انتصرت الاتباعية الجديدة وأسهم فيها عدد كبير من أكاديميات الفنون الجميلة ومنها أكاديمية سان فرناندو، التي أسسها عام 1752 فرديناند الرابع، وكان من أشهر أعمالها كنيسة «سان فرانسيسكو الكبرى» في مدريد، وكذلك واجهة كتدرائية «بامبولون». وقد امتاز القرن التاسع عشر بظهور المدرسة الانتقائية[ر] Eclectisme التي من أهم أعمالها منشأة «كاتلان غودي» (1852- 1926) والتي صممت وفق ذوق القوطية الحديثة. وفي الربع الثاني من القرن العشرين أدى الإفراط والمبالغة في الزخرفة إلى ظهور هندسة معمارية عقلانية تقع في الطرف المقابل وتكاد تكون خالية من الزخرفة ومثال ذلك بناء كلية الآداب في مدريد.