محمد حازم باهلي
Mohammad ibn Hazim al-Bahili - Mohammad ibn Hazim al-Bahili
محمَّد بن حازم الباهليُّ
(113 ـ 195هـ/731 ـ 810م)
محمَّد بن حازم بن عمرو الباهلي، أبو جعفر. سكن بغداد، مولده ومنشؤه في البصرة. من شعراء الدَّولة العبَّاسية.
كان يُسَلِّمُ إلى القصيد أوَّلَ طريقٍ يصادفها من دون تكلُّفٍ أو تحبير، فهو شاعرٌ مطبوعٌ، لم يسلك في شعره سُبُلَ الأقدمين، ولم يفتتح شعره بالنسيب، ولم يقف على الطَّلل، وظهر في شـعره أثر عصره فيما يعرف ببروز المقدمات الخمرية في الأدب العبَّاسي، إذ جرى على سَنن الشعراء الذين عزفوا عن المقدمات التقليدية للقصيدة العربية وآثروا الافتتاح بوصف الخمر، وتلك من أبرز سمات عصره في شعره.
جلُّ شعره في الهجاء والرثاء، وكان مُقِلاًّ في المديح، مدح المأمون في حياة أبيه هارون الرشيد عرضاً، ولم يُعْرَف عنه أنه اتَّصل بواحدٍ من الخلفـاء أو الولاة، ولهذه الظاهرة ما يبررها في نهج الشاعر في حيـاته وفي سلوكه الاجتماعيِّ، فقد كان عفيفاً، يُرضيه اليسير، لذلك لم يَتَصَدَّ لمدحٍ ولا لطلبٍ، وظهر أثر ذلك في شعره، كقوله:
أشــــدُّ منْ فاقةٍ وجُوعِ
إغْضاءُ حُرٍّ على خُضوعِ
أجـاد القول في الهجاء من غير فحش، وطغى ذلك على سـائر أغراض شـعره، وذكره أبو الفرج الأصفهانيُّ فقال: «كان كثيرَ الهجـاءِ للنَّاس». ووصفـه الأدبـاء والنُّقاد الأقدمون بالإجادة في هذا الغرض، فسار هجاؤه، ورُهِبَ لسـانه، وكان الشـاعر يدرك إعجاب أدباء عصره بمعانيه في الهجاء، وفي ذلك يقول مخاطباً مهجوَّه:
وسـار بالذمِّ فيك شـعري
وقيلَ لي محسـنٌ مُصيبُ
وأجاد أيضاً في رثاء الشـباب، ويشفُّ شعرُه في ذلك عن عفويةِ التَّعبير، والبعد عن التقعُّر والافتعال، وأفصحَ بعضُ نقاد عصره عن إعجابهم بأسلوبه الشِّعريِّ عامَّةً، ولاسيَّما شعره في رثاء الشباب، إذ اتَّسمت معانيه في ذلك بلطف التناول، وتحلَّت ألفاظه فيه بالرقة والعذوبة، وممَّن أُعجبوا بنهجه في ذلك ابنُ الأعرابيِّ، الَّذي سمع قصيدتَه الَّتي مطلعها:
لاحينَ صبرٍ فَخَلِّ الدَّمعَ يَنْهَمِلُ
فَقْدُ الشَّبابِ بيومِ المرءِ مُتَّصِلُ
فقال فيها: «أحسـنُ ما قاله المُحْدَثُون من شـعراء هذا الزَّمن في مديح الشَّباب، وذمِّ الشَّيب».
بنى أكثر شعره على المقطَّعات، واشْتُهِرَ في ذلك بين نقَّاد عصره. «قال يحيى بن أكثم لمحمَّد بن حازم الباهلي: ما نعيبُ شعرَك إلا أنَّك لا تطيل، فأنشأ يقول:
أبى لي أن أُطيلَ الشِّعرَ قصدي
إلى المعنى وعلمي بالصَّـواب
وإيجـازي بمختصـرٍ قريـبٍ
حَذَفْتُ به الفضولَ منَ الجوابِ».
ويُحْفَظُ له كان شاعرَ المقطَّعاتِ الَّذي لا يُجارى في عصره، فكان ينظم فيها من غير إخلال بالفكرة أو تقصير في الجانب الفني من الشعر، وإنَّما كانوا يعيبون عليه النَّظم في المقطَّعات رغبةً في الاستزادة من رائق شعره حين ينظمه.
أسامة اختيار
Mohammad ibn Hazim al-Bahili - Mohammad ibn Hazim al-Bahili
محمَّد بن حازم الباهليُّ
(113 ـ 195هـ/731 ـ 810م)
محمَّد بن حازم بن عمرو الباهلي، أبو جعفر. سكن بغداد، مولده ومنشؤه في البصرة. من شعراء الدَّولة العبَّاسية.
كان يُسَلِّمُ إلى القصيد أوَّلَ طريقٍ يصادفها من دون تكلُّفٍ أو تحبير، فهو شاعرٌ مطبوعٌ، لم يسلك في شعره سُبُلَ الأقدمين، ولم يفتتح شعره بالنسيب، ولم يقف على الطَّلل، وظهر في شـعره أثر عصره فيما يعرف ببروز المقدمات الخمرية في الأدب العبَّاسي، إذ جرى على سَنن الشعراء الذين عزفوا عن المقدمات التقليدية للقصيدة العربية وآثروا الافتتاح بوصف الخمر، وتلك من أبرز سمات عصره في شعره.
جلُّ شعره في الهجاء والرثاء، وكان مُقِلاًّ في المديح، مدح المأمون في حياة أبيه هارون الرشيد عرضاً، ولم يُعْرَف عنه أنه اتَّصل بواحدٍ من الخلفـاء أو الولاة، ولهذه الظاهرة ما يبررها في نهج الشاعر في حيـاته وفي سلوكه الاجتماعيِّ، فقد كان عفيفاً، يُرضيه اليسير، لذلك لم يَتَصَدَّ لمدحٍ ولا لطلبٍ، وظهر أثر ذلك في شعره، كقوله:
أشــــدُّ منْ فاقةٍ وجُوعِ
إغْضاءُ حُرٍّ على خُضوعِ
أجـاد القول في الهجاء من غير فحش، وطغى ذلك على سـائر أغراض شـعره، وذكره أبو الفرج الأصفهانيُّ فقال: «كان كثيرَ الهجـاءِ للنَّاس». ووصفـه الأدبـاء والنُّقاد الأقدمون بالإجادة في هذا الغرض، فسار هجاؤه، ورُهِبَ لسـانه، وكان الشـاعر يدرك إعجاب أدباء عصره بمعانيه في الهجاء، وفي ذلك يقول مخاطباً مهجوَّه:
وسـار بالذمِّ فيك شـعري
وقيلَ لي محسـنٌ مُصيبُ
وأجاد أيضاً في رثاء الشـباب، ويشفُّ شعرُه في ذلك عن عفويةِ التَّعبير، والبعد عن التقعُّر والافتعال، وأفصحَ بعضُ نقاد عصره عن إعجابهم بأسلوبه الشِّعريِّ عامَّةً، ولاسيَّما شعره في رثاء الشباب، إذ اتَّسمت معانيه في ذلك بلطف التناول، وتحلَّت ألفاظه فيه بالرقة والعذوبة، وممَّن أُعجبوا بنهجه في ذلك ابنُ الأعرابيِّ، الَّذي سمع قصيدتَه الَّتي مطلعها:
لاحينَ صبرٍ فَخَلِّ الدَّمعَ يَنْهَمِلُ
فَقْدُ الشَّبابِ بيومِ المرءِ مُتَّصِلُ
فقال فيها: «أحسـنُ ما قاله المُحْدَثُون من شـعراء هذا الزَّمن في مديح الشَّباب، وذمِّ الشَّيب».
بنى أكثر شعره على المقطَّعات، واشْتُهِرَ في ذلك بين نقَّاد عصره. «قال يحيى بن أكثم لمحمَّد بن حازم الباهلي: ما نعيبُ شعرَك إلا أنَّك لا تطيل، فأنشأ يقول:
أبى لي أن أُطيلَ الشِّعرَ قصدي
إلى المعنى وعلمي بالصَّـواب
وإيجـازي بمختصـرٍ قريـبٍ
حَذَفْتُ به الفضولَ منَ الجوابِ».
ويُحْفَظُ له كان شاعرَ المقطَّعاتِ الَّذي لا يُجارى في عصره، فكان ينظم فيها من غير إخلال بالفكرة أو تقصير في الجانب الفني من الشعر، وإنَّما كانوا يعيبون عليه النَّظم في المقطَّعات رغبةً في الاستزادة من رائق شعره حين ينظمه.
أسامة اختيار