عرفات (ياسر)
Arafat (Yaser-) - Arafat (Yaser-)
عرفات (ياسر ـ)
(1929 ـ 2004)
أبو عمار محمد بن عبد الرؤوف القدوة، ولد في القاهرة بحي السكاكيني، وكانت أسرة القدوة قد وفدت إلى القاهرة من القدس مسقط رأس والدته زهوة أبو السعود (من أقرباء الحاج أمين الحسيني مفتي القدس وفلسطين)، حيث تزوجها القدوة بعد أن وصل إلى القدس من بلدته خان يونس جنوب غربي فلسطين.
تلقى محمد، الذي اشتهر لاحقاً باسم ياسر، تعليمه الابتدائي والإعدادي في مدارس حي العباسية الملاصق للسكاكيني، ثم تلقى تعليمه الثانوي في القدس التي وفد إليها مع عمه. وفي عام 1948 التحق بكلية الهندسة بجامعة فؤاد الأول (القاهرة اليوم) وتخرج فيها مهندساً مدنياً، وترأس اتحاد الطلبة الفلسطينيين في القاهرة ما بين عامي 1952ـ 1956 وشارك متطوعاً في حرب السويس في عام 1956، بعد ذلك سافر إلى الكويت حيث أنشأ شركة تعهدات عمل فيها من عام 1957 وحتى عام 1965.
أسس عرفات حركة التحرر الوطني الفلسطيني (فتح)، وهي الحروف الأولى من حركة تحرير فلسطين مرتبة عكسياً لتوحي بالآية الكريمة: )نصر من الله وفتح قريب(. وفجّر مع رفاقه في اللجنة المركزية لحركة فتح الثورة الفلسطينية الحديثة في 1/1/1965، والذي أصبح عيداً للثورة الفلسطينية، تحتفل فيه اليوم معظم الفصائل الفلسطينية والشعب الفلسطيني سنوياً.
في صيف 1967 أفلت عرفات من ملاحقة قوات الاحتلال الإسرائيلي له في الضفة الغربية، حيث دخل إلى هناك لتنظيم المقاومة المسلحة، فلاذ ومن معه من الفدائيين بغور الأردن في الضفة الشرقية، وسرعان ما وقعت معركة الكرامة في 21/3/1968 التي أوقعت خسائر مادية وبشرية غير قليلة في صفوف القوات الإسرائيلية المهاجمة، مما رفع من أسهم فتح التي أعلنت أنّ «عرفات» الناطق باسمها. وفي 3/2/1969 انتخبه المجلس الوطني رئيساً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية التي أسسها احمد الشقيري[ر] في العام 1964.
أصبح قائداً للثورة الفلسطينية في عام 1973، ونجح في جعل الجامعة العربية وغالبية دول العالم تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية، وبه ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني. وفي عام 1974 تحدث ياسر عرفات باسم الشعب الفلسطيني في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وقُبلت فلسطين عضواً مراقباً في فروع الأمم المتحدة الرئيسية ومؤتمراتها لتكون أول حركة تحرر وطني تمنح هذه الميزة.
وفي 13/12/1988خاطب الجمعية العمومية في جنيڤ لرفض واشنطن منحه تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فانتقلت الجمعية العامة إلى جنيڤ لتستمع إلى خطابه. وفي 30/3/1989 اختار المجلس المركزي الفلسطيني ياسر عرفات رئيساً لدولة فلسطين، وتم اختياره لهذا المنصب من قبل المجلس الوطني الفلسطيني مباشرة. وفي نيسان 1992 سقطت في الصحراء الليبية الطائرة التي تقله، حيث قتل بعض مرافقيه وجرح آخرون، في حين اقتصرت إصابات عرفات على بعض الجروح والرضوض فضلاً عن جرح في جمجمته تطلب تدخلاً جراحياً بعد العثور على الطائرة المفقودة. وفي السنة نفسها اقترن عرفات بسهى الطويل ابنة الصحفية المقدسية المعروفة ريموندا الطويل، ورزق منها سنة 1995 ابنته التي اختار لها اسم والدته زهوة.
بذل عرفات جهوداً كبيرة للتوصل إلى حل للقضية الفلسطينية يضمن قيام دولة فلسطين مستقلة ذات سيادة، عاصمتها القدس، وعودة اللاجئين الفلسطينيين كل إلى أرضه وبيته في فلسطين الجغرافية.
توصل إلى اتفاق أوسلو في 13 تشرين الأول 1993، الذي واجه معارضة من بعض العرب (دولاً ومنظمات وفصائل) ومن بعض الإسرائيليين المتدينين المتطرفين بوجه خاص.
أعاد عرفات، بموجب اتفاق أوسلو، أكثر من 200 ألف لاجئ فلسطيني إلى الضفة والقطاع، وأدخل عشرات الآلاف من الشباب شرطةً للسلطة الوطنية الفلسطينية التي أنشئت بموجب اتفافات أوسلو، وأصبح رئيساً للسلطة الفلسطينية بانتخاب مباشر من الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع في20/1/1996.
حصل على أوسمة كثيرة وجوائز للسلام، أهمها جائزة نوبل للسلام في تشرين الأول 1994 بالمشاركة مع اسحق رابين وشمعون بيريز.
رفض ما عرضه عليه الرئيس كلينتون[ر] من حل في كامب ديفيد[ر] في عام 2000، لأن عرضه لم يتضمن ثابتين من الثوابت الفلسطينية: حق العودة، والقدس الشرقية.
حاصرته قوات الاحتلال الإسرائيلي في مقر رئاسته في رام الله منذ عام 2001 حتى آخر أيامه، إذ أصابه مرض شديد نقل على أثره إلى فرنسا، وتوفي صباح الحادي عشر من تشرين الثاني في مستشفى بيرسي العسكري بباريس، ودفن في رام الله بعدما رفضت إسرائيل السماح بدفنه في القدس كما كان قد أوصى.
كان عرفات متقشفاً في مأكله وملبسه، قوي الذاكرة، يتمتع بقدرة على حفظ التوازن بين القوى المختلفة في الساحة الفلسطينية بحيث تمسك بقيادته أنصاره وخصومه على السواء، ومهما تباينت وجهات النظر في سياسات عرفات وتحركاته يبقى رمزاً لفلسطين التي أمِل وأمل معه كثر، أن تتحرر من الاحتلال، وعدَّه بعض الدارسين أباً للفلسطينيين جميعاً، مع عدم تمكنه من تحقيق أهدافهم كلها.
إبراهيم الشهابي
Arafat (Yaser-) - Arafat (Yaser-)
عرفات (ياسر ـ)
(1929 ـ 2004)
تلقى محمد، الذي اشتهر لاحقاً باسم ياسر، تعليمه الابتدائي والإعدادي في مدارس حي العباسية الملاصق للسكاكيني، ثم تلقى تعليمه الثانوي في القدس التي وفد إليها مع عمه. وفي عام 1948 التحق بكلية الهندسة بجامعة فؤاد الأول (القاهرة اليوم) وتخرج فيها مهندساً مدنياً، وترأس اتحاد الطلبة الفلسطينيين في القاهرة ما بين عامي 1952ـ 1956 وشارك متطوعاً في حرب السويس في عام 1956، بعد ذلك سافر إلى الكويت حيث أنشأ شركة تعهدات عمل فيها من عام 1957 وحتى عام 1965.
أسس عرفات حركة التحرر الوطني الفلسطيني (فتح)، وهي الحروف الأولى من حركة تحرير فلسطين مرتبة عكسياً لتوحي بالآية الكريمة: )نصر من الله وفتح قريب(. وفجّر مع رفاقه في اللجنة المركزية لحركة فتح الثورة الفلسطينية الحديثة في 1/1/1965، والذي أصبح عيداً للثورة الفلسطينية، تحتفل فيه اليوم معظم الفصائل الفلسطينية والشعب الفلسطيني سنوياً.
في صيف 1967 أفلت عرفات من ملاحقة قوات الاحتلال الإسرائيلي له في الضفة الغربية، حيث دخل إلى هناك لتنظيم المقاومة المسلحة، فلاذ ومن معه من الفدائيين بغور الأردن في الضفة الشرقية، وسرعان ما وقعت معركة الكرامة في 21/3/1968 التي أوقعت خسائر مادية وبشرية غير قليلة في صفوف القوات الإسرائيلية المهاجمة، مما رفع من أسهم فتح التي أعلنت أنّ «عرفات» الناطق باسمها. وفي 3/2/1969 انتخبه المجلس الوطني رئيساً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية التي أسسها احمد الشقيري[ر] في العام 1964.
أصبح قائداً للثورة الفلسطينية في عام 1973، ونجح في جعل الجامعة العربية وغالبية دول العالم تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية، وبه ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني. وفي عام 1974 تحدث ياسر عرفات باسم الشعب الفلسطيني في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وقُبلت فلسطين عضواً مراقباً في فروع الأمم المتحدة الرئيسية ومؤتمراتها لتكون أول حركة تحرر وطني تمنح هذه الميزة.
وفي 13/12/1988خاطب الجمعية العمومية في جنيڤ لرفض واشنطن منحه تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فانتقلت الجمعية العامة إلى جنيڤ لتستمع إلى خطابه. وفي 30/3/1989 اختار المجلس المركزي الفلسطيني ياسر عرفات رئيساً لدولة فلسطين، وتم اختياره لهذا المنصب من قبل المجلس الوطني الفلسطيني مباشرة. وفي نيسان 1992 سقطت في الصحراء الليبية الطائرة التي تقله، حيث قتل بعض مرافقيه وجرح آخرون، في حين اقتصرت إصابات عرفات على بعض الجروح والرضوض فضلاً عن جرح في جمجمته تطلب تدخلاً جراحياً بعد العثور على الطائرة المفقودة. وفي السنة نفسها اقترن عرفات بسهى الطويل ابنة الصحفية المقدسية المعروفة ريموندا الطويل، ورزق منها سنة 1995 ابنته التي اختار لها اسم والدته زهوة.
بذل عرفات جهوداً كبيرة للتوصل إلى حل للقضية الفلسطينية يضمن قيام دولة فلسطين مستقلة ذات سيادة، عاصمتها القدس، وعودة اللاجئين الفلسطينيين كل إلى أرضه وبيته في فلسطين الجغرافية.
توصل إلى اتفاق أوسلو في 13 تشرين الأول 1993، الذي واجه معارضة من بعض العرب (دولاً ومنظمات وفصائل) ومن بعض الإسرائيليين المتدينين المتطرفين بوجه خاص.
أعاد عرفات، بموجب اتفاق أوسلو، أكثر من 200 ألف لاجئ فلسطيني إلى الضفة والقطاع، وأدخل عشرات الآلاف من الشباب شرطةً للسلطة الوطنية الفلسطينية التي أنشئت بموجب اتفافات أوسلو، وأصبح رئيساً للسلطة الفلسطينية بانتخاب مباشر من الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع في20/1/1996.
حصل على أوسمة كثيرة وجوائز للسلام، أهمها جائزة نوبل للسلام في تشرين الأول 1994 بالمشاركة مع اسحق رابين وشمعون بيريز.
رفض ما عرضه عليه الرئيس كلينتون[ر] من حل في كامب ديفيد[ر] في عام 2000، لأن عرضه لم يتضمن ثابتين من الثوابت الفلسطينية: حق العودة، والقدس الشرقية.
حاصرته قوات الاحتلال الإسرائيلي في مقر رئاسته في رام الله منذ عام 2001 حتى آخر أيامه، إذ أصابه مرض شديد نقل على أثره إلى فرنسا، وتوفي صباح الحادي عشر من تشرين الثاني في مستشفى بيرسي العسكري بباريس، ودفن في رام الله بعدما رفضت إسرائيل السماح بدفنه في القدس كما كان قد أوصى.
كان عرفات متقشفاً في مأكله وملبسه، قوي الذاكرة، يتمتع بقدرة على حفظ التوازن بين القوى المختلفة في الساحة الفلسطينية بحيث تمسك بقيادته أنصاره وخصومه على السواء، ومهما تباينت وجهات النظر في سياسات عرفات وتحركاته يبقى رمزاً لفلسطين التي أمِل وأمل معه كثر، أن تتحرر من الاحتلال، وعدَّه بعض الدارسين أباً للفلسطينيين جميعاً، مع عدم تمكنه من تحقيق أهدافهم كلها.
إبراهيم الشهابي