مدرجات زراعيه
Agricultural terraces - Terrasses agricoles
المُدَرَّجات الزراعية
المُدَرَّج الزراعي agricultural terrace (يسمى أيضاً مصطبة أو جرف أو جلّ) هو قطاع مسوّى من الأرض في منطقة زراعية منحدرة لحفظ التربة من الانجراف وللحد ما أمكن من الانسيال السطحي لمياه المطر والري.
لمحة تاريخية
تعود البدايات التاريخية لفكرة المدرجات إلى القرون الأولى التي سبقت وتلت الميلاد - العهد الروماني - بعد أن تحول الإنسان من نمط الصيد إلى النمط الزراعي والتجاري، وذلك في عدة أقاليم من العالم في شمالي إفريقيا وشبه الجزيرة العربية (اليمن خصوصاً) وبلاد الشام والصين وغيرها.
وفي أثناء مدة الاستقرار الزراعي مع بداية الألفية الميلادية الأولى التي دامت أكثر من ستة قرون تمكن المزارعون بخبرتهم من تعرّف التعرية والانجراف في المنحدرات وطبقوا السبل الملائمة لمقاومتها والحد من تأثيرها في التربة وخصوبتها وفي المياه، فكانت بداية استعمال المدرجات والسدود التعويقية ونشر المياه وغيرها؛ أساساً في الإدارة الزراعية المتقدمة، وكانت المدرجات تُزرع بأشجار الزيتون واللوز في حين تشكل الهضاب المراعي المفتوحة. ثم تدهورت الأحوال الزراعية وأساليب حماية التربة وحفظ المياه منذ القرن السابع الميلادي حتى القرن الحادي عشر حين حُسِّنت أعمال حفظ التربة والمياه، ثم أُهملت من جديد حتى القرن الخامس عشر، لتنتعش مجدداً في أثناء القرنين السادس عشر والسابع عشر (بدايات الحكم العثماني)، ثم تدهورت من جديد في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. وفي القرن العشرين انتشرت أعمال صيانة التربة والمياه في معظم أنحاء العالم، ولاسيما في بلاد المغرب العربي والشرق الأوسط.
أنواع المدرجات وطرائق إنشائها وفوائدها البيئية
ـ أنواع المدرجات:
تختلف المدرجات فيما بينها حسب الظروف البيئية السائدة والوضع الاجتماعي الاقتصادي لسكان المناطق التي تُقام فيها، وعوامل أخرى، ومنها:
1- المدرجات الأفقية أو المستوية level terraces: تتماشى هذه المدرجات مع الخطوط الالتفافية تماماً على المنحدر؛ وتكون ذات سعة كافية لاستقبال جميع كميات الأمطار الهاطلة فيما بين كل مدرجين متتاليين، وتُقام في المناطق الجافة ذات الترب العميقة والنفوذة، ويكون انحدارها نحو 2- 8%. تكون قاعدتها عريضة بحيث تسمح باستخدام الميكنة الزراعية، (الشكل 1).
وتصنف هذه المدرجات في ثلاثة أنواع:
أ- مدرجات مستوية قصيرة: طول كل منها نحو 3- 6م وتوزعها ملائم للانحدار (الشكل 2- أ).
ب - مدرجات مستوية طويلة: طولها غير محدد ولكن يستحسن بهدف تقليل المخاطر تقسيمها بقواطع ترابية على مسافات 3 - 4م، وتُغلق نهاية كل منها أو تفتح إلى مجار طبيعية ذات فتحات مغطاة بغطاء نباتي كثيف يمنع الانجراف (الشكل 2- ب).
جـ - المدرجات الحوضية الهلالية الشكل المنفردة: في الأراضي المنحدرة الشديدة التعرية (الشكل 2- ج).
2- المدرجات المنحدرة ذات المجاري :graded channel terraces تنشأ بشكل مجارٍ خاصة تنقل المياه الزائدة من الأمطار الشديدة، وبانحدار مناسب يسمح بسيلان المياه الراكدة في المدرّج إلى مجرى مائي أو خندق تجمع المياه. ويجب تثبيت هذا المجرى وتغطيته بغطاء نباتي قبل إنشاء المدرج. وأن يتناسب الانحدار التدريجي للمدرج مع سرعة المياه ونوع التربة (الشكل 3).
3ـ المدرجات المدرجة: تنشأ وفق تدرج انحداري بسيط، وتكون مطابقة للمستويات الالتفافية (الكونتورية) تماماً لتلقّي كامل المياه ونقلها. يختلف عرضها حسب التربة والميكنة والخدمات وتُصنف في فئتين:
أ ـ مدرجات عريضة التدريج banquettes: تُنشأ في الأراضي التي تقل درجة انحدارها عن 40% ويكون انحدار مجراها نحو 0.5% إلى الداخل. تُحرث تربتها حراثة عميقة لزيادة نفوذ المياه وتنمية النباتات. تُزرع أشجار الفاكهة على الجانب الخارجي والمحاصيل الحقلية على الجانب الداخلي( الشكل 4 - أ).
ب - مدرجات ضيقة التدريج :gradins تُنشأ في الأراضي التي يزيد انحدارها على 40% وذات تربة متماسكة وجيدة النفاذية. يكون انحدار مجرى المدرج نحو 15% إلى الداخل ويمكن حراثتها عميقاً (الشكل 4 - جـ).
4- المدرجات الحجرية: هي أقدم المدرجات الزراعية وأكثرها استعمالاً منذ العصور التاريخية الأولى للزراعة. ولاتزال تستخدم في كثير من السفوح الجبلية والوديان في المغرب والجزائر وتونس وفي جبال نفوسة والجبل الأخضر في ليبيا وفي أودية أو سفوح كثير من جبال القلمون والحرمون والساحل في سورية وفي لبنان والأردن وفلسطين وجبال شبه الجزيرة العربية ولاسيما في اليمن والصين وغيرها. كما يشاهد كثير منها في المناطق الزراعية المهجورة بعد انجراف تربتها. (الشكل 5 - أ - ب).
تُنشأ هذه المدرجات في الأراضي الشديدة الانحدار، وتُبنى جدرانها تدريجياً حسب المنحدر بالحجارة المتوافرة وتُملأ الفراغات خلف الجدران بالتربة الزراعية. تتطابق الجدران مع الخطوط الالتفافية ويكون طولها حسب إمكانية المزارع وحيازته واليد العاملة المتوافرة.
5 - مدرجات الهضاب أو السهوب :steppe terraces تُنشأ في الأراضي ذات الترب السطحية جداً وفي المناطق الجافة القليلة الأمطار. ولابد من المحافظة على طبقة كافية من التربة داخل مجرى المدرج أو نقل تربة إليه، وتكون جدرانه حجرية جافة.
ـ طرائق إنشاء المدرجات:
يعتمد إنشاء مدرج ما على حساب المسافة اللازمة فيما بين المدرجات باستخدام معادلات مختلفة أهمها معادلة ساكاردي Sacardy المناسبة للمناطق الجافة وشبه الجافة وهي:
H = P (260 ± 10)1/3
حيث H: الارتفاع العمودي فيما بين المدرجات بالأمتار.
P: درجة النسبة المئوية للانحدار (تقاس بجهاز قياس الميل أو الارتفاع).
وتحسب المسافة الأفقية (L) بين المدرجات بالعلاقة الآتية: L = H/P
ويمكن الرجوع إلى جداول خاصة معدة لهذا الغرض للحصول على الارتفاع العمودي (H) والمسافات الأفقية (L) حسب النسبة المئوية للانحدار (الجدول 1).
ويجب عدم تجاوز هذه المسافات، إذ إنها تعد الحد الأعلى للمسافة الآمنة للانحدار. ويجب ألا يزيد طول المدرج على 400م حينما تكون المسافة بين المدرجات كبيرة وباتجاه جريان المياه، وذلك لتقليل مساحة مسقط الماء في المدرج المحدد.
ولتنفيذ إنشاء المدرجات يُحدّد مسار أول مدرج انطلاقاً من أعلى المنحدر (من القمة) ثم يُنشأ المدرج الثاني أسفل المدرج الأول وهكذا نحو الأسفل. وبذلك يمكن صيانة الأعمال وحمايتها من الأمطار التي تسقط في أثناء سير العمل. تُحدّد المسارات والمسافات بوساطة شواخص أو أوتاد تسهل رؤيتها، وتُعيّن الخطوط الالتفافية التي تمثل مسارات المدرجات بوساطة أجهزة مساحية خاصة مثل (نيفو، تيودولايت، ميزان البنائين العادي، وغيرها) (الشكل 4).
من المهم جداً تنظيف مسارات المدرجات من الشجيرات والمجموعات النباتية لتوفير اتصال مباشر فيما بين تربة الردم وأرض المدارج، وأن تكون سدة المدرج ثابتة ومتماسكة ومتدرجة بحيث لا يحصل فيها انهيارات، وأن يُحرث مجرى المدرج عميقاً لزيادة نفوذ الماء.
يمكن استخدام الآليات الثقيلة والخفيفة لتنفيذ أعمال الحفر والردم مثل: البلدوزر، التركس، الباكر، النقابة، الكريدر، المحراث الآلي، وغيرها. وفي المناطق الشديدة الانحدار والتي يتعذر فيها استخدام الآليات الثقيلة يمكن الاعتماد على اليد العاملة والأدوات الزراعية الخفيفة مثل المعول، المجرفة، الرفش، المسحاة، المحراث القديم، وغيرها.
أما المناطق التي يتعذر إنشاء مدرجات عليها لهشاشة تربتها وصخرتها الأم المعرضة للانهيارات فلا بد من تدعيمها بالجدران الحجرية ثم تثبيتها بالأغطية النباتية الحية المختلفة. تُبنى عادة الجدران من الحجر فقط أو مع الإسمنت، ويقتصر استخدامها على المنحدرات الواقعة على جوانب الطرق أو الخنادق أو جوانب الوديان والمجاري التي تستوجب إجراء حماية سريعة لمنع انجرافها.
تختلف الجدران حسب توافر المواد في الموقع والغرض منها، فقد تكون بسيطة مؤلفة من أكياس مملوءة بالتراب تُصفّ بشكل جدار، أو من الحجارة والصخور، وتبنى من دون إسمنت أو مع الإسمنت، أو تُغلّف بأسلاك مشبكة أو تستعمل أقفاص جاهزة من سلك مشبك ذات أبعاد مختلفة (الشكلان 6 و7).
فوائد المدرجات الزراعية:
للمدرجات فوائد بيئية جمة فهي تسهم إسهاماً فعالاً في صيانة التربة وحمايتها من الانجراف والتعرية والانغسال، وكذلك في حفظ المياه والحد من انسيالها السطحي وزيادة معدل تسربها الداخلي، وفي تغذية الينابيع والجداول وزيادة تدفقها واستمراريتها وفي دعم الاحتياطي المائي للخزانات الأرضية السطحية والجوفية. كما تعمل المدرجات على تحسين خواص التربة الفيزيائية والكيمياوية ورفع خصوبتها، ولاسيما محتواها من المادة العضوية الناتجة من النباتات النامية فيها وبتأثير إحياء التربة، وتسهم في الحفاظ على التنوع الحيوي النباتي والحيواني ودعمه وإثرائه في المنطقة، والحد من الإطماء شتاءً وربيعاً والغبار صيفاً. وتفيد المدرجات أيضاً في حماية الطرقات في المناطق الجبلية من الانهيارات والردم ولاسيما في فصل الشتاء. تسهّل المدرجات كثيراً أعمال الخدمة الزراعية مثل الحراثة الآلية والري بالراحة وغيرها. يمكن ضبط جريان الأنهار والمسيلات على نحو شبه دائم في مجاريها بإنشاء مدرجات حجرية على يمين مجراها ويسارها لحماية الأراضي المجاورة من الانجراف أو الردم.
طرائق التشجير الوقائي والإنتاجي للمدرجات في المناطق المختلفة
في ظروف المناطق الجافة وشبه الجافة الجبلية ولاسيما ذات الترب الضحلة والفقيرة بالعناصر الغذائية وبالغطاء النباتي الطبيعي يفضل اعتماد التشجير الوقائي والإنتاجي بزراعة الجيوب الترابية المتوافرة أو في المدرجات الحوضية الهلالية للحفاظ على التنوع الحيوي، ولاسيما في التشجير الحراجي الوقائي، وهنا يمكن زراعة التين والعنب واللوز والبطم، أما إذا كانت المناطق ضعيفة الانحدار ذات تربة عميقة فيمكن إنشاء مدرجات بسيطة لزراعة المحاصيل الشتوية من قمح وشعير و بقوليات، ويمكن دعم حافات المدرجات بالحجارة إذا كانت المنطقة وعرة أو محجرة وزراعتها بأنواع متحملة للجفاف كالعنب (بالطريقة الزاحفة) أو اللوز البري أو التين أو الزعرور وغيرها.
أما في أسفل الأودية وعلى السفوح المطلة عليها فيمكن الاستفادة من مياه الأنهار أو الجداول أو الينابيع أو مياه الآبار السطحية أو الجوفية واعتماد المدرجات الحجرية للاستفادة ما أمكن من المدرجات بالتشجير الإنتاجي وبزراعة الخضار والمحاصيل وبالتشجير الوقائي والإنتاجي، إذ يجب زراعة الأجزاء العلوية من جدار المدرج في مرحلة الإنشاء بعقل أو خلفات من أنواع نباتية متحملة للجفاف نسبياً مثل التين والرمان والسمّاق وذلك بقصد تثبيت جدار المدرج وحمايته من الانهيار في أثناء الري وفي الوقت نفسه يعد ذلك بمنزلة تشجير إنتاجي، إذ يعدّ التين والرمان والعنب من الأشجار المثمرة الملائمة.
وبعد الانتهاء من إنشاء المدرج الحجري يمكن زراعته بالأشجار المثمرة الملائمة لشروط المنطقة، إذا كان عريضاً (أكثر من 5 م عادةً)، فيُزرع فيه الكرز والتفاح في المناطق الجبلية المرتفعة والمشمش والخوخ والدراق والزيتون والجوز وغيرها في المناطق الأقل ارتفاعاً. ويمكن تحميل محاصيل الخضار والمحاصيل الحقلية ولاسيما البقولية على الأشجار المثمرة في المدرجات، أما إذا كان المدرج قليل العرض فيزرع بالخضار أو المحاصيل الحقلية. وعموماً يُزرع الجانب الوحشي للمدرج من جهة الجدار بالقرعيات غير المحدودة النمو من كوسا وقرع، وتُدلّى على الجدار للاستفادة من مساحة الجدار ما أمكن ولاسيما إذا كان ارتفاع المدرج يقل عن 2م.
أما في المناطق شبه الرطبة والرطبة والتي غالباً ما تكون قريبة من السواحل البحرية فتفضل إقامة المدرجات الحجرية إذا توافرت الحجارة وإلا فالإسمنتية، ومن ثم زراعتها بالأشجار المثمرة كالتفاحيات والتوت والحمضيات وغيرها.
انتقاء الأنواع النباتية الملائمة لزراعة المدرجات
يتوقف انتقاء الأنواع الملائمة لزراعة المدرجات على الشروط البيئية المناخية والأرضية والاجتماعية للسكان وعلى نوع المدرج نفسه. وتستخدم عموماً الأنواع النباتية المتكيفة مع البيئة. ففي المناطق الجبلية العالية الباردة الرطبة وشبه الرطبة يمكن زراعة الكرز والتفاح واللوز والدراق أنواعاً مثمرة واللزاب والزعرور والسرو الفضي والأرز وأنواع الصنوبر وغيرها أنواعاً حراجية، أما في المناطق الجبلية الجافة وشبه الجافة ذات التربة الكلسية فيمكن زراعة الفستق الحلبي والتين والعنب واللوز والزعرور والبطم الأطلسي وغيرها، وفي المناطق الجبلية الفقيرة بالكلس (البازلتية) يمكن زراعة الكستناء إذا توافرت المياه.
وفي المناطق التي تشهد نشاطاً زراعياً ورعوياً يمكن تدعيم الجوانب الوحشية للمدرجات بالنباتات أو الأنجم الرعوية المعمرة كالروثة والفصة والرغل وغيرها، وأما مدرجات مجاري الأنهار فيمكن تدعيمها بزراعتها بالحور والصفصاف والدلب والدردار والنغت وغيرها.
محمد قربيصة
Agricultural terraces - Terrasses agricoles
المُدَرَّجات الزراعية
المُدَرَّج الزراعي agricultural terrace (يسمى أيضاً مصطبة أو جرف أو جلّ) هو قطاع مسوّى من الأرض في منطقة زراعية منحدرة لحفظ التربة من الانجراف وللحد ما أمكن من الانسيال السطحي لمياه المطر والري.
لمحة تاريخية
تعود البدايات التاريخية لفكرة المدرجات إلى القرون الأولى التي سبقت وتلت الميلاد - العهد الروماني - بعد أن تحول الإنسان من نمط الصيد إلى النمط الزراعي والتجاري، وذلك في عدة أقاليم من العالم في شمالي إفريقيا وشبه الجزيرة العربية (اليمن خصوصاً) وبلاد الشام والصين وغيرها.
وفي أثناء مدة الاستقرار الزراعي مع بداية الألفية الميلادية الأولى التي دامت أكثر من ستة قرون تمكن المزارعون بخبرتهم من تعرّف التعرية والانجراف في المنحدرات وطبقوا السبل الملائمة لمقاومتها والحد من تأثيرها في التربة وخصوبتها وفي المياه، فكانت بداية استعمال المدرجات والسدود التعويقية ونشر المياه وغيرها؛ أساساً في الإدارة الزراعية المتقدمة، وكانت المدرجات تُزرع بأشجار الزيتون واللوز في حين تشكل الهضاب المراعي المفتوحة. ثم تدهورت الأحوال الزراعية وأساليب حماية التربة وحفظ المياه منذ القرن السابع الميلادي حتى القرن الحادي عشر حين حُسِّنت أعمال حفظ التربة والمياه، ثم أُهملت من جديد حتى القرن الخامس عشر، لتنتعش مجدداً في أثناء القرنين السادس عشر والسابع عشر (بدايات الحكم العثماني)، ثم تدهورت من جديد في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. وفي القرن العشرين انتشرت أعمال صيانة التربة والمياه في معظم أنحاء العالم، ولاسيما في بلاد المغرب العربي والشرق الأوسط.
أنواع المدرجات وطرائق إنشائها وفوائدها البيئية
ـ أنواع المدرجات:
الشكل (1) المدرجات المنبسطة |
الشكل (2) أنواع المدرجات |
الشكل (3) مدرج منحدر ذو مجرى خندقي |
الشكل (4) مدرجات عريضة التدريج وضيقته |
الشكل (5) المدرجات الحجرية |
1- المدرجات الأفقية أو المستوية level terraces: تتماشى هذه المدرجات مع الخطوط الالتفافية تماماً على المنحدر؛ وتكون ذات سعة كافية لاستقبال جميع كميات الأمطار الهاطلة فيما بين كل مدرجين متتاليين، وتُقام في المناطق الجافة ذات الترب العميقة والنفوذة، ويكون انحدارها نحو 2- 8%. تكون قاعدتها عريضة بحيث تسمح باستخدام الميكنة الزراعية، (الشكل 1).
وتصنف هذه المدرجات في ثلاثة أنواع:
أ- مدرجات مستوية قصيرة: طول كل منها نحو 3- 6م وتوزعها ملائم للانحدار (الشكل 2- أ).
ب - مدرجات مستوية طويلة: طولها غير محدد ولكن يستحسن بهدف تقليل المخاطر تقسيمها بقواطع ترابية على مسافات 3 - 4م، وتُغلق نهاية كل منها أو تفتح إلى مجار طبيعية ذات فتحات مغطاة بغطاء نباتي كثيف يمنع الانجراف (الشكل 2- ب).
جـ - المدرجات الحوضية الهلالية الشكل المنفردة: في الأراضي المنحدرة الشديدة التعرية (الشكل 2- ج).
2- المدرجات المنحدرة ذات المجاري :graded channel terraces تنشأ بشكل مجارٍ خاصة تنقل المياه الزائدة من الأمطار الشديدة، وبانحدار مناسب يسمح بسيلان المياه الراكدة في المدرّج إلى مجرى مائي أو خندق تجمع المياه. ويجب تثبيت هذا المجرى وتغطيته بغطاء نباتي قبل إنشاء المدرج. وأن يتناسب الانحدار التدريجي للمدرج مع سرعة المياه ونوع التربة (الشكل 3).
3ـ المدرجات المدرجة: تنشأ وفق تدرج انحداري بسيط، وتكون مطابقة للمستويات الالتفافية (الكونتورية) تماماً لتلقّي كامل المياه ونقلها. يختلف عرضها حسب التربة والميكنة والخدمات وتُصنف في فئتين:
أ ـ مدرجات عريضة التدريج banquettes: تُنشأ في الأراضي التي تقل درجة انحدارها عن 40% ويكون انحدار مجراها نحو 0.5% إلى الداخل. تُحرث تربتها حراثة عميقة لزيادة نفوذ المياه وتنمية النباتات. تُزرع أشجار الفاكهة على الجانب الخارجي والمحاصيل الحقلية على الجانب الداخلي( الشكل 4 - أ).
ب - مدرجات ضيقة التدريج :gradins تُنشأ في الأراضي التي يزيد انحدارها على 40% وذات تربة متماسكة وجيدة النفاذية. يكون انحدار مجرى المدرج نحو 15% إلى الداخل ويمكن حراثتها عميقاً (الشكل 4 - جـ).
4- المدرجات الحجرية: هي أقدم المدرجات الزراعية وأكثرها استعمالاً منذ العصور التاريخية الأولى للزراعة. ولاتزال تستخدم في كثير من السفوح الجبلية والوديان في المغرب والجزائر وتونس وفي جبال نفوسة والجبل الأخضر في ليبيا وفي أودية أو سفوح كثير من جبال القلمون والحرمون والساحل في سورية وفي لبنان والأردن وفلسطين وجبال شبه الجزيرة العربية ولاسيما في اليمن والصين وغيرها. كما يشاهد كثير منها في المناطق الزراعية المهجورة بعد انجراف تربتها. (الشكل 5 - أ - ب).
تُنشأ هذه المدرجات في الأراضي الشديدة الانحدار، وتُبنى جدرانها تدريجياً حسب المنحدر بالحجارة المتوافرة وتُملأ الفراغات خلف الجدران بالتربة الزراعية. تتطابق الجدران مع الخطوط الالتفافية ويكون طولها حسب إمكانية المزارع وحيازته واليد العاملة المتوافرة.
5 - مدرجات الهضاب أو السهوب :steppe terraces تُنشأ في الأراضي ذات الترب السطحية جداً وفي المناطق الجافة القليلة الأمطار. ولابد من المحافظة على طبقة كافية من التربة داخل مجرى المدرج أو نقل تربة إليه، وتكون جدرانه حجرية جافة.
ـ طرائق إنشاء المدرجات:
يعتمد إنشاء مدرج ما على حساب المسافة اللازمة فيما بين المدرجات باستخدام معادلات مختلفة أهمها معادلة ساكاردي Sacardy المناسبة للمناطق الجافة وشبه الجافة وهي:
H = P (260 ± 10)1/3
حيث H: الارتفاع العمودي فيما بين المدرجات بالأمتار.
P: درجة النسبة المئوية للانحدار (تقاس بجهاز قياس الميل أو الارتفاع).
وتحسب المسافة الأفقية (L) بين المدرجات بالعلاقة الآتية: L = H/P
ويمكن الرجوع إلى جداول خاصة معدة لهذا الغرض للحصول على الارتفاع العمودي (H) والمسافات الأفقية (L) حسب النسبة المئوية للانحدار (الجدول 1).
ويجب عدم تجاوز هذه المسافات، إذ إنها تعد الحد الأعلى للمسافة الآمنة للانحدار. ويجب ألا يزيد طول المدرج على 400م حينما تكون المسافة بين المدرجات كبيرة وباتجاه جريان المياه، وذلك لتقليل مساحة مسقط الماء في المدرج المحدد.
ولتنفيذ إنشاء المدرجات يُحدّد مسار أول مدرج انطلاقاً من أعلى المنحدر (من القمة) ثم يُنشأ المدرج الثاني أسفل المدرج الأول وهكذا نحو الأسفل. وبذلك يمكن صيانة الأعمال وحمايتها من الأمطار التي تسقط في أثناء سير العمل. تُحدّد المسارات والمسافات بوساطة شواخص أو أوتاد تسهل رؤيتها، وتُعيّن الخطوط الالتفافية التي تمثل مسارات المدرجات بوساطة أجهزة مساحية خاصة مثل (نيفو، تيودولايت، ميزان البنائين العادي، وغيرها) (الشكل 4).
درجة الانحدار (P) (%) | المسافة بين المدرجات | |
المسافة العمودية (H) بالأمتار | المسافة الأفقية (L) بالأمتار | |
3 | 2.0 | 67 |
6 | 2.5 | 42 |
10 | 3.0 | 30 |
15 | 3.4 | 23 |
25 | 4.0 | 16 |
35 | 4.5 | 13 |
50 | 5.0 | 10 |
80 | 5.8 | 7 |
الجدول (1) المسافتان العمودية والأفقية للمدرجات حسب درجة الانحدار(معادلة ساكاردي - FAO ت 1976) |
يمكن استخدام الآليات الثقيلة والخفيفة لتنفيذ أعمال الحفر والردم مثل: البلدوزر، التركس، الباكر، النقابة، الكريدر، المحراث الآلي، وغيرها. وفي المناطق الشديدة الانحدار والتي يتعذر فيها استخدام الآليات الثقيلة يمكن الاعتماد على اليد العاملة والأدوات الزراعية الخفيفة مثل المعول، المجرفة، الرفش، المسحاة، المحراث القديم، وغيرها.
أما المناطق التي يتعذر إنشاء مدرجات عليها لهشاشة تربتها وصخرتها الأم المعرضة للانهيارات فلا بد من تدعيمها بالجدران الحجرية ثم تثبيتها بالأغطية النباتية الحية المختلفة. تُبنى عادة الجدران من الحجر فقط أو مع الإسمنت، ويقتصر استخدامها على المنحدرات الواقعة على جوانب الطرق أو الخنادق أو جوانب الوديان والمجاري التي تستوجب إجراء حماية سريعة لمنع انجرافها.
تختلف الجدران حسب توافر المواد في الموقع والغرض منها، فقد تكون بسيطة مؤلفة من أكياس مملوءة بالتراب تُصفّ بشكل جدار، أو من الحجارة والصخور، وتبنى من دون إسمنت أو مع الإسمنت، أو تُغلّف بأسلاك مشبكة أو تستعمل أقفاص جاهزة من سلك مشبك ذات أبعاد مختلفة (الشكلان 6 و7).
الشكل (6) المدرجات الحجرية |
الشكل (7) المدرجات الإسمنتية |
للمدرجات فوائد بيئية جمة فهي تسهم إسهاماً فعالاً في صيانة التربة وحمايتها من الانجراف والتعرية والانغسال، وكذلك في حفظ المياه والحد من انسيالها السطحي وزيادة معدل تسربها الداخلي، وفي تغذية الينابيع والجداول وزيادة تدفقها واستمراريتها وفي دعم الاحتياطي المائي للخزانات الأرضية السطحية والجوفية. كما تعمل المدرجات على تحسين خواص التربة الفيزيائية والكيمياوية ورفع خصوبتها، ولاسيما محتواها من المادة العضوية الناتجة من النباتات النامية فيها وبتأثير إحياء التربة، وتسهم في الحفاظ على التنوع الحيوي النباتي والحيواني ودعمه وإثرائه في المنطقة، والحد من الإطماء شتاءً وربيعاً والغبار صيفاً. وتفيد المدرجات أيضاً في حماية الطرقات في المناطق الجبلية من الانهيارات والردم ولاسيما في فصل الشتاء. تسهّل المدرجات كثيراً أعمال الخدمة الزراعية مثل الحراثة الآلية والري بالراحة وغيرها. يمكن ضبط جريان الأنهار والمسيلات على نحو شبه دائم في مجاريها بإنشاء مدرجات حجرية على يمين مجراها ويسارها لحماية الأراضي المجاورة من الانجراف أو الردم.
طرائق التشجير الوقائي والإنتاجي للمدرجات في المناطق المختلفة
في ظروف المناطق الجافة وشبه الجافة الجبلية ولاسيما ذات الترب الضحلة والفقيرة بالعناصر الغذائية وبالغطاء النباتي الطبيعي يفضل اعتماد التشجير الوقائي والإنتاجي بزراعة الجيوب الترابية المتوافرة أو في المدرجات الحوضية الهلالية للحفاظ على التنوع الحيوي، ولاسيما في التشجير الحراجي الوقائي، وهنا يمكن زراعة التين والعنب واللوز والبطم، أما إذا كانت المناطق ضعيفة الانحدار ذات تربة عميقة فيمكن إنشاء مدرجات بسيطة لزراعة المحاصيل الشتوية من قمح وشعير و بقوليات، ويمكن دعم حافات المدرجات بالحجارة إذا كانت المنطقة وعرة أو محجرة وزراعتها بأنواع متحملة للجفاف كالعنب (بالطريقة الزاحفة) أو اللوز البري أو التين أو الزعرور وغيرها.
أما في أسفل الأودية وعلى السفوح المطلة عليها فيمكن الاستفادة من مياه الأنهار أو الجداول أو الينابيع أو مياه الآبار السطحية أو الجوفية واعتماد المدرجات الحجرية للاستفادة ما أمكن من المدرجات بالتشجير الإنتاجي وبزراعة الخضار والمحاصيل وبالتشجير الوقائي والإنتاجي، إذ يجب زراعة الأجزاء العلوية من جدار المدرج في مرحلة الإنشاء بعقل أو خلفات من أنواع نباتية متحملة للجفاف نسبياً مثل التين والرمان والسمّاق وذلك بقصد تثبيت جدار المدرج وحمايته من الانهيار في أثناء الري وفي الوقت نفسه يعد ذلك بمنزلة تشجير إنتاجي، إذ يعدّ التين والرمان والعنب من الأشجار المثمرة الملائمة.
وبعد الانتهاء من إنشاء المدرج الحجري يمكن زراعته بالأشجار المثمرة الملائمة لشروط المنطقة، إذا كان عريضاً (أكثر من 5 م عادةً)، فيُزرع فيه الكرز والتفاح في المناطق الجبلية المرتفعة والمشمش والخوخ والدراق والزيتون والجوز وغيرها في المناطق الأقل ارتفاعاً. ويمكن تحميل محاصيل الخضار والمحاصيل الحقلية ولاسيما البقولية على الأشجار المثمرة في المدرجات، أما إذا كان المدرج قليل العرض فيزرع بالخضار أو المحاصيل الحقلية. وعموماً يُزرع الجانب الوحشي للمدرج من جهة الجدار بالقرعيات غير المحدودة النمو من كوسا وقرع، وتُدلّى على الجدار للاستفادة من مساحة الجدار ما أمكن ولاسيما إذا كان ارتفاع المدرج يقل عن 2م.
أما في المناطق شبه الرطبة والرطبة والتي غالباً ما تكون قريبة من السواحل البحرية فتفضل إقامة المدرجات الحجرية إذا توافرت الحجارة وإلا فالإسمنتية، ومن ثم زراعتها بالأشجار المثمرة كالتفاحيات والتوت والحمضيات وغيرها.
انتقاء الأنواع النباتية الملائمة لزراعة المدرجات
يتوقف انتقاء الأنواع الملائمة لزراعة المدرجات على الشروط البيئية المناخية والأرضية والاجتماعية للسكان وعلى نوع المدرج نفسه. وتستخدم عموماً الأنواع النباتية المتكيفة مع البيئة. ففي المناطق الجبلية العالية الباردة الرطبة وشبه الرطبة يمكن زراعة الكرز والتفاح واللوز والدراق أنواعاً مثمرة واللزاب والزعرور والسرو الفضي والأرز وأنواع الصنوبر وغيرها أنواعاً حراجية، أما في المناطق الجبلية الجافة وشبه الجافة ذات التربة الكلسية فيمكن زراعة الفستق الحلبي والتين والعنب واللوز والزعرور والبطم الأطلسي وغيرها، وفي المناطق الجبلية الفقيرة بالكلس (البازلتية) يمكن زراعة الكستناء إذا توافرت المياه.
وفي المناطق التي تشهد نشاطاً زراعياً ورعوياً يمكن تدعيم الجوانب الوحشية للمدرجات بالنباتات أو الأنجم الرعوية المعمرة كالروثة والفصة والرغل وغيرها، وأما مدرجات مجاري الأنهار فيمكن تدعيمها بزراعتها بالحور والصفصاف والدلب والدردار والنغت وغيرها.
محمد قربيصة