كرومويل (اوليفر) Cromwell (Oliver-) - Cromwell (Oliver-)
كرومويل (أوليڤر ـ)
(1599 ـ 1658)
أوليڤر كرومويل Oliver Cromwell سياسي ورجل دولة إنكليزي، قاد قوات البرلمان المسلحة إلى النصر في الحرب الأهلية في الأربعينات من القرن السابع عشر، وحكم إنكلترا من سنة 1653-1658، وهو صاحب إرادة قوية وعبقرية عسكرية.
ولد أوليڤر كرومويل في قرية هَنتنغدُن Huntingdon من أعمال هنتغدُنشِر في إنكلترا، ولم يكن والده صاحب سعة في رزقه بل كان صاحب مجد يرقى إلى جده الأكبر توماس كرومويل كونت إيسكس، وأحد حاشية الملك هنري الثامن من أسرة ثيودور.
تلقى علومه في مدرسة القرية على يد معلم من غلاة البيوريتان [ر. البيوريتانية التطهيرية] فنشأ بيوريتانياً متشدداً، ثم انتقل إلى معهد سدني سيكس في كمبردج سنة 1616. كان يؤثر الألعاب الرياضية ودراسة التاريخ، لكنه ترك الجامعة إثر وفاة والده عام 1617 ليتفرغ لإدارة مزرعته ومنزله ويعيل أسرة مؤلفة من والدته وخمس شقيقات عازبات.
تزوج من إليزابيت بوسيت الغنية وأنجب أربعة أولاد، ومن ثم أصبح نائباً عن قريته في البرلمان إثر انتخابات سنة 1628.
في عام 1629 أقدم الملك تشارلز الأول على حل البرلمان اعتقاداً منه أن الملوك يستمدون حقهم الإلهي في الحكم من الله لا من الشعب، ولعدم احترامه للبرلمان، لكنه عاد ودعاه إلى الاجتماع سنة 1640؛ للموافقة على ضرائب جديدة حين وجد نفسه بحاجة إلى المال.
فاز كرومويل بعضوية البرلمان الجديد فترتين، إحداهما قصيرة والثانية استمرت 21 سنة، وفي هذه الفترة احتدم الصراع بين الملك والبرلمان على السلطة، وانقسم مؤيدو البرلمان إلى جماعتين متنافستين الأولى: (المشيخيين) وهم أعوان الملك والكاثوليك وقلة من أعضاء المجلس ورأيهم في أن يقتسم الملك والبرلمان السلطة السياسية. والثانية: (المستقلين) الذين لقبوا بذوي الرؤوس المستديرة، وتزعمهم أوليڤر كرومويل، وتمتعوا بتأييد كبار ضباط جيش البرلمان، وهم الذين فضلوا تشكيل جمهورية يحكمها البرلمان حكماً مطلقاً. واندلع قتال بين هاتين الجماعتين تمكن كرومويل في نهايته من القبض على الملك تشارلز وإعدامه سنة 1649، والإطاحة بأعضاء البرلمان الموالين له، وبذلك أصبحت إنكلترا جمهورية بحماية كرومويل.
في السنتين التاليتين قاد كرومويل حملة عسكرية إلى اسكتلندا حزيران/يونيو1650، وقضى على ثورتها وفرض الجمهورية عليها وحل برلمانها وأرسل ثلاثين نائباً عنها إلى مجلس العموم البريطاني. كما قام إثر ذلك بحملة ضد إيرلندا لوقوفها ضد النظام الجمهوري وصادر ممتلكات الإيرلنديين الذين لم يثبت ولاؤهم للجمهورية، وبذلك انتقل ثلثا أراضي إيرلندا إلى الإنكليز وتعرض الكاثوليك للاضطهاد في تلك الفترة؛ إثر ذلك عظّم من شأن نفسه فوافق على رفع راتبه ومنحه قصراً للإقامة، وخاصة بعد نجاحه في تحجيم دور الهولنديين التجاري في العالم، وتمكنه من إصدار قانون الملاحة (1651) المتضمن النقل على السفن الإنكليزية، وأيضاً بعد قيام فرنسا بالاعتراف بالجمهورية سنة 1652.
استاء كرومويل من تأخر البرلمان في إصدار قرارات الإصلاحات الرئيسة؛ فقام سنة 1653 بحله مع مجلس الدولة، وأصبح صاحب السلطة المطلقة مؤيداً من الشعب والجيش والأسطول حين تسلم من ضباط الجيش وثيقة أصبحت إنكلترا بموجبها خاضعة لحكومة الوصاية، كما أصبح كرومويل رئيسها التنفيذي وحمل لقب الوصي على العرش وحامي الجمهورية في 16 كانون الأول/ديسمبر 1653.
منح في تلك الفترة عدداً من الصلاحيات، أهمها إعلان الحرب والسلم وتوطيد المذهب البروتستنتي، ولتحقيق ذلك كبت كرومويل حرية الصحافة وطالب بمعايير أخلاقية صارمة، كما قام بتعزيز القوات البحرية لدعم زيادة عدد المستعمرات الإنكليزية في القارة الأمريكية، وتسهيل التجارة الإنكليزية التي فتح لها كل المنافذ عن طريق توقيع عدد من المعاهدات التجارية مع هولندا والسويد والدنمارك والبرتغال.
وافق البرلمان على ما سمي «النصيحة المتواضعة» والمتضمنة منح كرومويل منصب ملك إنكلترا واسكتلندا وإيرلندا، لكنه رفض ذلك مبرراً بأنه سيخسر صداقة الجيش ولا يكسب سلطة جديدة، إضافة إلى خيانة مبادئه القديمة، واكتفى بتعيين ولي عهده، وهو ابنه ريتشارد وصياً على العرش.
قال عنه كارل ماركس «إن كرومويل مثَّل في الثورة الإنكليزية دور روبسبير في الثورة الفرنسية، إضافة إلى دور نابليون أيضاً».
وبعد الصراع الذي نشب بين البرلمان ومجلس اللوردات وفصل عشرات الضباط، اعتزل كرومويل السياسة وأقام في قصره بعد مرض عضال، راضياً عن نفسه بعد تأديته مهمة ورسالة آمن بها. ووافته المنية في هامبتون كورت Hampton Court، ودفن في وستمنسر مدفن الأسرة المالكة.
تخلى ابنه ريتشارد عن الحكم سنة 1659، وعاد الملك شارل الثاني من أسرة ستورات Stuart إلى السلطة، وطالب بمحاكمة كرومويل الذي أُخرج من قبره ونقل إلى تيبورن وشنق هيكله يوم 30 كانون الأول/ديسمبر سنة 1661 وعلقت جمجمته على الحراب فوق وستمنستر هول.
زهير مارديني
كرومويل (أوليڤر ـ)
(1599 ـ 1658)
أوليڤر كرومويل Oliver Cromwell سياسي ورجل دولة إنكليزي، قاد قوات البرلمان المسلحة إلى النصر في الحرب الأهلية في الأربعينات من القرن السابع عشر، وحكم إنكلترا من سنة 1653-1658، وهو صاحب إرادة قوية وعبقرية عسكرية.
ولد أوليڤر كرومويل في قرية هَنتنغدُن Huntingdon من أعمال هنتغدُنشِر في إنكلترا، ولم يكن والده صاحب سعة في رزقه بل كان صاحب مجد يرقى إلى جده الأكبر توماس كرومويل كونت إيسكس، وأحد حاشية الملك هنري الثامن من أسرة ثيودور.
تلقى علومه في مدرسة القرية على يد معلم من غلاة البيوريتان [ر. البيوريتانية التطهيرية] فنشأ بيوريتانياً متشدداً، ثم انتقل إلى معهد سدني سيكس في كمبردج سنة 1616. كان يؤثر الألعاب الرياضية ودراسة التاريخ، لكنه ترك الجامعة إثر وفاة والده عام 1617 ليتفرغ لإدارة مزرعته ومنزله ويعيل أسرة مؤلفة من والدته وخمس شقيقات عازبات.
تزوج من إليزابيت بوسيت الغنية وأنجب أربعة أولاد، ومن ثم أصبح نائباً عن قريته في البرلمان إثر انتخابات سنة 1628.
في عام 1629 أقدم الملك تشارلز الأول على حل البرلمان اعتقاداً منه أن الملوك يستمدون حقهم الإلهي في الحكم من الله لا من الشعب، ولعدم احترامه للبرلمان، لكنه عاد ودعاه إلى الاجتماع سنة 1640؛ للموافقة على ضرائب جديدة حين وجد نفسه بحاجة إلى المال.
فاز كرومويل بعضوية البرلمان الجديد فترتين، إحداهما قصيرة والثانية استمرت 21 سنة، وفي هذه الفترة احتدم الصراع بين الملك والبرلمان على السلطة، وانقسم مؤيدو البرلمان إلى جماعتين متنافستين الأولى: (المشيخيين) وهم أعوان الملك والكاثوليك وقلة من أعضاء المجلس ورأيهم في أن يقتسم الملك والبرلمان السلطة السياسية. والثانية: (المستقلين) الذين لقبوا بذوي الرؤوس المستديرة، وتزعمهم أوليڤر كرومويل، وتمتعوا بتأييد كبار ضباط جيش البرلمان، وهم الذين فضلوا تشكيل جمهورية يحكمها البرلمان حكماً مطلقاً. واندلع قتال بين هاتين الجماعتين تمكن كرومويل في نهايته من القبض على الملك تشارلز وإعدامه سنة 1649، والإطاحة بأعضاء البرلمان الموالين له، وبذلك أصبحت إنكلترا جمهورية بحماية كرومويل.
في السنتين التاليتين قاد كرومويل حملة عسكرية إلى اسكتلندا حزيران/يونيو1650، وقضى على ثورتها وفرض الجمهورية عليها وحل برلمانها وأرسل ثلاثين نائباً عنها إلى مجلس العموم البريطاني. كما قام إثر ذلك بحملة ضد إيرلندا لوقوفها ضد النظام الجمهوري وصادر ممتلكات الإيرلنديين الذين لم يثبت ولاؤهم للجمهورية، وبذلك انتقل ثلثا أراضي إيرلندا إلى الإنكليز وتعرض الكاثوليك للاضطهاد في تلك الفترة؛ إثر ذلك عظّم من شأن نفسه فوافق على رفع راتبه ومنحه قصراً للإقامة، وخاصة بعد نجاحه في تحجيم دور الهولنديين التجاري في العالم، وتمكنه من إصدار قانون الملاحة (1651) المتضمن النقل على السفن الإنكليزية، وأيضاً بعد قيام فرنسا بالاعتراف بالجمهورية سنة 1652.
استاء كرومويل من تأخر البرلمان في إصدار قرارات الإصلاحات الرئيسة؛ فقام سنة 1653 بحله مع مجلس الدولة، وأصبح صاحب السلطة المطلقة مؤيداً من الشعب والجيش والأسطول حين تسلم من ضباط الجيش وثيقة أصبحت إنكلترا بموجبها خاضعة لحكومة الوصاية، كما أصبح كرومويل رئيسها التنفيذي وحمل لقب الوصي على العرش وحامي الجمهورية في 16 كانون الأول/ديسمبر 1653.
منح في تلك الفترة عدداً من الصلاحيات، أهمها إعلان الحرب والسلم وتوطيد المذهب البروتستنتي، ولتحقيق ذلك كبت كرومويل حرية الصحافة وطالب بمعايير أخلاقية صارمة، كما قام بتعزيز القوات البحرية لدعم زيادة عدد المستعمرات الإنكليزية في القارة الأمريكية، وتسهيل التجارة الإنكليزية التي فتح لها كل المنافذ عن طريق توقيع عدد من المعاهدات التجارية مع هولندا والسويد والدنمارك والبرتغال.
وافق البرلمان على ما سمي «النصيحة المتواضعة» والمتضمنة منح كرومويل منصب ملك إنكلترا واسكتلندا وإيرلندا، لكنه رفض ذلك مبرراً بأنه سيخسر صداقة الجيش ولا يكسب سلطة جديدة، إضافة إلى خيانة مبادئه القديمة، واكتفى بتعيين ولي عهده، وهو ابنه ريتشارد وصياً على العرش.
قال عنه كارل ماركس «إن كرومويل مثَّل في الثورة الإنكليزية دور روبسبير في الثورة الفرنسية، إضافة إلى دور نابليون أيضاً».
وبعد الصراع الذي نشب بين البرلمان ومجلس اللوردات وفصل عشرات الضباط، اعتزل كرومويل السياسة وأقام في قصره بعد مرض عضال، راضياً عن نفسه بعد تأديته مهمة ورسالة آمن بها. ووافته المنية في هامبتون كورت Hampton Court، ودفن في وستمنسر مدفن الأسرة المالكة.
تخلى ابنه ريتشارد عن الحكم سنة 1659، وعاد الملك شارل الثاني من أسرة ستورات Stuart إلى السلطة، وطالب بمحاكمة كرومويل الذي أُخرج من قبره ونقل إلى تيبورن وشنق هيكله يوم 30 كانون الأول/ديسمبر سنة 1661 وعلقت جمجمته على الحراب فوق وستمنستر هول.
زهير مارديني