عقيل (عبد الله عبد رحمن )
Ibn Akil (Abdullah ibn Abdul Rahman-) - Ibn Akil (Abdullah ibn Abdul Rahman-)
ابن عقيل (عبد الله بن عبد الرحمن ـ)
(…ـ 769هـ/… ـ 1367م)
بهاء الدين، أبو محمد، عبد الله بن عبد الرحمن بن عقيل، فقيه نحوي، من نسل علي بن أبي طالب، ولذا قيل في نسبه: العقيليّ الطالبيّ الهاشميّ.
كان أسلافه يقيمون في «همذان»، ثم انتقلوا إلى «بالس»، وهي بلدة بين الرقة وحلب، ومنها إلى القاهرة، ولذا قيل في نسبه أيضاً: «الهمذاني الأصل ثم البالسي المصري».
ولا تذكر المصادر على وجه اليقين مكان ولادته، فقد ذكر صاحب «الدرر الكامنة» أنه نزيل القاهرة، في حين صرح ابن الجزري وغيره أنه مصري المولد.
وكما اختلفت المصادر في مكان ولادته اختلفت أيضاً في زمنها، فقد نقل عن بدر الدين الزركشي أنه ولد سنة 694هـ، وجزم ابن الجزري أنه ولد سنة 698هـ، وفي «الدرر الكامنة» أنه ولد سنة 700هـ، وأثبت صاحب الأعلام ولادته سنة 696هـ.
ولا يُعرف شيء عن نشأته الأولى سوى أنه قدم القاهرة مُمْلِقَاً، كما ذكر صاحب «الدرر»، ومهما يكن فقد اتجه ابن عقيل إلى تحصيل علومه على يد طائفة من علماء مصر آنذاك، فأخذ الفقه عن شيخ الشافعية زين الدين عمر المعروف بابن الكتاني (ت 738هـ)، وقرأ النحو على أبي حيان الأندلسي (ت 745هـ) أمهر نحاة عصره، ولازمه اثنتي عشرة سنة، حتى صار من أجل تلامذته، ولم يخف أبو حيان إعجابه بتلميذه، حتى قال فيه: «ما تحت أديم السماء أنحى من ابن عقيل». وأخذ الأصول عن العلاء القونوي (ت 729هـ) ولازمه، وقرأ القراءات على شيخ القراء بالديار المصرية تقي الدين بن الصائغ (ت 725هـ) ولازم جلال الدين القزويني (ت 739هـ) صاحب كتابي «التلخيص» و«الإيضاح في علوم البلاغة»، فأخذ عنه الفقه وشيئاً من علوم العربية.
وقد أوصله اجتهاده في تحصيل هذه العلوم إلى ارتقاء منزلة عالية بين علماء عصره، فأصبح «رئيس العلماء، وصدر الشافعية بالديار المصرية» كما قال ابن قاضي شهبة، وغدا «نحوي الديار المصرية» كما ذكر السيوطي في البغية، وعمل ابن عقيل في القضاء، فأصبح نائباً لجلال الدين القزويني في محلة الحسينية، ثم نائباً لعز الدين بن جماعة (ت 767هـ) في القاهرة، بل إنه حل محل هذا الأخير في القضاء الأكبر مدة ثمانين يوماً إثر نزاع وقع بينهما في قصة ذكرتها المصادر، وكان ذلك سنة 759هـ.
وكغيره من علماء عصره عمل مدرساً في بعض مدارس القاهرة وزواياها، فدرَّس في المدرسة القطبية، وجامع القلعة (الجامع الناصري)، وفي الزاوية الخشابية بعد العز بن جماعة، ثم عيّن مدرّساً للتفسير بالجامع الطولوني بعد وفاة أستاذه أبي حيان، ففسر القرآن لتلامذته في مدة ثلاث وعشرين سنة، ثم شرع في تفسيره ثانية إلا أن منيته حالت دون ذلك.
وألمحت المصادر إلى بعض صفاته، فقد جاء فيها أنه كان قوي النفس، يتيه على أرباب الدولة وهم يخضعون له ويعظمونه، وذكر أيضاً أنه لم يكن يتردد على أحد، وأن عنده حشمة بالغة. وكان يتعانى في التأنق البالغ في ملبسه ومأكله وسكنه، فمات وعليه دين، وذكرت هذه المصادر أن الأسنوي لم ينصفه حين ترجم له في طبقاته فذكر أنه لم يكن يبقي على شيء، وأنه لم يكن محموداً في تصرفاته المالية، وأنه كان حاد الخلق، ومما أثر عنه في القضاء أن القضاة قبله أمروا ألا يكتب أحد من الشهود وصية إلا بإذن القاضي، فأبطل ابن عقيل هذا، وقال: إلى أن يحصل الإذن قد يموت الرجل.
كما أُثِرَ عنه أنه فرق على الفقهاء والطلبة في ولايته للقضاء على قصرها ستين ألف درهم.
ومن تلامذته الذين لمعوا سراج الدين البلقيني، وهو زوج ابنته، وسبطه جلال الدين، والجمال بن ظهيرة، وولي الدين العراقي. ومات في القاهرة ودفن بالقرب من الإمام الشافعي.
وقد خلف ابن عقيل عدداً من المصنفات في النحو والتفسير والفقه.
أما النحو فله فيه كتابان حظيا بشهرة واسعة، أولهما شرح أملاه على ألفية ابن مالك، وهو من أحسن شروح الألفية وأيسرها عبارة، ارتسمت فيه معالم المنهج التعليمي، وقوامه سهولة العبارة ووضوحها، والابتعاد عن التفصيل، والإقلال من ذكر الخلاف بين النحويين. وقد ألمح مترجموه إلى حسن هذا الشرح لكنهم أخذوا عليه أنه اختصر في النصف الثاني جداً، والكتاب يخلو من خطبة أو مقدمة، ومنهجه هو إيراد بيت أو أكثر من أبيات الألفية معقباً عليها بالشرح واستخلاص القواعد مصحوبة بالشواهد المناسبة.
وثاني الكتابين هو «المساعد على تسهيل الفوائد» شرح فيه كتاب «التسهيل» لابن مالك، بأسلوب لا يختلف عن أسلوبه في شرح الألفية من حيث وضوح العبارة وإيجازها، وقد صرح المؤلف في خطبته المختصرة بمنهجه حين قال: «هذا تعليق مختصر جمعته على تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد يسهل اقتناص شرائده، ويعين على استخراج فرائده، ويتكفل بتكميل عوائده وتوضيح مقاصده، ومزجته بأصله حتى صارا ككتاب واحد».
وأما التفسير فقد ذكرت المصادر أنه ألف فيه «الذخيرة في تفسير القرآن» كتب منه مجلدين، ووصل فيه إلى أثناء سورة النساء، ثم اختصره في كتاب سماه «الإملاء» أو «التعليق الوجيز على الكتاب العزيز»، ولم يكمله أيضاً.
وذكر له في الفقه كتاب «الجامع النفيس» في فقه الشافعية، وهو كتاب مبسوط جداً، جامع للخلاف والأوهام الواقعة للنووي وابن الرفعة وغيرهما، وقد ذكر ابن الجزري أنه كتب منه ستة مجلدات إلى آخر الاستطابة، وأنه اختصره بعد ذلك بكتاب سماه «تيسير الاستعداد لرتبة الاجتهاد» ويعرف أيضاً باسم «التأسيس لمذهب إدريس».
نبيل أبو عمشة
Ibn Akil (Abdullah ibn Abdul Rahman-) - Ibn Akil (Abdullah ibn Abdul Rahman-)
ابن عقيل (عبد الله بن عبد الرحمن ـ)
(…ـ 769هـ/… ـ 1367م)
بهاء الدين، أبو محمد، عبد الله بن عبد الرحمن بن عقيل، فقيه نحوي، من نسل علي بن أبي طالب، ولذا قيل في نسبه: العقيليّ الطالبيّ الهاشميّ.
كان أسلافه يقيمون في «همذان»، ثم انتقلوا إلى «بالس»، وهي بلدة بين الرقة وحلب، ومنها إلى القاهرة، ولذا قيل في نسبه أيضاً: «الهمذاني الأصل ثم البالسي المصري».
ولا تذكر المصادر على وجه اليقين مكان ولادته، فقد ذكر صاحب «الدرر الكامنة» أنه نزيل القاهرة، في حين صرح ابن الجزري وغيره أنه مصري المولد.
وكما اختلفت المصادر في مكان ولادته اختلفت أيضاً في زمنها، فقد نقل عن بدر الدين الزركشي أنه ولد سنة 694هـ، وجزم ابن الجزري أنه ولد سنة 698هـ، وفي «الدرر الكامنة» أنه ولد سنة 700هـ، وأثبت صاحب الأعلام ولادته سنة 696هـ.
ولا يُعرف شيء عن نشأته الأولى سوى أنه قدم القاهرة مُمْلِقَاً، كما ذكر صاحب «الدرر»، ومهما يكن فقد اتجه ابن عقيل إلى تحصيل علومه على يد طائفة من علماء مصر آنذاك، فأخذ الفقه عن شيخ الشافعية زين الدين عمر المعروف بابن الكتاني (ت 738هـ)، وقرأ النحو على أبي حيان الأندلسي (ت 745هـ) أمهر نحاة عصره، ولازمه اثنتي عشرة سنة، حتى صار من أجل تلامذته، ولم يخف أبو حيان إعجابه بتلميذه، حتى قال فيه: «ما تحت أديم السماء أنحى من ابن عقيل». وأخذ الأصول عن العلاء القونوي (ت 729هـ) ولازمه، وقرأ القراءات على شيخ القراء بالديار المصرية تقي الدين بن الصائغ (ت 725هـ) ولازم جلال الدين القزويني (ت 739هـ) صاحب كتابي «التلخيص» و«الإيضاح في علوم البلاغة»، فأخذ عنه الفقه وشيئاً من علوم العربية.
وقد أوصله اجتهاده في تحصيل هذه العلوم إلى ارتقاء منزلة عالية بين علماء عصره، فأصبح «رئيس العلماء، وصدر الشافعية بالديار المصرية» كما قال ابن قاضي شهبة، وغدا «نحوي الديار المصرية» كما ذكر السيوطي في البغية، وعمل ابن عقيل في القضاء، فأصبح نائباً لجلال الدين القزويني في محلة الحسينية، ثم نائباً لعز الدين بن جماعة (ت 767هـ) في القاهرة، بل إنه حل محل هذا الأخير في القضاء الأكبر مدة ثمانين يوماً إثر نزاع وقع بينهما في قصة ذكرتها المصادر، وكان ذلك سنة 759هـ.
وكغيره من علماء عصره عمل مدرساً في بعض مدارس القاهرة وزواياها، فدرَّس في المدرسة القطبية، وجامع القلعة (الجامع الناصري)، وفي الزاوية الخشابية بعد العز بن جماعة، ثم عيّن مدرّساً للتفسير بالجامع الطولوني بعد وفاة أستاذه أبي حيان، ففسر القرآن لتلامذته في مدة ثلاث وعشرين سنة، ثم شرع في تفسيره ثانية إلا أن منيته حالت دون ذلك.
وألمحت المصادر إلى بعض صفاته، فقد جاء فيها أنه كان قوي النفس، يتيه على أرباب الدولة وهم يخضعون له ويعظمونه، وذكر أيضاً أنه لم يكن يتردد على أحد، وأن عنده حشمة بالغة. وكان يتعانى في التأنق البالغ في ملبسه ومأكله وسكنه، فمات وعليه دين، وذكرت هذه المصادر أن الأسنوي لم ينصفه حين ترجم له في طبقاته فذكر أنه لم يكن يبقي على شيء، وأنه لم يكن محموداً في تصرفاته المالية، وأنه كان حاد الخلق، ومما أثر عنه في القضاء أن القضاة قبله أمروا ألا يكتب أحد من الشهود وصية إلا بإذن القاضي، فأبطل ابن عقيل هذا، وقال: إلى أن يحصل الإذن قد يموت الرجل.
كما أُثِرَ عنه أنه فرق على الفقهاء والطلبة في ولايته للقضاء على قصرها ستين ألف درهم.
ومن تلامذته الذين لمعوا سراج الدين البلقيني، وهو زوج ابنته، وسبطه جلال الدين، والجمال بن ظهيرة، وولي الدين العراقي. ومات في القاهرة ودفن بالقرب من الإمام الشافعي.
وقد خلف ابن عقيل عدداً من المصنفات في النحو والتفسير والفقه.
أما النحو فله فيه كتابان حظيا بشهرة واسعة، أولهما شرح أملاه على ألفية ابن مالك، وهو من أحسن شروح الألفية وأيسرها عبارة، ارتسمت فيه معالم المنهج التعليمي، وقوامه سهولة العبارة ووضوحها، والابتعاد عن التفصيل، والإقلال من ذكر الخلاف بين النحويين. وقد ألمح مترجموه إلى حسن هذا الشرح لكنهم أخذوا عليه أنه اختصر في النصف الثاني جداً، والكتاب يخلو من خطبة أو مقدمة، ومنهجه هو إيراد بيت أو أكثر من أبيات الألفية معقباً عليها بالشرح واستخلاص القواعد مصحوبة بالشواهد المناسبة.
وثاني الكتابين هو «المساعد على تسهيل الفوائد» شرح فيه كتاب «التسهيل» لابن مالك، بأسلوب لا يختلف عن أسلوبه في شرح الألفية من حيث وضوح العبارة وإيجازها، وقد صرح المؤلف في خطبته المختصرة بمنهجه حين قال: «هذا تعليق مختصر جمعته على تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد يسهل اقتناص شرائده، ويعين على استخراج فرائده، ويتكفل بتكميل عوائده وتوضيح مقاصده، ومزجته بأصله حتى صارا ككتاب واحد».
وأما التفسير فقد ذكرت المصادر أنه ألف فيه «الذخيرة في تفسير القرآن» كتب منه مجلدين، ووصل فيه إلى أثناء سورة النساء، ثم اختصره في كتاب سماه «الإملاء» أو «التعليق الوجيز على الكتاب العزيز»، ولم يكمله أيضاً.
وذكر له في الفقه كتاب «الجامع النفيس» في فقه الشافعية، وهو كتاب مبسوط جداً، جامع للخلاف والأوهام الواقعة للنووي وابن الرفعة وغيرهما، وقد ذكر ابن الجزري أنه كتب منه ستة مجلدات إلى آخر الاستطابة، وأنه اختصره بعد ذلك بكتاب سماه «تيسير الاستعداد لرتبة الاجتهاد» ويعرف أيضاً باسم «التأسيس لمذهب إدريس».
نبيل أبو عمشة