ما بعد الحداثة والتجريب الحروفي المفاهيم ودلالتها الرمزية
بشرى بن فاطمة
إن ما بعد الحداثة في الفنون البصرية هي انعكاس للتقدم والتطوير الذهني لفكرة الجمالي من حيث جوانب تعامله مع التقني والفكري ومدى تلقي تكوينه الأسلوبي وتبادله المفهومي مع الانجاز وابتكار المنافذ التعبيرية التي تحوّل كل ما له علاقة بالمحيط الخارجي ليكون قادرا على التعبير والانشغال والاشتغال بالفن من حيث الأداء والمفهوم والتركيب والوسائط والتقنيات والتكنولوجيا والعرض والشاشات والميديا والألوان الرقمية.
ولعل التوافقات الجمالية التي تتعامل مع هذا التطور الطافح بالتغييرات التي قد تُقبل وقد تُنقد وتُعارض هي في حد ذاتها تجريب وامتداد وتوسّع وانتصار على العصر بمادياته وتقنياته ما أجاز التعبير عن هذه المرحلة بمرحلة ما بعد الحداثة أي أنها تصعيد ومبالغة تتطرّف في التعبير وتُبالغ في المفهوم وتوظيف الرمز وخدمة المعنى التعبيري بمرونة قصوى واحتدام لا ينفصل عن قواعد الفن وقيمه ومدى تفسير الواقع.
*علي حسون
وقد انخرط الحرف والخط العربي في هذا التجريب من خلال بعض التجارب التي تآلفت وتفعّلت في التشكيل والأداء والمفهوم وبالتالي حوّلت التراث الحروفي إلى لغة جمالية لها منظورها المعاصر من خلال التقنيات الرقمية والأداء والتركيب ومن خلال التجربة المفاهيمية والبوب آرت والوسائط المتعددة والتجريب ما كسر حواجز التلقي التعبيري باكتساب القدرة على مواكبة التطوير الأسلوبي، كما شكّل ملامح التعبير الرمزي ومدلولها المعنوي الذي حمل رسائله الموجهة نحو الإنسانية والمقاومة الوطن والحوية والانتماء، الجذور والذاكرة الحنين.
وهو ما فعّل قدرة الحرف العربي على التطويع الجمالي من حيث المعنى والمضمون والمدلول والرمز والتشكيل والتصور، مكّنته من مواكبة تطورات المفاهيم في التعبير المعاصر، فقد تغيّرت النظرة الكلاسيكية للحرف من الخط وقواعده وقيمه الفكرية والأدبية والتراثية والزخرفية إلى التشكل والاندماج والتوظيف والتجريب والترميز.
*حسن المسعود
ففي الكثير من التجارب مثل تجربة التشكيلي خالد أبو الهول، اعتمد الحرف كمرافق تعبيري للحديث عن الإيديولوجيا والفكرة والقضية والرمزية المعنوية للمجتمعات العربية والدوافع الحضارية وانقسام الشرق الداخلي وحالة التقهقر الاجتماعي وقضايا المرأة والوجود والحرية والانتماء وأصالة الفكرة وبالتالي أسقط نظرية البعد اللغوي وتحوّل إلى البعد الفكري والمفاهيمي ما فرض الحركة والإيقاع والتحوّل والتواطؤ المتكامل على التشكّل الجمالي مقابل المفهوم والمقصد التجريبي مع درجة التعبير من حيث دورها وتوظيفاتها التي عكست قضايا الوجود والتعايش والفرد والمرأة بالخصوص.
*خالد أبو الهول
أما التشكيلي عدنان المصري فقد فعّل وظيفة الخط مع ضرورة التقسيم الحروفي وانتصاره على الفراغ من حيث المساحة التي تتعامل مع اللون بتناسق ترتيبي ورؤى توافقية تركيبية هندسية لها بنيتها التي تتميز بتوازن نسبي ليعبّر عن صخب التغيير بين الصحو والمحو بين التغيير والاندفاع والتراجع بين الأفق والامتداد والضيق، السعي والخضوع، المقاومة والتحرّر فهو يجادل الحرف بالحرف بحثا عن المعنى في اللامعنى الصارخ بهويته وصفته وانعكاس حضوره.
عدنان المصري
أما تجربة حسن المسعود فقد فكّكت الحجم وقامت بوصله في علاقة المادي بالمعنوي الحضاري بالحاضر التواصل الإنساني والتجاوب الفرداني جماليات الأداء وانتصارات البقاء الراسخ في الصورة.
للمسعود خصوصيات تعبيرية في الأداء التشكيلي الخطي فهو يدرك حسياته الروحية وجماله البصري من خلال طاقته وارتكازه على الجوانب العاطفية وفنياته في تجلي التجريد مع الشعر والنصوص الفلسفية والدينية ليفعّل بحركته الإيقاع، وهو ما منح أداؤه المفاهيمي التفاعلي بين الخط والموسيقى والإيقاع والشعر في الأداء روحا جديدة وعرضا معاصرا لم يفصل قيمه عن المعارف الإنسانية بل خلق بينها همزة الوصل التعبيرية.
*حسن المسعود
وكذلك في تجربة الفنان فائق عويس الذي عبر بحروفياته من فكرة الخط إلى التوظيف الجمالي والزخرفي لمعنى الحرف وصورته وأدائه واندماجه مع تفعيل التصورات التي تتعايش مع روح الواقع والثقافة العربية.
يعتمد عويس على تشابك الفضاء واحتواء العمق وترويض الفراغ من خلال خلق صلة بين مفاهيمه ورمزية الحرف ومساحته وزخرفه وحركاته وسكونه وتشكله والتحامه مع مقاماته المُلونة وقيمه التي تحيل إلى فكرة الهوية واللغة بمعانيها التي تتجاوز تناقضات الحالات وثنائية الانتماء بالالتحام والترابط.
*فائق عويس
إن الخط العربي لم يقف عند التجريب التوظيفي في الصورة واللوحة والحركة والأداء والمفهوم بل تمكّن أيضا من اقتحام عوالم التجريب الحركي مع الصورة والامتداد البصري معها من خلال تجارب الفيديو آرت وتفاعل الحركة الضوئية وتقنيات التصميم والتعبير التشكيلي بالصورة والأداء، وهو ما رسّخ الشكل والمعنى والوظيفة والمقصد، فالتشكيل البصري المابعد حداثي لم يخترق قواعد فنون الخط ولم يتجاوز القيم الجمالية بل قدّم مبحثا جديدا في التعامل معها وتوظيفها جماليا بما يمكّن عين المتلقي من فهمها والتعبير عنها وإدراك أنها قادرة على أن تطوّع الزمن في مراحله وتخترق التراتيب الاسلوبية والتقنية من حيث المادة والتشكيل البصري لتكوّن جماليات تواكب عصرها.
بشرى بن فاطمة
إن ما بعد الحداثة في الفنون البصرية هي انعكاس للتقدم والتطوير الذهني لفكرة الجمالي من حيث جوانب تعامله مع التقني والفكري ومدى تلقي تكوينه الأسلوبي وتبادله المفهومي مع الانجاز وابتكار المنافذ التعبيرية التي تحوّل كل ما له علاقة بالمحيط الخارجي ليكون قادرا على التعبير والانشغال والاشتغال بالفن من حيث الأداء والمفهوم والتركيب والوسائط والتقنيات والتكنولوجيا والعرض والشاشات والميديا والألوان الرقمية.
ولعل التوافقات الجمالية التي تتعامل مع هذا التطور الطافح بالتغييرات التي قد تُقبل وقد تُنقد وتُعارض هي في حد ذاتها تجريب وامتداد وتوسّع وانتصار على العصر بمادياته وتقنياته ما أجاز التعبير عن هذه المرحلة بمرحلة ما بعد الحداثة أي أنها تصعيد ومبالغة تتطرّف في التعبير وتُبالغ في المفهوم وتوظيف الرمز وخدمة المعنى التعبيري بمرونة قصوى واحتدام لا ينفصل عن قواعد الفن وقيمه ومدى تفسير الواقع.
*علي حسون
وقد انخرط الحرف والخط العربي في هذا التجريب من خلال بعض التجارب التي تآلفت وتفعّلت في التشكيل والأداء والمفهوم وبالتالي حوّلت التراث الحروفي إلى لغة جمالية لها منظورها المعاصر من خلال التقنيات الرقمية والأداء والتركيب ومن خلال التجربة المفاهيمية والبوب آرت والوسائط المتعددة والتجريب ما كسر حواجز التلقي التعبيري باكتساب القدرة على مواكبة التطوير الأسلوبي، كما شكّل ملامح التعبير الرمزي ومدلولها المعنوي الذي حمل رسائله الموجهة نحو الإنسانية والمقاومة الوطن والحوية والانتماء، الجذور والذاكرة الحنين.
وهو ما فعّل قدرة الحرف العربي على التطويع الجمالي من حيث المعنى والمضمون والمدلول والرمز والتشكيل والتصور، مكّنته من مواكبة تطورات المفاهيم في التعبير المعاصر، فقد تغيّرت النظرة الكلاسيكية للحرف من الخط وقواعده وقيمه الفكرية والأدبية والتراثية والزخرفية إلى التشكل والاندماج والتوظيف والتجريب والترميز.
*حسن المسعود
ففي الكثير من التجارب مثل تجربة التشكيلي خالد أبو الهول، اعتمد الحرف كمرافق تعبيري للحديث عن الإيديولوجيا والفكرة والقضية والرمزية المعنوية للمجتمعات العربية والدوافع الحضارية وانقسام الشرق الداخلي وحالة التقهقر الاجتماعي وقضايا المرأة والوجود والحرية والانتماء وأصالة الفكرة وبالتالي أسقط نظرية البعد اللغوي وتحوّل إلى البعد الفكري والمفاهيمي ما فرض الحركة والإيقاع والتحوّل والتواطؤ المتكامل على التشكّل الجمالي مقابل المفهوم والمقصد التجريبي مع درجة التعبير من حيث دورها وتوظيفاتها التي عكست قضايا الوجود والتعايش والفرد والمرأة بالخصوص.
*خالد أبو الهول
أما التشكيلي عدنان المصري فقد فعّل وظيفة الخط مع ضرورة التقسيم الحروفي وانتصاره على الفراغ من حيث المساحة التي تتعامل مع اللون بتناسق ترتيبي ورؤى توافقية تركيبية هندسية لها بنيتها التي تتميز بتوازن نسبي ليعبّر عن صخب التغيير بين الصحو والمحو بين التغيير والاندفاع والتراجع بين الأفق والامتداد والضيق، السعي والخضوع، المقاومة والتحرّر فهو يجادل الحرف بالحرف بحثا عن المعنى في اللامعنى الصارخ بهويته وصفته وانعكاس حضوره.
عدنان المصري
أما تجربة حسن المسعود فقد فكّكت الحجم وقامت بوصله في علاقة المادي بالمعنوي الحضاري بالحاضر التواصل الإنساني والتجاوب الفرداني جماليات الأداء وانتصارات البقاء الراسخ في الصورة.
للمسعود خصوصيات تعبيرية في الأداء التشكيلي الخطي فهو يدرك حسياته الروحية وجماله البصري من خلال طاقته وارتكازه على الجوانب العاطفية وفنياته في تجلي التجريد مع الشعر والنصوص الفلسفية والدينية ليفعّل بحركته الإيقاع، وهو ما منح أداؤه المفاهيمي التفاعلي بين الخط والموسيقى والإيقاع والشعر في الأداء روحا جديدة وعرضا معاصرا لم يفصل قيمه عن المعارف الإنسانية بل خلق بينها همزة الوصل التعبيرية.
*حسن المسعود
وكذلك في تجربة الفنان فائق عويس الذي عبر بحروفياته من فكرة الخط إلى التوظيف الجمالي والزخرفي لمعنى الحرف وصورته وأدائه واندماجه مع تفعيل التصورات التي تتعايش مع روح الواقع والثقافة العربية.
يعتمد عويس على تشابك الفضاء واحتواء العمق وترويض الفراغ من خلال خلق صلة بين مفاهيمه ورمزية الحرف ومساحته وزخرفه وحركاته وسكونه وتشكله والتحامه مع مقاماته المُلونة وقيمه التي تحيل إلى فكرة الهوية واللغة بمعانيها التي تتجاوز تناقضات الحالات وثنائية الانتماء بالالتحام والترابط.
*فائق عويس
إن الخط العربي لم يقف عند التجريب التوظيفي في الصورة واللوحة والحركة والأداء والمفهوم بل تمكّن أيضا من اقتحام عوالم التجريب الحركي مع الصورة والامتداد البصري معها من خلال تجارب الفيديو آرت وتفاعل الحركة الضوئية وتقنيات التصميم والتعبير التشكيلي بالصورة والأداء، وهو ما رسّخ الشكل والمعنى والوظيفة والمقصد، فالتشكيل البصري المابعد حداثي لم يخترق قواعد فنون الخط ولم يتجاوز القيم الجمالية بل قدّم مبحثا جديدا في التعامل معها وتوظيفها جماليا بما يمكّن عين المتلقي من فهمها والتعبير عنها وإدراك أنها قادرة على أن تطوّع الزمن في مراحله وتخترق التراتيب الاسلوبية والتقنية من حيث المادة والتشكيل البصري لتكوّن جماليات تواكب عصرها.