الهافنيوم معدن انتقالي لامع يتميز بلونه الرمادي الفضي، اكتشف عام 1923 وكان قبل الأخير إضافة للعناصر مستقرة النواة في الجدول (كان الأخير هو عنصر الرينيوم في عام 1925). يُشتق لفظ الهافنيوم من المعنى اللاتيني لكوبنهاغن: Hafnia. يدخل هذا العنصر في بعض التطبيقات التجارية الهامة للغاية، بما في ذلك استخدامه في صناعة الطاقة النووية، والمعدات الإلكترونية، والسيراميك، والمصابيح الكهربائية وفي صنع سبائك فائقة الخواص.
نادرًا ما يُعثر على الهافنيوم في الطبيعة؛ بدلًا من ذلك فإنه يتواجد في معظم معادن الزركونيوم بتركيز يصل إلى 5٪.
في الواقع، يتشابه الهافنيوم كيميائيًّا مع الزركونيوم؛ لدرجة تجعل الفصل بين العنصرين صعبًا للغاية.
ينتج معظم الهافنيوم التجاري منتجًا ثانويًّا في عملية تكرير عنصر الزركونيوم.
يُعد الهافنيوم العنصر رقم 45 في ترتيب العناصر الأكثر وفرة على الأرض، ويمثل حوالي 3.3 -ppm من تكوين القشرة الأرضية وهذا من ناحية الوزن، وذلك وفقًا لموقع كيميكول (Chemicool).
الهافنيوم مقاوم جدًّا للتآكل بسبب تكوين طبقة أكسيد على الأسطح المعرضة للتآكل، في الواقع، لا يتأثر الهافنيوم بالماء والهواء وجميع القلويات والأحماض باستثناء فلوريد الهيدروجين.
يحتوي كربيد الهافنيوم (HfC) على أعلى درجة انصهار لأي مركب ذي عنصرين معروف؛ إذ يقرب من 7034 درجة فهرنهايت (3890 درجة مئوية)، وهذا وفقًا لمختبر جيفرسون؛ كما يحتوي مركب نيتريد الهافنيوم (HfN) على درجة انصهار عالية؛ وهي حوالي 5981 درجة فهرنهايت (3305 درجة مئوية).
من بين جميع المركبات المكونة من ثلاثة عناصر، يحتوي الكربيد المخلوط مع التنغستن والهافنيوم على أعلى درجة انصهار لأي مركب معروف وهي عند 7.457 درجة فهرنهايت (4.125 درجة مئوية)، وهذا وفقًا لما ذكره موقع (Chemistry World).
من مركبات الهافنيوم أيضًا: فلوريد الهافنيوم (HfF4) كلوريد الهافنيوم (HfCl4) وأكسيد الهافنيوم (HfO2).
حقائق عن الهافنيوم
- العدد الذري (عدد البروتونات في النواة): 72
- الرمز الذري (في الجدول الدوري للعناصر): Hf
- الوزن الذري (متوسط كتلة الذرة): 178.49
- الكثافة: 13.3 جرام لكل سنتيمتر مكعب
- حالة العنصر في درجة حرارة الغرفة: صلب
- درجة الانصهار: 4،051 درجة فهرنهايت (2،233 درجة مئوية)
- درجة الغليان: 8،317 درجة فهرنهايت (4،603 درجة مئوية)
عدد النظائر (ذرات نفس العنصر مع عدد مختلف من النيوترونات): 32 نظير والتي عمرها النصفي معروف مع وزن ذري يتراوح من 154 إلى 185
أكثر النظائر شيوعًا: : Hf-174 و Hf-176 و Hf-177 و Hf-178 و Hf-179 و Hf-180 .
اكتشاف الهافنيوم
جرى التنبؤ بوجود الهافنيوم قبل اكتشافه بعدة عقود، وهذا وفقاً لما ذكره موقع عالم الكيمياء؛ وقد ثبت أن هذا العنصر بعيد المنال، فقد كان من المستحيل تقريبًا تمييزه كيميائيًّا عن الزركونيوم الأكثر شيوعًا.
كان الهافنيوم لا يزال غير معروف عندما طور الكيميائي والمخترع الروسي ديمتري مندلييف الجدول الدوري في عام 1869 (وهو نسخة مسبقة للجدول الدوري الحديث) أثناء عمله؛ تنبأ مندلييف بشكل صحيح أنه سيكون هناك عنصر خصائصه مشابهة لكل من الزركونيوم والتيتانيوم لكنه أثقل منهما وزنًا.
في عام 1911، اعتقد الكيميائي الفرنسي جورج أوربان، الذي اكتشف بالفعل عنصر اللوتيتيوم (من العناصر الأرضية النادرة) أنه اكتشف أخيرًا العنصر المفقود رقم 72 – الذي شرع في تسميته بعنصر سيلتيوم، هذا وفقًا لموقع كيميكول. ومع هذا، بعد بضع سنوات ظهر اكتشافه بأنه كان مزيجًا من اللانثينيدات المكتشفة بالفعل (العناصر المعدنية الخمسة عشر ذات العدد الذري 57 إلى 71 في الجدول الدوري).
ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان العنصر المفقود 72 هو معدن انتقالي أو معدن ترابي نادر حيث أنه يقع عند الحد الفاصل بين هذين النوعين من العناصر في الجدول، وأجرى الكيميائيون الذين اعتقدوا أنه سيكون عنصرًا أرضيًا نادرًا العديدَ من عمليات البحث غير المجدية بين المعادن النادرة في القشرة الأرضية، هذا وفقًا لما ذكره موقع كيمستري وورلد.
ومع ذلك، فقد أيدت أدلة جديدة ناشئة عن مجالي الكيمياء والفيزياء معًا فكرة أن العنصر رقم 72 سيكون عنصرًا انتقاليًا، على سبيل المثال: عرف العلماء أن العنصر 72 يقع أسفل عنصري التيتانيوم والزركونيوم في الجدول الدوري، وكان كلاهما من العناصر الانتقالية المعروفة؛ بالإضافة إلى ذلك، توقع الفيزيائي الدنماركي نيلز بور، أحد مؤسسي نظرية الكَمّ، أن يكون العنصر 72 عبارة عن معدن انتقالي معتمدًا في ذلك على التكوين الإلكتروني للعنصر، هذا أيضًا وفق ما ذكره موقع كيمستري وورلد.
في عام 1921، شجع بور كلا من الكيميائي المجري جورج فون هيفيسي والفيزيائي الهولندي ديرك كوستيرتو – وهما باحثان شابان في معهده في ذلك الوقت – على البحث عن العنصر 72 في خام الزركونيوم، واستنادًا إلى نظريته الكمومية للهيكل الذري، عرف بور أن المعدن الجديد سيكون له تركيبة كيميائية مشابهة للزركونيوم؛ لذا كان هناك احتمال قوي بالعثور على العنصرين في نفس الخامات، هذا وفقًا لما ذكره كيميكول.
أخذ فون هيفيسي وكوستر بنصيحة بور؛ وشرعا في دراسة خامات الزركونيوم باستخدام التحليل الطيفي بالأشعة السينية. واستخدم الباحثون نظرية بور حول كيفية قيام الإلكترونات بتعبئة الأغلفة الالكترونية ومستويات الطاقة الفرعية داخل الذرات؛ للتنبؤ بالاختلافات بين أطياف الأشعة السينية للعنصريين، وذلك وفقًا لما جاء في ” Chemical and Engineering News”، أدت هذه الطريقة في النهاية إلى اكتشاف الهافنيوم عام 1923، وكان هذا الاكتشاف واحدًا من الفجوات الست المتبقية في الجدول الدوري، قاما العالمان بتسمية العنصر الجديد على اسم مسقط رأس نيلز بور في كوبنهاغن Hafniain-.
عنصر الهافنيوم النقي بعد تحليله كهربائيًا (22 جرام)
استخداماته
يتميز الهافنيوم بأنه مقاوم للتآكل بشكل ملحوظ، وممتص جيد للنيوترونات، مما يسمح باستخدامه في الغواصات النووية وقضبان التحكم في المفاعلات النووية؛ وهي تقنية حرجة تستخدم للحفاظ على تفاعلات الانشطار.
تحافظ قضبان التحكم على تفاعل السلسلة الانشطارية وتمنعها من التسارع إلى ما بعد التحكم.
يستخدم الهافنيوم في المعدات الإلكترونية مثل الكاثودات والمكثفات، وكذلك في صناعة السيراميك، ومصابيح فلاش التصوير الفوتوغرافي وخيوط المصباح الكهربائي، كما يستخدم محصلا للغازات – getter في الصمامات المفرغة، وهي مادة تتحد مع بقايا الغازات وتزيلها من صمامات التفريغ، وهذا وفقًا لمختبر جيفرسون.
يدخل الهافنيوم عادة في تصنيع سبائك مع معادن أخرى مثل التيتانيوم والحديد والنيوبيوم والتنتالوم؛ على سبيل المثال: تستخدم سبائك الهافنيوم – النوبيوم المقاومة للحرارة في تطبيقات الفضاء، مثل محركات الصواريخ الفضائية.
يحتوي مركب كربيد الهافنيوم على أعلى درجة انصهار لأي مركب يتكون من عنصرين فقط، مما يسمح باستخدامه في تبطين أفران الصهر والتبريد والأفران ذات درجات الحرارة المرتفعة.
هل تعلم؟
الهافنيوم عنصر قابل للاشتعال (يشتعل تلقائيًّا) عندما يكون في شكل مسحوق.
كان الكيميائي الإنجليزي هنري موزلي هو العالم الذي أدرك أن عنصر «سيلتيوم» لجورج أوربين ليس العنصر الحقيقي الموجود أسفل الزركونيوم، للأسف: أوقفَت الحرب العالمية الأولى هذا البحث الهام للعالم الشاب؛ إذ جندت حكومة بريطانيا موزلي في المهندسين الملكيين للجيش البريطاني وقُتل على يد قناص عام 1915، وتسبب موته في وضع إنجلترا سياسة جديدة تحظر على العلماء البارزين المشاركة في الحروب.
في عام 1925، توصل الكيميائيان الهولنديان أنطون إدوارد فان آركل ويان هندريك دي بوير إلى طريقة لإنتاج الهافنيوم عالي النقاء، للقيام بذلك، قام العلماء بتحليل الهافنيوم رباعي اليود على سلك التنغستن الساخن مما أدى إلى وجود شريط كريستال من الهافنيوم النقي، هذا وفقًا لموقع كيميكول، تسمى هذه الطريقة عملية شريط الكريستال.
منذ فترة طويلة نوقشت احتمالية استخدام المتشاكل النووي للهافنيوم سلاحًا محتملًا، في ظل هذا الجدل حول الهافنيوم، يناقش العلماء ما إذا كان العنصر قادرًا على انطلاق سريع للطاقة.
على الرغم من أن الزركونيوم يشبه كيميائيا الهافنيوم إلى حد كبير، إلا أنه يختلف عن الهافنيوم في أنه فقير جدًا في امتصاص النيوترونات؛ لذلك يُستخدم الزركونيوم في الطبقة الخارجية من قضبان الوقود حيث من المهم أن تكون النيوترونات يمكنها الانتقال بسهولة.
تأريخ طبقات الأرض باستخدام الهافنيوم
في دراسة حديثة، تمكن فريق دولي من الباحثين من تأكيد أن قشرة الأرض الأولى تشكلت منذ حوالي 4.5 مليار سنة، وذلك بفضل التحليل الكيميائي للهافنيوم في نيزك نادر، ويعتقد الباحثون أن النيازك نشأت من كويكب فستا (Vesta)، وبعد الارتطام الهائل للكويكب أرسل شظاياه الصخرية إلى الأرض، هذا وفقًا للبيان الصحفي للدراسة في دورية ساينس دايلي.
وفقًا للباحثين: النيازك هي قطع من المواد الأصلية التي شكلت جميع الكواكب، بالنسبة للدراسة: قاموا بقياس نسبة نظائرالهافنيوم hafnium-176 وhafnium-177 في النيزك؛ أعطاهم هذا نقطة الانطلاق لدراسة تكوين الأرض. وقارنوا النتائج مع أقدم الصخور على الأرض، مؤكدين أن القشرة الأرضية قد تشكلت بالفعل على سطح الأرض منذ حوالي 4.5 مليار سنة؛ نُشرت تلك النتائج في دورية