عزمي زاده (مصطفي)
Azmi Zada (Mustafa-) - Azmi Zada (Mustafa-)
عزمي زاده (مصطفى ـ)
(977ـ 1040هـ/1569ـ 1631م)
مصطفى بن محمد، الشهير بعزمي زاده. أصله من مدينة بروسة في الأناضول. من أشهر العلماء، وأغزرهم مادة في الدولة العثمانية بالقرن الحادي عشر الهجري/السابع عشر الميلادي.
كان عالماً دينياً، مدرساً، قاضياً، فقيهاً بالمذهب الحنفي، أصوليّاً، شاعراً. وكان يجيد اللغة العربية إلى جانب التركية.
المعلومات نادرة عن طفولته، لكن تعرف أدق التفاصيل في حياته بعد أن أتم العقد الثاني من عمره. حيث بدأ بالتدريس في مدرسة حاجة خاتون، ثم رُقي إلى رتبة الخارج، وولي مدرسة محمد آغا سنة 998هـ، بعد ذلك ولي مدرسة أيوب سنة 1003هـ، ثم مدرسة أخرى سنة 1005هـ، ثم مدرسة السلطان سليم سنة 1008هـ، وفي السنة نفسها ولي مدرسة السليمانية، ثم مدرسة الخفافية سنة 1010هـ.
وبعدما أمضى اثنتي عشرة سنة في التدريس والإشراف على المدارس، انتقل إلى العمل في مجال القضاء، حيث ولي قضاء الشام سنة 1011هـ لمدة سنتين، ثم قضاء مصر سنة 1013هـ. وأثناء ذلك وقعت هناك فتنة، قتل العسكر على أثرها الوالي (المحافظ) إبراهيم باشا، فاتّهم قاضي القضاة عزمي زاده بالتقصير في تلافيها، مما أدى إلى عزله. ثم ولي قضاء بروسة سنة 1015هـ، ومرة أخرى انقلبت عليه الأمور، ففي عهده تسلط ابن قلندر المتمرد على المدينة، وحاصرها، وأحرق بعض أماكنها. فاتُّهم عزمي زاده بالتقصير مرة أخرى لإخفاقه باكتشاف المؤامرة باكراً، أو على الأقل معالجة الأمر دون وقوع أضرار، مما أدى إلى عزله من جديد. وفي سنة 1020هـ ولي قضاء أدرنة، ولسبب ما، اجتمع عليه جماعة أزعجوه بالمكالمة والمخاصمة، فتم نقله في العام نفسه إلى قضاء دمشق. ثم عزل سنة 1022هـ، وولي قضاء القسطنطينية للمرة الأخيرة.
كان عزمي زاده قاضياً صبوراً، حكيماً، مجتهداً، مسامحاً، يمهل المذنب عساه يعود للصواب. فمثلاً، عندما كان على قضاء دمشق، وقعت حادثة تدل على دماثة أخلاقه. فقد ذكر الحسن البوريني قصة رجل نصراني، من قرية صيدنايا من نواحي دمشق، كان قد أسلم من مدة تزيد على عشرة أعوام، وختن. وجاء في 15 شعبان سنة 1021هـ إلى نائب قاضي القضاة، وألقى عمامته، وصرح على نفسه بالكفر. فأرسله النائب إلى رئيس القضاة (عزمي زادة)، وكرر الشخص كلامه الأول، فقال الرئيس له: لعل لك شبهة دينية، أو ظلامة دنيوية، فإن رغبت في المهلة أمهلناك، وتوقفنا إلى التأمل في حالتك. لكن المتهم رفض المهلة، وأكد، بأنه في مدّة اتصافه بالإسلام لم يوصف بصلاة ولا زكاة ولا صيام، ورغب باستعجال العقاب. فكتب قاضي القضاة الحكم عليه، وأرسل الكتاب إلى الحافظ الوزير لتنفيذ الحكم.
تنقسم حياة عزمي زاده العملية إلى مرحلتين، الأولى: فترة التدريس والإشراف. والثانية: فترة القضاء. ففي الأولى، كانوا ينقلونه من مدرسة إلى أخرى أكثر أهمية. وفي الثانية، أي عندما كان قاضي القضاة، كانت تقع في عهده حادثة أو فتنة أو مشكلة تفضي إلى عزله. لكن علمه، وذكاءه، وفطنته، كل ذلك كان يشفع له فلا تكاد تمضي فترة بعد عزله حتى كانوا يعيدونه إلى قضاء منطقة أخرى.
صنف عزمي زاده كثيراً من المؤلفات، منها حاشية على «الدرر والغرر» لملا خسرو في الفقه، وتعليق على «الأشباه والنظائر» لابن نجيم في الفقه أيضاً، وحاشية على ابن مالك في «الأصول»، وحاشية على «شرح مغنى اللبيب» لابن الصائغ في النحو. وكتب الكثير من الشعر باللغتين التركية والعربية. ورباعياته الشعرية باللغة التركية مشهورة كرباعيات سديد الدين الأنباري بالعربية، ورباعيات عمر الخيام بالفارسية.
وذكر الأديب عبد الكريم الطلراني، أنه كان لعزمي زاده ولد اسمه أحمد، في غاية النجابة والحذق والكمال والمعرفة، لكنه توفي في دمشق سنة 1021هـ. فرثاه كثيرٌ من الشعراء ومنهم الشيخ محمد الحتاتي.
غطاس نعمة
Azmi Zada (Mustafa-) - Azmi Zada (Mustafa-)
عزمي زاده (مصطفى ـ)
(977ـ 1040هـ/1569ـ 1631م)
مصطفى بن محمد، الشهير بعزمي زاده. أصله من مدينة بروسة في الأناضول. من أشهر العلماء، وأغزرهم مادة في الدولة العثمانية بالقرن الحادي عشر الهجري/السابع عشر الميلادي.
كان عالماً دينياً، مدرساً، قاضياً، فقيهاً بالمذهب الحنفي، أصوليّاً، شاعراً. وكان يجيد اللغة العربية إلى جانب التركية.
المعلومات نادرة عن طفولته، لكن تعرف أدق التفاصيل في حياته بعد أن أتم العقد الثاني من عمره. حيث بدأ بالتدريس في مدرسة حاجة خاتون، ثم رُقي إلى رتبة الخارج، وولي مدرسة محمد آغا سنة 998هـ، بعد ذلك ولي مدرسة أيوب سنة 1003هـ، ثم مدرسة أخرى سنة 1005هـ، ثم مدرسة السلطان سليم سنة 1008هـ، وفي السنة نفسها ولي مدرسة السليمانية، ثم مدرسة الخفافية سنة 1010هـ.
وبعدما أمضى اثنتي عشرة سنة في التدريس والإشراف على المدارس، انتقل إلى العمل في مجال القضاء، حيث ولي قضاء الشام سنة 1011هـ لمدة سنتين، ثم قضاء مصر سنة 1013هـ. وأثناء ذلك وقعت هناك فتنة، قتل العسكر على أثرها الوالي (المحافظ) إبراهيم باشا، فاتّهم قاضي القضاة عزمي زاده بالتقصير في تلافيها، مما أدى إلى عزله. ثم ولي قضاء بروسة سنة 1015هـ، ومرة أخرى انقلبت عليه الأمور، ففي عهده تسلط ابن قلندر المتمرد على المدينة، وحاصرها، وأحرق بعض أماكنها. فاتُّهم عزمي زاده بالتقصير مرة أخرى لإخفاقه باكتشاف المؤامرة باكراً، أو على الأقل معالجة الأمر دون وقوع أضرار، مما أدى إلى عزله من جديد. وفي سنة 1020هـ ولي قضاء أدرنة، ولسبب ما، اجتمع عليه جماعة أزعجوه بالمكالمة والمخاصمة، فتم نقله في العام نفسه إلى قضاء دمشق. ثم عزل سنة 1022هـ، وولي قضاء القسطنطينية للمرة الأخيرة.
كان عزمي زاده قاضياً صبوراً، حكيماً، مجتهداً، مسامحاً، يمهل المذنب عساه يعود للصواب. فمثلاً، عندما كان على قضاء دمشق، وقعت حادثة تدل على دماثة أخلاقه. فقد ذكر الحسن البوريني قصة رجل نصراني، من قرية صيدنايا من نواحي دمشق، كان قد أسلم من مدة تزيد على عشرة أعوام، وختن. وجاء في 15 شعبان سنة 1021هـ إلى نائب قاضي القضاة، وألقى عمامته، وصرح على نفسه بالكفر. فأرسله النائب إلى رئيس القضاة (عزمي زادة)، وكرر الشخص كلامه الأول، فقال الرئيس له: لعل لك شبهة دينية، أو ظلامة دنيوية، فإن رغبت في المهلة أمهلناك، وتوقفنا إلى التأمل في حالتك. لكن المتهم رفض المهلة، وأكد، بأنه في مدّة اتصافه بالإسلام لم يوصف بصلاة ولا زكاة ولا صيام، ورغب باستعجال العقاب. فكتب قاضي القضاة الحكم عليه، وأرسل الكتاب إلى الحافظ الوزير لتنفيذ الحكم.
تنقسم حياة عزمي زاده العملية إلى مرحلتين، الأولى: فترة التدريس والإشراف. والثانية: فترة القضاء. ففي الأولى، كانوا ينقلونه من مدرسة إلى أخرى أكثر أهمية. وفي الثانية، أي عندما كان قاضي القضاة، كانت تقع في عهده حادثة أو فتنة أو مشكلة تفضي إلى عزله. لكن علمه، وذكاءه، وفطنته، كل ذلك كان يشفع له فلا تكاد تمضي فترة بعد عزله حتى كانوا يعيدونه إلى قضاء منطقة أخرى.
صنف عزمي زاده كثيراً من المؤلفات، منها حاشية على «الدرر والغرر» لملا خسرو في الفقه، وتعليق على «الأشباه والنظائر» لابن نجيم في الفقه أيضاً، وحاشية على ابن مالك في «الأصول»، وحاشية على «شرح مغنى اللبيب» لابن الصائغ في النحو. وكتب الكثير من الشعر باللغتين التركية والعربية. ورباعياته الشعرية باللغة التركية مشهورة كرباعيات سديد الدين الأنباري بالعربية، ورباعيات عمر الخيام بالفارسية.
وذكر الأديب عبد الكريم الطلراني، أنه كان لعزمي زاده ولد اسمه أحمد، في غاية النجابة والحذق والكمال والمعرفة، لكنه توفي في دمشق سنة 1021هـ. فرثاه كثيرٌ من الشعراء ومنهم الشيخ محمد الحتاتي.
غطاس نعمة