كارمينا بورانا(مقطوعة شعرية)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كارمينا بورانا(مقطوعة شعرية)

    كارمينا بورانا Carmina Burana - Carmina Burana
    كارمينا بورانا

    (القرن 13م)



    «كارمينا بورانا» Carmina Burana تعني باللاتينية أغاني من بويرن Beuern. فكلمة كارمن Carmen تعني مقطوعة شعرية نُظمت ولُحنت للاحتفال بمناسبة ما.

    دونت مجموعة «كارمينا بورانا» في شكل كتاب نحو عام 1230، ويرجح الباحثون في تاريخ الأدب أن الأمر قد تم إما في دَير سِكّاو Kloster Seckau في منطقة شتايرمارك Steiermark، وإما في دَير نويشتيفت Kloster Neustift بالقرب من بريكسن Brixen في النمسا حالياً. وفي عام 1803 عثر مدير مكتبة مونيخ München البارون يوهان كريستوف فون أرتين Johann Christoph von Aretin في دير بنديكت بويرن Benediktbeuern في ضواحي مونيخ على المخطوطة ووصفها بقوله: «إنها مجموعة أعمال في أدب الهجاء، شعراً ونثراً، موجهة غالباً ضد الكرسي البابوي». وفي سياق عملية العَلْمَنَة Secularization في ألمانيا نُقلت المخطوطة إلى المكتبة الباڤارية العامة في مونيخ بالعنوان التصنيفي «مخطوطة بورانا» Codex Buranus، وأدرجها علم الأدب الألماني تحت مصطلح «أغاني الشعراء الصعاليك الجوالين» Vagantenlieder لأن مَن نظمها في القرون الوسطى كانوا من هؤلاء. ومعظمها مكتوب باللاتينية الوسطى إلى جانب مقطوعات بالألمانية الوسطى وأخرى بالفرنسية القديمة. وفي عام 1847 أشرف يوهان أندرياس شْمِلَّر Johann Andreas Schmeller على تحريرها ونشرها بعنوان «كارمينا بورانا»، وعلى هوامش عددٍ كبير من المقطوعات توجد علامات موسيقية تدل على ألحانها، ولكن على نحو تقريبي فقط. إلا أنه من الممكن إعادة صياغة الألحان عن طريق المقارنة الموازية مع مخطوطات أخرى تتضمن ألحاناً مقاربة من المرحلة نفسها، أي من القرون الوسطى.

    يُعد كتاب أغاني «كارمينا بورانا» أشهر مجموعة في اللغة اللاتينية الوسطى وأكثرها تنوعاً شكلاً ومضموناً، وهو يتألف من ثلاث مجموعات رئيسية، تتضمن خمساً وخمسين مقطوعة أخلاقية ساخرة (بعضها ذو موضوع تاريخي)، ومئة وإحدى وثلاثين قصيدة حب Minne Lieder، وخمساً وثلاثين مقطوعة من الخمريات، وأربعاً وعشرين مقطوعة من الألغاز والألعاب، وبعض المسرحيات. إلا أن المجموعة بأكملها ذات منحى دنيوي سواء من حيث المضامين أو الأشكال. ففي المقطوعات ذات التوجه الأخلاقي يبدو الموضوع الديني مجرد مبرر غالباً للسخرية من رجال الدين. أما قصائد الحب التي تستدعي إلى الذاكرة أشعار أوڤيد[ر] Ovid وكاتولوس[ر] Catullus فهي تتغزل في الواقع بامرأة مدللة مغناج في ثوب المعشوقة العذراء (الحب العذري)، وتشابه أغاني الخمريات تلك الأبيات المعروفة في «كتاب الطلبة» Kommersbuch (الذي يتضمن قصائد متداولة في أوساط الطلبة في عصر النهضة الأوربي في الغزل والخمرة والفروسية والعربدة). فهي تمتدح الخمرة وتتأمل في حظ البشر المتقلب أبداً. وهناك أبيات عن الحروب الصليبية مستقاة من الكتابات الوعظية لبرنهارد فون كليرڤو Bernhard von Clairvaux تتلوها توريات وترميزات حول الميثولوجيا الكنسية، إضافة إلى ذلك هناك بعض المقطوعات النثرية وست مسرحيات دينية باللغة اللاتينية، منها النص الكامل الوحيد والشهير من العصور الوسطى كنموذج عن «مسرحيات الآلام» Passionspiele. وهذه المسرحيات هي «مسرحية موجزة عن درب الآلام» Ludus breviter de passione؛ ومقدمة prologue ومسرحية طويلة عن «قيامة المسيح» Resurrexi Christi، ومسرحية جميلة بسيطة اللغة عن «ميلاد المسيح»، ونص مطوَّل بعنوان Peregrinus عن ظهور المسيح لحواريه في المرتين الأوليين، و«مسرحية مَلِك مصر» Ludus de rege Aegypti.

    تتميز قصائد «كارمينا بورانا» من غيرها في عصرها بجزالة اللغة وفخامتها، وبابتكار أوزان شعرية جديدة ولاسيما منها المتبدل كل سطرين، إذ تمنح الأذن جرْساً خاصاً وإيقاعاً متصاعداً، لدرجة تسمح بالقول إن هذه المتعة لدى شعراء المجموعة بالتفنن في صناعة الشعر تتصف بالدنيوية الصريحة. وعلى الرغم من أنهم جميعاً قد بقوا مجهولي الأسماء، إلا أنهم ينتمون بالتأكيد إلى النخبة الأكاديمية والمنسية، التي تمثلت قدوتها في شعراء مثل ڤالتر فون شاتيلون Walter von Chatillon وآرشيبوئتا Archipoeta وبريماس Primas.

    اكتشف الموسيقار الألماني كارل أورف[ر] Carl Orff لنفسه مجموعة «كارمينا بورانا» عام 1935، وبعد دراسة معمقة اختار منها أربعة وعشرين نصاً ووضع لها ألحاناً جديدة غير القديمة، ثم قدَّمها في الثامن من حزيران/يونيو عام 1937 في دار أوبرا فرنكفورت/ماين Frankfurt am Main. وقد تحول عمل كارل أورف الأوبرالي إلى فيلم سينمائي في أواخر الستينات حاز نجاحاً كبيراً في جميع أنحاء العالم. وفي عام 2005 قدمت فرقة «كورڤس كوراكس» Corvus Corax ألحاناً جديدة لاثنتي عشرة مقطوعة من «كارمينا بورانا» بعنوان «كانتوس بورانوس» بالتعاون مع أوركسترا سمفونية وفرقة كورال.

    نبيـل الحفـار
يعمل...
X