كاسترو (فيدل) Castro (Fidel-) - Castro (Fidel-)
كاسترو (فيدل ـ)
(1927ـ )
فيدل كاسترو روز Fidel Castro Ruz قائد الثورة الكوبية، ورئيس مجلس الدولة في جمهورية كوبا الاشتراكية الشعبية، والأمين العام للحزب الشيوعي الكوبي.
ولد فيدل كاسترو في بلدة ماياري Mayarí بمقاطعة أورينتا Orinte بكوبا. كان والده آنجيل كاسترو أرغيز Angel Castro y Arguiz مهاجراً إسبانياً يملك مزرعة لقصب السكر في منطقة تسيطر عليها شركة الفواكه الأمريكية.
بدأ كاسترو دراسته الأولية في مدرسة داخلية تابعة لكنيسة الروم الكاثوليك بمدينة سانتياغو، وتابع تعليمه في مدرسة بيلين الثانوية، حيث اشتهر بتفوقه الرياضي. في عام 1945 التحق بكلية الحقوق في جامعة هافانا، وبعد تخرجه افتتح ـ مع عدد من زملائه ـ مكتباً للمحاماة والاستشارات القانونية. وكان في أثناء دراسته الجامعية قد أبدى اهتماماً كبيراً بالسياسة وبالعمل الثوري. انضم إلى حزب الشعب الكوبي ذي الميول اليسارية، وأصبح مرشح الحزب في ولاية هافانا في الانتخابات التي كان مقرراً إجراؤها في حزيران/يونيو 1952، إلا أنه في آذار/مارس من العام نفسه، قام الجنرال فولغونسيو باتيستا Fulgencio Batista بانقلاب عسكري أطاح بحكومة الرئيس كارلوس، وألغى الانتخابات، وفرض على البلاد نظاماً عسكرياً «دكتاتورياً».
عارض كاسترو نظام باتيستا الدكتاتوري المدعوم أمريكياً منذ البداية، ولهذا عمد منذ عام 1953 إلى تأليف منظمة سرية مسلحة لإسقاطه. وفي 26 تموز/يوليو عام 1953، هاجم كاسترو مع 160رجلاً من أنصاره، ثكنة مونكادا العسكرية في مدينة سانتياغو؛ أملاً في أن يفجر الهجوم انتفاضة شعبية ضد حكم باتيستا، إلا أن الهجوم أخفق، وقتل معظم المهاجمين، واعتقل كاسترو وشقيقه راؤول Raoul وعدد من رفاقهما، وحكم على فيدل بالسجن مدة خمسة عشر عاماً.
بعد عامين من السجن أطلق سراح كاسترو ورفاقه بعفو خاص، فذهب إلى المكسيك حيث عمل على تنظيم الكوبيين المنفيين في جمعية ثورية أطلق عليها اسم «حركة 26 تموز» للإطاحة بالنظام «الدكتاتوري».
وفي أثناء وجوده في المكسيك التقى كاسترو الطبيبَ الأرجنتيني الأصل ارنستو تشي غيفارا[ر] المعروف بميوله الثورية اليسارية؛ والذي انضم إلى كاسترو، ولازمه حتى انتصار الثورة، في كانون الأول من عام 1956 عاد كاسترو إلى كوبا مع واحد وثمانين رجلاً مسلحاً نزلوا على ساحل ولاية أورينتا، وبعد مقتل أغلبية رجاله في مواجهة مع حرس السواحل، انسحب مع من بقي منهم إلى جبال سييرا مايسترا Maestra؛ ليبدأ من هناك حرب العصابات ضد قوات باتيستا، واستطاع كاسترو بعد ثلاث سنوات من الكفاح أن يدحر النظام »الدكتاتوري« وأن يرغم باتيستا على الهروب من البلاد. في الأول من كانون الثاني عام 1959 دخل كاسترو إلى العاصمة هافانا Havana، وأعلن انتصار الثورة في كوبا، ثم باشر بتنفيذ برنامجه الوطني الذي اشتمل على تحقيق إصلاح زراعي جذري، وتأميم الفروع الأساسية للصناعة والمصارف، كما شمل التأميم الشركات الأمريكية، بما فيها مصفاة النفط. كذلك تضمن البرنامج إجراء إصلاح شامل في نظام التعليم وجعله مجانياً في جميع مراحله، إلى جانب البدء بعملية تصفية الأمية في البلاد.
اتخذت الولايات المتحدة منذ البداية موقفاً سلبياً من الثورة الكوبية، وتحول هذا الموقف إلى عداء واضح بعد تأميم الممتلكات الأمريكية الذي ردت عليه أمريكا بوقف شراء السكر الكوبي، الذي كان المصدر الأساسي للدخل الوطني. وبعد توقيع معاهدة التعاون الشاملة مع الاتحاد السوڤييتي (عام 1960) أعلنت الولايات المتحدة قطع علاقاتها الدبلوماسية مع كوبا، ومحاصرتها اقتصادياً. وفي 17 نيسان/أبريل 1961 قام نحو 1500مسلّح من الكوبيين اللاجئين في أمريكا بمحاولة لغزو كوبا في منطقة خليج الخنازير The Bay of Pigs بإعداد وتمويل من الولايات المتحدة في عهد الرئيس جون كينيدي. ولكن الهجوم فشل، وألقي القبض على كثيرين من المهاجمين الذين اعترفوا بدور المخابرات المركزية الأمريكية في تلك العملية.
أدرك كاسترو بعد معركة خليج الخنازير أن معركته مع الإمبريالية الأمريكية هي معركة حياة أو موت، وأن عليه اتخاذ جميع التدابير لحماية بلاده، لذلك وقّع مع الاتحاد السوڤييتي معاهدة دفاع مشترك أقيمت بموجبها قاعدة للصواريخ السوڤييتية في كوبا. وعندما اكتشفت الولايات المتحدة وجود القاعدة؛ قامت بحصار كوبا في 1963، وطلبت من خروشوف ـ رئيس وزراء الاتحاد السوڤييتي آنذاك ـ سحب الصواريخ أو أنها ستقوم بغزو كوبا. توتر الوضع الدولي نتيجة هذه الحادثة التي كانت تهدد بتحويل الحرب الباردة بين المعسكرين إلى حرب ساخنة، ولكن الحكمة تغلبت، وتم تجاوز الأزمة بالتوصل إلى اتفاق نصّ على سحب الاتحاد السوڤييتي لصواريخه من كوبا، مقابل تعهد أمريكي رسمي باحترام سيادة كوبا واستقلالها والتعهد بعدم غزوها، إضافة إلى سحب الصواريخ الأمريكية الموجهة إلى الاتحاد السوڤييتي من تركيا.
في عام 1976 صدر دستور جديد للبلاد أعلنت كوبا بموجبه جمهورية اشتراكية شعبية، ونص الدستور على تشكيل جمعية وطنية، وإنشاء مجلس الدولة الذي أصبح كاسترو رئيساً له. وفي هذه الفترة نفسها أُعلن عن تأسيس الحزب الشيوعي الكوبي، وانتخب كاسترو أيضاً أميناً عاماً له.
على الصعيد العالمي دعم كاسترو حركات التحرير الوطني في آسيا وإفريقيا (الانتفاضة الشعبية في بوليفيا 1967 ـ حركة الجبهة الساندينية للتحرير الوطني في نيكاراغو ـ إرسال قوات كوبية إلى أنغولا وأثيوبيا لمساعدة النظامين اليساريين فيهما). كما أرسل أعداداً كبيرة من الأطباء والمهندسين لمساعدة عدد من بلدان العالم الثالث، وكان أول من طالب بإلغاء ديون البلدان المتقدمة على البلدان النامية.
كذلك جعل كاسترو من كوبا دولة صديقة للبلدان العربية، كما أيّد دائما جميع القضايا العربيّة، وفي مقدمتها قضية الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، وقدم المنح الدراسية لتعليم مئات الكوادر الفلسطينية والعربية في شتى الاختصاصات، كما أدان كاسترو الصهيونية حركة عنصرية إرهابية، وحمّل إسرائيل مسؤولية التوتر في الشرق الأوسط، ومايزال يرفض إقامة علاقات معها.
منذ الثمانينيات بدأت في دول المعسكر الاشتراكي تطورات مهمة تحت شعارات إعادة البناء والشفافية، انعكست في تحقيق نوع من الانفراج الداخلي وتوسيع هامش الحريات. ولكن كاسترو رفض تطبيق هذه الإجراءات اقتناعا منه بأنها جرت تحت الضغط الخارجي…وقد أدّى رفضه إلى تحركات معادية للثورة والى اشتداد الهجوم الإعلامي الغربي؛ والأمريكي ضده بوجه خاص.
وكان لانهيار الاتحاد السوڤييتي عام 1991 تأثير سلبي كبير على كوبا، لأنه أدى إلى وقف المساعدات السوڤييتية السخية، مما أدى إلى صعوبات كبيرة شهدها الاقتصاد الكوبي. واضطرت كوبا في السنوات الأخيرة إلى تطبيق بعض الإجراءات الليبرالية في الاقتصاد؛ لتستطيع تأمين السلع الضرورية للاستهلاك الداخلي.
تأثر كاسترو في شبابه بأفكار خوان مارتي J.Marti وسيمون بوليفار S.Bolivar الثوريين اللاتينيين اللذين وهبا حياتهما لتحرير كوبا وأمريكا اللاتينية من الاستعمار الإسباني. وفي أثناء دراسته الجامعية اطّلع على كتاب «رأس المال» لكارل ماركس، وأعجب بالتحليل العلمي لبنية النظام الرأسمالي؛ إلا أن انتقاله النهائي إلى مواقع الماركسية كان مرتبطاً بالتطورات والمشكلات الملموسة التي واجهت الثورة، والتي كان على قيادته وضع حلول لها, لم تجدها إلا لدى ماركس ولينين.
تزوج كاسترو في عام 1948 من زميلته دياز بالارت، وله منها ولد واحد هو فيدليتو يعمل حاليّاً في اللجنة الكوبية للطاقة الذرية، وله ابنة من زواج آخر تدعى إلينا سببت له إشكالات عندما تزوجت سراً من دبلوماسي مكسيكي، ثمّ هربت إلى الولايات المتحدة، حيث تشارك في الحملات الإعلامية المعادية لكوبا.
عرف كاسترو بقدرته الكبيرة على الخطابة، وبشخصيته الثورية الجذابة وبصلاته الحية مع الجماهير. وهب حياته للنضال بصلابة ضد الإمبريالية الأمريكية ومؤامراتها، وتعرض لأكثر من عشرين محاولة اغتيال نجا منها جميعاً. وماتزال الثورة التي قادها ـ على الرغم من الصعوبات التي تواجهها ـ تُتّخذ مثلاً لشعوب أمريكا اللاتينية، خصوصاً بعد التحولات الأخيرة التي أوصلت إلى السلطة ـ عن طريق الانتخابات الديمقراطية ـ قوى وطنية يسارية معادية للهيمنة الأمريكية في كل من فنزويلا، والبرازيل والأرجنتين. وتتعاون هذه البلدان مع كوبا لإحياء ما أسـمته «الخيار البوليفاري»؛ أي النضال من أجل الاستقلال والتنمية من دون أي تدخل خارجي.
أحمد مكيّس
كاسترو (فيدل ـ)
(1927ـ )
فيدل كاسترو روز Fidel Castro Ruz قائد الثورة الكوبية، ورئيس مجلس الدولة في جمهورية كوبا الاشتراكية الشعبية، والأمين العام للحزب الشيوعي الكوبي.
ولد فيدل كاسترو في بلدة ماياري Mayarí بمقاطعة أورينتا Orinte بكوبا. كان والده آنجيل كاسترو أرغيز Angel Castro y Arguiz مهاجراً إسبانياً يملك مزرعة لقصب السكر في منطقة تسيطر عليها شركة الفواكه الأمريكية.
بدأ كاسترو دراسته الأولية في مدرسة داخلية تابعة لكنيسة الروم الكاثوليك بمدينة سانتياغو، وتابع تعليمه في مدرسة بيلين الثانوية، حيث اشتهر بتفوقه الرياضي. في عام 1945 التحق بكلية الحقوق في جامعة هافانا، وبعد تخرجه افتتح ـ مع عدد من زملائه ـ مكتباً للمحاماة والاستشارات القانونية. وكان في أثناء دراسته الجامعية قد أبدى اهتماماً كبيراً بالسياسة وبالعمل الثوري. انضم إلى حزب الشعب الكوبي ذي الميول اليسارية، وأصبح مرشح الحزب في ولاية هافانا في الانتخابات التي كان مقرراً إجراؤها في حزيران/يونيو 1952، إلا أنه في آذار/مارس من العام نفسه، قام الجنرال فولغونسيو باتيستا Fulgencio Batista بانقلاب عسكري أطاح بحكومة الرئيس كارلوس، وألغى الانتخابات، وفرض على البلاد نظاماً عسكرياً «دكتاتورياً».
عارض كاسترو نظام باتيستا الدكتاتوري المدعوم أمريكياً منذ البداية، ولهذا عمد منذ عام 1953 إلى تأليف منظمة سرية مسلحة لإسقاطه. وفي 26 تموز/يوليو عام 1953، هاجم كاسترو مع 160رجلاً من أنصاره، ثكنة مونكادا العسكرية في مدينة سانتياغو؛ أملاً في أن يفجر الهجوم انتفاضة شعبية ضد حكم باتيستا، إلا أن الهجوم أخفق، وقتل معظم المهاجمين، واعتقل كاسترو وشقيقه راؤول Raoul وعدد من رفاقهما، وحكم على فيدل بالسجن مدة خمسة عشر عاماً.
بعد عامين من السجن أطلق سراح كاسترو ورفاقه بعفو خاص، فذهب إلى المكسيك حيث عمل على تنظيم الكوبيين المنفيين في جمعية ثورية أطلق عليها اسم «حركة 26 تموز» للإطاحة بالنظام «الدكتاتوري».
وفي أثناء وجوده في المكسيك التقى كاسترو الطبيبَ الأرجنتيني الأصل ارنستو تشي غيفارا[ر] المعروف بميوله الثورية اليسارية؛ والذي انضم إلى كاسترو، ولازمه حتى انتصار الثورة، في كانون الأول من عام 1956 عاد كاسترو إلى كوبا مع واحد وثمانين رجلاً مسلحاً نزلوا على ساحل ولاية أورينتا، وبعد مقتل أغلبية رجاله في مواجهة مع حرس السواحل، انسحب مع من بقي منهم إلى جبال سييرا مايسترا Maestra؛ ليبدأ من هناك حرب العصابات ضد قوات باتيستا، واستطاع كاسترو بعد ثلاث سنوات من الكفاح أن يدحر النظام »الدكتاتوري« وأن يرغم باتيستا على الهروب من البلاد. في الأول من كانون الثاني عام 1959 دخل كاسترو إلى العاصمة هافانا Havana، وأعلن انتصار الثورة في كوبا، ثم باشر بتنفيذ برنامجه الوطني الذي اشتمل على تحقيق إصلاح زراعي جذري، وتأميم الفروع الأساسية للصناعة والمصارف، كما شمل التأميم الشركات الأمريكية، بما فيها مصفاة النفط. كذلك تضمن البرنامج إجراء إصلاح شامل في نظام التعليم وجعله مجانياً في جميع مراحله، إلى جانب البدء بعملية تصفية الأمية في البلاد.
اتخذت الولايات المتحدة منذ البداية موقفاً سلبياً من الثورة الكوبية، وتحول هذا الموقف إلى عداء واضح بعد تأميم الممتلكات الأمريكية الذي ردت عليه أمريكا بوقف شراء السكر الكوبي، الذي كان المصدر الأساسي للدخل الوطني. وبعد توقيع معاهدة التعاون الشاملة مع الاتحاد السوڤييتي (عام 1960) أعلنت الولايات المتحدة قطع علاقاتها الدبلوماسية مع كوبا، ومحاصرتها اقتصادياً. وفي 17 نيسان/أبريل 1961 قام نحو 1500مسلّح من الكوبيين اللاجئين في أمريكا بمحاولة لغزو كوبا في منطقة خليج الخنازير The Bay of Pigs بإعداد وتمويل من الولايات المتحدة في عهد الرئيس جون كينيدي. ولكن الهجوم فشل، وألقي القبض على كثيرين من المهاجمين الذين اعترفوا بدور المخابرات المركزية الأمريكية في تلك العملية.
أدرك كاسترو بعد معركة خليج الخنازير أن معركته مع الإمبريالية الأمريكية هي معركة حياة أو موت، وأن عليه اتخاذ جميع التدابير لحماية بلاده، لذلك وقّع مع الاتحاد السوڤييتي معاهدة دفاع مشترك أقيمت بموجبها قاعدة للصواريخ السوڤييتية في كوبا. وعندما اكتشفت الولايات المتحدة وجود القاعدة؛ قامت بحصار كوبا في 1963، وطلبت من خروشوف ـ رئيس وزراء الاتحاد السوڤييتي آنذاك ـ سحب الصواريخ أو أنها ستقوم بغزو كوبا. توتر الوضع الدولي نتيجة هذه الحادثة التي كانت تهدد بتحويل الحرب الباردة بين المعسكرين إلى حرب ساخنة، ولكن الحكمة تغلبت، وتم تجاوز الأزمة بالتوصل إلى اتفاق نصّ على سحب الاتحاد السوڤييتي لصواريخه من كوبا، مقابل تعهد أمريكي رسمي باحترام سيادة كوبا واستقلالها والتعهد بعدم غزوها، إضافة إلى سحب الصواريخ الأمريكية الموجهة إلى الاتحاد السوڤييتي من تركيا.
في عام 1976 صدر دستور جديد للبلاد أعلنت كوبا بموجبه جمهورية اشتراكية شعبية، ونص الدستور على تشكيل جمعية وطنية، وإنشاء مجلس الدولة الذي أصبح كاسترو رئيساً له. وفي هذه الفترة نفسها أُعلن عن تأسيس الحزب الشيوعي الكوبي، وانتخب كاسترو أيضاً أميناً عاماً له.
على الصعيد العالمي دعم كاسترو حركات التحرير الوطني في آسيا وإفريقيا (الانتفاضة الشعبية في بوليفيا 1967 ـ حركة الجبهة الساندينية للتحرير الوطني في نيكاراغو ـ إرسال قوات كوبية إلى أنغولا وأثيوبيا لمساعدة النظامين اليساريين فيهما). كما أرسل أعداداً كبيرة من الأطباء والمهندسين لمساعدة عدد من بلدان العالم الثالث، وكان أول من طالب بإلغاء ديون البلدان المتقدمة على البلدان النامية.
كذلك جعل كاسترو من كوبا دولة صديقة للبلدان العربية، كما أيّد دائما جميع القضايا العربيّة، وفي مقدمتها قضية الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، وقدم المنح الدراسية لتعليم مئات الكوادر الفلسطينية والعربية في شتى الاختصاصات، كما أدان كاسترو الصهيونية حركة عنصرية إرهابية، وحمّل إسرائيل مسؤولية التوتر في الشرق الأوسط، ومايزال يرفض إقامة علاقات معها.
منذ الثمانينيات بدأت في دول المعسكر الاشتراكي تطورات مهمة تحت شعارات إعادة البناء والشفافية، انعكست في تحقيق نوع من الانفراج الداخلي وتوسيع هامش الحريات. ولكن كاسترو رفض تطبيق هذه الإجراءات اقتناعا منه بأنها جرت تحت الضغط الخارجي…وقد أدّى رفضه إلى تحركات معادية للثورة والى اشتداد الهجوم الإعلامي الغربي؛ والأمريكي ضده بوجه خاص.
وكان لانهيار الاتحاد السوڤييتي عام 1991 تأثير سلبي كبير على كوبا، لأنه أدى إلى وقف المساعدات السوڤييتية السخية، مما أدى إلى صعوبات كبيرة شهدها الاقتصاد الكوبي. واضطرت كوبا في السنوات الأخيرة إلى تطبيق بعض الإجراءات الليبرالية في الاقتصاد؛ لتستطيع تأمين السلع الضرورية للاستهلاك الداخلي.
تأثر كاسترو في شبابه بأفكار خوان مارتي J.Marti وسيمون بوليفار S.Bolivar الثوريين اللاتينيين اللذين وهبا حياتهما لتحرير كوبا وأمريكا اللاتينية من الاستعمار الإسباني. وفي أثناء دراسته الجامعية اطّلع على كتاب «رأس المال» لكارل ماركس، وأعجب بالتحليل العلمي لبنية النظام الرأسمالي؛ إلا أن انتقاله النهائي إلى مواقع الماركسية كان مرتبطاً بالتطورات والمشكلات الملموسة التي واجهت الثورة، والتي كان على قيادته وضع حلول لها, لم تجدها إلا لدى ماركس ولينين.
تزوج كاسترو في عام 1948 من زميلته دياز بالارت، وله منها ولد واحد هو فيدليتو يعمل حاليّاً في اللجنة الكوبية للطاقة الذرية، وله ابنة من زواج آخر تدعى إلينا سببت له إشكالات عندما تزوجت سراً من دبلوماسي مكسيكي، ثمّ هربت إلى الولايات المتحدة، حيث تشارك في الحملات الإعلامية المعادية لكوبا.
عرف كاسترو بقدرته الكبيرة على الخطابة، وبشخصيته الثورية الجذابة وبصلاته الحية مع الجماهير. وهب حياته للنضال بصلابة ضد الإمبريالية الأمريكية ومؤامراتها، وتعرض لأكثر من عشرين محاولة اغتيال نجا منها جميعاً. وماتزال الثورة التي قادها ـ على الرغم من الصعوبات التي تواجهها ـ تُتّخذ مثلاً لشعوب أمريكا اللاتينية، خصوصاً بعد التحولات الأخيرة التي أوصلت إلى السلطة ـ عن طريق الانتخابات الديمقراطية ـ قوى وطنية يسارية معادية للهيمنة الأمريكية في كل من فنزويلا، والبرازيل والأرجنتين. وتتعاون هذه البلدان مع كوبا لإحياء ما أسـمته «الخيار البوليفاري»؛ أي النضال من أجل الاستقلال والتنمية من دون أي تدخل خارجي.
أحمد مكيّس