مصطفي عقاد
Moustapha Akkad - Moustapha Akkad
مصطفى العقاد
(1933 ـ 2005)
مصطفى العقاد مخرج سينمائي سوري ذو سمعة عالمية. ولد في مدينة حلب (لا تتفق المصادر على عام ولادته وإن كان أغلبها يورد هذه الولادة عام 1933) لأسرة محافظة ومتواضعة من الناحية المادية، يعمل ربها موظفاً في إدارة جمارك حلب. بدأ شغف العقاد بالسينما منذ الصغر، بفضل جار للأسرة يعمل عارضاً للأفلام، وكان العقاد يتردد إليه ويراقب تعامله مع الأشرطة الفيلمية. وعندما أنهى دراسته الثانوية قرر السفر إلى أمريكا لدراسة الإخراج السينمائي. تحدث العقاد عن هذه المرحلة قائلاً: «اشتغلت عاماً كاملاً لأجمع ثمن بطاقة السفر. في لحظة الوداع، وضع أبي مئتي دولار أمريكي في جيبي والمصحف في جيبي الآخر، قائلاً لي: هذا كل ما أملكه لأعطيك إياه».
سافر العقاد إلى الولايات المتحدة عام 1954، ودرس السينما في جامعة جنوب كاليفورنيا، ونال منها شهادة الماجستير، وعمل في أثناء الدراسة في الصحافة، قبل أن ينتقل إلى العمل السينمائي، مفتتحاً هذا المسار بمنصب مساعد منتج مع المخرج سام بيكنباه Sam Peckinpah، الذي استفاد منه كثيراً. اشتغل العقاد في قسم الأخبار في الشبكة التلفزيونية (سي بي إس) CBS، وأنتج لحسابها عدة أعمال برامجية وتسجيلية وروائية.
حصل العقاد على الجنسية الأمريكية، لكنه لم يتخل عن قوميته وانتمائه إلى الثقافة العربية الإسلامية. وأخرج عام 1976 فيلم «الرسالة» The Message الذي صدر بنسختين: عربية من بطولة عبد الله غيث[ر] في دور حمزة عم الرسولr، ومنى واصف في دور هند زوجة أبي سفيان. ونسخة إنكليزية من بطولة أنطوني كوين[ر] Anthony Quinn وإيرين باباس Irene Papas.
هذا الفيلم قدم العقاد مخرجاً كبيراً في العالم العربي وأول سينمائي يعالج رسالة الإسلام على الشاشة الكبيرة، جامعاً بين الأمانة والموضوعية والجمالية والمشهدية والبعد التاريخي.
يعرض الفيلم الصعوبات التي واجهت النبيr في بداية البعثة، ومع بعض الاعتراضات التي وجّهت للفيلم، ومنع عرضه في بعض الدول الإسلامية في حينها، إلا أنه عُدّ من أهم الأفلام التي تحدثت عن ظهور الإسلام، وقد عُرض فيما بعد في جميع دول العالم بنسختيه العربية والإنكليزية.
حقق فيلم «الرسالة» نجاحاً كبيراً، ثقافياً وفنياً، وسرعان ما أصبح من (كلاسيكيات) السينما العالمية المعاصرة. وعرف العقاد كيف يخاطب المشاهدين، مسلمين وغير مسلمين، وكيف يعالج الرسالة الإسلامية مستنداً إلى المعطيات التاريخية والدينية الراسخة. وأسهم الفيلم في نشر صورة بهية عن الإسلام، تاريخاً وعقيدة.
أخرج العقاد سنة 1980 فيلم «عمر المختار» أو «أسد الصحراء» Lion of the Desert بالإنكليزية، بطولة: أنطوني كوين في دور عمر المختار، وأوليفر ريد Oliver Reed، ورود شتايغر Rod Steiger في دور موسوليني، وبإنتاج مشترك بين ليبيا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية. ويتناول الفيلم سيرة المجاهد الليبي عمر المختار[ر] الذي ينظم القوات الليبية لوقف زحف الجيش الإيطالي بقيادة الجنرال رودولفو غراتسياني إذ تحاول القوات الإيطالية أن تحظى بموطئ قدم لها في أرض ليبيا وذلك تنفيذاً للأوامر الصادرة مباشرة عن الديكتاتور الإيطالي موسوليني. لكن بمثابرة عمر المختار، يتمكن الليبيون بقواتهم البدوية البسيطة من مقاومة دبابات الجيش الإيطالي ومدافعه، ويتمكنون من وقف الزحف الإيطالي مدة 20 سنة إلى أن يتم أسر عمر المختار وإعدامه.
في هذا الفيلم تجلت أكثر فأكثر هوية العقاد السينمائية وأسلوبه في معالجة الموضوعات التاريخية، وشغفه بالمجموعات البشرية الكبيرة وتشكيلاتها المبهرة، وكذلك ولعه بتصوير الصحراء وجمالياتها.
أسهم العقاد في تحويل قصة عمر المختار الشخصية المشهورة في التاريخ العربي من بطل في الصحراء الليبية إلى بطل في الحياة، لتستلهم منه الأجيال عبراً وحكماً وأخلاقاً، وقد لاقى الفيلم، لدى عرضه في بداية الثمانينيات، نجاحاً كبيراً، وما يزال يحظى بمشاهدة واسعة عند عرضه على الشاشات التلفزيونية.
أنتج العقاد ومثّل أفلاماً أخرى لم يُسلَّط عليها الضوء كثيراً، وهي أفلام سلسلة الرعب «هالووين» أو «عيد القديسين» Halloween، التي أسهم فيها منتجاً منفذاً تارة، ومخرجاً تارةً أخرى، وقد بدأ العمل بها منذ عام 1978 حتى عام 2002، وهي تتناول حياة قديس أمريكي يحيط به الغموض والرعب، ويحتفلون به سنوياً، ولاسيما في بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية والبلدان الناطقة بالإنكليزية، ويخرج فيه الأطفال متخفين بثياب مختلفة، ويطرقون أبواب المنازل طلباً للحلوى. وفي هذه السلسلة السينمائية ينقلب العيد إلى لوحة مرعبة من أعمال القتل والتنكيل بالضحايا. وقد عزّز العقاد من خلال هذه السلسلة وجوده الفني والتجاري في هوليوود. وحملت هذه الأفلام أسماء وعنوانات مثيرة يُذكر منها «الكابوس لم ينته بعد» The Nightmare Isn’t Over، و«موسم الساحرة» Season of the Witch، و«موعد مع الخوف» Appointment with Fear، و«عودة مايكل مايرز» The Return of Michael Myers، و«انتقام مايكل مايرز» The Revenge of Michael Myers، و«لعنة مايكل مايرز» The Curse of Michael Myers، و«بعد عشرين سنة» H 20- 20 Years Later و«الانبعاث» Resurrection، وهي في معظمها من بطولة جيمي لي كورتيس Jamie Lee Curtis، ودونالد بليزانس Donald Pleasence.
ظل المخرج الراحل العقاد يكافح طوال السنوات العشر الأخيرة، لإنجاز فيلم عن محرر القدس صلاح الدين الأيوبي؛ لأنه كان يرى أن رمز صلاح الدين مناسب للوضع الحالي، وكان يريد إخراج فيلم عنه لتثبيت عروبة فلسطين، لكنه ظل يعاني التجاهل وعدم الاكتراث، على الرغم من اتفاقه مع النجم العالمي شين كونري Sean Connery على دور البطولة، إذ أخفق في العثور على مصدر لتمويل الفيلم الذي يجسد العمل البطولي والجهاد الدؤوب لاستعادة كرامة الأمة الإسلامية، كذلك كان يستعد عملياً لتصوير فيلم بعنوان «أمير الأندلس».
قضى العقاد هو وابنته ريم في تفجير وقع في أحد فنادق عمّان في الأردن، وكان قادماً من أمريكا إلى سورية ليحضر تكريمه في مهرجان دمشق السينمائي الدولي الرابع عشر.
منحه الرئيس بشار الأسد، رئيس الجمهورية العربية السورية، وسام الاستحقاق من الدرجة الممتازة تقديراً لمواقفه القومية والوطنية، وخدمته لوطنه وأمته بكل إخلاص ونزاهة. كذلك منحه الرئيس اللبناني إميل لحود وسام الأرز الوطني من رتبة «كومندور» تقديراً لعطاءاته الفنية والثقافية. كما سمّت مدينة حلب أحد شوارعها باسمه تخليداً له. ودفن العقاد في مدينته حلب بعد وداع شعبي ورسمي مهيب.
محمود عبد الواحد
Moustapha Akkad - Moustapha Akkad
مصطفى العقاد
(1933 ـ 2005)
سافر العقاد إلى الولايات المتحدة عام 1954، ودرس السينما في جامعة جنوب كاليفورنيا، ونال منها شهادة الماجستير، وعمل في أثناء الدراسة في الصحافة، قبل أن ينتقل إلى العمل السينمائي، مفتتحاً هذا المسار بمنصب مساعد منتج مع المخرج سام بيكنباه Sam Peckinpah، الذي استفاد منه كثيراً. اشتغل العقاد في قسم الأخبار في الشبكة التلفزيونية (سي بي إس) CBS، وأنتج لحسابها عدة أعمال برامجية وتسجيلية وروائية.
حصل العقاد على الجنسية الأمريكية، لكنه لم يتخل عن قوميته وانتمائه إلى الثقافة العربية الإسلامية. وأخرج عام 1976 فيلم «الرسالة» The Message الذي صدر بنسختين: عربية من بطولة عبد الله غيث[ر] في دور حمزة عم الرسولr، ومنى واصف في دور هند زوجة أبي سفيان. ونسخة إنكليزية من بطولة أنطوني كوين[ر] Anthony Quinn وإيرين باباس Irene Papas.
هذا الفيلم قدم العقاد مخرجاً كبيراً في العالم العربي وأول سينمائي يعالج رسالة الإسلام على الشاشة الكبيرة، جامعاً بين الأمانة والموضوعية والجمالية والمشهدية والبعد التاريخي.
يعرض الفيلم الصعوبات التي واجهت النبيr في بداية البعثة، ومع بعض الاعتراضات التي وجّهت للفيلم، ومنع عرضه في بعض الدول الإسلامية في حينها، إلا أنه عُدّ من أهم الأفلام التي تحدثت عن ظهور الإسلام، وقد عُرض فيما بعد في جميع دول العالم بنسختيه العربية والإنكليزية.
حقق فيلم «الرسالة» نجاحاً كبيراً، ثقافياً وفنياً، وسرعان ما أصبح من (كلاسيكيات) السينما العالمية المعاصرة. وعرف العقاد كيف يخاطب المشاهدين، مسلمين وغير مسلمين، وكيف يعالج الرسالة الإسلامية مستنداً إلى المعطيات التاريخية والدينية الراسخة. وأسهم الفيلم في نشر صورة بهية عن الإسلام، تاريخاً وعقيدة.
أخرج العقاد سنة 1980 فيلم «عمر المختار» أو «أسد الصحراء» Lion of the Desert بالإنكليزية، بطولة: أنطوني كوين في دور عمر المختار، وأوليفر ريد Oliver Reed، ورود شتايغر Rod Steiger في دور موسوليني، وبإنتاج مشترك بين ليبيا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية. ويتناول الفيلم سيرة المجاهد الليبي عمر المختار[ر] الذي ينظم القوات الليبية لوقف زحف الجيش الإيطالي بقيادة الجنرال رودولفو غراتسياني إذ تحاول القوات الإيطالية أن تحظى بموطئ قدم لها في أرض ليبيا وذلك تنفيذاً للأوامر الصادرة مباشرة عن الديكتاتور الإيطالي موسوليني. لكن بمثابرة عمر المختار، يتمكن الليبيون بقواتهم البدوية البسيطة من مقاومة دبابات الجيش الإيطالي ومدافعه، ويتمكنون من وقف الزحف الإيطالي مدة 20 سنة إلى أن يتم أسر عمر المختار وإعدامه.
في هذا الفيلم تجلت أكثر فأكثر هوية العقاد السينمائية وأسلوبه في معالجة الموضوعات التاريخية، وشغفه بالمجموعات البشرية الكبيرة وتشكيلاتها المبهرة، وكذلك ولعه بتصوير الصحراء وجمالياتها.
أسهم العقاد في تحويل قصة عمر المختار الشخصية المشهورة في التاريخ العربي من بطل في الصحراء الليبية إلى بطل في الحياة، لتستلهم منه الأجيال عبراً وحكماً وأخلاقاً، وقد لاقى الفيلم، لدى عرضه في بداية الثمانينيات، نجاحاً كبيراً، وما يزال يحظى بمشاهدة واسعة عند عرضه على الشاشات التلفزيونية.
أنتج العقاد ومثّل أفلاماً أخرى لم يُسلَّط عليها الضوء كثيراً، وهي أفلام سلسلة الرعب «هالووين» أو «عيد القديسين» Halloween، التي أسهم فيها منتجاً منفذاً تارة، ومخرجاً تارةً أخرى، وقد بدأ العمل بها منذ عام 1978 حتى عام 2002، وهي تتناول حياة قديس أمريكي يحيط به الغموض والرعب، ويحتفلون به سنوياً، ولاسيما في بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية والبلدان الناطقة بالإنكليزية، ويخرج فيه الأطفال متخفين بثياب مختلفة، ويطرقون أبواب المنازل طلباً للحلوى. وفي هذه السلسلة السينمائية ينقلب العيد إلى لوحة مرعبة من أعمال القتل والتنكيل بالضحايا. وقد عزّز العقاد من خلال هذه السلسلة وجوده الفني والتجاري في هوليوود. وحملت هذه الأفلام أسماء وعنوانات مثيرة يُذكر منها «الكابوس لم ينته بعد» The Nightmare Isn’t Over، و«موسم الساحرة» Season of the Witch، و«موعد مع الخوف» Appointment with Fear، و«عودة مايكل مايرز» The Return of Michael Myers، و«انتقام مايكل مايرز» The Revenge of Michael Myers، و«لعنة مايكل مايرز» The Curse of Michael Myers، و«بعد عشرين سنة» H 20- 20 Years Later و«الانبعاث» Resurrection، وهي في معظمها من بطولة جيمي لي كورتيس Jamie Lee Curtis، ودونالد بليزانس Donald Pleasence.
ظل المخرج الراحل العقاد يكافح طوال السنوات العشر الأخيرة، لإنجاز فيلم عن محرر القدس صلاح الدين الأيوبي؛ لأنه كان يرى أن رمز صلاح الدين مناسب للوضع الحالي، وكان يريد إخراج فيلم عنه لتثبيت عروبة فلسطين، لكنه ظل يعاني التجاهل وعدم الاكتراث، على الرغم من اتفاقه مع النجم العالمي شين كونري Sean Connery على دور البطولة، إذ أخفق في العثور على مصدر لتمويل الفيلم الذي يجسد العمل البطولي والجهاد الدؤوب لاستعادة كرامة الأمة الإسلامية، كذلك كان يستعد عملياً لتصوير فيلم بعنوان «أمير الأندلس».
قضى العقاد هو وابنته ريم في تفجير وقع في أحد فنادق عمّان في الأردن، وكان قادماً من أمريكا إلى سورية ليحضر تكريمه في مهرجان دمشق السينمائي الدولي الرابع عشر.
منحه الرئيس بشار الأسد، رئيس الجمهورية العربية السورية، وسام الاستحقاق من الدرجة الممتازة تقديراً لمواقفه القومية والوطنية، وخدمته لوطنه وأمته بكل إخلاص ونزاهة. كذلك منحه الرئيس اللبناني إميل لحود وسام الأرز الوطني من رتبة «كومندور» تقديراً لعطاءاته الفنية والثقافية. كما سمّت مدينة حلب أحد شوارعها باسمه تخليداً له. ودفن العقاد في مدينته حلب بعد وداع شعبي ورسمي مهيب.
محمود عبد الواحد