Colonialisme استعمار يعني يقوم في ارض دخلتها زمرة من الاجانب

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • Colonialisme استعمار يعني يقوم في ارض دخلتها زمرة من الاجانب

    استعمار

    Colonialism - Colonialisme

    الاستعمار

    يعني مصطلح «الاستعمار» colonialisme في مفهومه اللغوي المألوف وضعاً يقوم في أرض دخلتها زمرة من الأجانب سلماً أو عنوة فعاشت فيها واهتمّت بعمارتها واستغلالها، في كنف البلد الأصلي لتلك الزمرة وبحمايته، وعقدت مع سكانها الأصليّين علاقات تتسم بالتسلّط وإنكار حقوقهم الطبيعية.
    ويفترض هذا المفهوم عناصر ثلاثة: هجرة ما، بأعداد قليلة أو كثيرة، إلى أراض أخرى بقصد عمارتها أو استغلال خيراتها، ثمّ بقاء المهاجرين موالين للوطن الأمّ الذي تركوه، وخاضعين لقوانينه لا لقوا نين الأرض التي هاجروا إليها أو أعرافها، ثمّ شمول الوطن الأمّ إياهم بالرعاية والحماية. كلّ هذا يعني التفريق بين الحاكم والمحكوم، والقويّ والمستضعف.
    توسّع تعبير الاستعمار،وتعريف المستعمرات مع مرور الزمن، ليدلّ على أنواع شتّى من هذه الظّاهرة، ففي حين كان يشير إلى إقامة محميات عسكرية، كجبل طارق، تقيمها دولة على أرض ليست في الأصل لها، أصبح يشمل مناطق واسعة الأرجاء ممتدّة الحدود القارّيّة ككندا وأسترالية، وتباينت الأغراض التي يرمي إليها الاستعمار، من عسكرية استراتيجية، إلى اقتصادية صرفة، ومنها ما رافق نشوء الدّولة الأمّة، ودخولها حلبة التزاحم على بسط نفوذها السياسي والاقتصادي وراء حدودها تعزيزاً لمكانتها الدولية وسعياً إلى السيطرة العالمية، كما فعلت إسبانية والبرتغال، ثمّ تبعتهما فرنسة وبريطانية، وحذت من بعدُ حذوهما أكثر الدول الأوربيّة، ونهجت في النهاية كل من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان هذا النهج.
    ومع اشتداد حدّة التزاحم على تملك المستعمرات، وبروز السياسة الاستعمارية عنصراً من المقومّات الأساسيّة لعدد من الدول الأوربيّة، اتّسعت المقاصد الاستعماريّة من مجرّد السّعي إلى إغناء البلد الأمّ، بأي وسيلة ممكنة، بدافع فلسفة التجارة الحرة «المركانتيليّة» إلى نوازع التوسّع والهيمنة، وتأكيد مزاعم التفوّق العرقي أو الحضاري أو التقنيّ أو كل ذلك معاً.
    فلقد عُدّت المستعمرات في الأصل، تجارية كانت أم استغلالية، زراعيّة أم استيطانية، مسخّرة لمنفعة البلد الأم (المستعمر) حصراً، ونشأ على هذا الأساس ما يشبه ميثاقاً استعماريّاً، يحدّد نظاماً للتجارة والتعامل، قائماً على الحصر والاحتكار، ويحرّم دخول المنتجات الأجنبيّة، غير منتجات البلد الأمّ، إلى المستعمرة، ويحصر النقل بين البلد الأمّ والمستعمرة ببحريّة الدولة الاستعماريّة، كما يحصر تصدير ما تنتجه المستعمرة إلى البلد الأم فيجعل للبلد الأمّ معاملة الدولة الأولى بالرعاية. أمّا المستعمرة فإنها، بحسب هذا الرأي، لا تستطيع أن تصنع ما تحتاج إليه إلا ما فيه مصلحة الدولة المستعمرة، وتكون مستورداتها حصراً عن طريق البلد الأمّ.
    بيد أنّ مفهوم الاستعمار تطوّر، مع نموّ الثورة الصناعيّة، وتوسع الرأسماليّة، واشتداد التزاحم على النفوذ، إلى مذهب أشمل أفقاً وأعمق جذوراً أوْجَزَ مراميه سنة 1912 الفقيه الاقتصادي الفرنسي ألكسندر ميرينهاك ( Alexandre Meringnhac (1927-1857 في كتابه «موجز التشريع والاقتصاد الاستعماريين» بقوله:
    «الاستعمار هو إقامة الصلة مع بلاد جديدة للانتفاع من مواردها المتنوعة، وتنميتها خدمة للمصلحة القومية، وفي الوقت نفسه منح المجموعات السكّانية البدائيّة حسنات الثقافة الفكريّة والاجتماعية والعلميّة والأخلاقيّة والفنيّة والتجاريّة والصناعية، المحرومة منها، ولا تتوافر هذه الشروط إلاّ عند العروق المتفوّقة. فالاستعمار هو إذن مؤسسة قائمة في بلاد جديدة على يد عرق ذي حضارة متقدّمة، لتحقيق الغرض المزدوج الذي ألمعنا إليه».
    وبمنطوق هذا التعريف الذي لقي قبولاً عاماً لدى الباحثين، يصبح الاستعمار نظاماً متكاملاً من أنظمة التبادل، لكنه نظام ابتدعته أوربّة، ولم تُستشر الشعوب التي أُخضعت لأحكامه بشأنه، ولا أُخذ رأي تلك الشعوب في صحّة مقولة إنّ الحضارة والتحضير يسوّغان السيطرة السياسية والاقتصاديّة. وحتّى لو تم التسليم بأن الشعوب التي رزحت تحت نير الاستعمار، ومنها ما كان ذا حضارة قديمة، متأخّرة تحتاج إلى المساعدة، فإنّ هذا المفهوم الذي يرمي إلى إضفاء الشرعيّة على الاستعمار، يحمل بين طيّاته بذور نهايته، لأن الشعوب التي فرض عليها الاستعمار بوصفها شعوباً متأخرة لابدّ من أن تستكمل عاجلاً أو آجلاً أسباب الحضارة والتحلّل من ربقة الوصاية الاستعمارية. وقد دلّ تاريخ الاستعمار على أنّ الدول الاستعماريّة لم تتقبّل تلك النتيجة المنطقية الحتميّة إلاّ بصعوبة بالغة، وأنّ بعضها أدخل عنصراً جديداً على مفهوم الاستعمار تفادياً لمواجهة هذه النتيجة، فنادى بوجوب تمثّل سكان المستعمرات حضارة البلد الأمّ وثقافتها ونماذج تفكيرها وسلوكها بحيث يصبحون رعايا لها وتصبح أرضهم ملحقة بامبراطوريّة البلد الأم.
    التطوّر التاريخي للاستعمار
    عُرِف الاستعمار منذ القديم، فأقام اليونان مستعمرات لهم في آسيا الصغرى وعلى ساحل بحر القرم والسّواحل الإفريقيّة. وعدّ الرومان كلّ أرض غزتها جيوشهم جزءاً لا يتجزّأ من امبراطوريتهم.
    وعندما بلغت كل من جنوة والبندقية أوج ازدهارهما في القرون الوسطى وجدتا في إقامة المستعمرات في جزر البحر المتوسط وشواطئ الدردنيل والبحر الأسود قواعد تنشّط مصالحهما التجارية فاشتد التزاحم فيما بينهما والسبق على فرص الربح والتألّق الحضاري.
    وما إن انحسر ت القرون الوسطى وتبدّل جمود عدد من الأمم الأوربية نشاطاً واستكمالاً لعناصر شخصيتها ومقوماتها كأمم ـ دول، حتّى انطلقت تجد في الاستعمار مجالاً لتوسيع نفوذها وتوطيد مصالحها العالمية. وكانت إسبانية والبرتغال سبّاقتين إلى هذا الطموح. فجاءت دورة بارتولومودياس حول رأس الرجاء الصالح في جنوب إفريقية سنة 1488 واكتشافات فاسكو دي غاما، بعد عشر سنوات من ذلك، إيذاناً بإقامة المستوطنات البرتغاليّة على طول السّاحل الإفريقي الشرقيّ ثمّ امتداد الاستعمار البرتغالي إلى الشواطئ الهندية وجزر المحيط الهادئ، في حين تطلع الامبراطور شارل الخامس الذي حكم إسبانية في أوج سلطانها إلى بعث الامبراطورية الرومانية في أوربة وإلى إنشاء امبراطورية جديدة في أمريكة. ولم تعن كل من الامبراطوريتين في البدء بالزراعة وتوسيع المساحات المزروعة في مستعمراتهما قدر عنايتهما بالتجارة وتأسيس المراكز التجارية في المناطق الساحليّة المترامية الأطراف، وانصرف همّ إسبانية على الأخصّ إلى استغلال المناجم واستخراج المعادن الثمينة، وكوّنت في سبيل الاستفادة القصوى من مستعمراتها «بيروقراطية» تراتبية تحكم من مركز القوة والسيطرة وتستمد تعليماتها من الأجهزة الخاصة بالمستعمرات في الحكومة المركزيّة، وكانت المناصب الإداريّة العليا تُعد امتيازاً والمستعمرات منتجعاً، لكبار الموظفين المرسلين إلى ما وراء البحار للتمتع بالجاه والمرتبات الضخمة من دون التفات لحاجات سواد السكّان فيها.
    وتلت حكومات أوربية أخرى إسبانية والبرتغال، فعملت بريطانية وفرنسة وهولندة ودول أخرى أوربية أصغر منها، على امتلاك مستعمرات جديدة، في أمريكة وفي الهند وفي إفريقية، فلم ينقض قرنان على اكتشاف كولومبوس أمريكة، حتّى كانت مناطق شاسعة من أمريكة الشمالية تعجّ بالمستعمرات الإسبانية والفرنسية والبريطانية. وقد استأصل الغزاة الإسبان بعض القبائل الهندية واستعبدوا بعضها الآخر، وأقاموا امبراطورية واسعة شملت مناطق شاسعة من أمريكة الوسطى والجنوبية وخاصة المكسيك والبيرو، وبعد مضي قرن على عصر الاكتشافات، صار للإسبان في مستعمراتهم الأمريكية حضارة وثقافة تقدمتا في بعض الوجوه على الحضارة الأوربية نفسها، غير أنّ المجتمع الذي خلّفوه كان كالهرم، يشغل المستعمرون الإسبان ذروته وتؤلف قاعدتَه الجماهيرُ الكادحة الغارقة في الفقر المدقع، والرقيق الزنوج الذين يتولّون الزراعة، في حين ظلت تجارة الذهب والفضة محصورة بيد الطبقة «المركانتيلية» المزدهرة في البلد الأم. بيد أنّ إسبانية، بطموحها الجارف، في القرن السادس عشر، الذي أصبح يطلق عليه في تاريخ الاستعمار، قرن إسبانية الغازية، وازدهارها الخارق في القرن السابع عشر، عكفت على التوسّع أكثر ممّا تستطيع، فمدّت امبراطوريتها إلى الفليبين أيضاً، ودخلت في حروب مع العثمانيين في البحر المتوسط، وفي نزاعات مستديمة مع الجمهوريات الإيطالية، وتورطت في قمع ثورة الأراضي المنخفضة ثمّ حاولت أخيراً غزو بريطانية نفسها، فكان تدمير الأسطول الإسباني (الأرمادا) على يد القطع البحريّة البريطانية سنة 1588 إيذاناً بغروب شمس الامبراطورية الاسبانية ثمّ انحلالها الكامل تقريباً مع نهاية القرن التاسع عشر، حين أسفرت الحرب الإسبانية ـ الأمريكية عن انسلاخ كوبا والفليبين عن التبعية الإسبانية.
    أما المستعمرات البريطانية في أمريكة فكانت من طراز آخر، فقد توطّن المستعمرون أولاً ثمّ تبعهم الموظفون المرسلون من الوطن الأمّ، وانتظم المستوطنون الجدد في مؤسسات وشركات، تحظى بامتيازات لها علاماتها الفارقة، ممّا جعل للمهاجرين من بريطانية نوعاً من الاستقلال، فانشقّوا عن وطنهم الأمّ وأسسوا مستعمراتهم في إنكلترة الجديدة، بدوافع مختلفة منها العقائد الدينية المذهبيّة، ونشدان الثروة، وإقامة مجتمع جديد أقرب إلى التحرّر من القيود الطبقيّة.
يعمل...
X