عصبيه (فحوص طبيه جمله)
Nervous system - Système nerveux
العصبية (الفحوص الطبية للجملة ـ)
يعرض هذا البحث لمحة عن الفحص السريري للجهاز العصبي والاستقصاءات المختلفة التي تستخدم عادة لتشخيص الأمراض التي تصيبه.
تعد المعلومات التي يقدمها المريض إلى الطبيب، وتسمى القصة المرضية، مهمة وأساسية، وإن كانت لاتعطي إلا فكرة مبدئية عن طبيعة المرض.
ويهدف الفحص السريري بشكل رئيسي إلى تحديد مكان الآفة في الجهاز العصبي ودرجة تأثيرها، أما الاستقصاءات الإضافية، من مجهرية، وصور شعاعية وغيرها، فتهدف إلى تأكيد تشخيصٍ ما أو نفيه، وتحديد إنذاره، ووضع خطة للعلاج والمتابعة.
الفحص السريري للجهاز العصبي
يعد استجواب المريض وفحصه سريرياً من أهم الخطوات في تشخيص مرضه، إن لم تكن أهمها على الإطلاق، وعادة ما يتركز هذا الاستجواب حول نقاط أساسية عدة هي الشكوى الرئيسة للمريض كالصداع، أو صعوبة في النطق أو المشي، أو نوبات اختلاجية، ومدتها، وكيفية بدء الشكوى، ووصفها بالتفصيل، وتواتر حدوثها، والعوامل التي قد تزيد من حدتها أو تخففها، وتطورها مع الزمن، وأي شكاوى أخرى مرافقة. وتختلف الأسئلة التي يسألها الطبيب باختلاف الشكوى.
كما يستفسر الطبيب عن أمراض أخرى مرافقة أو سابقة عانى منها المريض، وعن الأدوية والعلاجات التي استخدمها، كما يستفهم عن أمراض أصيب بها أقرباؤه، وعن بعض عاداته كالتدخين وتناول المشروبات الكحولية، وطبيعة عمله المهني إلى غير ذلك.
يجري الطبيب الفحص السريري بعد الانتهاء من أخذ القصة المرضية، فيفحص العلامات الحيوية من ضغط، ونبض، وحرارة، وتنفس، وكذلك يجري فحصاً شاملاً للمريض (القلب والصدر والبطن). وتختلف درجة تفاصيل هذه الفحوص باختلاف شكوى المريض وحالته، ويفحص الجهاز العصبي للمريض.
يهدف الفحص السريري بشكل رئيسي إلى تحديد مكان الإصابة (النخاع الشوكي أم الأعصاب أم العضلات). ومن ثم يستخدم ذلك مع المعلومات المستقاة من الاستجواب لوضع تشخيص مبدئي، وفي المرحلة التالية يقوم الطبيب بإجراء استقصاءات مخبرية أو شعاعية معينة بحسب الحالة لتأكيد هذا التشخيص ووضع الخطة الأمثل للتدبير.
أما النقاط الأساسية للفحص السريري للجهاز العصبي فيمكن إيجازها من خلال (الشكل رقم1).
الاستقصاءات والفحوصات المخبرية للجهاز العصبي وأمراضه
تزداد أهمية الفحوصات المخبرية في تشخيص الأمراض العصبية وتدبيرها.
وفيما يأتي عرض وجيز لأهم الاختبارات التي تجرى في مجال الأمراض العصبية.
1ـ الاستقصاءات الشعاعية:
ـ الصورة البسيطة: تمت الاستعاضة عنها في كثير من الحالات بالاستقصاءات الشعاعية الأحدث (مثل التصوير الطبقي المحوري CT scanوالمغنطيسي MRI، وإن كانت ماتزال تستعمل عند الاشتباه بوجود كسر أو ورم ذي تأثير على العظام.
ـ التصوير الطبقي المحوري: أصبح متوافراً بكثرة، ويعد من الفحوصات العصبية الأساسية، ويتضمن إجراؤه استعمال أشعة سينية تبث وتستقبل بطريقة معينة، ومن ثم معالجة النتائج بالحاسوب على نحو تعطي صوراً على شكل مقاطع عرضية للدماغ أو العمود الفقري، وهو من الاستقصاءات المفيدة في دراسة أمراض الدماغ، مثل الجلطات والنزيف والأورام وغيرها، وكذلك دراسة العمود الفقري. ولايستغرق تصوير الدماغ بهذه الطريقة أكثر من دقائق معدودة.
يمكن أحياناً حقن مادة ظليلة في الوريد للمساعدة على كشف بعض الآفات المرضية أو تحديدها.
ـ التصوير بالرنين المغنطيسي magnetic resonance imaging (MRI): يعد من أهم طرق تصوير الجهاز العصبي. وقد أصبح الطريقة الأمثل لاستقصاء أمراض عدة من هذا الجهاز، وغيره من أجهزة الجسم.
وتعتمد هذه الطريقة على استعمال أجهزة يمكن تشبيهها بمغنطيس عملاق قادر على دراسة كثافات الجزيئات المائية التي تتنوع وتختلف من نسيج لآخر ضمن الجسم البشري، ومن ثم الاستعانة ببرنامج معلوماتي معين يركب تلك المعطيات بشكل يسمح بإعطاء صور فائقة الدقة للدماغ وغيره من أعضاء الجسم. ويمكن أحياناً إعطاء مادة عن طريق الحقن الوريدي للمساعدة على إظهار بعض الآفات بشكل أوضح.
وينبغي الإشارة إلى أنه لايمكن إجراء هذا النوع من التصوير إذا كان في جسم المريض مواد ذات خواص مغنطيسية أو يمكن أن تتأثر بآلية عمل الجهاز (مثل بعض الأعضاء الاصطناعية أو الجهاز المنظم لدقات القلب، وغيرها).
وأخيراً يذكر بأن شكل آلة المرنان المغنطيسي (الذي يوضع المريض بداخله فترة التصوير نحو 20 دقيقة تشبه النفق الضيق) والصوت الذي تصدره هذه الآلة مع شكلها الأنبوبي كثيراً ما يسببان درجة عالية من الانزعاج لدى بعض المرضى، إلا أن العديد من الآلات الحديثة (المفتوحة) أسهمت في التقليص من هذه الإشكالات إلى حد كبير.
ـ التصوير بالمواد الفعالة شعاعياً: ويعتمد من حيث المبدأ على زرق مادة مشعة ومن ثم تحري كيفية توزعها في الدماغ، التي تختلف في حال وجود حالة مرضية معينة في إحدى مناطقه. ومن الناحية العملية فإن هذه الاستقصاءات أقل استعمالاً بكثير من التصوير الطبقي المحوري والرنين المغنطيسي.
ـ التصوير بالأمواج فوق الصوتية: تستخدم هذه الطريقة في تصوير شرايين العنق والرأس بالأمواج فوق الصوتية، وفيها يوضع مسبار probeعلى الجلد فوق الشريان المدروس، ويتم إرسال أمواج فوق صوتية بهذا المسبار. ينعكس جزء من هذه الأمواج من على بعض العناصر والأنسجة في الجسم (مثل جدار الشريان والعضلات وغيرها) حيث يتم تحويل الأمواج المنعكسة إلى طاقة كهربائية تعرض على شكل صورة على شاشة الحاسوب، كما يمكن دراسة سرعة واتجاه جريان الدم في الشريان المدروس مما يقدم معلومات مهمة حول وجود تضيق في الشريان ودرجة هذا التضيق.
ولهذا الاختبار أهمية قصوى في تشخيص العديد من حالات الجلطات الدماغية ومعالجتها والوقاية منها، وهو غير مؤلم ويعد من الإجراءات الآمنة جداً نسبياً.
ـ تصوير الشرايين الظليل angiography: وتدخل قثطرة عبر الشريان الفخذي وصولاً إلى شرايين العنق والدماغ وحقن مادة ظليلة ضمن الأوعية ثم أخذ الصور الشعاعية، ويمكن بهذه الطريقة رؤية لمعة الشرايين والأوردة بدقة ومن ثم دراسة وجود تضيق شرياني أو خثار وريدي أو تشوهات وعائية وغير ذلك.
وبالرغم من تناقص استعمال هذه الطريقة لصالح تصوير الشرايين بالأمواج فوق الصوتية والرنين المغنطيسي مايزال لها إسهام مهم في عدد من حالات الأمراض الوعائية الدماغية.
إن تصوير الشرايين الظليل هو من الإجراءات الآمنة نسبياً عندما يتم بأيد خبيرة، إلا أنه لايخلو من احتمال حدوث مضاعفات ومنها: حدوث قصور كلوي، وحدوث جلطة دماغية (بمعدل أقل من 1 لكل 1000 مريض)، وحدوث ورم دمويhematoma في منطقة إدخال القثطرة بالشريان الفخذي، أو حدوث تحسس من المادة الظليلة.
2ـ الاستقصاءات السريرية الفيزيولوجية للجهاز العصبي clinical neurophysiology: تسمح التقانات والأجهزة الحديثة بدراسة نواح عدة من وظائف الجهاز العصبي وفيما يأتي لمحة عن أهم تطبيقاته العملية:
ـ تخطيط كهربائية الدماغ: تسجيل (الإشارات) الكهربائية التي يصدرها الدماغ، ويكون ذلك بوساطة أقراص معدنية صغيرة متصلة بأسلاك توضع في مواقع معينة على فروة الرأس.
لتخطيط كهربائية الدماغ فائدة في تشخيص بعض الحالات المرضية العصبية المهمة (مثل الصرع، واعتلالات الدماغ والموت الدماغي وغيرها)، وكذلك في تحديد الإنذار والتدبير ومتابعة تطور الحالة مع الزمن.
ـ الكمونات المثارة evoked potentials: وهي إشارات كهربائية تصدر من الجهاز العصبي كاستجابة لمنبهات حسية (ومنها: السمعية، والحسية، والحركية، أو البصرية حيث يتم إحداث منبه بصري معين ومن ثم تسجل الإشارة الصادرة عن منطقة الدماغ المسؤولة عن الرؤية)، وتعد بشكل عام امتداداً للفحص السريري للجملة العصبية، فهي تفيد في التحقق من وجود خلل وظيفي في جزء ما من الجهاز العصبي عندما تكون الموجودات السريرية غير حاسمة.
ـ تخطيط الأعصاب والعضلاتelectromyography:
أـ تخطيط كهربائية الأعصاب: يجري تخطيط كهربائية الأعصاب لدراسة قدرتها على نقل المنبهات الكهربائية، ويكون ذلك بإحداث تنبيه كهربائي (بوساطة ما يدعى مسرى كهربائي (الكترود) منبِّه stimulating electrode) في منطقة معينة من الجلد فوق مسار عصب معين، ومن ثم استقبال هذا المنبه (بوساطة ما يدعى مساري كهربائية مسجِّلة recording electrodes) في منطقة أخرى على مسار هذا العصب، بوساطة قياسات عدة، وبدراسة سرعة انتقال المنبه وحجم هذا التنبيه يمكن استخلاص نتائج مهمة عن سلامة وظيفة العصب المدروس أو اضطرابها.
ب ـ تخطيط العضلات: يكون ذلك بتسجيل الفعالية الكهربائية ضمن عضل ما، فيدخل مسرى كهربائي على شكل إبرة رفيعة جداً في العضلة وبذلك تدرس التبدلات غير الطبيعية في نشاطها الكهربائي بحالي الراحة والتقلص.
3ـ الدراسات النسيجية والخلوية: وتعتمد على أخذ عينات من الجهاز العصبي ودراستها مجهرياً.
ـ فحص السائل الدماغي الشوكي (البزل القطني): تقوم عناصر معينة من الدماغ (ولاسيما ما يدعى بالضفائر المشيمية) بإفراز سائل رائق عقيم بشكل دائم. يملأ هذا السائل تجاويف الدماغ كما يحيط به وبالنخاع الشوكي من الخارج ويعاد امتصاصه دوماً.
تطرأ على هذا السائل تبدلات معينة في بعض الأمراض التي تصيب الجهاز العصبي مثل التهاب السحايا والنزف تحت العنكبوتية وبعض التهابات الأعصاب وغيرها، ومن هنا فإن دراسة نموذج من هذا السائل قد يكون مهماً عند الشك بوجود أحد هذه الأمراض.
يحصل على نموذج من السائل الدماغي الشوكي بوساطة إبرة خاصة تدخل في الفواصل بين الفقرات في أسفل الظهر إلى أن تصل إلى القناة المحيطة بالنخاع الشوكي ومن ثم تؤخذ الكمية اللازمة لإجراء فحوصات معينة (مثل تعداد الكريات البيض والحمر والتحري عن وجود جراثيم وغير ذلك).
وبالرغم من أن هذا الإجراء هيِّن وعديم الخطورة في معظم الحالات، إلا أنه لايخلو من احتمال حدوث مضاعفات منها الصداع، أو تجمع دموي داخل القناة الشوكية أو حدوث تخريش سحائي أو رؤية مزدوجة أو غير ذلك.
ـ الخزعة biopsy: يمكن أخذ نموذج صغير من نسيج العصب أو حتى الدماغ لدراستها تحت المجهر، هذا وقد أدى تطور الوسائل التشخيصية الأخرى وتزايد فائدتها العملية إلى تضاؤل دور الخزعة في تشخيص الأمراض العصبية، على نحو تندر الحاجة إليها إلا في حالات الأورام وبعض الأمراض الوراثية أو الالتهابية.
ـ الفحوص الوراثية genetic testing: شهدت العقود الأخيرة تطوراً سريعاً ومهماً في تفهم ودراسة الأمراض الوراثية للجهاز العصبي، وقد أصبح بالإمكان إجراء فحوصات الدنا DNA(الحمض الريبي النووي المنقوص الأكسجين) وغيرها من الفحوصات التي تساعد على تشخيص العشرات من الأمراض العصبية (منها بعض أمراض العضلات والتخلف العقلي واضطراب التوازن وغيرها)، ويتم ذلك عادةً من خلال فحص خلايا من دم المريض.
هذا ويمكن الاستفادة من تلك الفحوصات أيضاً في تشخيص الحالة قبل أن تبدأ أعراضها بالظهور (وأحياناً قبل الولادة)، وكذلك في تشخيص المريض الحامل لمرض معين carrier(والذي قد يقوم بنقله إلى ذريته من دون ظهور أعراض المرض).
قطعت الفحوصات والاستقصاءات الشعاعية وغيرها شوطاً كبيراً في المساعدة على تشخيص أمراض الجهاز العصبي وتدبيرها؛ ويلاحظ إن التطور التقني واستمرار البحث العلمي على نحو كثيف وحثيث يَعِدُ بإضافة الجديد من الوسائل التشخيصية على الدوام، ووضعها في خدمة الطبيب بهدف الوصول إلى تشخيص أدق وفهم أفضل للأمراض التي تصيب الجهاز العصبي، ومن ثمَّ تقديم العلاج الأمثل لمرضاه.
طارق وزان
Nervous system - Système nerveux
العصبية (الفحوص الطبية للجملة ـ)
يعرض هذا البحث لمحة عن الفحص السريري للجهاز العصبي والاستقصاءات المختلفة التي تستخدم عادة لتشخيص الأمراض التي تصيبه.
تعد المعلومات التي يقدمها المريض إلى الطبيب، وتسمى القصة المرضية، مهمة وأساسية، وإن كانت لاتعطي إلا فكرة مبدئية عن طبيعة المرض.
ويهدف الفحص السريري بشكل رئيسي إلى تحديد مكان الآفة في الجهاز العصبي ودرجة تأثيرها، أما الاستقصاءات الإضافية، من مجهرية، وصور شعاعية وغيرها، فتهدف إلى تأكيد تشخيصٍ ما أو نفيه، وتحديد إنذاره، ووضع خطة للعلاج والمتابعة.
الفحص السريري للجهاز العصبي
يعد استجواب المريض وفحصه سريرياً من أهم الخطوات في تشخيص مرضه، إن لم تكن أهمها على الإطلاق، وعادة ما يتركز هذا الاستجواب حول نقاط أساسية عدة هي الشكوى الرئيسة للمريض كالصداع، أو صعوبة في النطق أو المشي، أو نوبات اختلاجية، ومدتها، وكيفية بدء الشكوى، ووصفها بالتفصيل، وتواتر حدوثها، والعوامل التي قد تزيد من حدتها أو تخففها، وتطورها مع الزمن، وأي شكاوى أخرى مرافقة. وتختلف الأسئلة التي يسألها الطبيب باختلاف الشكوى.
كما يستفسر الطبيب عن أمراض أخرى مرافقة أو سابقة عانى منها المريض، وعن الأدوية والعلاجات التي استخدمها، كما يستفهم عن أمراض أصيب بها أقرباؤه، وعن بعض عاداته كالتدخين وتناول المشروبات الكحولية، وطبيعة عمله المهني إلى غير ذلك.
يجري الطبيب الفحص السريري بعد الانتهاء من أخذ القصة المرضية، فيفحص العلامات الحيوية من ضغط، ونبض، وحرارة، وتنفس، وكذلك يجري فحصاً شاملاً للمريض (القلب والصدر والبطن). وتختلف درجة تفاصيل هذه الفحوص باختلاف شكوى المريض وحالته، ويفحص الجهاز العصبي للمريض.
يهدف الفحص السريري بشكل رئيسي إلى تحديد مكان الإصابة (النخاع الشوكي أم الأعصاب أم العضلات). ومن ثم يستخدم ذلك مع المعلومات المستقاة من الاستجواب لوضع تشخيص مبدئي، وفي المرحلة التالية يقوم الطبيب بإجراء استقصاءات مخبرية أو شعاعية معينة بحسب الحالة لتأكيد هذا التشخيص ووضع الخطة الأمثل للتدبير.
أما النقاط الأساسية للفحص السريري للجهاز العصبي فيمكن إيجازها من خلال (الشكل رقم1).
(الشسكل رقم 1) مخطط مبسط لمراحل الفحص السريري للجهاز العصبي. |
تزداد أهمية الفحوصات المخبرية في تشخيص الأمراض العصبية وتدبيرها.
وفيما يأتي عرض وجيز لأهم الاختبارات التي تجرى في مجال الأمراض العصبية.
1ـ الاستقصاءات الشعاعية:
ـ الصورة البسيطة: تمت الاستعاضة عنها في كثير من الحالات بالاستقصاءات الشعاعية الأحدث (مثل التصوير الطبقي المحوري CT scanوالمغنطيسي MRI، وإن كانت ماتزال تستعمل عند الاشتباه بوجود كسر أو ورم ذي تأثير على العظام.
(الصورة رقم 1) صورة شعاعية بسيطة للعمود الفقري الرقبي. |
(الصورة رقم 2) صورة طبقية محورية للدماغ نظهر وجود نزيف دماغي /السهم الأسود/ |
يمكن أحياناً حقن مادة ظليلة في الوريد للمساعدة على كشف بعض الآفات المرضية أو تحديدها.
ـ التصوير بالرنين المغنطيسي magnetic resonance imaging (MRI): يعد من أهم طرق تصوير الجهاز العصبي. وقد أصبح الطريقة الأمثل لاستقصاء أمراض عدة من هذا الجهاز، وغيره من أجهزة الجسم.
(الصورة رقم 3) صورة رنين مغنطيسي للعمود الفقري القطني العجزي تظهر وجود فتق نواة لبية "ديسك" |
وينبغي الإشارة إلى أنه لايمكن إجراء هذا النوع من التصوير إذا كان في جسم المريض مواد ذات خواص مغنطيسية أو يمكن أن تتأثر بآلية عمل الجهاز (مثل بعض الأعضاء الاصطناعية أو الجهاز المنظم لدقات القلب، وغيرها).
وأخيراً يذكر بأن شكل آلة المرنان المغنطيسي (الذي يوضع المريض بداخله فترة التصوير نحو 20 دقيقة تشبه النفق الضيق) والصوت الذي تصدره هذه الآلة مع شكلها الأنبوبي كثيراً ما يسببان درجة عالية من الانزعاج لدى بعض المرضى، إلا أن العديد من الآلات الحديثة (المفتوحة) أسهمت في التقليص من هذه الإشكالات إلى حد كبير.
ـ التصوير بالمواد الفعالة شعاعياً: ويعتمد من حيث المبدأ على زرق مادة مشعة ومن ثم تحري كيفية توزعها في الدماغ، التي تختلف في حال وجود حالة مرضية معينة في إحدى مناطقه. ومن الناحية العملية فإن هذه الاستقصاءات أقل استعمالاً بكثير من التصوير الطبقي المحوري والرنين المغنطيسي.
ـ التصوير بالأمواج فوق الصوتية: تستخدم هذه الطريقة في تصوير شرايين العنق والرأس بالأمواج فوق الصوتية، وفيها يوضع مسبار probeعلى الجلد فوق الشريان المدروس، ويتم إرسال أمواج فوق صوتية بهذا المسبار. ينعكس جزء من هذه الأمواج من على بعض العناصر والأنسجة في الجسم (مثل جدار الشريان والعضلات وغيرها) حيث يتم تحويل الأمواج المنعكسة إلى طاقة كهربائية تعرض على شكل صورة على شاشة الحاسوب، كما يمكن دراسة سرعة واتجاه جريان الدم في الشريان المدروس مما يقدم معلومات مهمة حول وجود تضيق في الشريان ودرجة هذا التضيق.
ولهذا الاختبار أهمية قصوى في تشخيص العديد من حالات الجلطات الدماغية ومعالجتها والوقاية منها، وهو غير مؤلم ويعد من الإجراءات الآمنة جداً نسبياً.
ـ تصوير الشرايين الظليل angiography: وتدخل قثطرة عبر الشريان الفخذي وصولاً إلى شرايين العنق والدماغ وحقن مادة ظليلة ضمن الأوعية ثم أخذ الصور الشعاعية، ويمكن بهذه الطريقة رؤية لمعة الشرايين والأوردة بدقة ومن ثم دراسة وجود تضيق شرياني أو خثار وريدي أو تشوهات وعائية وغير ذلك.
(الصورة رقم 4) صورة بطريقة "SPECT" في مريض يعاني داء ألزهايمر يلاحظ وجود نقص في التروية الدموية في المناطق الصدغية والجدارية من الدماغ. |
إن تصوير الشرايين الظليل هو من الإجراءات الآمنة نسبياً عندما يتم بأيد خبيرة، إلا أنه لايخلو من احتمال حدوث مضاعفات ومنها: حدوث قصور كلوي، وحدوث جلطة دماغية (بمعدل أقل من 1 لكل 1000 مريض)، وحدوث ورم دمويhematoma في منطقة إدخال القثطرة بالشريان الفخذي، أو حدوث تحسس من المادة الظليلة.
(الصورة رقم 5) مخطط كهربائية الدماغ. |
ـ تخطيط كهربائية الدماغ: تسجيل (الإشارات) الكهربائية التي يصدرها الدماغ، ويكون ذلك بوساطة أقراص معدنية صغيرة متصلة بأسلاك توضع في مواقع معينة على فروة الرأس.
لتخطيط كهربائية الدماغ فائدة في تشخيص بعض الحالات المرضية العصبية المهمة (مثل الصرع، واعتلالات الدماغ والموت الدماغي وغيرها)، وكذلك في تحديد الإنذار والتدبير ومتابعة تطور الحالة مع الزمن.
ـ الكمونات المثارة evoked potentials: وهي إشارات كهربائية تصدر من الجهاز العصبي كاستجابة لمنبهات حسية (ومنها: السمعية، والحسية، والحركية، أو البصرية حيث يتم إحداث منبه بصري معين ومن ثم تسجل الإشارة الصادرة عن منطقة الدماغ المسؤولة عن الرؤية)، وتعد بشكل عام امتداداً للفحص السريري للجملة العصبية، فهي تفيد في التحقق من وجود خلل وظيفي في جزء ما من الجهاز العصبي عندما تكون الموجودات السريرية غير حاسمة.
ـ تخطيط الأعصاب والعضلاتelectromyography:
أـ تخطيط كهربائية الأعصاب: يجري تخطيط كهربائية الأعصاب لدراسة قدرتها على نقل المنبهات الكهربائية، ويكون ذلك بإحداث تنبيه كهربائي (بوساطة ما يدعى مسرى كهربائي (الكترود) منبِّه stimulating electrode) في منطقة معينة من الجلد فوق مسار عصب معين، ومن ثم استقبال هذا المنبه (بوساطة ما يدعى مساري كهربائية مسجِّلة recording electrodes) في منطقة أخرى على مسار هذا العصب، بوساطة قياسات عدة، وبدراسة سرعة انتقال المنبه وحجم هذا التنبيه يمكن استخلاص نتائج مهمة عن سلامة وظيفة العصب المدروس أو اضطرابها.
(الصورة رقم 6) تخطيط إحدى عضلات اليد. |
3ـ الدراسات النسيجية والخلوية: وتعتمد على أخذ عينات من الجهاز العصبي ودراستها مجهرياً.
ـ فحص السائل الدماغي الشوكي (البزل القطني): تقوم عناصر معينة من الدماغ (ولاسيما ما يدعى بالضفائر المشيمية) بإفراز سائل رائق عقيم بشكل دائم. يملأ هذا السائل تجاويف الدماغ كما يحيط به وبالنخاع الشوكي من الخارج ويعاد امتصاصه دوماً.
تطرأ على هذا السائل تبدلات معينة في بعض الأمراض التي تصيب الجهاز العصبي مثل التهاب السحايا والنزف تحت العنكبوتية وبعض التهابات الأعصاب وغيرها، ومن هنا فإن دراسة نموذج من هذا السائل قد يكون مهماً عند الشك بوجود أحد هذه الأمراض.
يحصل على نموذج من السائل الدماغي الشوكي بوساطة إبرة خاصة تدخل في الفواصل بين الفقرات في أسفل الظهر إلى أن تصل إلى القناة المحيطة بالنخاع الشوكي ومن ثم تؤخذ الكمية اللازمة لإجراء فحوصات معينة (مثل تعداد الكريات البيض والحمر والتحري عن وجود جراثيم وغير ذلك).
وبالرغم من أن هذا الإجراء هيِّن وعديم الخطورة في معظم الحالات، إلا أنه لايخلو من احتمال حدوث مضاعفات منها الصداع، أو تجمع دموي داخل القناة الشوكية أو حدوث تخريش سحائي أو رؤية مزدوجة أو غير ذلك.
ـ الخزعة biopsy: يمكن أخذ نموذج صغير من نسيج العصب أو حتى الدماغ لدراستها تحت المجهر، هذا وقد أدى تطور الوسائل التشخيصية الأخرى وتزايد فائدتها العملية إلى تضاؤل دور الخزعة في تشخيص الأمراض العصبية، على نحو تندر الحاجة إليها إلا في حالات الأورام وبعض الأمراض الوراثية أو الالتهابية.
ـ الفحوص الوراثية genetic testing: شهدت العقود الأخيرة تطوراً سريعاً ومهماً في تفهم ودراسة الأمراض الوراثية للجهاز العصبي، وقد أصبح بالإمكان إجراء فحوصات الدنا DNA(الحمض الريبي النووي المنقوص الأكسجين) وغيرها من الفحوصات التي تساعد على تشخيص العشرات من الأمراض العصبية (منها بعض أمراض العضلات والتخلف العقلي واضطراب التوازن وغيرها)، ويتم ذلك عادةً من خلال فحص خلايا من دم المريض.
هذا ويمكن الاستفادة من تلك الفحوصات أيضاً في تشخيص الحالة قبل أن تبدأ أعراضها بالظهور (وأحياناً قبل الولادة)، وكذلك في تشخيص المريض الحامل لمرض معين carrier(والذي قد يقوم بنقله إلى ذريته من دون ظهور أعراض المرض).
قطعت الفحوصات والاستقصاءات الشعاعية وغيرها شوطاً كبيراً في المساعدة على تشخيص أمراض الجهاز العصبي وتدبيرها؛ ويلاحظ إن التطور التقني واستمرار البحث العلمي على نحو كثيف وحثيث يَعِدُ بإضافة الجديد من الوسائل التشخيصية على الدوام، ووضعها في خدمة الطبيب بهدف الوصول إلى تشخيص أدق وفهم أفضل للأمراض التي تصيب الجهاز العصبي، ومن ثمَّ تقديم العلاج الأمثل لمرضاه.
طارق وزان