القطط حيوانات أليفة نشأت في الأماكن المأهولة بالسكان، وكلٌّ منا لديه ذكريات وقصص لازالت عالقة في أذهاننا منذ الصغر عن هذه الحيوانات الأليفة والمتميزة بجمالها وبراءتها.
لكن برغم من جمال هذه الحيوانات ومحاولاتها للتودد للإنسان، فقد نسجت الكثير من الخرافات والتي أعطت نظرةً سلبيةً عنها خصوصًا القطط السوداء.
لاتخلى الأساطير القديمة والقصص التاريخية من دور هذه الحيوانات، فقد قدس الفراعنة والرومان القدماء القطط واعتبروها آلهةً ورغم كل ذلك ارتبط اسمها بقصص الساحرات والمشعوذات.
ولكن يبقى العلم هو الحاكم الأخير والذي سوف يفسر مدى تعلق هذه الحيوانات بالإنسان ورغبتها بالعيش بجواره.
اشترك ثلاثة باحثين من جامعة مدينة اركونا وجامعة المونموث في دراسة قططٍ لاختبار ولائها لمالكيها، وكانت نتيجة البحث أن هذه القطط تحب الإنسان أكثر من المتوقع.
اشتهرت القطط بسمعتها السيئة حول علاقتها بالانسان فالبعض نعتها بأنها حيواناتٌ منغلقةٌ على نفسها والبعض يعتقد أن وجودها بقرب الانسان مصدره رغبتها في الحصول على الغذاء فقط.
لكن هذه الدراسة الجديدة أثبتت أن القطط تحب مالكيها عكس الاعتقادات السابقة.
أشار الباحثون إلى وجود سوء فهمٍ حول القطط، حيث وجدوا أن للقطط قدرة الإدراك الاجتماعي (socio-cognitive) والذي يعني اكتسابها الخبرة من خلال مراقبة سلوك مالكيها إضافةً إلى امتلاكها القدرة على حل المشاكل.
ومن جانبٍ آخر، يعتقد البعض أن القطط اقل تفاعلًا مع الحوافز الاجتماعية ورجَّح الباحثون السبب إلى عدم المعرفة بالأشياء المحفزة للقطط.
ولدراسة درجة تحفيز القطط أو حبها لأمورٍ معينة، أجرى الباحثون اختبارًا تضمن مجموعتين من القطط، كل مجموعة تحتوي على 19 قطة، مجموعة من القطط تعيش مع مالكيها والمجموعة الأخرى تعيش في مأوى للقطط.
احتجزت القطط لساعتين ونصف الساعة ثم راقبوا تفاعلها مع واحدةٍ من الفئات الاربعة: الغذاء، الروائح، الألعاب وتفاعلها مع الإنسان. وقد مزج الباحثون السلوك التحفيزي للقطط للحصول على أفضل قراءةٍ ومعرفة مع أي حافز تفاعلت القطط أكثر.
وقد حكم الباحثون على درجة تفضيلهم للحوافز من خلال أي حافز فضلت القطط أولًا وكيفية وطول فترة تفاعلها مع ذلك الحافز.
ذكر الباحثون وجود تباينٍ بين القطط بغض النظر عن نوع المأوى، لكن بشكلٍ عام، تفضل القطط التفاعل الاجتماعي مع الانسان، نصف عدد القطط فضلت التفاعل مع الانسان أكثر من أي شيءٍ آخر حتى أكثر من الطعام-قضت القطط 65% من وقتها وهي تتفاعل مع الأشخاص.
اقترحت نتائج الدراسة أن القطط تفضل التواجد مع الانسان على الرغم من الكيفية التي يتصرفون بها.
الخلاصة:
تنخرط القطط المحلية (Felis silvestris catus) أو تندمج بعلاقاتٍ مختلفةٍ مع الانسان ويمكن أن يكون مدى انخراطها أو ندماجها مع البشر معتمدًا على أساليب بافلوفية-Pavlovian (وهو مصطلح معروف في علم النفس ظهر على يد العالم الروسي ايفان بافلوف والذي يعني دراسة استجابة الحيوان إلى عاملٍ مثير (مثلا الطعام) ويربط سلوك الحيوان بهذا العامل المثير) والأساليب الفعالة.
ولزيادة دراسة إدراك القطط، زود الباحثون أدلةً علميةً حول الإدراك الاجتماعي للقطط وقابليتها على حل مشاكل معينة. ومع هذا، ظل الاعتقاد السائد أن القطط ليست اجتماعيةً أو مؤهلةً للتدريب.
ربما يعود هذا الاعتقاد إلى عدم معرفة الأساليب التي تحفز القطط، وهذا يزيد الحافز لتكريس الجهود لدراسة هذا الجانب.
بحثت الدراسة الحالية ماذا تفضل القطط المحلية على مستوى الفرد أو المجتمع باستخدام أساليب تفضيلية (بمعنى آخر، إعطاء الحرية للقطط لاختيار ماتفضلة).
عُرضت مجموعتين من القطط البالغة (القطط التي تعيش مع مالكيها والقطط التي تعيش في مأوى) إلى ثلاثة حوافز لكلٍّ من الفئات الأربعة التالية: تفاعلها مع الانسان، الطعام، الألعاب والروائح. وسُجلت نسبة الوقت الذي تقضيه للتفاعل مع الحافز.
قدم الحافز الأكثر استجابةً للقطط من الفئات الأربعة في نهاية الجلسة لتحديد العامل الأكثر تحفيزًا لكل قطة.
على الرغم من وجود تباينٍ واضح بما تفضله القطط، كان التفاعل الاجتماعي للقطط مع الانسان هو أكثر الحوافز التي تفضلها من بين الحوافز الاربعة ومن ثم يتبعها الطعام.
وهذه النتيجة كانت لكلٍّ من قطط المنازل والملاجىء. يمكن أن تبنى الأبحاث المستقبلية على نتائج البحث الحالي باستخدام الحوافز المفضله لدى القطط لإغناء الاعدادات التطبيقية وتقييم حافز كل قطه للعمل على الحافز الأكثر تفضيلًا لقياس كفاءتها (اي بالإمكان أن ندرس ماذا تفضل القطط لكي تتفاعل مع الألعاب مثلا). وبالتالي بالإمكان أن ندرس أية ظروفٍ تحفز القطط أكثر.