عطيه (رشيد)
Atyyah (Rashid-) - Atyyah (Rashid-)
عطية (رشيد ـ)
(نحو 1299ـ 1375هـ/1880ـ 1956م)
رشيد بن شاهين بن أسعد عطية أديب لغويٌّ، كاتب، صحفي، مدّرس من لبنان، ولد في سوق الغرب في الشوف اللبناني وتعلم فيها، وكان نزّاعاً إلى عشق اللغة العربية وبيانها العريق منذ صغره، وكان يترسّم في ذلك خُطا الشدياق وأسرتي اليازجي والبستاني، كما كان نزّاعاً إلى العمل في الصحافة، فقد شارك في تحرير صحيفة (لسان الحال) ببيروت، ودّرس في المدرسة البطريركية فيها.
سافر سنة 1906 إلى مصر، فعمل محرراً في صحيفة «المقطم» مدّة، ثم عاد إلى بيروت سنة 1908، ثم رحل إلى البرازيل سنة 1913، فأنشأ هناك مجلة «الروايات العصرية» في ريودي جانيرو، كما أنشأ فيها صحيفة «الأخبار»، وصحيفة «فتى لبنان» في سان باولو، وكان مع عمله في الصحافة يُعَلّم اللغة العربية في تلك البلاد، ومن هنا أطلق عليه جورج صيدح لقب شيخ الصحافة ومعلّم اللغة العربية في البرازيل.
اختلف في سنة ولادته ، فذهب نفر ممن ترجم له إلى أن ولادته كانت في سنة 1882، مع أنه طبع كتابه الأول «الدليل إلى مرادف العامي والدخيل» في سنة 1898، وهو كتاب لغوي يدل على نضج في لغة رشيد، ومن غير المعقول أن يكون عمر رشيد عند طباعته أقّل من عشرين عاماً، ولذلك فإن زمن ولادته غير دقيق، ويُرجّح أنه ولد نحو عام 1880.
كان رشيد متعدّد المواهب، فاشتغل على غير صعيد، كسواه من أبناء ذلك الزمان، فعمل في مجالات التدريس والتأليف اللغوي والأدبي، كما كان ناظماً ومؤلفاً مسرحياً على طريقة اللبنانيين الذين سبقوه من أبناء ناصيف اليازجي وسواهم، ولكن الملاحظ على مؤلفاته بروز الجانب اللغوي على الأدبي في شخصية رشيد، ويتجلّى اهتمامه باللغة مبكراً حين أصدر كتابه «الدليل»، ونحو ذلك عمله في تحقيق ديوان البحتري وشرح مفرداته وضبطها. أما نظمه فقد جاء متّمماً لنفَسه اللغوي، كما سخّر قسماً منه للتمثيليات الشعرية، ومنها «جزاء المكر».
وشعر رشيد أقرب إلى نظم العلماء منه إلى شعر الشعراء، وهو يأتي في المرتبة الثالثة بعد اللغة والصحافة، ومن أمثلة ذلك ما جاء في إهداء كتاب «الدليل» لأحد رجال الدين «يوحنا عكة»:
لازالَ فَضْلُكَ منهلاً مَــوْرُودَا
وحِماكَ من كلِّ الورى مقصودا
يا شامةَ العلمِ الذي بجمالهــا
تزدانُ وَجْنَتُهُ بها توريــــدا
لو كانَ نُبْلُ النَّاسِ غرساً ناميـاً
أُلْفِيتَ منه غصنه الأملــودا
أو قِيلَ إنّ المجدَ جُسِّمَ في الورى
يوماً لكنتَ ـ ولاغُلُوَّ ـ الجيــدا
مولايَ كم أَوْلَيْتَني من نعمـةٍ
جعلتنيَ الموموقَ والمحسودا
فلكي أَفي ما من دليلٍ قاطــعٍ
غير ُ «الدليلِ» فلا تُنِلْهُ صُدُودا
واقْبَلْهُ من هذا الحقيرِ هديـَّـةً
ولكَ الثَّنَاءُ منظَّماً منضــودا
لازلتَ لي في النّاسِ أهدى مُرْشِدٍ
كي ما أكونَ لدى الصعابِ رشيدا
خلّف رشيد عدداً من المؤلفات هي: «الدليل إلى مرادف العامي والدخيل»، صدر في بيروت سنة 1898، وهو كتاب لغوي معجمي ذو مقدمة بثلاثة فصول، نشأة اللغة العربية ومفهوم الدخيل ومفهوم العامية، ثم المعجم في هذين المفهومين مرتباً على حروف المعجم، و«الإعراب عن قواعد الأعراب»، في أربعة أجزاء، وهو كتاب لغوي أيضاً، فالجزءان الأولان في النحو واللغة، والأخيران في المعاني والبيان، وقد صدر في بيروت سنة 1900، و«أقرب الوسائل في إنشاء الرسائل»، وهو كتاب تعليمي كما هو واضح من عنوانه، وهدفه أن يقدّم طريقة سهلة لمن يرغب في إنشاء الرسائل، و«جزاء المكر»، وهو تمثيلية شعرية، و«ديوان البحتري» حققه وشرح أبياته وضبط مفرداته، وقد صدر في بيروت سنة 1911.
ويمكن القول إن منزلة رشيد عطية ظهرت في صعيدين: الصعيد اللغوي، وقد أسهم إسهاماً كبيراً في تخليص اللغة العربية من الشوائب التي علقت بها في كتابه «الدليل»، ثم حَدَّد القواعد المعروفة لهذه اللغة في كتابه «الإعراب» وطبّق ذلك كلّه في تحقيق «ديوان البحتري»، وهذا إنجاز مشهودٌ له في تلك الفترة. أما الصعيد الآخر فهو في مجال الصحافة، وقد عمل طوال عمره لرفع راية الصحافة العربية وتطورها في الوطن والمهجر.
خليل الموسى
Atyyah (Rashid-) - Atyyah (Rashid-)
عطية (رشيد ـ)
(نحو 1299ـ 1375هـ/1880ـ 1956م)
رشيد بن شاهين بن أسعد عطية أديب لغويٌّ، كاتب، صحفي، مدّرس من لبنان، ولد في سوق الغرب في الشوف اللبناني وتعلم فيها، وكان نزّاعاً إلى عشق اللغة العربية وبيانها العريق منذ صغره، وكان يترسّم في ذلك خُطا الشدياق وأسرتي اليازجي والبستاني، كما كان نزّاعاً إلى العمل في الصحافة، فقد شارك في تحرير صحيفة (لسان الحال) ببيروت، ودّرس في المدرسة البطريركية فيها.
سافر سنة 1906 إلى مصر، فعمل محرراً في صحيفة «المقطم» مدّة، ثم عاد إلى بيروت سنة 1908، ثم رحل إلى البرازيل سنة 1913، فأنشأ هناك مجلة «الروايات العصرية» في ريودي جانيرو، كما أنشأ فيها صحيفة «الأخبار»، وصحيفة «فتى لبنان» في سان باولو، وكان مع عمله في الصحافة يُعَلّم اللغة العربية في تلك البلاد، ومن هنا أطلق عليه جورج صيدح لقب شيخ الصحافة ومعلّم اللغة العربية في البرازيل.
اختلف في سنة ولادته ، فذهب نفر ممن ترجم له إلى أن ولادته كانت في سنة 1882، مع أنه طبع كتابه الأول «الدليل إلى مرادف العامي والدخيل» في سنة 1898، وهو كتاب لغوي يدل على نضج في لغة رشيد، ومن غير المعقول أن يكون عمر رشيد عند طباعته أقّل من عشرين عاماً، ولذلك فإن زمن ولادته غير دقيق، ويُرجّح أنه ولد نحو عام 1880.
كان رشيد متعدّد المواهب، فاشتغل على غير صعيد، كسواه من أبناء ذلك الزمان، فعمل في مجالات التدريس والتأليف اللغوي والأدبي، كما كان ناظماً ومؤلفاً مسرحياً على طريقة اللبنانيين الذين سبقوه من أبناء ناصيف اليازجي وسواهم، ولكن الملاحظ على مؤلفاته بروز الجانب اللغوي على الأدبي في شخصية رشيد، ويتجلّى اهتمامه باللغة مبكراً حين أصدر كتابه «الدليل»، ونحو ذلك عمله في تحقيق ديوان البحتري وشرح مفرداته وضبطها. أما نظمه فقد جاء متّمماً لنفَسه اللغوي، كما سخّر قسماً منه للتمثيليات الشعرية، ومنها «جزاء المكر».
وشعر رشيد أقرب إلى نظم العلماء منه إلى شعر الشعراء، وهو يأتي في المرتبة الثالثة بعد اللغة والصحافة، ومن أمثلة ذلك ما جاء في إهداء كتاب «الدليل» لأحد رجال الدين «يوحنا عكة»:
لازالَ فَضْلُكَ منهلاً مَــوْرُودَا
وحِماكَ من كلِّ الورى مقصودا
يا شامةَ العلمِ الذي بجمالهــا
تزدانُ وَجْنَتُهُ بها توريــــدا
لو كانَ نُبْلُ النَّاسِ غرساً ناميـاً
أُلْفِيتَ منه غصنه الأملــودا
أو قِيلَ إنّ المجدَ جُسِّمَ في الورى
يوماً لكنتَ ـ ولاغُلُوَّ ـ الجيــدا
مولايَ كم أَوْلَيْتَني من نعمـةٍ
جعلتنيَ الموموقَ والمحسودا
فلكي أَفي ما من دليلٍ قاطــعٍ
غير ُ «الدليلِ» فلا تُنِلْهُ صُدُودا
واقْبَلْهُ من هذا الحقيرِ هديـَّـةً
ولكَ الثَّنَاءُ منظَّماً منضــودا
لازلتَ لي في النّاسِ أهدى مُرْشِدٍ
كي ما أكونَ لدى الصعابِ رشيدا
خلّف رشيد عدداً من المؤلفات هي: «الدليل إلى مرادف العامي والدخيل»، صدر في بيروت سنة 1898، وهو كتاب لغوي معجمي ذو مقدمة بثلاثة فصول، نشأة اللغة العربية ومفهوم الدخيل ومفهوم العامية، ثم المعجم في هذين المفهومين مرتباً على حروف المعجم، و«الإعراب عن قواعد الأعراب»، في أربعة أجزاء، وهو كتاب لغوي أيضاً، فالجزءان الأولان في النحو واللغة، والأخيران في المعاني والبيان، وقد صدر في بيروت سنة 1900، و«أقرب الوسائل في إنشاء الرسائل»، وهو كتاب تعليمي كما هو واضح من عنوانه، وهدفه أن يقدّم طريقة سهلة لمن يرغب في إنشاء الرسائل، و«جزاء المكر»، وهو تمثيلية شعرية، و«ديوان البحتري» حققه وشرح أبياته وضبط مفرداته، وقد صدر في بيروت سنة 1911.
ويمكن القول إن منزلة رشيد عطية ظهرت في صعيدين: الصعيد اللغوي، وقد أسهم إسهاماً كبيراً في تخليص اللغة العربية من الشوائب التي علقت بها في كتابه «الدليل»، ثم حَدَّد القواعد المعروفة لهذه اللغة في كتابه «الإعراب» وطبّق ذلك كلّه في تحقيق «ديوان البحتري»، وهذا إنجاز مشهودٌ له في تلك الفترة. أما الصعيد الآخر فهو في مجال الصحافة، وقد عمل طوال عمره لرفع راية الصحافة العربية وتطورها في الوطن والمهجر.
خليل الموسى