Echolocation الاستشعار بالصدى وسيلة للتوجه

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • Echolocation الاستشعار بالصدى وسيلة للتوجه

    استشعار بصدي

    Echolocation - Echolocation

    الاستشعار بالصدى

    يمثل الاستشعار بالصدى echolocation وسيلة للتوجه، يعتمد مبدؤها على إدراك الحيوان صدى أصوات يصدرها لهذه الغاية، فيتمكن بفضله من إدراك العوائق واقتناص الفرائس والإلمام بالوسط، إذ تتمتع الحيوانات بمجموعة رائعة من آليات فذة التصميم تستخدمها في الاتصال الحيواني [ر] ويستفيد من معرفتها العقل البشري في إنجازاته العلمية الباهرة في ميادين الاتصالات المتقدِّمة. والمهم هنا من هذه الآليات ما يعتمد على الأمواج الصوتية، بوصفها إشارات يستطلع الحيوان منها جانباً مهماً من الوسط الذي يعيش فيه، كما يستخدمها لغة للاتصال بين أفراد النوع الواحد. فالأصوات تبدي كل خصائص الحركة الموجية، وتصلح هذه الخصائص لنقل معلومات دقيقة عن الأجسام التي تبثها أو تعكسها ارتداداً فيما يسمى ظاهرة الصدى echo. إن من بعض الطرائق الفعالة التي تستخدمها الحيوانات للاستفادة من رجع الصدى ما يعرف باسم الاستشعار بالصدى، فالخفافيش مثلاً اهتدت في تاريخ تطورها إلى الاستفادة من رجع الصدى في تعرف عناصر بيئتها وتوظيفه في صوغ سلوكها ضمن بيئة قد يكون الصوت فيها الوسيلة المناسبة الوحيدة التي تتيح لها بلوغ أهدافها وتحقيق توجهاتها. وبهذه الوسيلة تمكنت الخفافيش من الطيران السريع في المسالك المعقدة والملتوية في كهوفها في الظلام، متفادية هوابط تلك الكهوف ومتحاشية اصطدام الأقران فيما بينها ومحققة الأداء الرفيع في الإنجاز.
    الشكل (1) تحليل الطيف الصوتي الذي تحمله صرخة الخفاش التي تفوق في تواترها حدود سمع الإنسان. يمثل الشكل العلوي صرختين لخفاش يطارد حشرة (الخطوط الثخينة) وأصداءها بين صرختين (الخطوط الرفيعة)، في حين يمثل الشكل السفلي صرختين لخفاش يحوم في السماء.
    وإذا كان للخفاش أن يعتمد صدى الأمواج الصوتية في الهواء وسيلة كفيَّةً في استشعاره وسلوكه، فإن الدلفين لا يقل عنه باعاً في الاستفادة من الأمواج الصوتية في الماء على نحو مشابه. فهناك الكثير من أوجه التشابه في الخصائص بين الأمواج المائية والأمواج الهوائية. صحيح أن الأمواج المائية تتخامد سريعاً وقد تشوشها التيارات المائية والرياح على صفحة الماء، ولكنها مع ذلك تصلح لحمل بعض المعلومات لما يستقبلها من الخنافس والحشرات المائية في البرك والجداول مثلاً. أما الصوت في الماء فإنه يختلف عن الضوء كوسيلة للاتصال والتوجيه داخل البحار والمحيطات والأنهار الكبيرة، لكونه يقوى على الانتقال داخل الماء شوطاً يفوق شوط اختراق الضوء للماء. وبالفعل فإن المحيطات التي تبدو صامتة، تضج بأنواع الأصوات التي تتبادلها الحيوانات البحرية أداءً وسمعاً ومدلولاً. وقد أمكن باستخدام التقانة المتقدمة تسجيل أصوات متنوعة تؤلف «مفردات» للاتصال فيما بين أفراد الدلفين، وإشارات لاستشعار البيئة من حولها. فالدلفين يجوب البحر بحثاً عن الطعام وهو يطلق صريراً ضعيفاً لا يمكن اكتشافه إلا بأجهزة الإصغاء الحساسة تحت الماء، ويتألف ذلك الصرير من سلسلة من قرقعات تتكرر بمعدلات مختلفة. ويزداد المعدل أحياناً ليصبح مثل صوت البَشْرِ rasp أو الأزيز. وتبين التجارب الموثوقة أن الدلفين يكتشف فريسته من السمك مما يستقبله من صدى الصرير الذي يبعثه باتجاه الفريسة بعد أن يرتد الصرير عنها. والأهم من ذلك أن الدلفين يميز هذا الصدى من الأصداء الأخرى المرتدة عن القاع والسطح والضفاف وكذلك عن الأحجار والنباتات المائية وغيرها مما هو موجود داخل الماء. ويستفيد الدلفين في دقة اكتشافه لصدى أصواته تحت الماء من حقيقتين: أولاهما اتساع مجال تواترات الأصوات frequency التي يطلقها وثانيتهما اتساع مدى السمع لديه. فلقد بينت الاختبارات أن الدلفين يسمع أصواتاً ينخفض تواترها إلى 150 ذبذبة في الثانية. كما يسمع أصواتاً يرتفع تواترها إلى 150000 ذبذبة في الثانية. أضف إلى ذلك أن الدلفين ربما امتلك في تاريخه التطوري أذنين ودماغاً تكيفت بدقة لفرز مكونات الصدى من المزيج المعقد للأصوات التي تطرق أذنيه.
    الشكل (2) اختلاف التواتر الصوتي لكل صرخة يطلقها الخفاش البني باتجاه فريسته بهدف استشعار ما يرتد عنها من صدى باتجاه أذنيه.
    وإن الخفافيش، لكونها حيوانات ليلية النشاط، تقضي نهارها قابعة في الكهوف وتطير ليلاً لاقتناص فرائسها، لا تملك العيون الكبيرة التي يتصف بها البوم وتمكنها من الرؤية في الظلام، بل تملك آذاناً كبيرة تستقبل أصداء أصواتها المتميزة؛ فالخفافيش تطلق في أثناء طيرانها دفقات صوتية عالية التواتر لا يسمعها الإنسان، بل يتعرفها بالأجهزة الإلكترونية المناسبة، كما تطلق أصوات ضوضاء يكاد أن يسمعها المرء بالإصغاء المجرد إن هو حاول ذلك، ويراوح تواتر هذه الأصوات الأخيرة بين 5000 ـ 10000 ذبذبة في الثانية. وإذا ما سُدَّ فم الخفاش أو أذناه بسدادات مناسبة، فإنه لايقوى على تفادي الاصطدام بالعوائق في بيئته ولا يتقن الوصول إلى فريسته والإمساك بها، وهكذا برهن غريفن Griffen على أن الخفاش يوجه نفسه في طيرانه بوساطة دفقات قصيرة من أصوات عالية التواتر «صرخات توجيهية» ترتد عن الأشياء الصلبة التي تصطدم بها، فتستقبل أصداءها أذناه ويعالج مدلولاتِها دماغه ويستجيب سلوكه في أداء رفيع الإنجاز (الشكل ـ1).
    ولعل أبسط نماذج الصرخات التوجيهية هذه صرخات خفافيش نعل الفرس horseshoe bat ذات التواتر الوحيد الذي يراوح بين 60 ألفاً و 120ألفاً بحسب النوع. وتدوم الصرخة الواحدة مدة 50 - 100 ملي ثانية، أما الخفافيش آكلة الفواكه فإنها تطلق أصواتاً خاطفة (مدة الصرخة أقل من ثلاث ثوان) ذات تواترات تتفاوت بين 10 آلاف و150 ألف ذبذبة في الثانية.
    وكما يشير الشكل 2، فإن صوت التوجيه الواحد (الصرخة) الذي يطلقه الخفاش البني brown bat يضم 50 موجة صوتية تقريباً، ولا يزيد الطول الموجي للأمواج الأولى على نصف الطول الموجي للأمواج الأخيرة في الصرخة الواحدة.
    ويستمر إصدار الحيوان لسلسلة الصرخات بوساطة الفم (أو عن طريق المنخرين في حالة خفاش نعل الفرس) بتكرار مختلف. فعندما يحوم الحيوان في الجو يكرر صرخاته بمعدل 5 ـ 30 صرخة في الثانية، وعندما يقترب من شيء ما في وسطه (ولاسيما في أثناء الانقضاض على الفريسة أو النزول إلى الأرض) يزداد تكرار الصرخات إلى حد أقصاه 250 صرخة في الثانية، كما يقل في الوقت نفسه زمن الصرخة الواحدة. وإنه لمما يلفت النظر أن فراشات الليل التي تعد الفرائس المفضلة لبعض أنواع الخفاش آكلة الحشرات تكون مزودة بكساء من الشعر يقلل الانعكاس الصوتي عن أجسامها، و يعيق ظاهرة استشعار الخفاش للصدى المرتد عنها، ،هذا ما يطلق عليه اسم «التمويه الصوتي» acoustic camouflage.
    زياد القطب
يعمل...
X