عظم (خالد)
Al-Azm (Khalid-) - Al-Azm (Khalid-)
العظم (خالد ـ)
(1903 ـ 1965)
رجل دولة وسياسي محنك، أدى دوراّ بارزاّ في تاريخ سورية وبناء اقتصادها في أربعينيات وخمسينيات القرن العشرين.
ولد خالد العظم في حي سوق ساروجة بدمشق. وهو ينحدر من عائلة معروفة بالوجاهة والغنى الواسع. كان والده، محمد فوزي باشا العظم، من كبار أعيان دمشق، تقلد العديد من المناصب الرفيعة في عهد السلطنة العثمانية (رئيس بلدية دمشق ونائب عن دمشق في مجلس النواب العثماني ووزير أوقاف … وغير ذلك).
عاش خالد العظم حياة مترفة، وكان الابن الوحيد الذي بقي حياّ لوالده بعد وفاة شقيقين له. تلقى علومه الأولية في مدرسة تديرها سيدات فرنسيات، ثم انتقل إلى مدرسة الشيخ كامل القصاب الابتدائية.
عندما تولى والده وزارة الأوقاف انتقلت العائلة للعيش في اصطنبول، حيث التحق بمدرسة «غلطة سراي» التي يشرف عليها مدرسون فرنسيون، وبعد العودة إلى دمشق درس في المدرسة التجارية، ثم التحق بالتجهيز السلطانية. وفي عام 1919 انتسب الى كلية الحقوق بدمشق. بعد وفاة والده استلم أعماله التجارية، وأسس شركة الإسمنت الوطنية وغيرها من الشركات المساهمة. شغل رئاسة الغرفة الصناعية السورية، وعمل مستشاراً لدى بلدية دمشق 1938ـ 1940، وعرف عنه ولعه بالرسم والتصوير.
بدأت حياته السياسية عندما سمي وزيراً للعدلية والخارجية في وزارة نصوح البخاري عام 1939. وبين عامي 1943 و1962 شارك في أربع وزارات شغل فيها حقائب: المالية والإعاشة والخارجية والدفاع الوطني، كما تقلد منصب رئيس الوزراء خمس مرات، ونجح نائباً عن دمشق في انتخابات 1943 و1954 و1961، وفي عام 1947عين وزيراً مفوضاً لسورية في فرنسا. وفي 1949 اعتقله قائد الانقلاب حسني الزعيم وأجبره على الاستقالة من رئاسة الوزراء. ترأس الوفد السوري إلى مؤتمر باندونغ لحركة عدم الانحياز عام 1955. وشكل في المجلس النيابي «الكتلة الديمقراطية» وقوامها 38 نائباّ. وكان منصب رئيس الجمهورية مطمحاً له، فترشح في انتخابات 1955 منافساً لشكري القوتلي ولكنه لم ينجح.
غاب عن مسرح السياسة إبان الوحدة مع مصر، وعاد إليه في فترة الانفصال نائباً عام 1961، ورئيساً للوزراء عام 1962. وبقي في هذا المنصب حتى سقوط حكم الانفصال في 8 آذار 1963، حين لجأ إلى القنصلية التركية، وبقي فيها إلى أن سمح له بمغادرة البلاد، فرحل إلى بيروت وأقام فيها حتى وفاته.
كان خالد العظم ممثلاً للبرجوازية الوطنية المتنورة، وعرف بمرونته السياسية والتفاوضية. وارتبطت باسمه جملة من المواقف والإنجازات:
سياسياً:
عارض الاحتلال الفرنسي، ولكنه لم يكن دائماً حاسماً في معارضته، ووقف في وجه التحالف مع العراق، وواجه ضغوط الدول الغربية على سورية، خصوصاً بعد رفض هذه الدول تقديم المساعدات لسورية وتسليح جيشها، وأبدى حماساً للتعاون العسكري والاقتصادي مع الاتحاد السوڤييتي سابقاً والدول الاشتراكية الأخرى.
في عام 1956 لعب دوراً مهماً في تشكيل جبهة التجمع القومي داخل المجلس النيابي من نواب الكتلة الديمقراطية، ونواب حزب البعث العربي الاشتراكي، والنائب الشيوعي الوحيد خالد بكداش، وعدد من النواب المستقلين. وحظيت الجبهة بدعم ضباط الجيش، وأصبح لها وزن كبير في رسم سياسة البلاد الداخلية والخارجية على أساس ميثاق التجمع القومي الذي أقرته. وكانت له تحفظات على الوحدة مع مصر منها، معارضة نظام الحكم الرئاسي، وحل الأحزاب، والمطالبة بتحقيق الوحدة على أساس التدرج واللامركزية، إلا أنه صوّت إلى جانب إعلان الوحدة في البرلمان.
اقتصادياً:
حل مشكلة الخبز التي تفاقمت عام 1941، بسبب جشع أصحاب المطاحن وتجار الحبوب، وأدت إلى مظاهرات شعبية واسعة، وأدار المفاوضات مع فرنسا لاستعادة المصالح المشـتركة (إدارة الجمارك، إدارة حصر التبغ والتنباك، البريد والبرق، ترامواي وكهرباء دمشق … وغيرها). وارتبط باسمه، خصوصاً، إلغاء الوحدة الجمركية مع لبنان، وفك ارتباط النقد السوري بالفرنك الفرنسي وإنشاء مرفأ اللاذقية.
كان خالد العظم يؤمن بقدسية الملكية الخاصة لأنها حافز للجهد الفردي، ولكنه في الوقت نفسه رفض الاحتكار، وكان من مشجعي إنشاء الشركات المساهمة في المشروعات الكبيرة. آمن بالتطور التدريجي وعارض قيام الثورات الاجتماعية لأنها تعوق الإنتاج وتؤدي إلى هروب رؤوس الأموال. لم يعارض التأميم شريطة أن تدفع الدولة قيمة الممتلكات المؤممة من الخزينة العامة وعلى أقساط طويلة الأمد. وكان يرى أن يقتصر دور الدولة الاقتصادي على حماية المنتجين المحليين من المزاحمة الأجنبية، وحماية المستهلك من جشع هؤلاء.
أحمد مكيّس
Al-Azm (Khalid-) - Al-Azm (Khalid-)
العظم (خالد ـ)
(1903 ـ 1965)
رجل دولة وسياسي محنك، أدى دوراّ بارزاّ في تاريخ سورية وبناء اقتصادها في أربعينيات وخمسينيات القرن العشرين.
عاش خالد العظم حياة مترفة، وكان الابن الوحيد الذي بقي حياّ لوالده بعد وفاة شقيقين له. تلقى علومه الأولية في مدرسة تديرها سيدات فرنسيات، ثم انتقل إلى مدرسة الشيخ كامل القصاب الابتدائية.
عندما تولى والده وزارة الأوقاف انتقلت العائلة للعيش في اصطنبول، حيث التحق بمدرسة «غلطة سراي» التي يشرف عليها مدرسون فرنسيون، وبعد العودة إلى دمشق درس في المدرسة التجارية، ثم التحق بالتجهيز السلطانية. وفي عام 1919 انتسب الى كلية الحقوق بدمشق. بعد وفاة والده استلم أعماله التجارية، وأسس شركة الإسمنت الوطنية وغيرها من الشركات المساهمة. شغل رئاسة الغرفة الصناعية السورية، وعمل مستشاراً لدى بلدية دمشق 1938ـ 1940، وعرف عنه ولعه بالرسم والتصوير.
بدأت حياته السياسية عندما سمي وزيراً للعدلية والخارجية في وزارة نصوح البخاري عام 1939. وبين عامي 1943 و1962 شارك في أربع وزارات شغل فيها حقائب: المالية والإعاشة والخارجية والدفاع الوطني، كما تقلد منصب رئيس الوزراء خمس مرات، ونجح نائباً عن دمشق في انتخابات 1943 و1954 و1961، وفي عام 1947عين وزيراً مفوضاً لسورية في فرنسا. وفي 1949 اعتقله قائد الانقلاب حسني الزعيم وأجبره على الاستقالة من رئاسة الوزراء. ترأس الوفد السوري إلى مؤتمر باندونغ لحركة عدم الانحياز عام 1955. وشكل في المجلس النيابي «الكتلة الديمقراطية» وقوامها 38 نائباّ. وكان منصب رئيس الجمهورية مطمحاً له، فترشح في انتخابات 1955 منافساً لشكري القوتلي ولكنه لم ينجح.
غاب عن مسرح السياسة إبان الوحدة مع مصر، وعاد إليه في فترة الانفصال نائباً عام 1961، ورئيساً للوزراء عام 1962. وبقي في هذا المنصب حتى سقوط حكم الانفصال في 8 آذار 1963، حين لجأ إلى القنصلية التركية، وبقي فيها إلى أن سمح له بمغادرة البلاد، فرحل إلى بيروت وأقام فيها حتى وفاته.
كان خالد العظم ممثلاً للبرجوازية الوطنية المتنورة، وعرف بمرونته السياسية والتفاوضية. وارتبطت باسمه جملة من المواقف والإنجازات:
سياسياً:
عارض الاحتلال الفرنسي، ولكنه لم يكن دائماً حاسماً في معارضته، ووقف في وجه التحالف مع العراق، وواجه ضغوط الدول الغربية على سورية، خصوصاً بعد رفض هذه الدول تقديم المساعدات لسورية وتسليح جيشها، وأبدى حماساً للتعاون العسكري والاقتصادي مع الاتحاد السوڤييتي سابقاً والدول الاشتراكية الأخرى.
في عام 1956 لعب دوراً مهماً في تشكيل جبهة التجمع القومي داخل المجلس النيابي من نواب الكتلة الديمقراطية، ونواب حزب البعث العربي الاشتراكي، والنائب الشيوعي الوحيد خالد بكداش، وعدد من النواب المستقلين. وحظيت الجبهة بدعم ضباط الجيش، وأصبح لها وزن كبير في رسم سياسة البلاد الداخلية والخارجية على أساس ميثاق التجمع القومي الذي أقرته. وكانت له تحفظات على الوحدة مع مصر منها، معارضة نظام الحكم الرئاسي، وحل الأحزاب، والمطالبة بتحقيق الوحدة على أساس التدرج واللامركزية، إلا أنه صوّت إلى جانب إعلان الوحدة في البرلمان.
اقتصادياً:
حل مشكلة الخبز التي تفاقمت عام 1941، بسبب جشع أصحاب المطاحن وتجار الحبوب، وأدت إلى مظاهرات شعبية واسعة، وأدار المفاوضات مع فرنسا لاستعادة المصالح المشـتركة (إدارة الجمارك، إدارة حصر التبغ والتنباك، البريد والبرق، ترامواي وكهرباء دمشق … وغيرها). وارتبط باسمه، خصوصاً، إلغاء الوحدة الجمركية مع لبنان، وفك ارتباط النقد السوري بالفرنك الفرنسي وإنشاء مرفأ اللاذقية.
كان خالد العظم يؤمن بقدسية الملكية الخاصة لأنها حافز للجهد الفردي، ولكنه في الوقت نفسه رفض الاحتكار، وكان من مشجعي إنشاء الشركات المساهمة في المشروعات الكبيرة. آمن بالتطور التدريجي وعارض قيام الثورات الاجتماعية لأنها تعوق الإنتاج وتؤدي إلى هروب رؤوس الأموال. لم يعارض التأميم شريطة أن تدفع الدولة قيمة الممتلكات المؤممة من الخزينة العامة وعلى أقساط طويلة الأمد. وكان يرى أن يقتصر دور الدولة الاقتصادي على حماية المنتجين المحليين من المزاحمة الأجنبية، وحماية المستهلك من جشع هؤلاء.
أحمد مكيّس