عميد (محمد حسين، )
Ibn al-Amid (Mohammad ibn al-Hussien-) - Ibn al-Amid (Mohammad ibn al-Hussien-)
ابن العميد (محمد بن الحسين)
(…ـ 360هـ/… ـ 970م)
أبو الفضل محمد بن الحسين، وزير من أئمة الكتاب من مدينة قم، لا يُعْرَف تاريخ مولده على وجه التحديد، ورجّح خليل مردم بك أنه ولد في آخر سنة من القرن الثالث، أو أول سنة من القرن الرابع. نشأ في بيت كتابة وأدب؛ كان أبوه كاتباً معروفاً، تقلّد ديوان الرسائل للملك نوح بن نصر الساماني ولقب بالعميد، وقد وصفه الصابيبقوله: «إن رسائل العميد لاتقصر في البلاغة عن رسائل ابنه أبي الفضل بن العميد».
عُرِفَ ابن العميد بالكتابة، فاستلم الدواوين المختلفة في الري وكور الجبل وفارس حتى بلغ منصب الوزارة لركن الدولة البويهي عام 328هـ، ولابنه عضد الدولة من بعده، وظل فيها حتى وفاته عام 360هـ.
لانعرف كثيراً عن أساتذة ابن العميد الذين أخذ عنهم أصول الكتابة وطرائقها، باستثناء أستاذ يقال له سمكة أو ابن سمكة، محمد بن علي بن سعيد صاحب كتاب «أخبار العباسيين» كما يذكر صاحب «الفهرست».
تنوعت ثقافة ابن العميد، وصار عالماً موسوعياً، حتى لقبه الثعالبي بالجاحظ الثاني، والأستاذ الرئيس ونقل قول بعضهم: « بدأت الكتابة بعبد الحميد وختمت بابن العميد»، وتشمل ثقافته معرفة اللغة والغريب والنحو والعروض والبلاغة، وحفظ دواوين شعراء الجاهلية والإسلام، وحفظ القرآن الكريم، وله معرفة بالفقه والمنطق والفلسفة والإلهيات وعلوم الحيل، أو ما يسمى: «الميكانيكا»، يضاف إلى ذلك فصاحة في المنطق والكتابة جعلت مكانته مرموقة بين كتاب عصره.
غلب السجع على إنشاء ابن العميد، فكان يعمد إليه، وكان في كتابته يستخدم فنون البديع، إضافة إلى عنايته بالتصوير الفني.
كان ابن العميد يختار الكلام السهل المصقول، ويزخرف مفرداته وجمله، ويكثر من الاقتباس والتمثل والاستشهاد بكلام العرب ما بين شعر ونثر ومثل وحكمة، وكثيراً ما كان يشير إلى أخبار القدماء ونوادرهم ووقائعهم، وتختلف طريقته في الإنشاء عن ابن المقفع والجاحظ فقد كانا يسيران مع الطبع، على اختلاف في قوة طبعهما وسعة علمهما ونظرهما إلى الأدب، أما ابن العميد فقد تعمّد التزويق والتأنق والسهولة في انتقاء اللفظ؛ وبذلك فتح باب الصنعة في الكتابة، فتهافت الكتّاب على مظاهر البيان والبديع الخلابة التي جارت على المعاني فضعفت قوة الإبداع في الرسائل والكتب الديوانية فيما بعد.
يميل ابن العميد إلى الاستطراد والتطويل في كتابته متبعاً في ذلك طريقة الجاحظـ، وكأنه يدلل بذلك على سعة معرفته وثقافته.
كان ابن العميد شاعراً أيضاً، وكان شعره مصنوعاً متكلفاً في طريقة صياغته وزخرفته، يكثر فيه من الاستعارة والتشبيه والمحسنات المعنوية واللفظية، على نحو ما في نثره، أما موضوعات شعره فهي الغزل والعتاب والألغاز، وقد أبدى ابن خلكان أنه غير راض عن معظم شعره فقال: «ولابن العميد شعر ما أعجبني الذي وقفت عليه منه، حتى أثبته سوى، ما ذكره ابن الصابي في كتاب الوزراء».
ألف ابن العميد كتباً متنوعة منها «كتاب ديوان رسائله»، ذكره النديم، وقد نوّه مسكويه برسائله التي تناولت أحوال البلاد فقال: «فأما اضطلاعه بتدبير الممالك وعمارة البلاد واستغزار الأموال، فقد دلّت عليه رسائله» ولاسيما رسالته إلى أبي محمد بن هند التي يخبر فيها باضطراب أمر فارس، وسوء سياسة من تقدمه لها، وما يجب أن يتلافى به حتى تعود إلى أحسن أحوالها».
ومن كتبه: «المذهب في البلاغات» و«كتاب الخَلْق والخُلُق» و«ديوان في اللغة».
ألف أبو حيان التوحيدي كتاباً في مثالب ابن العميد وتلميذه الصاحب بن عباد سماه «مثالب الوزيرين» بعد أن صحبهما فلم يعجباه، ولابن العميد أخبار مع المتنبي وابن نباتة السعدي وغيرهما من أعلام عصره.
أحمد نتوف
Ibn al-Amid (Mohammad ibn al-Hussien-) - Ibn al-Amid (Mohammad ibn al-Hussien-)
ابن العميد (محمد بن الحسين)
(…ـ 360هـ/… ـ 970م)
أبو الفضل محمد بن الحسين، وزير من أئمة الكتاب من مدينة قم، لا يُعْرَف تاريخ مولده على وجه التحديد، ورجّح خليل مردم بك أنه ولد في آخر سنة من القرن الثالث، أو أول سنة من القرن الرابع. نشأ في بيت كتابة وأدب؛ كان أبوه كاتباً معروفاً، تقلّد ديوان الرسائل للملك نوح بن نصر الساماني ولقب بالعميد، وقد وصفه الصابيبقوله: «إن رسائل العميد لاتقصر في البلاغة عن رسائل ابنه أبي الفضل بن العميد».
عُرِفَ ابن العميد بالكتابة، فاستلم الدواوين المختلفة في الري وكور الجبل وفارس حتى بلغ منصب الوزارة لركن الدولة البويهي عام 328هـ، ولابنه عضد الدولة من بعده، وظل فيها حتى وفاته عام 360هـ.
لانعرف كثيراً عن أساتذة ابن العميد الذين أخذ عنهم أصول الكتابة وطرائقها، باستثناء أستاذ يقال له سمكة أو ابن سمكة، محمد بن علي بن سعيد صاحب كتاب «أخبار العباسيين» كما يذكر صاحب «الفهرست».
تنوعت ثقافة ابن العميد، وصار عالماً موسوعياً، حتى لقبه الثعالبي بالجاحظ الثاني، والأستاذ الرئيس ونقل قول بعضهم: « بدأت الكتابة بعبد الحميد وختمت بابن العميد»، وتشمل ثقافته معرفة اللغة والغريب والنحو والعروض والبلاغة، وحفظ دواوين شعراء الجاهلية والإسلام، وحفظ القرآن الكريم، وله معرفة بالفقه والمنطق والفلسفة والإلهيات وعلوم الحيل، أو ما يسمى: «الميكانيكا»، يضاف إلى ذلك فصاحة في المنطق والكتابة جعلت مكانته مرموقة بين كتاب عصره.
غلب السجع على إنشاء ابن العميد، فكان يعمد إليه، وكان في كتابته يستخدم فنون البديع، إضافة إلى عنايته بالتصوير الفني.
كان ابن العميد يختار الكلام السهل المصقول، ويزخرف مفرداته وجمله، ويكثر من الاقتباس والتمثل والاستشهاد بكلام العرب ما بين شعر ونثر ومثل وحكمة، وكثيراً ما كان يشير إلى أخبار القدماء ونوادرهم ووقائعهم، وتختلف طريقته في الإنشاء عن ابن المقفع والجاحظ فقد كانا يسيران مع الطبع، على اختلاف في قوة طبعهما وسعة علمهما ونظرهما إلى الأدب، أما ابن العميد فقد تعمّد التزويق والتأنق والسهولة في انتقاء اللفظ؛ وبذلك فتح باب الصنعة في الكتابة، فتهافت الكتّاب على مظاهر البيان والبديع الخلابة التي جارت على المعاني فضعفت قوة الإبداع في الرسائل والكتب الديوانية فيما بعد.
يميل ابن العميد إلى الاستطراد والتطويل في كتابته متبعاً في ذلك طريقة الجاحظـ، وكأنه يدلل بذلك على سعة معرفته وثقافته.
كان ابن العميد شاعراً أيضاً، وكان شعره مصنوعاً متكلفاً في طريقة صياغته وزخرفته، يكثر فيه من الاستعارة والتشبيه والمحسنات المعنوية واللفظية، على نحو ما في نثره، أما موضوعات شعره فهي الغزل والعتاب والألغاز، وقد أبدى ابن خلكان أنه غير راض عن معظم شعره فقال: «ولابن العميد شعر ما أعجبني الذي وقفت عليه منه، حتى أثبته سوى، ما ذكره ابن الصابي في كتاب الوزراء».
ألف ابن العميد كتباً متنوعة منها «كتاب ديوان رسائله»، ذكره النديم، وقد نوّه مسكويه برسائله التي تناولت أحوال البلاد فقال: «فأما اضطلاعه بتدبير الممالك وعمارة البلاد واستغزار الأموال، فقد دلّت عليه رسائله» ولاسيما رسالته إلى أبي محمد بن هند التي يخبر فيها باضطراب أمر فارس، وسوء سياسة من تقدمه لها، وما يجب أن يتلافى به حتى تعود إلى أحسن أحوالها».
ومن كتبه: «المذهب في البلاغات» و«كتاب الخَلْق والخُلُق» و«ديوان في اللغة».
ألف أبو حيان التوحيدي كتاباً في مثالب ابن العميد وتلميذه الصاحب بن عباد سماه «مثالب الوزيرين» بعد أن صحبهما فلم يعجباه، ولابن العميد أخبار مع المتنبي وابن نباتة السعدي وغيرهما من أعلام عصره.
أحمد نتوف