الفنون والحقائق المطلقة
على مرّ العصور والأزمنة والحقب التاريخية كان أوائل المفكرين والفنانين والفلاسفة والعلماء يميلون دوماً للنهايات المفتوحة في أغلب حقول الحياة والمعرفة، ذلك لأن النهايات المطلقة هي نهايات مغلقة بالنسبة لهم، إذاً هي بشكل أو بآخر أوامر عقلية تأخذهم نحو نتيجة الإغلاق النهائي على مواضيع عظيمة ووضعها في صندوق مظلم والاكتفاء بوضع عنوان نهائيّ حاسم عليها ثم محاربة كل من يدعو لإعادة النظر في ماهيّة محتوى الصندوق!
أما الأشخاص العاديون ذوو مستوى التفكير الممنطق في كل شيء فيصابون بالدهشة المتبوعة بالشك مع كل إعلان عن كسر صندوق مظلم وكشف الأخطاء الموجودة في داخله! جرّب أن تخبر شخصاً عادياً أن لديك ثلجاً أسود! سيصاب بالدهشة ثم يترك نفسه للشك المتبوع بالتكذيب المباشر للمعلومة! وذلك لسبب بسيط جداً، هو أنه لم يرَ ثلجاً أسود من قبل! إذاً الافتراض المعتمد في عقله أنه غير موجود نهائياً، وإذا باغته بالسؤال: هل نفهم من هذا أن كل شيء موجود على كوكبنا مرّ من أمامك فشاهدته وعرفته جيداً؟ سيُصاب بالارتباك وسيحاول جاهداً فهم السؤال وغالباً لن يفلح! بينما غيره سيعتبر سؤالك محرِّضاً على التفكير.
من أبرز الآراء التي انتشرت حينما تم اختراع التلفاز، وكان لها شعبية كبرى آنذاك، (من هذا الذي سيجلس كي يشاهد صندوقاً خشبياً ؟!) هذا يعني أن نفوذ الآراء المغلقة ليس ضعيفاً أبداً، بل لديه قدرة على جمع الأصوات، ولكن ما نوع الإنتاج الإبداعي المفيد للبشر، القادم من هذه الفئة من الأصوات.
من يفهم الحياة بعمقها وجميع أبعادها ومختلف تحوّلاتها بماضيها وحاضرها، فستنبت في فؤاده زهور الفنون المشرقة، وسيمتلك القدرة على إعادة تعريف العديد من الأفكار المغلقة وتطوير جماليات الإنسانية وتأثيرها على الكوكب. إن كل العباقرة الذين شكَّلت أفكارهم هيكل العالم اليوم كانوا فنانين بارعين في صياغة علاقاتهم مع الحقائق بمختلف أنواعها.
#بوح_السحر