كاشف (احمد) Al-Kashif (Ahmad-) - Al-Kachef (Ahmad-)
الكاشف (أحمد ـ)
(1295 ـ 1367هـ/1878 ـ 1948م)
أحمد بن ذي الفقار بن عمر الكاشف، كان والده من سراة القوم وأثريائهم، وهو شاعر مصري من أصل يوناني؛ وقيل قوقازي، ولد بالقرشية في الصحراء الغربية بمصر، وتوفي فيها، وكان من هواة التصوير والموسيقى، وقال عنه محقّق ديوانه: «يوناني الأصل مصري النشأة والتربية عربي الثقافة واللسان»، اتهم بالدعوة إلى إنشاء خلافة عربية يكون وادي النيل من ضمنها، فغضب عليه خديوي مصر، وتوسّط له عباس حلمي، فرضي عنه، وأمره بالإقامة في قريته «القرشية».
كان أحمد مشاكساً منذ صغره، وخاصة في المدارس التي تعلّم فيها صغيراً بدءاً من الكتاتيب والمدرسة الابتدائية في قريته إلى مدرسة الأقباط بطنطا، وقد تعلّم العربية والفرنسية والحساب وتقويم البلدان، ومال إلى الموسيقى والرسم وتعلّق بالشعر وهو صغير، وبدأت صلته بالصحافة وهو تلميذ، فنشر مقالين في صحيفتي «العمدة» و«الأهالي»، وكتب في مجلة «المحيط الوضاء» و«أنس الجليس» و«الثريا» و«سركيس» و«المفتاح» و«المؤيد» و«المنار» و«الإخاء» و«الكشكول» وسواها، وتولّى تحرير مجلة «الإخاء» بالاشتراك مع الشاعر أحمد محرم، وأصدر في سنة 1908 مجلة شهرية في قريته، وسمّاها «الكاشف»، فلم يصدر منها سوى عددين، ثم ساءت أحواله المادية، فعاش حياة صعبة وقاسية، وعمل في ديوان الأوقاف سنة 1910، وكان على رأس الديوان محمد المويلحي، ثم تعطّل العمل في هذه المؤسسة، وحاول الزواج من ابنة عمته، فرفضته عمته؛ لأنه بلا عمل، فشعر بالخيبة، ومال إلى العزلة، قال عنه خليل مطران: «ناريّ المزاج، زئبقيّ الخاطر، فخور، لم أعاشره، ولكنني طالعت أخريات قصائده؛ … فإذا هو ناصح ملوك، وفارس هيجاء، ومقرّع أمم على التقصير، ومرشد حيارى في مختبط السياسة، ومشتبك المعضلات الاجتماعية».
لأحمد الكاشف شعر غزير، نشر الجزء الأول من ديوانه سنة 1901، ثم أعاد طبعه سنة 1914، ونشر الجزء الثاني سنة 1913 وظلّ الجزء الثالث في الصحف والمجلات وسواها إلى أن نشره جامع ديوانه.
في شعر الكاشف مجموعتان: مجموعة سار فيها على طريقة الأقدمين؛ فالتزم عمود الشعر، وحافظ فيها على نظام القصيدة ومضمارها الفني، وهو هنا من مدرسة البارودي، وتمثّل هذه المجموعة معظم شعره، ومنها قصائد المديح والرثاء والمساجلات وسواها، ومجموعة استجاب فيها لأحداث العصر كشعره في السياسة والمجتمع والوطنية والذات، ومن شعره في هذا المجال قصيدة يشكو فيها جفوة الأصدقاء بعد صراع مرير مع المرض والعزلة:
سكتُّ يا قومُ شهراً واختفيتُ ومــا
منكمْ سؤالٌ ولا لي بينكم خبــــرُ
أمسيتُ من علتِّي في غير عالمكم
ليلي أسىً ونهاري كلّه ضجـــــرُ
وما أقولُ وفي برئي غداً أمـــلٌ
حسبي من العمر ذكرى أمسِ والأثرُ
وقد صبرتُ على البلوى إلى أجلٍ
ولستُ أعلمُ ما يأتي به القَــــــدَرُ
شعر الكاشف -وإن كان ذا موضوعات تقليدية- صافي الأسلوب، بعيد عن الصنعة والتكلّف يجري ضمن غنائية صافية، ومن أمثلة ذلك ما قاله من قصيدته «الفلاح المصري»:
إذا استبقيتُ في الدنيا حبيباً
فخيرُ أحبّتي فلاحُ مصـــــرا
كريمٌ يملأ الوادي ثــــــراءً
ولا يلقى سوى الإجحافِ أجرا
فقيرٌ ما أراه شكا افتقـــــاراً
ولو يُجْزى على تعبٍ لأثـــرى
ولهذا الشاعر قصائد ترجمها عن الفرنسية شعراً، ومن ذلك قصيدته «اختيار الزوجة» ومطلعها:
وددتُ لو أني تــزوّ
جْتُ وبيتي معمر
فأغتدي من زوجتي
في راحةٍ تُشَهَّــــرُ
يغبطُ عيشي كل زو
جٍ لهنائي يبصـــرُ
ومع ذلك يظلّ شعر الكاشف في المنزلة بعد الشعراء الفحول الذين عاصروه في عصر الإحياء كالبارودي وشوقي وحافظ ومطران.
خليل موسى
الكاشف (أحمد ـ)
(1295 ـ 1367هـ/1878 ـ 1948م)
أحمد بن ذي الفقار بن عمر الكاشف، كان والده من سراة القوم وأثريائهم، وهو شاعر مصري من أصل يوناني؛ وقيل قوقازي، ولد بالقرشية في الصحراء الغربية بمصر، وتوفي فيها، وكان من هواة التصوير والموسيقى، وقال عنه محقّق ديوانه: «يوناني الأصل مصري النشأة والتربية عربي الثقافة واللسان»، اتهم بالدعوة إلى إنشاء خلافة عربية يكون وادي النيل من ضمنها، فغضب عليه خديوي مصر، وتوسّط له عباس حلمي، فرضي عنه، وأمره بالإقامة في قريته «القرشية».
كان أحمد مشاكساً منذ صغره، وخاصة في المدارس التي تعلّم فيها صغيراً بدءاً من الكتاتيب والمدرسة الابتدائية في قريته إلى مدرسة الأقباط بطنطا، وقد تعلّم العربية والفرنسية والحساب وتقويم البلدان، ومال إلى الموسيقى والرسم وتعلّق بالشعر وهو صغير، وبدأت صلته بالصحافة وهو تلميذ، فنشر مقالين في صحيفتي «العمدة» و«الأهالي»، وكتب في مجلة «المحيط الوضاء» و«أنس الجليس» و«الثريا» و«سركيس» و«المفتاح» و«المؤيد» و«المنار» و«الإخاء» و«الكشكول» وسواها، وتولّى تحرير مجلة «الإخاء» بالاشتراك مع الشاعر أحمد محرم، وأصدر في سنة 1908 مجلة شهرية في قريته، وسمّاها «الكاشف»، فلم يصدر منها سوى عددين، ثم ساءت أحواله المادية، فعاش حياة صعبة وقاسية، وعمل في ديوان الأوقاف سنة 1910، وكان على رأس الديوان محمد المويلحي، ثم تعطّل العمل في هذه المؤسسة، وحاول الزواج من ابنة عمته، فرفضته عمته؛ لأنه بلا عمل، فشعر بالخيبة، ومال إلى العزلة، قال عنه خليل مطران: «ناريّ المزاج، زئبقيّ الخاطر، فخور، لم أعاشره، ولكنني طالعت أخريات قصائده؛ … فإذا هو ناصح ملوك، وفارس هيجاء، ومقرّع أمم على التقصير، ومرشد حيارى في مختبط السياسة، ومشتبك المعضلات الاجتماعية».
لأحمد الكاشف شعر غزير، نشر الجزء الأول من ديوانه سنة 1901، ثم أعاد طبعه سنة 1914، ونشر الجزء الثاني سنة 1913 وظلّ الجزء الثالث في الصحف والمجلات وسواها إلى أن نشره جامع ديوانه.
في شعر الكاشف مجموعتان: مجموعة سار فيها على طريقة الأقدمين؛ فالتزم عمود الشعر، وحافظ فيها على نظام القصيدة ومضمارها الفني، وهو هنا من مدرسة البارودي، وتمثّل هذه المجموعة معظم شعره، ومنها قصائد المديح والرثاء والمساجلات وسواها، ومجموعة استجاب فيها لأحداث العصر كشعره في السياسة والمجتمع والوطنية والذات، ومن شعره في هذا المجال قصيدة يشكو فيها جفوة الأصدقاء بعد صراع مرير مع المرض والعزلة:
سكتُّ يا قومُ شهراً واختفيتُ ومــا
منكمْ سؤالٌ ولا لي بينكم خبــــرُ
أمسيتُ من علتِّي في غير عالمكم
ليلي أسىً ونهاري كلّه ضجـــــرُ
وما أقولُ وفي برئي غداً أمـــلٌ
حسبي من العمر ذكرى أمسِ والأثرُ
وقد صبرتُ على البلوى إلى أجلٍ
ولستُ أعلمُ ما يأتي به القَــــــدَرُ
شعر الكاشف -وإن كان ذا موضوعات تقليدية- صافي الأسلوب، بعيد عن الصنعة والتكلّف يجري ضمن غنائية صافية، ومن أمثلة ذلك ما قاله من قصيدته «الفلاح المصري»:
إذا استبقيتُ في الدنيا حبيباً
فخيرُ أحبّتي فلاحُ مصـــــرا
كريمٌ يملأ الوادي ثــــــراءً
ولا يلقى سوى الإجحافِ أجرا
فقيرٌ ما أراه شكا افتقـــــاراً
ولو يُجْزى على تعبٍ لأثـــرى
ولهذا الشاعر قصائد ترجمها عن الفرنسية شعراً، ومن ذلك قصيدته «اختيار الزوجة» ومطلعها:
وددتُ لو أني تــزوّ
جْتُ وبيتي معمر
فأغتدي من زوجتي
في راحةٍ تُشَهَّــــرُ
يغبطُ عيشي كل زو
جٍ لهنائي يبصـــرُ
ومع ذلك يظلّ شعر الكاشف في المنزلة بعد الشعراء الفحول الذين عاصروه في عصر الإحياء كالبارودي وشوقي وحافظ ومطران.
خليل موسى