كابتيون (ال كابيه) أسرة حاكمة فرنسية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كابتيون (ال كابيه) أسرة حاكمة فرنسية

    كابتيون (ال كابيه) Capetians - Capétiens
    الكابتيون (آل كابيه)

    (987ـ 1328م)



    الكابتيون Capétiens أسرة حاكمة فرنسية خلفت السلالة الكارولنجية. وهم ينتمون إلى الفرنجة[ر] الذين انتشروا سلمياً من موطنهم الأصلي على نهر الراين إلى أواسط فرنسا في القرنين الرابع والخامس الميلاديين، فاختلطوا بأهاليها. وازداد التقارب بين الشعبين حين اعتنق الفرنجة المسيحية على المذهب الكاثوليكي، فساعدهم ذلك على الحصول على تأييد البابوية لهم، بل نشأ بينهما نوع من التحالف، كان له أثر بعيد في مستقبل أوربا في العصور الوسطى.

    كانت سيطرة آل كابيه قبل قيام دولتهم على ما يعرف باسم جزيرة فرنسا، أي على باريس وما يحيط بها، التي كانت إقطاعاً لهم في ظل حكم الأسرة الكارولنجية[ر]. فقد كانت فرنسا في عهد الكارولنجيين مقسمة إلى أقسام إدارية أو كونتينات متباينة تجاوز عددها ثلاثمئة كونتينة، كل واحدة منها مستقلة عن الأخرى، ويحكم كل منها كونت نائباً عن الملك الكارولنجي، وارتبط كل منها بأسرة معينة في ظل قوانين خاصة. وكان العديد من الإقطاعيين يسكون نقوداً خاصة بهم، فضلاً عن وجود عشر لهجات رئيسة كبرى في فرنسا.

    أسس آل كابيه أسرة حكمت فرنسا نحو ثلاثة قرون ونصف، إثر سقوط الأسرة الكارولنجية في أواخر القرن العاشر الميلادي، وقد ساعدهم على الوصول إلى الحكم عوامل عدة أهمها: عجز الملوك الكارولنجيين عن دفع الأخطار المحدقة بدولتهم وعلى رأسها الڤايكنغ[ر]، وكذلك مساوئ النظام السياسي المتمثل في تقسيم حكم المملكة بين الأبناء الورثة والصراعات الناجمة عنه، إضافة إلى تولي ملوك صغار السن مقاليد الأمور.

    تعرضت مدينة باريس، مركز حكم الأسرة الكابية، في أواخر سنة 885م لهجوم كبير من الڤايكنغ. فوقف الكابتيون في وجههم، وقاتلوهم أشهراً عدة، ومنعوهم من دخول المدينة، بفضل شجاعة وقوة الكونت أودو Eudes (كونت باريس)، فكان ذلك إيذاناً بسيطرة آل كابيه على فرنسا، فقد انتصروا على الڤايكنغ في الوقت الذي عجز أواخر ملوك الكارولنجيين عن دفع خطرهم، فرفع ذلك من مكانة أودو، إلى درجة أنه اختير ملكاً على فرنسا في شباط/ فبراير سنة 888م، كما ساعد ذلك على ظهور مكانة مدينة باريس نفسها، وانتشار شهرتها لتصبح عاصمة فرنسا فيما بعد.

    أدى اختيار أودو ملكاً لفرنسا إلى نشوب صراعات بينه وبين أنصار الكارولنجيين، في الوقت الذي كانت فيه فرنسا تتعرض لخطر الڤايكنغ. ومع ذلك فقد تمكن أودو من إنزال هزيمة ساحقة بهم، فأسر زعيمهم وأعدمه سنة 892م، فخشي النبلاء في فرنسا قوة أودو وخافوا سيطرته على نفوذهم وخسارتهم لإقطاعاتهم، وشعروا بتناقص خطر الڤايكنغ بعد هزيمتهم الأخيرة، فتآمروا ضد أودو وعزلوه، واستدعوا شارل البسيط الكارولنجي من إنكلترا، وسلموه الحكم. وبدأت بذلك فترة فوضى في فرنسا دامت ما يقارب مئة سنة، نشبت في أثنائها حروب أهلية بين الأسرتين الكارولنجية والكابية، وقد أدى هذا النزاع إلى محاولة كل من الأسرتين التحالف مع قوى خارجية، نتج منها خسارة فرنسا لإقليم نورمندي لمصلحة الڤايكنغ الذي نزل عنه شارل البسيط لهم.

    ساعدت الظروف الكابتيين في باريس على الانتصار على الكارولنجيين، وكان تأسيس حكم هذه الأسرة على يد كونت باريس هيو كابيه (987ـ996م) Hugues Capet الذي توج ملكاً على فرنسا، وحملت الأسرة الجديدة اسمه، فعرفت بأسرة «آل كابيه»، وذلك بعد وفاة آخر ملوك الكارولنجيين لويس الخامس ابن لوثر من دون أن يترك وريثاً يخلفه.

    تمكن الكابتيون من تمثل التطور الإقطاعي ومسايرته، في وقت ساد فيه النظام الإقطاعي في المجتمع الفرنسي، وأصبح لايمكن لسلطة أن تبقى قائمة من دون الاعتماد على دعائم وأسس إقطاعية. وكان وصول الكابتيين لحكم فرنسا انتصاراً للأمراء الإقطاعيين فيها على الملكية الكارولنجية لأنهم إحدى الأسر الإقطاعية. حتى أن عصر ملوك آل كابيه الأوائل تميز بالضعف أمام كبار الأمراء الإقطاعيين، فلم يحكموا كل أرجاء فرنسا،لوجود إقطاعيات كبيرة مسيطرة على مناطق واسعة فيها مثل دوقية بورغونيه Bourgogne في الشمال، ودوقية فلاندرز Flandres التي توسعت وازدادت ثروتها وسكانها، ودوقية بريتاني Bretagne، وإمارة نورمندي Normandie، وغيرها. كما كان جنوب فرنسا أشبه بالإقليم المنفصل عن حكم آل كابيه، ولم يكن يربطهم بهم سوى اتخاذ سنة تولي حكم آل كابيه علامة فاصلة في تأريخ حوادثهم، وكان أهله مرتبطون بالتراث الروماني، ويتكلمون اللغة البروفنسالية، وأهم هذه الإمارات دوقية أكيتين Aquitaine، وإمارة تولوز Toulouse، وإمارة برشلونة.

    جعل هيو كابيه الحكم وراثياً في أسرته، وتوج ابنه المعروف بروبرت الثاني (996ـ1031م) في حياته ليكون وريثاً للعرش. فوضع بذلك أساساً اتبعه خلفاؤه من بعده، الأمر الذي سهل انتقال السلطة إلى حفيده هنري الأول (1031ـ1060م). ولم يكن لخلفاء هيو كابيه الأوائل أعمال مهمة، فلم يستطيعوا السيطرة الفعلية على أرجاء فرنسا، وكل ما تمكنوا فعله هو تثبيت نفوذهم في المنطقة الإقطاعية التي كانوا يسيطرون عليها قبل تأسيس حكم الأسرة، وهي باريس وما حولها، وحتى في هذه المنطقة واجهوا محاولة بعض صغار الأمراء الإقطاعيين تقوية نفوذهم بتشييد القلاع والحصون.

    كان أول ملوك آل كابيه العظام فيليب الأول بن هنري (1060ـ1108م) الذي عمل على توسيع حدود أملاكهم وتقوية نفوذهم، فقد اشترى إقطاع أمير بورج، واستولى على أراضي كونت أنجو عن طريق المساومة السياسية، وساعده على ذلك إسهام كثير من فرسان وأمراء فرنسا الإقطاعيين في الغزو الصليبي للشرق، كما عمل على إخضاع الأتباع والفصائل من الأمراء والإقطاعيين، فقوي بذلك حكم الأسرة الكابية، واستطاع السيطرة على الأسقفيات والأديرة الكبيرة، فحاز مبالغ طائلة استغلها في تنظيم الدولة وتقويتها وتدعيمها.

    تابع لويس السادس (1108ـ1137) سياسة والده في إخضاع الأمراء الإقطاعيين داخل جزيرة فرنسا حتى سيطر عليها سيطرة تامة، ونشر الأمن فيها، فأدى ذلك إلى نشاط الحياة الاقتصادية، ثم بدأ بعد ذلك بمد نفوذه إلى خارج جزيرة فرنسا، فضم دوقية أكيتين الغنية سنة 1137م عن طريق زواج ابنه لويس السابع من صاحبتها.

    واجه لويس السادس وخلفاؤه خطر ملوك إنكلترا الذين جمعوا إلى أملاكهم منطقة نورمندي الفرنسية، وقد نشبت بين الطرفين حروب كثيرة من أجلها. ومن أهم التطورات في عهده نشاط الحركة القومونية في شمال فرنسا، بفضل منحه كثيراً من المدن الناشئة براءات ساعدت على تحررها.

    حاول لويس السابع (1137ـ1180) القضاء على ثورة كونت شامبانيه، وخسر أكيتين بسبب طلاقه لزوجته صاحبتها، فتزوجها ملك إنكلترا مما أدى إلى توسع أملاكه على سواحل فرنسا، وإلى الصدام بين ملكها ولويس السابع، وحاول كل من الطرفين إيجاد تحالفات لتقوية نفوذه ضد الآخر والتآمر عليه. وأدى هذا إلى إبعاد خطر إنكلترا فترة عن فرنسا.

    كان فيليب الثاني أوغست[ر] (1180ـ 1223م) من أعظم ملوك آل كابيه إذ زاد من قوة الملكية في الداخل، وعمل على التوسع في الخارج، فأكد حقوقه الإقطاعية على كثير من أمراء فرنسا، ولجأ إلى كل وسيلة ممكنة لإضعاف قوة إنكلترا في القارة، فتضاعفت أملاك التاج الفرنسي وتمتعت فرنسا في عهده بثروة كبيرة.

    قاد فيليب أوغست جيشاً لقتال الهراطقة Albigeois في جنوبي فرنسا، فهزمهم، وسيطر على الجنوب، وقام بالعديد من الإصلاحات التي كان لها دور كبير في ارتفاع شأن فرنسا، كما حالف المدن وناصرها، فدخلت مدن كثيرة تحت حمايته. اهتم بباريس، فجعلها أول عاصمة حديثة لدولة مركزية في أوربا، واهتم بالتعليم، فأعطى جامعة باريس براءة ملكية ضمنت لها امتيازاتها، وأصبح نفوذه يفوق نفوذ أي أمير إقطاعي آخر في فرنسا.

    تسلسل حكم ملوك آل كابيه وفترة حكمهم

    1 ـ هيو كابيه Hugues Capet ن(987 ـ 996م)

    2 ـ روبرت الثاني Robert II ن(996 ـ 1031م)

    3 ـ هنري الأول Henri I ن(1031 ـ 1060م)

    4 ـ فيليب الأول Philippe I ن(1060 ـ 1108م)

    5 ـ لويس السادس الكبير Louis VI ن(1108 ـ 1137م)

    6 ـ لويس السابع VII Louis ن(1137 ـ 1180م)

    7 ـ فيليب الثاني أوغست Philippe II Auguste ن(1180 ـ 1223م)

    8 ـ لويس الثامن LouisVIII ن(1223 ـ 1226م)

    9 ـ لويس التاسع Louis IX ن(1226 ـ 1270م)

    10 ـ فيليب الثالث الجريء Philippe III ن(1270 ـ 1285م)

    11 ـ فيليب الرابع الوسيم (الجميل) Philippe IV leBel ن(1285 ـ 1314م)

    12 ـ لويس العاشر Louis X ن(1314 ـ 1316م)

    13 ـ فيليب الخامس Philippe V ن(1316 ـ 1322م)

    14 ـ شارل الرابع ن(1322 ـ 1328م)Charles IV

    تابع ابنه لويس الثامن (1223ـ1226م) ضم الأجزاء الجنوبية من فرنسا إلى دولته، لكنه توفي فجأة، فخلفه ابنه لويس التاسع[ر] (1226ـ1270م) المعروف بالقديس لويس الذي قام بالحملة الصليبية السابعة ضد مصر 1248م، إلا أن الهزيمة حلّت بجيشه قرب المنصورة، ووقع لويس أسيراً في أيدي المسلمين، ولم يطلق سراحه إلا بعد أن دفع فدية كبيرة، فعاد إلى فرنسا.

    اتبع لويس التاسع سياسة المسالمة مع ملك إنكلترا هنري الثالث، ومع فردريك الثاني أيضاً، فلم يستجب إلى تحريض البابا لمهاجمته، كما لم يفكر في استغلال سوء الأحوال التي تعرضت لها إنكلترا للاستيلاء على أملاكها، ولكن ظروف جيرانه ساعدته على جعل فرنسا أقوى دولة في أوربا، فاهتم بتطوير اقتصادها، ووحد عملتها وعممها على جميع أرجاء فرنسا، فنهضت علمياً وإدارياً وفنياً، لكن عهده شهد تطرفاً في التدين، فاضطهد اليهود والهراطقة، قاد في نهاية عهده حملة صليبية على تونس سنة 1270م، وتوفي في أثناء الحملة.

    شهد عهد فيليب الثالث الجريء (1270ـ1285م) انهيار النظام الإقطاعي، ونشأة المدن وظهور القوميات والآداب واللغات الجديدة، ونجحت فرنسا في عهده في ضم ثلاثة أقاليم مهمة، فضم بواتييه، ثم استولى على شامبين، وبري.

    امتاز خلفه فيليب الرابع أو الوسيم[ر] (1285ـ1314م) ببعد النظر وقوة العزيمة والمهارة السياسية. وقد اتجهت سياسته نحو توحيد فرنسا، وتحقيق زعامتها على غرب أوربا، وتحريرها من سلطة البابوية، وقد سيطر على الكنائس في بلاده، وفرض على رجال الكنيسة دفع الضرائب، ولما وقف البابا بونيفاس الثامن Boniface VIII ضده، قبض عليه وأهانه، ولم يستطع البابا الخلاص إلا بصعوبة. توفي البابا في روما (1303م)، فانطوت بوفاته آخر صفحة في تاريخ البابوية العظيم الذي عرفته العصور الوسطى، وجاء خلفه فسحب القرارات التي سبق أن صدرت ضد ملك فرنسا، فأصبح ملوك الكابيين مسيطرين على الحكم في فرنسا سيطرة تامة.

    اتخذ فيليب الرابع بعض الإجراءات التعسفية للحصول على المال، فطرد رجال المال والصيارفة اللومبارديين من فرنسا 1291م، وصادر ممتلكاتهم، وقاسم اليهود أرباحهم في البداية لما يملكونه من ثروات طائلة في أوربا والشرق، ثم ما لبث أن صادر أملاكهم وطردهم من بلاده سنة 1306م، فاضطربت التجارة الفرنسية، فسمح لبعضهم بالعودة، وكرر ذلك أكثر من مرة.

    عمل فيليب على تغيير العملة والتلاعب في قيمتها وفرض ضرائب متعددة، ومنح البلديات حرية في جمعها، مما أدى إلى تدهور الاقتصاد، فقد فرض ضرائب على المبيعات وعلى النقابات والأديرة والجامعات وأراضي البارونات، وعلى الطبقة البرجوازية كما فرض على المدن مبلغاً كبيراً من المال.

    انتهز فيليب الرابع موقف البابا من الداوية، وتحقيقه في مسلكهم بسبب قيامهم بنشاط مصرفي ومالي واسع، وجمعهم لثروة طائلة، فهاجمهم سنة 1310م وأحرق عدداً من فرسانهم في باريس، ثم أصدر أمراً سنة 1312م بحل هيئة الداوية ومصادرة أملاكها فتفرقوا في البلاد.

    أصلح فيليب الرابع القضاء، وأنشأ محكمة أو غرفة مالية للفصل في المنازعات المالية التي تنشب حول الضرائب، كما أسس مجلس الطبقات، وكان يستدعيه كلما احتاج إلى ذلك، وجعل لأصحابه رأياً استشارياً من دون أن يسمح لهم بالسيطرة على الحكم.

    بعد وفاة فيليب الرابع خلفه أكبر أبنائه لويس العاشر (1314ـ1316م)، ثم اعتلى العرش ابنه الآخر فيليب الخامس (1316ـ 1322م) الذي دعا مجلس طبقات الأمة إلى الانعقاد لإقرار أحقيته بالعرش. كان حاكماً نشيطاً ذكياً، عمل على تركيز الإدارة الملكية في مدينة باريس، وتحويل كثير من الضرائب الإقطاعية لمصلحة الملكية، ومنع الأمراء الإقطاعيين من الاحتفاظ بحاميات في قلاعهم، ما لم تكن تلك القلاع على الحدود، وأكثر من التشريعات التي بلغت بالنظم التي وضعها آل كابيه درجة الكمال، وصار مجلس طبقات الأمة في عهده أكثر تأثيراً في حكم فرنسا.

    وأخيراً، تولى شارل الرابع (1322ـ1328م)، فعمل على فرض الضرائب والتلاعب في قيمة النقود، وعاد إلى حرب الفلاندرز التي لم يخمد نارها، ففتح باب النزاع مع إنكلترا من جديد. توفي ولم يترك وريثاً للعرش، فاختار مجلس طبقات الأمة سنة 1328م، فيليب فالوا ملكاً لفرنسا، فانتهى بذلك حكم أسرة آل كابيه، وبدأ حكم أسرة فالوا Valois.

    أمينة بيطار
يعمل...
X