عقلانيه
Rationalism - Rationalisme
العقلانية
العقلانية rationalism من ratio اللاتينية بمعنى العقل، وهو المذهب الذي يقوم على الإيمان بالعقل وقدرته عن طريق الاستدلال العقلي الخالص على تحصيل الحقائق عن العالم من دون مقدمات تجريبية، والمذهب العقلي بهذا المعنى نقيض للمذهب التجريبي، بمعنى أن المعرفة تنشأ عن المبادئ العقلية القبلية والضرورية وليس عن الخبرة الحسية.
ومع أن الأفكار الفلسفية التي يمكن إدراجها ضمن المذهب العقلي قد ظهرت في كل مكان وزمان (عند سقراط وأفلاطون وأرسطو، على سبيل المثال) فالروح العقلية بهذا المعنى لم تظهر حقاً إلا في القرنين السابع عشر والثامن عشر في فرنسا وألمانيا، وكان أهم فلاسفة هذا المذهب ديكارت[ر] Descartes واسبينوزا[ر] Spinozaوليبنتز[ر] Leibniz، ولقد وُصِف مفكرو عصر التنوير[ر] في فرنسا، خاصة بأنهم عقلانيون عامة، فهم على اختلاف اتجاهاتهم كانوا يؤكدون على النشاط الذي ينهض به العقل متبايناً عن الحواس في اكتساب المعرفة، ظناً منهم أن المعرفة الحقة التي تتميز بالضرورة والكلية لايمكن استنباطها من التجربة بل من العقل وحده، إما من معرفة قبلية كما يسميها أفلاطون، أو من مبادئ فطرية موجودة بالعقل كمبدأ الذاتية ومبدأ عدم التناقض كما يدّعي ديكارت، أو من مفاهيم تكون موجودة في العقل بالقوة على هيئة ميول واستعدادات سابقة ومستقلة عن كل تجربة، هذه الحقائق أو المبادئ سميت بالأوليات أو البديهيات، وسماها فلاسفة الإسلام المعقولات الأولى، أو الضروريات، فيها يصدق العقل لذاته وبفطرته ولا يتطلب شيئاً سواه، وكأن الذهن البشري قد بني بطريقة قبلية تعده سابقاً لتفسير معارفه البعدية على نحو ما، تجعل المشروع العقلاني في البحث المجرد ينطوي بمعنى من المعاني على انكفائية ـ ذاتية، وصف أصحابها فرنسيس بيكونBaccon على سبيل المثال، بأن العقلانيين كالعنكبوت ينسجون الخيوط من أنفسهم. وينطلقون في معرفة الحقائق الأبدية بالاعتماد على المعرفة الميتافيزيقية لتلك الحقائق للحصول على اليقين الكامل، فالولع «المطلق» سمة راسخة عند أصحاب النزر العقلي، والذي تجلى بأكمل صورة في «الفكر المطلق» عند هيغل Hegel.
وإذا كانت العقلانية بالمعنى الفلسفي الدقيق تفيد المعرفة القبلية بوساطة العقل وحده، فلابد من تمييز هذا المعنى من العقلانية بالمعنى «العلماني» Cecular، فقد وصف مفكرو التنوير الأحرار في القرن الثامن عشر أمثال فولتير[ر]Voltaire وكوندورسيه Condorcet بأنهم «عقلانيون»؛ لأنهم ذهبوا إلى إعلاء العقل نقيضاً للخرافة والإيمان الساذج والتعصب، والتزموا استخدام الحجج العقلية لمناهضة الاكليروسCleros والدين، وتحرير الفلسفة من قيود الخرافة والدوغماتية dogmaticism[ر. العقيدة]. وكذلك الفلاسفة الأحرار أمثال لوك Locke وستيورات ملMill ورسل Russel وصفوا لاحقاً بأنهم «عقليون» بالمعنى العلماني لتأييدهم العقل. بيد أن هؤلاء ليسوا بعقلانيين بالمعنى ـ الفلسفي للكلمة؛ فهم ينتمون بقوة للتيار التجريبي، إضافة إلى أن العقلانية بالمعنى الفلسفي لا تناهض الدين أو تنكر وجود الله أو تتشكك في ذلك، بل على العكس فكثير من الفلاسفة العقلانيين وصفوا الله في صلب نظامهم الفلسفي (ديكارت مثلاً).
أما عقلانية العصر الحديث فكانت تهدف على الدوام إلى تجاوز التجربة الحسية بكل معانيها بحثاً عن الحقائق الضرورية عن الطبيعة الجوهرية للواقع في أنظمة ميتافيزيقيةMetaphysical مفصّلة. فتصور ديكارت العقلاني للمعرفة كان يقوم على فصل العقل عن الحواس وصولاً إلى المعرفة العقلية الخالصة «المعرفة القبلية» بحدس عقلي خالص غرسه الله في العقول للوصول إلى الحقيقة المطلقة بوساطة إدراكات متميزة للتفكير الرياضي مستعيناً بالمنهج الرياضي ـ الاستنباطي لبلوغ اليقين والوضوح في بقية فروع المعرفة البشرية. وهذا التصور العقلاني لاكتساب المعرفة عند ديكارت وغيره من أتباع العقلانية المحدثة كان بمثابة تعليل لمنطق الصدق وعلم الطبيعة الرياضي؛ فالقضايا الصادقة تقوم على المنطق الاستدلالي ـ التحليلي ولا تتطلب أي مقدمات تجريبية، لأنها صورية تحمل يقينها بذاتها. وبناء على ذلك بنى ليبنتز على وجود هذه الأفكار الفطرية ضرورة وجود كذلك مبادئ فطرية تربط بين هذه الأفكار وتستنبط منها كل القضايا استنباطاً منطقياً، ومن ثم وصف العقلانيون قضايا الرياضيات بأنها من ذلك النوع من القضايا، وعللوا لهذا صدقها، ومن ثم زعموا بأن ليبنتز الفيلسوف العقلاني هو الذي يقول إن المعرفة صورية، أو إنها تركيبية قبلية، وإن كان ليبنتز قد ذهب إلى أن القضايا العقلية بحكم كونها صادقة بناء على مبدأ عدم التناقض الذاتي فإنها لذلك تحليلية بالمصطلح الحديث.
ولم تفلت هذه النظرة العقلية الصارمة من انتقادات التجريبيين، الذين وإن أقروا بأن قضايا الرياضيات الصادقة تحليلية إلا أنها لا تقدم معلومات عن طبيعة العالم، ومن ثم فحقائق العقل الخالص تفتقر إلى المحتوى الواقعي، وأن البرهنة العقلية لا تكفي لمعرفة العالم مما جعل كَنْت[ر]، وهو «العقلاني النقدي» يقول بمعرفة تركيبية قبلية (غير قطعية) تؤكد فاعلية العقل إلى جانب التجربة الحسية من خلال بعض المفهومات الجوهرية التي يشترطها العقل في اختياره العالم الظاهري، من دون أن يدعي أن «العقلي هو وحده الحقيقي» متجاوزاً العقلانية الديكارتية إلى موقف ابستمولوجي epistemology ترتبط فيه المعرفة بما هو معطى من التجربة ويفسره العقل بطريقة معينة.
أما التصور الانطولوجي ontology للعقلانية أي البحث عما يوجد في العالم، ففيه أحال فلاسفة العقل الوجود إلى معقولية محض في نظام ميتافيزيقي قبلي، عندما ذهبوا إلى أن الفكر مجرد صفة جوهرية للوجود وأن الوجود بمعنى من المعاني هو الفكر مستبعدين كل الصفات الأخرى حتى الوجود نفسه، فكانت الانطولوجيا العقلانية عند كل من ديكارت وليبنتز واسبينوزا تنظر إلى الوجود على أنه حقيقة ثابتة مستقرة، بينما عقلانية هيغل جعلت من الوجود عامة قوامه الحركة والتناقض والصراع مطبقةً الجدل على مظاهر الوجود، فليس هناك ثمة واقع وعقل من جهة، إنما لايوجد غير الفكر الذي يصنع كلاً من الحقيقة والواقع، فالفكر هو «المطلق» يتجسد في الطبيعة والتاريخ وفقاً لقوانين ضرورية كلية هي قوانين الفكر نفسه بعدّه «مطلقا» مؤكداً ـ هو واسبينوزا ـ على مبدأ الحتمية والجبرية، فالضرورة شاملة وكلية لا تفسح مجالاً للقول بحرية الإرادة، فالإرادة يردها اسبينوزا إلى العقل، وإذا كان هناك مقدار من الحرية الفردية فهي تمثل قدرة الإنسان على القيام بعمل يحافظ به على وجوده.
وقد تغلغل المذهب العقلي إلى أبعد من نظرية المعرفة والوجود وتطرق إلى اللاهوت، وصار الاتجاه العقلي في اللاهوت يعني تفسير قضايا الدين تفسيرات تتفق مع العقل ولا تقول بالخرافة والتأويلات الخارقة للطبيعة، وتجعل من الأخلاق العقلانية أساساً للاعتقاد الديني. وقد حاول اسبينوزا وفق هذا المعنى تقديم تفسير عقلي لكل ما يبدو خارقاً للطبيعة في الدين. وذهب القائلون بالعقلانية في علم النفس إلى رد الوظائف النفسية كالإرادة إلى العقل، وأولوا عنايتهم في المسائل الأخلاقية وإدراك المفاهيم الأخلاقية «كالعدل والخير» بالمبادئ العقلية. وفي علم الجمال اهتموا بالطابع العقلي للإبداع.
واليوم يسعى بعض الفلاسفة إلى وضع نظريات تمثل إحياء للعقلانية غير الميتافيزيقية، بالتأكيد على وجود حقائق عن العالم الحقيقي يوفرها العلم، وتقوم الفلسفة باكتشاف ماهيتها، وهذا نمط لتجاوز عقلانية سابقة كانت تهدف على الدوام إلى تجاوز التجربة الحسية بكل معانيها بحثاً عن الواقع الجوهري.
سوسان الياس
Rationalism - Rationalisme
العقلانية
العقلانية rationalism من ratio اللاتينية بمعنى العقل، وهو المذهب الذي يقوم على الإيمان بالعقل وقدرته عن طريق الاستدلال العقلي الخالص على تحصيل الحقائق عن العالم من دون مقدمات تجريبية، والمذهب العقلي بهذا المعنى نقيض للمذهب التجريبي، بمعنى أن المعرفة تنشأ عن المبادئ العقلية القبلية والضرورية وليس عن الخبرة الحسية.
ومع أن الأفكار الفلسفية التي يمكن إدراجها ضمن المذهب العقلي قد ظهرت في كل مكان وزمان (عند سقراط وأفلاطون وأرسطو، على سبيل المثال) فالروح العقلية بهذا المعنى لم تظهر حقاً إلا في القرنين السابع عشر والثامن عشر في فرنسا وألمانيا، وكان أهم فلاسفة هذا المذهب ديكارت[ر] Descartes واسبينوزا[ر] Spinozaوليبنتز[ر] Leibniz، ولقد وُصِف مفكرو عصر التنوير[ر] في فرنسا، خاصة بأنهم عقلانيون عامة، فهم على اختلاف اتجاهاتهم كانوا يؤكدون على النشاط الذي ينهض به العقل متبايناً عن الحواس في اكتساب المعرفة، ظناً منهم أن المعرفة الحقة التي تتميز بالضرورة والكلية لايمكن استنباطها من التجربة بل من العقل وحده، إما من معرفة قبلية كما يسميها أفلاطون، أو من مبادئ فطرية موجودة بالعقل كمبدأ الذاتية ومبدأ عدم التناقض كما يدّعي ديكارت، أو من مفاهيم تكون موجودة في العقل بالقوة على هيئة ميول واستعدادات سابقة ومستقلة عن كل تجربة، هذه الحقائق أو المبادئ سميت بالأوليات أو البديهيات، وسماها فلاسفة الإسلام المعقولات الأولى، أو الضروريات، فيها يصدق العقل لذاته وبفطرته ولا يتطلب شيئاً سواه، وكأن الذهن البشري قد بني بطريقة قبلية تعده سابقاً لتفسير معارفه البعدية على نحو ما، تجعل المشروع العقلاني في البحث المجرد ينطوي بمعنى من المعاني على انكفائية ـ ذاتية، وصف أصحابها فرنسيس بيكونBaccon على سبيل المثال، بأن العقلانيين كالعنكبوت ينسجون الخيوط من أنفسهم. وينطلقون في معرفة الحقائق الأبدية بالاعتماد على المعرفة الميتافيزيقية لتلك الحقائق للحصول على اليقين الكامل، فالولع «المطلق» سمة راسخة عند أصحاب النزر العقلي، والذي تجلى بأكمل صورة في «الفكر المطلق» عند هيغل Hegel.
وإذا كانت العقلانية بالمعنى الفلسفي الدقيق تفيد المعرفة القبلية بوساطة العقل وحده، فلابد من تمييز هذا المعنى من العقلانية بالمعنى «العلماني» Cecular، فقد وصف مفكرو التنوير الأحرار في القرن الثامن عشر أمثال فولتير[ر]Voltaire وكوندورسيه Condorcet بأنهم «عقلانيون»؛ لأنهم ذهبوا إلى إعلاء العقل نقيضاً للخرافة والإيمان الساذج والتعصب، والتزموا استخدام الحجج العقلية لمناهضة الاكليروسCleros والدين، وتحرير الفلسفة من قيود الخرافة والدوغماتية dogmaticism[ر. العقيدة]. وكذلك الفلاسفة الأحرار أمثال لوك Locke وستيورات ملMill ورسل Russel وصفوا لاحقاً بأنهم «عقليون» بالمعنى العلماني لتأييدهم العقل. بيد أن هؤلاء ليسوا بعقلانيين بالمعنى ـ الفلسفي للكلمة؛ فهم ينتمون بقوة للتيار التجريبي، إضافة إلى أن العقلانية بالمعنى الفلسفي لا تناهض الدين أو تنكر وجود الله أو تتشكك في ذلك، بل على العكس فكثير من الفلاسفة العقلانيين وصفوا الله في صلب نظامهم الفلسفي (ديكارت مثلاً).
أما عقلانية العصر الحديث فكانت تهدف على الدوام إلى تجاوز التجربة الحسية بكل معانيها بحثاً عن الحقائق الضرورية عن الطبيعة الجوهرية للواقع في أنظمة ميتافيزيقيةMetaphysical مفصّلة. فتصور ديكارت العقلاني للمعرفة كان يقوم على فصل العقل عن الحواس وصولاً إلى المعرفة العقلية الخالصة «المعرفة القبلية» بحدس عقلي خالص غرسه الله في العقول للوصول إلى الحقيقة المطلقة بوساطة إدراكات متميزة للتفكير الرياضي مستعيناً بالمنهج الرياضي ـ الاستنباطي لبلوغ اليقين والوضوح في بقية فروع المعرفة البشرية. وهذا التصور العقلاني لاكتساب المعرفة عند ديكارت وغيره من أتباع العقلانية المحدثة كان بمثابة تعليل لمنطق الصدق وعلم الطبيعة الرياضي؛ فالقضايا الصادقة تقوم على المنطق الاستدلالي ـ التحليلي ولا تتطلب أي مقدمات تجريبية، لأنها صورية تحمل يقينها بذاتها. وبناء على ذلك بنى ليبنتز على وجود هذه الأفكار الفطرية ضرورة وجود كذلك مبادئ فطرية تربط بين هذه الأفكار وتستنبط منها كل القضايا استنباطاً منطقياً، ومن ثم وصف العقلانيون قضايا الرياضيات بأنها من ذلك النوع من القضايا، وعللوا لهذا صدقها، ومن ثم زعموا بأن ليبنتز الفيلسوف العقلاني هو الذي يقول إن المعرفة صورية، أو إنها تركيبية قبلية، وإن كان ليبنتز قد ذهب إلى أن القضايا العقلية بحكم كونها صادقة بناء على مبدأ عدم التناقض الذاتي فإنها لذلك تحليلية بالمصطلح الحديث.
ولم تفلت هذه النظرة العقلية الصارمة من انتقادات التجريبيين، الذين وإن أقروا بأن قضايا الرياضيات الصادقة تحليلية إلا أنها لا تقدم معلومات عن طبيعة العالم، ومن ثم فحقائق العقل الخالص تفتقر إلى المحتوى الواقعي، وأن البرهنة العقلية لا تكفي لمعرفة العالم مما جعل كَنْت[ر]، وهو «العقلاني النقدي» يقول بمعرفة تركيبية قبلية (غير قطعية) تؤكد فاعلية العقل إلى جانب التجربة الحسية من خلال بعض المفهومات الجوهرية التي يشترطها العقل في اختياره العالم الظاهري، من دون أن يدعي أن «العقلي هو وحده الحقيقي» متجاوزاً العقلانية الديكارتية إلى موقف ابستمولوجي epistemology ترتبط فيه المعرفة بما هو معطى من التجربة ويفسره العقل بطريقة معينة.
أما التصور الانطولوجي ontology للعقلانية أي البحث عما يوجد في العالم، ففيه أحال فلاسفة العقل الوجود إلى معقولية محض في نظام ميتافيزيقي قبلي، عندما ذهبوا إلى أن الفكر مجرد صفة جوهرية للوجود وأن الوجود بمعنى من المعاني هو الفكر مستبعدين كل الصفات الأخرى حتى الوجود نفسه، فكانت الانطولوجيا العقلانية عند كل من ديكارت وليبنتز واسبينوزا تنظر إلى الوجود على أنه حقيقة ثابتة مستقرة، بينما عقلانية هيغل جعلت من الوجود عامة قوامه الحركة والتناقض والصراع مطبقةً الجدل على مظاهر الوجود، فليس هناك ثمة واقع وعقل من جهة، إنما لايوجد غير الفكر الذي يصنع كلاً من الحقيقة والواقع، فالفكر هو «المطلق» يتجسد في الطبيعة والتاريخ وفقاً لقوانين ضرورية كلية هي قوانين الفكر نفسه بعدّه «مطلقا» مؤكداً ـ هو واسبينوزا ـ على مبدأ الحتمية والجبرية، فالضرورة شاملة وكلية لا تفسح مجالاً للقول بحرية الإرادة، فالإرادة يردها اسبينوزا إلى العقل، وإذا كان هناك مقدار من الحرية الفردية فهي تمثل قدرة الإنسان على القيام بعمل يحافظ به على وجوده.
وقد تغلغل المذهب العقلي إلى أبعد من نظرية المعرفة والوجود وتطرق إلى اللاهوت، وصار الاتجاه العقلي في اللاهوت يعني تفسير قضايا الدين تفسيرات تتفق مع العقل ولا تقول بالخرافة والتأويلات الخارقة للطبيعة، وتجعل من الأخلاق العقلانية أساساً للاعتقاد الديني. وقد حاول اسبينوزا وفق هذا المعنى تقديم تفسير عقلي لكل ما يبدو خارقاً للطبيعة في الدين. وذهب القائلون بالعقلانية في علم النفس إلى رد الوظائف النفسية كالإرادة إلى العقل، وأولوا عنايتهم في المسائل الأخلاقية وإدراك المفاهيم الأخلاقية «كالعدل والخير» بالمبادئ العقلية. وفي علم الجمال اهتموا بالطابع العقلي للإبداع.
واليوم يسعى بعض الفلاسفة إلى وضع نظريات تمثل إحياء للعقلانية غير الميتافيزيقية، بالتأكيد على وجود حقائق عن العالم الحقيقي يوفرها العلم، وتقوم الفلسفة باكتشاف ماهيتها، وهذا نمط لتجاوز عقلانية سابقة كانت تهدف على الدوام إلى تجاوز التجربة الحسية بكل معانيها بحثاً عن الواقع الجوهري.
سوسان الياس